لم يكتب الله عز وجل النصر لنبيه في كل الغزوات، فالحرب بينه وبين المشركين سجال، تارة ينعم الله عليه بالنصر ليثبت الذين آمنوا، وتارة يبتليه بالهزيمة ليمحص الخبيث من الطيب، ولقد كانت غزوة احد بلاءً عظيمًا كُشفت فيها الأقنعة الزائفة، والقلوب الخبيثة، وصمد فيها الصادقون.
اسباب غزوة احد
لقد وقعت هذه الغزوة عند جبل احد ولهذا سميت بهذا الاسم، وكانت في شهر شوال في السنة الثالثة من الهجرة، ولقد تعددت الأسباب التي أدت لحدوث هذه الغزوة ، ونذكرها كما يلي:
أولًا: البعد الديني
لم تفوت قريش منذ البعثة النبوية فرصة للقضاء على الدين الإسلامي إلا وقامت باستغلالها، فعلى الرغم من هزيمتها في بدر إلا أنها قررت عدم الاستسلام، واستكمال عدائها لهذا الدين للتخلص منه للأبد.
فعملت على تحريض المسلمين على الخروج من الدين، وكذلك قامت بكل ما في وسعها لرد الناس عن الدخول فيه، ولهذا قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ “، ويذكر أن هذا السبب هو سبب غزوة احد الرئيس، ولهذا فالدين هو من أهم أسباب الغزوة، فهدف قريش الأول هو القضاء على الإسلام وكل ما دون ذلك فهو هين.
ثانيًا: البعد الاجتماعي
كانت قبيلة قريش من القبائل العربية التي تتميز بالجلادة والقوة، فلم تكن لترضى بالهزيمة في غزوة بدر الكبرى ، ولن يهدأ لها بال إلا بعد أن تثأر لقتلى بدر، فالهزيمة ألحقت بها المهانة والذل حتى أنها قررت أن تجعل قافلة أبي سفيان وقفًا على حرب المسلمين، ولم يرفض أحد.
كما أن سادة قريش اجتمعوا بمن كانت لهم أسهم في القافلة وقالوا لهم: “يا معشر قريش إن محمدًا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه، فعلنا ندرك منه ثأرنا بمن أصاب منا”.
ثالثًا: البعد الاقتصادي
كانت حياة قريش قائمة على التجارة، لذلك فإن وجود المسلمين في المدينة المنورة يمثل عائقًا كبيرًا لها، وكان اقتصادها قائمًا على رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام، فعند قطع الطريق الذي يوصل لإحدى هاتين الرحلتين بالتأكيد سيتم التأثير على الرحلة الثانية.
ويؤكد صفوان بن أمية على تأثير محمد وأصحابه على تجارة قريش فيقول: (إن محمدًا وأصحابه قد عوزوا علينا متاجرنا، فما ندري كيف نصنع بأصحابه؟ وهم لا يبرحون الساحل، قد وادعهم، ودخل عامتهم معه، فما ندري أين نسلك؟ وإن أقمنا نأكل رؤوس أموالنا ونحن في ديارنا هذه، ما لنا بها بقاء، وإنما نزلناها على التجارة إلى الشام في الصيف وفي الشتاء إلى الحبشة).
رابعًا البعد السياسي
أرادت قريش أن تستعيد هيبتها التي ذهبت في مهب الريح بعد هزيمة بدر، فلقد تزعزعت مكانتها بين القبائل بعد الخسارة المذلة من المسلمين، لهذا أرادت أن ترد اعتبارها مهما كلفها الأمر.
خروج قريش بكامل قوتها
بعد أن استجمعت قريش قواها قررت الخروج لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم، فخرجت من مكة في شهر شوال في السنة الثالثة من الهجرة في جيش قوامه 3 آلاف مقاتل.
ولم تكتف قريش بجيشها فقط بل اصطحب الجنود النساء والعبيد معهم حتى لا يفروا عند اشتداد المعركة، ويذكر أن بعض القبائل العربية خرجت معها ومنها “كنانة، أهل تهامة”.
