إحياء علوم الدين | كتاب يجمع بين العقل والنقل

إحياء علوم الدين

لقد رأى الغزالي انحرافًا في العلم الديني في عصره، فخشي أن يصير الفقه الإسلامي نسيًا منسيًا، فحمل على عاتقه مهمة تصحيح المفاهيم، وسعى إلى إحياء علوم الدين فألف كتابًا يحمل الاسم ذاته دمج فيه بين العقيدة والأخلاق ليجمع بذلك بين الأمور التي تفيد المسلم في دينه ودنياه.

من هو مؤلف كتاب إحياء علوم الدين؟

مزج بين الدين والعقل في تناوله لعلوم الدين فاستحق أن يكون “حجة الإسلام”، إنه الإمام أبو حامد الغزالي من دَون كتاب إحياء علوم الدين بين عامي 489 و 495 هـ.

وُلد الغزالي في طوس عام 450 هـ لأسرة فقيرة، تلقى العلم الديني منذ الصغر، ورحل إلى العديد من البلدان حتى يأخذ اصول الفقه والعلم عن الشيوخ والعلماء الأكابر، فذهب إلى كل من بغداد ونيسابور ومكة وغيرها من البلدان.

اشتهر الغزالي بحسن كلامه، ورجاحة عقله، وقدرته الفذة على الفهم، فصار أعجوبة زمانه، كما تمكن من تشخيص أمراض المجتمع الذي يعيش فيه عن طريق وضع أسس تقوم على الفهم الصحيح لمقاصد الدين.

يعد من العلماء المجددين، وله العديد من الكتب التي سعى فيها إلى تجديد علوم الدين ومن أبرز هذه الكتب كان مُؤلف إحـياء عـلوم الدين، ذلك الكتاب الثمين الذي سنتناوله بالتفصيل في طيات السطور التالية.

سبب تأليف كتاب إحـياء علـوم الدين

يعد هذا المُؤلف من الكتب التي شغلت الناس في وقت ظهوره، وذلك لما في فحوى هذا الكتاب من كلام قيم، ولقد قام الغزالي بتدوين هذا الكتاب لثلاثة أسباب، هي:

1) رأى الغزالي أن الناس في عصره تناسوا علوم الدين، وانشغل جُلهم بالحصول على الوظائف.

2) رغبته في إبراز منهج أئمة الدين المتقدمين، وتبيان العلوم النافعة تبعًا لمنهج السلف الصالح.

3) أراد أن يجمع في هذا الكتاب العلوم التي تعود بالنفع على الإنسان ليس في أمر دينه فقط بل في شئون دنياه كذلك.

وعند قراءة كتاب إحياء علوم الدين سنجد أن صاحب كتاب احياء علوم الدين قد دون الأسباب التي دفعته إلى تأليفه في عبارة موجزة وضعها في كتابه، وهي:

“ولقد خيلوا إلى الخلق أن لا علم إلا فتوى حكومة تستعين به القضاة على فصل الخصام عند تهاوش الطغام أو جدل يتدرع به طالب المباهاة إلى الغلبة والإفحام أو سجع مزخرف يتوسل به الواعظ إلى استدراج العوام، إذ لم يروا ما سوى هذه الثلاثة مصيدة للحرام وشبكة للحطام، فأما علم طريق الآخرة وما درج عليه السلف الصالح مما سماه الله سبحانه في كتابه فقهاً وحكمة وعلماً وضياء ونوراً وهداية ورشداً فقد أصبح من بين الخلق مطوياً وصار نسياً منسياً”.

ثم أكمل “رأيت الاشتغال بتحرير هذا الكتاب مهماً؛ إحياءً لعلوم الدين، وكشفاً عن مناهج الأئمة المتقدمين، وإيضاحاً لمباهي العلوم النافعة عند التبيين والسلف الصالحين”.

أهمية كتاب إحـياء علـوم الـدين

لقد تمتع كتاب إحياء علوم الدين بشهرة واسعة، ومكانة كبيرة جعلته في مقدمة الكتب الدينية، ويرجع ذلك إلى أن هذا الكتاب يعد من المؤلفات التي تناولت عدة موضوعات جامعة تفيد القارئ في حياته الدينية والدنيوية معًا، حيث تناول موضوعات في العقيدة والفقه والعبادات والأخلاق التي يجب أن يتصف بها المسلم، وكذلك فقه الأحوال الشخصية.

