يحاول أعداء الإسلام أن يخدعوا نساء المسلمين بقولهم إن ديننا قد ظلم المرأة وهمشها، ونسوا أن يتدبروا قصة الصحابية اسماء بنت ابي بكر التي كان لها دور عظيمًا في هجرة الرسول مع أبيها إلى يثرب ولقبت بأول فدائية في الإسلام، بل إنهم جهلوا عن عمد مواقفها الجليلة التي تضرب للنسوة خير مثال عن الزوجة والأم الصالحة، وتفرغوا إلى الحديث عن رفضهم للحجاب ولم يدركوا قصة ذات النطاقين التي بشرها النبي الكريم بالجنة لعفتها وحيائها وتضحياتها.
إسلام اسماء بنت ابي بكر
ولدت اسماء بنت ابي بكر في مكة عام 595م، وكان أبوها أول من آمن بالرسول، أما أمها فكانت قتيلة بنت عبد العزى التي ظلت على كفرها، وأختها أم المؤمنين عائشة التي تصغرها بعشر سنوات، وهي إحدى زوجات الرسول ، وكانت أسماء من أوائل النساء اللاتي آمنَّ بما أنزل على سيدنا محمد، وهذا ما عرضها للتعذيب من قبل كفار قريش إلى أن هاجرت إلى المدينة مع زوجها الزبير بن العوام.
ملخص قصة أسماء ذات النطاقين
تعد السيدة اسماء بنت ابي بكر من أشهر النساء اللاتي ذكرهن التاريخ الإسلامي، وهذا لصبرها وعفتها وصلاحها لتكون قدوة للمسلمات في كل زمان، فهي خير ابنة تطيع أباها، ونعمة الزوجة التي تتحمل الفقر لأجل مساندة بعلها، ولمَ لا تمتلك كل هذه الخصال الحميدة؟ فهي تربت على يد أبو بكر الصديق الذي كان اول من اسلم من الرجال وحمى رسول الله بروحه، والآن سنوضح بشكل تفصيلي أشهر محطات من حياتها كما يلي:
دور أسماء في الهجرة إلى يثرب
لنرجع بالزمن قليلًا إلى وقتٍ كنا فيه داخل حصة التربية الدينية، عندما قص لنا معلمنا رحلة نبينا الكريم من مكة إلى المدينة بصحبة صديقه أبي بكر، لكننا نتذكر أيضًا ابنة الأخير التي كانت ترسل إليهما الزاد والماء، وعرفنا حينها لماذا سميت أسماء بذات النطاقين ؟
وهذا لأن معلمنا أخبرنا بأن اسماء بنت ابي بكر عندما كانت تذهب بالطعام إلى غار ثور لم تجد ما تستره به عن عيون القوم فشقت خمارها نصفين، فبشرها الرسول أن الله سيعوضها بخيرٍ منه في الجنة، وكانت تخرج لهما في النهار والليل ولا تخشى في الله أحدًا، بل أنها تمنت أن تهاجر معهما إلا أن الرسول أمرها أن تبقى في مكة لكي تتابع الأخبار.
صفع أبو جهل لأسماء بنت أبي بكر
كان كفار قريش يبحثون عن النبي في بيوت كل معارفه لكي يقتلوه، وذهبت جماعة منهم بقيادة أبي جهل إلى بيت أبي بكر الصديق، ولم يجدوا هناك سوى اسماء بنت ابي بكر التي رفضت الإفصاح عن المكان الذي يختبىء فيه الرسول مع أبيها في أثناء رحلتهم إلى يثرب، وهذا ما جعل أبو جهل يصفعها على وجها حتى خرجت الدماء من أنفها وسقط قرطها، وذلك أكبر دليل على شجاعة أسماء ذات النطاقين ، حيث كانت على أتم الاستعداد لأن تحمي الإسلام بروحها.
ذكاء أسماء بنت أبي بكر
الذكاء وحسن التصرف هما أهم صفات أسماء ذات النطاقين ، فمن المواقف التي تدل على حكمتها عندما أتى إليها جدها أبو قحامة -وكان مازال مشركًا- مستنكرًا من ترك أبيها لهم دون مالٍ، إلا أنها وضعت غطاءًا فوق بعض الحجارة لتوهمه بأنها صرر من الدنانير تركها والدها قبل الهجرة، فصدقها وقال لها “لا بأس، إذا كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم” ثم انصرف.