(فاصطحب أبو سفيان هند بنت عتبة بن ربيعة، وخرج صفوان بن أمية بن خلف ببرزة بنت مسعود الثقفية، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة، وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة).
كما كان خروج قريش من مكة يسبقه حملة إعلامية ضخمة تولها عمرو بن العاص وهبيرة المخزومي وغيرهما، وقد تحقق منها ما أراده أسياد مكة، وقُدرت النفقات على الجيش 50 ألف دينار.
أحداث غزوة أحد
عندما علم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الحرب، استعد بشكل كبير، وجاءت هذه الاستعدادات بالشكل التالي:
الاستخبارات العسكرية:
كان الرسول قائدًا عسكريًا من طراز فريد، فبمجرد وصول معلومات له بشأن تحرك قريش، اعتمد على العباس بن عبد المطلب ليتعرف على أخبارها بحيث يرسل إليه المعلومات التي سيبني عليه خطته.
وبالفعل أرسل له العباس كل المعلومات الخاصة بالجيش وتحركاته وعدده، حتى أن رسول العباس لم يستغرق في توصيل الرسالة سوى 3 أيام، وبسبب هذه المعلومات التي يرسلها العباس قال له النبي إن مقامك بمكة خير عندما طلب منه أن يأتي إلى المدينة.
كما أن النبي لم يتوقف على ما يرسله العباس من أخبار على الرغم من صحتها، حيث قام بمتابعة جيش قريش بشكل مستمر، وعندما استطلع الأخبار بواسطة (الحباب بن المنذر) أكد على ما قاله العباس، فلما علم النبي بوجود النساء ومعهن الدفاف قال:
(أردن أن يحرضن القوم ويذكرونهم قتلى بدر، هكذا جاءني خبرهم لا تذكر من شأنهم حرفًا، حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم بك أجول وبك أصول).
مشاورة النبي لأصحابه:
بعد أن تجمعت كل المعلومات لدى النبي صلى الله عليه وسلم، اجتمع بأصحابه ليأخذ الرأي، وشاورهم في البقاء في المدينة المنورة أو الخروج لقتال قريش، وكان النبي يميل إلى المكوث في المدينة وقال: “إنا في جنة حصين، فإن رأيتم أن تقيموا وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن دخلوا علينا قاتلناهم فيها”، واتفق معه عبد الله بن أبي بن سلول.
ولكن رجال المسلمين ممن فاتته غزوة بدر كان لهم رأي آخر، فقالوا للنبي “أخرج بنا إلى أعدائنا”، وكان رأي الأغلبية على هذا الأمر، فلم يجد النبي مفرًا إلا أن يستجيب لرأيهم فعلى الرغم من أن قراره نافذ على كل المسلمين إلا أنه يستجيب إلى رأي الأغلبية حتى لو كان قرارهم مخالفًا لرأيه.
وعندما دخل الرسول إلى بيته لتجهيز نفسه للخروج، تلاوم الصحابة بسبب معارضتهم للنبي، وفي هذا الأمر يقول ابن إسحاق:
(فلم يزل الناس برسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي كان من أمرهم حب لقاء القوم، حتى دخل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بيته، فلبس لأمته، فتلاوم القوم فقالوا: عرض نبي الله – صلى الله عليه وسلم – بأمر وعرضتم بغيره، فاذهب يا حمزة فقل لنبي الله صلى الله عليه وسلم، “أمرنا لأمرك تبع” فأتى حمزة فقال له: (يا نبي الله إن القوم تلاوموا، فقالوا: أمرنا لأمرك تبع، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم”إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل”.
خروج جيش المسلمين للغزوة:
خرج الرسول إلى احد وذلك بعد أن تخير الوقت المناسب لتحرك الجيش وهو منتصف الليل، ففي هذا الوقت الحركة قليلة والجو ساكن والأعداء غالبًا يكونون في سبات عميق بسبب إرهاق السفر.