كما يمكن أن تظهر أهمية هذا المُؤلف في كونه يعمل على الجمع بين العمل والعبادة ليصل بالإنسان إلى تنقية نفسه وتهذيب جوارحه وفقًا لأوامر الله تعالى، وبذلك يتمكن هذا الإنسان من إيفاء حق الله، وإنفاذ حق الناس عليه، وتأدية حق نفسه، وبذلك يكون قد اتصلت نفسه بأمور الدنيا والآخرة معًا دون أن يرجح أحدهما عن الآخر، وبشكل عام فإن هذا الكتاب يعد مرجعًا في علوم الدين والأخلاق والتربية.

منهج الغزالي في تأليف كتاب إحـياء عـلوم الدين

عند تصفح إحياء علوم الدين دار المنهاج سنجد أن الغزالي اعتمد في تأليفه لهذا الكتاب على إحداث توازن بين النقل والعقل، فهذان هما الأصلان اللذان أسسا منهج الغزالي عند كتابته لهذا الكتاب.

وما يؤكد ذلك قول الغزالي ذاته حيث قال: ((الداعي إلى محض التقليد مع عزل العقل بالكلية جاهل، والمكتفي بمجرد العقل عن أنوار القرآن والسنة مغرور، فإياك أن تكون من أحد الفريقين وكن جامعاً بين الأصلين)).

محتوى إحياء علوم الدين

محتوى إحياء علوم الدين

محتويات كتاب إحياء علوم الدين

هو كتاب فريد من نوعه يحمل بين جنباته الكثير من المعلومات، وقد جمع الغزالي هذه المعلومات في 4 أرباع، بحيث يحوي كل ربع بداخله موضوعًا عامًا، ويتفرع كل موضوع إلى عدة فروع، وكل فرع دُون في كتاب بمفرده، وفيما يلي أرباع كتاب إحياء علوم الدين pdf بالتفصيل:

أولًا: الربع الأول (العبادات)

يتناول هذا الربع العبادات في الإسلام بشكل عام، وقد سردهم المؤلف في 10 كتب، والتي تناولت ما يأتي: (قواعد العقائد، أسرار الطهارة، أسرار الصلاة ومهماتها، أسرار الزكاة، أسرار الصوم، أسرار الحج، آداب تلاوة القرآن، الأذكار والدعوات، ترتيب الأوراد وإحياء الليل).

ثانيًا: الربع الثاني (العادات)

اشتمل الربع الثاني على جزء العادات حيث تطرق الكاتب إلى عرض كل مما يأتي: (آداب الأكل، آداب النكاح، آداب الكسب والمعاش، الحلال والحرام، آداب الألفة والأخوة، آداب العزلة، آداب السفر، آداب السماع والوجد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

ثالثًا: الربع الثالث (المهلكات)

أما هذا الربع فقد تناول بالتفصيل المهلكات التي يجب أن ينتبه إليها الإنسان حتى لا يقع في الشرور، وضم هذا الجزء ما يلي: (رياضة النفس، كسر الشهوتين”الفرج والبطن”، آفات اللسان، ذم الغضب والحقد والحسد، ذم الدنيا، ذم البخل وذم حب المال، ذم الجاه والرياء، ذم الكبر والعجب، ذم الغرور).

رابعًا: الربع الرابع (المنجيات)

تناول هذا الربع الأمور التي تنجي الإنسان في دينه ودنياه، وقد جاءت بالترتيب كما يلي: (التوبة، الصبر والشكر، الخوف والرجاء، الفقر والزهد، التوحيد والتوكل، المحبة والشوق والأنس والرضا، النية والإخلاص والصدق، المراقبة والمحاسبة، التفكر، ذكر الموت وما بعده).

ويذكر أن الغزالي قد ختم هذا الكتاب بباب أسماه (في سعة رحمة الله تعالى).