زواج الصحابية ذات النطاقين
كان الصحابي الجليل الزبير بن العوام أحد العشرة المبشرين بالجنة هو زوج اسماء بنت ابى بكر ، وهو ابن أخت السيدة خديجة رضي الله عنها، ولم يكن يملك سوى فرسٍ كانت السيدة أسماء تطعمه وتسقيه، حتى أرسل إليها أبوها خادمًا ليحمل عن عاتقها حمل رعايته، كما أنها كانت مراعية لغيرة زوجها حين استحت أن تذهب مع الرسول وأصحابه عندما كانت تحمل النوى، وبعد رجوعها إلى البيت قصت على الزبير ما حدث ففرح كثيرًا لأنها بذلك تجنبت إثارة نيران الغيرة بداخله.
وقد وصفت حياتها معه بقولها “تزوجني الزبير، وما له في الأرض من مال ولا مملوك، ولا شيء غير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء، وأعجن الخبز ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار -وكن نسوة صِدق-، وكنت أنقلُ النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله ﷺ على رأسي”.
ولادة عبد الله بشرى نصر المسلمين
بعد أن هاجر الرسول مع أبي بكر الصديق إلى يثرب لحقتهما اسماء بنت ابي بكر مع زوجها الزبير، وكانت على وشك وضع طفلها عبد الله، وبالفعل ولدته فور وصولها إلى المدينة المنورة، واعتبره المهاجرون والأنصار بشرى بقدوم الخير والنصر، فبولادته كُذب اليهود الذين ادعوا أنهم سحروا للمسلمين بألا يولد لهم مولودٌ حي.
مشاركة أسماء في الغزوات والمعارك
كانت السيدة أسماء تداوي الجرحى في الغزوات التي خاضها المسلمون ضد المشركين في عهد الرسول كغزوة بدر وأحد، كما أنها شاركت مع زوجها الزبير بن العوام في معارك الفتوحات كمعركة اليرموك، حيث كانت تحمل الطعام إلى المقاتلين وتضمد جروحهم.
طلاق أسماء من الزبير
على الرغم من أن اسماء بنت ابي بكر كانت نعمة الزوجة الصابرة على متاعب الحياة إلا أنها طُلقَت، لكن لماذا طلق الزبير أسماء ؟ للإجابة على هذا السؤال سنذكر حديثًا شريفًا للرسول حينما أتت إليه بعض زوجات الصحابة يشكون من سوء المعاملة والضرب، وهذا ما كان يفعله الزبير مع زوجاته الأربعة، فقال النبي في ذلك ” لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ ؛ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ” وفي حديثٍ آخر “لا تضربوا إماء الله”.
وكانت تحكي اسماء بنت ابي بكر أن الزبير عندما كان يغضب من إحدى زوجاته كان يضربها بعودٍ من عيدان المِشْجَب حتى ينكسر على جسدها، وهناك رواية تقول إنه عندما كان يضربها استنجدت بولدها عبد الله، فقال زوجها “أمك طالق إذا دخلت” فرد عليه ابنه “أتجعل أمي عرضة ليمينك؟!” فوقع اليمين عليها.
عبرة تستخلصها النساء من حياة أسماء بنت أبي بكر
نحن الآن في أمس الحاجة إلى أن نأخذ الصحابيات أمثال السيدة اسماء بنت ابي بكر كقدوة لنا في العفة والحياء والشجاعة، فهي كانت أمًا مثالية تحث أولادها على أن يتقوا الله وألا يبخلوا على دينهم بأرواحهم ومالهم، لذا كانت ترسل ابنها عبد الله إلى الغزوات ليجاهد في سبيل الله مع أبيه.
وتأمرهم بالمحافظة على عزتهم وكرامتهم، وأن يمتلكوا قلوبًا لينة، وروي ابنها عبد الله أنها قالت له ” يا بنيّ، عِشْ كريمًا، ومُتْ كريمًا، لا يأخذك القوم أسيرًا”، وكان تحثه على البقاء في بيت النبي ليتعلم منه أصول الدين والفقه، حتى أصبح أحد العبادلة الأربعة.
هل أسلمت أم أسماء بنت أبي بكر؟
تؤكد الكثير من الروايات أن أمها لم تدخل الإسلام، إلا أنها حين زارتها في المدينة وكانت مازالت كافرة، فسألت الرسول عن واجب صلتها فأمرها أن تحسن معاملتها.
من هو زوج السيدة أسماء بنت أبي بكر؟
هو الصحابي الجليل الزبير بن العوام الذي كان فقيرًا ولا يمتلك سوى فرس واحد تعاونه في رعايته وسقايته.
متى توفيت أسماء بنت أبي بكر؟
ماتت في مكة سنة 73هـ عن عمر يناهز 100 عام، وقد روت أكثر من 57 حديثًا لرسول الله.
لماذا تعد ولادة أسماء لعبد الله بعد وصولها للمدينة خبرًا سعيدًا للمسلمين؟
لأن ذلك يكذب ادعاءات اليهود بأن سحرهم سيمنع المسلمين من إنجاب أطفال أحياء.