كما اختار النبي طريقًا آخر غير المتعارف عليه حتى لا يراه الأعداء، حيث مر بين الأشجار والبساتين لئلا يتمكن الأعداء من معرفة قوتهم وأعدادهم.
المنافقون يبثون سمومهم الخبيثة:
بمجرد أن وصل النبي بجنوده إلى الشواط واجه نفاقًا من ابن سلول والذي انسحب من الجيش الإسلامي ومعه 300 جندي من المنافقين، وعلل هذا الفعل بأنه لا يريد القتال مع المشركين بالإضافة إلى غضبه من أن النبي وافق الصحابة ولم ينفذ رأيه الخاص بالقتال داخل المدينة وقال: “أطاع الولدان ومن لا رأي له، أطاعهم وعصاني، علام نقتل أنفسنا”.
وكان يهدف بهذا الأمر إلى أن يقلل من روح الجنود المعنوية، بالإضافة إلى إحداث بلبلة في الجيش الإسلامي، وعلى الرغم من محاولة عبد الله بن عمرو بن حرام بإقناع المنافقين بالعودة بشتى الطرق إلا أنهم أبوا إلا التخاذل.
ونتيجة لما حدث من المنافقين كادت قبيلة بني سلمة وقبيلة بني حارثة ترجعا إلى المدينة إلا أن الله ثبتهما على الحق، وعند وصول جيش المسلمين إلى منطقة “الشيخين” رأى النبي كتيبة كبيرة ولكنه عرف أنها حليفة ابن سلول، فلم يستنصر بهم.
خطة الحرب:
وضع النبي خطة لقتال قريش، فتخير الموقع المناسب حيث جعل ظهور جيش المسلمين إلى الجبل ووجوههم تجاه المدينة، وتخير 50 من الرماة تحت إمرة “عبد الله بن جبير”، حتى لا يتمكن المشركون من الالتفاف حول الجيش، وهذا الأمر هو قصة جبل احد مع المسلمين في الغزوة التي سميت باسمه.
وأمرهم ألا يبرحوا مكانهم مهما حدث فقال: (إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا، حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم)، ثم اختار من يصلح للقتال ورد من لا يتحمل القتال.
وبهذا سيطر المسلمون على المرتفعات كلها، وتركوا الوادي لجيش الكافرين، وقام النبي بتنظيم الصفوف، فصفهم بطريقة يصلح معها القتال، وجعل في مقدمة الصفوف أقوى المسلمين حتى يمهدوا الطريق لمن خلفهم، وأخبرهم بعدم القتال إلا بعد أن يأمرهم.
بداية المعركة:
في مطلع القتال، أراد أبو سفيان أن يُحدث شرخًا في جبهة المسلمين، وكان ذلك من خلال إرساله رسالة للأنصار مفادها أن يتركوا محمدًا وحده، فلا حاجة لقريش إلى حرب، ولكنه فشل في ذلك، بعد ذلك استنصر بأبي عامر الراهب، فحاول الراهب أن يستميل الأنصار، ولكنهم سرعان ما نعتوه بالفاسق.
بدأت الحرب بمنازلة بين علي بن أبي طالب وبين طلحة بن عثمان حامل لواء الكفار، حتى تمكن علي منه فقطع رجله، وعندما انكشفت عورته ناشده بالرحم أن يعفوا عنه ففعل، وهنا يقص صاحب السيرة الحلبية هذا الحدث فيقول:
((يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة، فهل منكم أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة أو يعجلني بسيفه إلى النار؟ فقام إليه علي بن ابي طالب فقال: والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار أو يعجلني بسيفك إلى الجنة، فضربه علي فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال: أنشدك الله والرحم يا ابن عم، فتركه، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لعلي أصحابه: ما منعك أن تجهز عليه؟ قال: إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته فاستحييت منه)).
رحى الحرب:
تقابل الجيشان وبلغ القتال بينهما أشده، وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم في تحفيز الهمم، ورفع المعنويات، وتذكيرهم بجنة عرضها الأرض والسموات لمن يقاتل ويستشهد في سبيل الله.