شروح تناولت كتاب إحـياء عـلوم الدين

إن كتاب إحياء علوم الدين ليس بالمؤلف الديني الذي مر مرور الكرام على المهتمين بأمور الفقه وأصول الدين، فلقد تناوله العديد من العلماء بالشرح والتفصيل وكذلك النقد، حيث ألفوا فيه العديد من الشروح، ونذكر بعضًا منها كما يلي:

1) مجلد ” اتحاف السادة المتّقين بشرح أسرار إحـياء عـلوم الدين” وألفه مرتضى الزبيدي.

2) كتاب “تعريف الأحياء بفضل الإحياء” ودونه عبد القادر العيدروس.

3) مؤلف بعنوان “تشييد الأركان في ليس في الإمكان أبدع مما كان”، وألفه جلال الدين السيوطي وهو أحد الأشخاص الذين دافعوا عن كتاب الإحياء بشكل كبير.

4) كما دون الحافظ العراقي كتابًا باسم “المغني عن حمل الأسفار في الأسفار لتخريج ما في الإحياء من الآثار”.

5) دون أحمد بن الغزالي كتابًا اختصر فيها هذا المجلد وعنونه باسم ( مختصر إحياء علوم الدين ).

آراء العلماء في كتاب إحـياء عـلوم الدين | بين المدح والقدح

يحتل كتاب إحياء علوم الدين مكانة مميزة، وقد شغل بال الكثير من العلماء، فقد أشار بعضهم إلى قيمة هذا الكتاب وأهميته الكبيرة في مجال الفقه حتى أنهم قالوا: (من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء).

وعلى الجانب الآخر تعرض هذا الكتاب للقدح الكبير وذم ما جاء فيه لدرجة أن بعض العلماء أفتوا بحرقه نتيجة ما جاء فيه من تجاوزات عقائدية، وقد تناوله عدد من العلماء بالنقد بشكل مفصل في عدة كتب.

ولقد ألف الجوزي مجلدًا أسماه “إعلام الأحياء بأغاليط الإحياء” وتطرق فيه إلى الأحاديث الموضوعة التي تناولها الكتاب، ونقد لبعض الأمور التي وردت فيه، كما ذكر في كتاب تلبيس إبليس قوله: (وجاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب “الإحياء” على طريقة القوم، وملأه بالأحاديث الباطلة، وهو لا يعلم بطلانها، وتكلم في علم المكاشفة، وخرج عن قانون الفقه).

تحميل كتاب إحـياء عـلوم الدين

إذا أردت عزيزي القارئ شراء كتاب إحياء علوم الدين للاطلاع على ما فيه من معلومات قيمة فلا شك في أن سعر كتاب إحياء علوم الدين الباهظ سوف يعيقك عن ذلك، لذا أنصحك بـ تحميل كتاب احياء علوم الدين وكذلك إحياء علوم الدين الجزء الثاني pdf لتتصفحه في أي وقت، وذلك عن طريق اللينك التالي:

تحميل كتاب إحياء علوم الدين

تحميل إحياء علوم الدين الجزء الثاني pdf

ما هو كتاب إحياء علوم الدين؟

هو كتاب ديني ألفه الإمام الغزالي بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة التي كانت سائدة في عصره، ويتكون من أربعة أرباع.

لماذا تعرض كتاب إحياء علوم الدين للنقد اللاذع من بعض العلماء؟

لأن هؤلاء العلماء رأوا أن هذا الكتاب يضم عددًا من الأحاديث الموضوعة والباطلة، وبعض الأمور المنحرفة التابعة للصوفية.

ما الموضوعات الرئيسة في هذا الكتاب؟

الموضوعات الرئيسة التي تناولها هذا الكتاب هي:(العبادات، العادات، المهلكات، المنجنيات).

متى تم تأليف هذا الكتاب؟

تم تأليف كتاب إحياء علوم الدين بين عامي 489 و 495 هجرياً.

مواضيع ذات صلة

ثم-لم-يبق-أحدرواية ثم لم يبق أحد | لا مفر من العقاب

الشعر في العصر الجاهلينشأة الشعر الجاهلي وخصائصه | وأبرز أغراضه وشعرائه