وفجأة أخذ سيفًا وقال من يأخذ مني هذا؟ فتجمع الصحابة كلهم، وكل واحد منهم يرغب في أن يحصل على هذا السيف، فيعيد الرسول السؤال مرة ثانية بقوله من يأخذه بحقه؟ وهنا تراجع كثير من القوم إلا أبا دجانة فيرفع يده ويقول ما حقه يا رسول الله؟ ليرد عليه النبي “أن تضرب به العدو حتى ينحني” وجاءت إجابة أبي دجانة حاسمة بقوله “أنا آخذه بحقه”.
وبالفعل أخذه وسار إلى الحرب يمشي مشية المتكبر، ويراه الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الوضع فيقول: “إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن”.
ولقد حزن الزبير بن العوام من هذا الأمر، لأنه سأل النبي قبله هذا السيف ولكنه منعه إياه، ولهذا فقد تتبع أبا دجانة فرآه يقتل المشركين بلا هوادة ولا رحمة.
ظل المسلمون صامدين في الحرب حتى مكنهم الله من عدوهم، وضرب المسلمون في هذه الحرب أروع مثالًا للصمود والتحدي، حتى مّن الله عليهم بالنصر حيث يقول الله:
(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
النصر ينقلب إلى هزيمة:
لم يكن انتصار المسلمين في بداية الأمر نهاية الحرب، حيث انقلب النصر إلى هزيمة ساحقة، فلما رأى الرماة على الجبل أن المسلمين ظفروا بالحرب، وبدأو في تجميع الغنائم، أصروا على ترك مواقعهم والنزول للحصول على نصيبهم من الغنيمة.
وعلى الرغم من تحذيرات النبي ونهي قائدهم إلا أنهم لم يستمعوا إلى الكلام، ووصف عبد الله بن عباس هذا الفعل بقوله:
(لما غنم النبي صلى الله عليه وسلم وأباحوا عسكر المشركين اكب الرماة جميعا فدخلوا في المعسكر ينهبون، وقد التفت صفوف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهم هكذا، وشبك بين أصابع يديه، فلما أخل الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها، دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فضرب بعضهم بعضًا، والتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير).
استغلال خطأ الرماة:
لم يمر خطأ الرماة مرور الكرام، حيث استغله خالد بن الوليد بشكل لم يتخيله عقل المسلمين حينذاك، حيث أخذ مجموعة من الفرسان والتفوا من ناحية جبل احد ، وهجموا على المسلمين، وعندما رأى المشركون هذا الأمر جمعوا شملهم وعادوا مرة ثانية فأحاطوا بالمسلمين من كل اتجاه، حتى أصبح المسلمون بين كماشة الكفار.
ونتيجة لهذا التخبط قُتل من المسلمين الكثير، ولم يستطع معظم الجنود مجاراة العدو، فلا يوجد خطة ولا قائد يحركهم، حتى وصل الأمر إلى كسر أنف الحبيب صلى الله عليه وسلم، وشجه في وجهه الكريم فسالت الدماء الطاهرة منه، وهو يردد “كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله؟، وهذا هو الإجابة عن سؤال ماذا حدث للرسول في غزوة أحد بالتفصيل؟
أصوات ترتفع معلنة موت النبي الكريم:
قتل المشركون رجلًا شديد الشبه بالنبي وهو “مصعب بن عمير”، فقال قاتله لقد قتلت محمدًا، وانتشر الخبر كانتشار النار في الهشيم، ووقع هذا الأمر كوقع الصاعقة على المسلمين بل هو أشد.
استقبل المسلمون خبر موت النبي بحزن شديد وألم كبير، حتى تفرقوا فيما بينهم، فمنهم من ذهب إلى المدينة، ومنهم من انطلق فوق الجبل.
وبعد بضع دقائق استجمع المسلمون قواهم، وآثر جُلهم الشهادة في سبيل الله حتى ارتفعت الأصوات مرددة “إن كان محمد قد قُتل فإن رب محمد لم يُقتل”، وخاض المسلمون القتال في ضراوة حتى استشهد منهم الكثير.
صمود وصلابة المسلمين في الدفاع عن الرسول:
من الممكن أن يحزن المسلمون، وربما تقل عزيمتهم لكن من المحال أن يتركوا رسول الله لينال منه الأعداء، حيث تجمع الصحابة حول النبي منهم ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وغيرهم، فلم يجرؤ مشرك على أن يقترب من رسول الله ليقتله، فكان الموت أهون عليهم من أن يُمس نبي الله.
ونتيجة لهذا الاستبسال الشديد يأس الكفار من أن ينالوا من رسول الله، أو ينهوا المعركة بنصر مؤكد، وذهب المشركون مقتنعين بما حققوه من نصر.
ولا يمكن أن نغفل دور نسيبة بنت كعب المرأة التي دافعت عن النبي بنفسها وزوجها وأولادها، فلم يهدأ لها بال إلا بعد أن اطمأنت عن الرسول، وظلت تستقبل الطعنات بدلًا من النبي، بالإضافة إلى أنها أخذت ثأر ولدها من قاتله بمساعدة سيدنا محمد.
انتهاء الغزوة:
انسحب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أحد شعاب جبل احد ، ولحقه المسلمون، وكان مصابهم كبيرًا، والألم يعتصر قلوبهم، والغم يكاد يقضي عليهم لما أصاب نبيهم، فأنزل الله سكينته عليهم وأنزل عليهم النعاس، حيث يقول الله تعالى:
” ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسًا يغشى طائفة منكم”.
ما هي نتائج غزوة احد ؟
من أبرز النتائج التي ترتبت على غزوة احد هي:
1) استشهاد العديد من المسلمين في هذه الغزوة، حتى أن عدد شهداء أحد قُدر بـ 70 شهيدًا، على رأسهم حمزة بن عبد المطلب الذي حزن الرسول من أجله حزنًا شديدًا، فعندما رآه وقد قتل ومٌثل به أمر بدفنه، كما حذر الزبير من رؤية صفية أخيها على هذا الوضع، وبهذا تتحقق رؤيا النبي الذي أخبر بها أصحابه، حيث قال :”رَأَيْتُ فِي سَيْفِي ذِي الْفَقَارِ فَلًّا، فَأَوَّلْتُهُ: فَلًّا يَكُونُ فِيكُمْ، وَرَأَيْتُ أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ، وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا: الْمَدِينَةَ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ”، كما استشهد مصعب بن عمير، سعد بن الربيع، عبد الله بن جحش، حنظلة بن أبي عامر، وغيرهم.
2) هزيمة المسلمين: انهزم المسلمين هزيمة قاسية كادت أن تعصف بدولتهم الحديثة.
3) اتخذ المنافقين هذه الهزيمة لزعزعة ثقة المسلمين بأنفسهم، وقاموا ببث الفتن في المدينة، حتى اعتقد بعض العرب أنه أصبح من السهل هزيمة المسلمين.
4) مخالفة أمر القائد يسفر دائمًا عن الهزيمة، فمخالفة الرماة لأمر نبيهم أدى إلى هزيمتهم، فمهما حدث لا ينبغي للجندي أن يتحرك دون إذن قائده.
5) عادت الثقة إلى الكفار، وهدأت قلوبهم لأنهم ثأروا لهزيمتهم يوم بدر.
اين يقع جبل احد ؟
جبل أحد يقع على بعد 3 أميال من المدينة المنورة ويطل عليها، وعنده وقعت غزوة احد .
متى وقعت غزوة احد ؟
وقعت هذه الغزوة في يوم السبت الموافق 7 من شوال في العام الثالث من الهجرة.
كم عدد الرماه في غزوة احد ؟
وضع الرسول على الجبل 50 من الرماة لحماية ظهر الجيش عند القتال.
ماذا فعل خالد بن الوليد يوم احد ؟
كان سيف خالد بن الوليد شديدًا على المسلمين، فهو من رأى الثغرة التي حدثت والتف حول جيش المسلمين وحاربهم بقوة حتى حول هزيمة المشركين إلى نصر.