اصحاب الاخدود نسبة إلى الأخدود المشتعل بالنار، فاليوم نسرد عليكم قصتهم، ونمدكم بالمعلومات عنهم، إنها من أشهر القصص، وتم ذكرها في سورة البروج ذكرًا مُبسطًا.
فقد أشار الله تعالى في السورة الكريمة إلى انه تم حرق المؤمنين من قِبل الملك الجائر من خلال وضعهم في الأخدود واضرام النار بهم، بدافع الانتقام منهم لأنهم آمنوا بالله، وهذا مثل قصة آل ياسر أيضًا، إذ تم تعذيبهم على يد كُفار قُريش، فكانوا يضربونهم ويحرقونهم ويمنعون عنهم الطعام والشراب لاعتناقهم الدين الاسلامي.
قصة اصحاب الاخدود
إذ كُنت تتساءل من هم اصحاب الاخدود ؟، فاليوم نوضح لك قصّتهم، اصحاب الاخدود هم من اعتنقوا المسيحية ودافعوا عن دينهم وقُتلوا على يد ملكهم بأن حُفرت لهم الأخاديد لحرقهم فيها، إذ كان ملكهم يهوديًا، وعقابًا لهم قام بحرقهم.
فها هي قصتنا اليوم وما سنسرده عليكم في ضوء السطور التالية، فإن أصحاب الاخدود هم قوم من النصارى كانوا باليمن قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة، ويقال بأنهم كانوا بشبه الجزيزرة العربية.
حُفرت الأخاديد خصيصًا لهم إذ انهم اعتنقوا المسيحية فأضرمت النيران بالأخاديد وألقوا فيها، ويُقال بأن طول كل أخدود أربعون ذراعًا، وعرضه اثنا عشر ذراعًا.
اقرأ أيضًا: قصة أصحاب الكهف الذين رفضوا عبادة الأصنام فكفاءهم الله ومنَّ عليهم بالهدى والتُقى.
سورة اصحاب الاخدود
ورد ذكر اصحاب الاخدود في القرآن الكريم وذلك في سورة البروج، فقال سبحانه وتعالى: (( والسماء ذات البروج* واليوم الموعود* وشاهد ومشهود* قُتل اصحاب الاخدود* النار ذات الوقود* إذ هم عليها قعود…)).
يتساءل الكثير عن ملخص قصة اصحاب الاخدود، اصحاب الاخدود هم رعية آخر ملوك حمير، وكان هذا الملك يهوديًا، وقد اعتنق عدد من رعيته المسيحية، وأراد ان يجبرهم على الرجوع عن دينهم الجديد وبالنسبة لعددهم قيل بأنهم عشرين ألفًا وقيل سبعين ألفًا وقيل اثنتي عشر ألفًا، وقد خيرهم الملك بين الرجوع عن دينهم والقتل، فاختاروا القتل.
كانت قصة اصحاب الاخدود في الزمن بين رفع سيدنا عيسى عليه السلام وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فكان يوجد ملك على حمير يُدعى ذو نواس ((يوسف بن شراحيل))، وكان يدعي بأنه الإله وأن على الناس عبادته وانه سيلحق بهم العذاب إذا لم يُقدموا على تنفيذ أوامره.
الملك الجائر والساحر
كان لملك حمير ساحر مُقرب فلما تقدم به العمر قال للملك أنه يُريد غلام صغير يُعلمه السحر ليتقنه، فأرسل الملك للساحر غلامًا ليعلمه السحر، وأصبح الغلام مواظبًا على الذهاب إلى الساحر كل يوم، وبينما كان الغلام ذاهبًا إليه كعادته كل يوم، إذ به يُصادف راهبًا، فاستمع إلى كلامه واعجبه كثيرًا، وكان الساحر يضربه لتأخره عليه.
قصة الغلام والراهب
نسرد عليكم قصة اصحاب الاخدود الذين تم احراقهم من قبل الملك الظالم الذي كان يدعي انه الإله، ونتطرق إليها من خلال توضيح قصة الغلام والراهب، فكما أشرنا فيما سبق ان الغلام كان يذهب إلى ساحر الملك ليعلمه السحر، وبينما هو في طريقه إليه سمع راهبًا وأٌعجب بكلامه وأخذ يذهب إليه في صومعته وكان اسم الراهب فيميون، وكان يدعو إلى توحيد الله.
جلس الغلام ((عبد الله بن التامر)) بين يدي الراهب ليتعلم منه، إذ استحسن كلامه، وأراد ان يتعلم على يديه ولكنه كان دائم التأخر على الساحر وكان يعاقبه ويضربه لذلك، فذهب إلى الراهب شاكيًا فأشار عليه بأن كلما سأله الساحر عن سبب تأخره يقول له ((حبسني أهلي))، وإذا سأله أهله يقول لهم ((حبسني الساحر)) أي تأخرت عنده بينما يعلمني.
وكان الغلام يتفكر في أمر الراهب ويريد أن يعرف هل أمره عند الله أفضل أم أمر الساحر، وبينما كان يسير في طريقه إلى البيت رأي دابة تعترض طريق الناس فقال: ((اللهم إن كان شأن الراهب عندك أفضل من الساحر فاقتل هذه الدابة بحجري))، وأمسك بالحجر ورمى به الدابة فقُتلت فأدرك بأن أمر الراهب عند الله أعظم،
فذهب الغلام إلى الراهب وأخبره بذلك فقال له الراهب بأنه سيصبح له شأنًا عظيمًا وسوف يُبتلى في حياته، وستتحقق به الكثير من المعجزات، ويمكنكم قراءة قصة سيدنا يحيى والتعرف على معجزة ولادته.
ارتفاع شـأن الغلام وشفاء المرضى
عظُم شأن الغلام وبلغ أمره الملك، إذ كان يشفي الناس من أسقامها، فكان يبرئ الأبرص والأكمه بأمر الله، وكان يمر على أصحاب الأسقام والابتلاءات ويدعوهم إلى عبادة الله والدخول في الدين كي يدعوا الله أن يشفيهم وأن يُذهب عنهم المصائب ويفرج همومهم، فلم يبق أحد في قريته ممن يعانون الامراض إلا وآمن بالله ودخل في دينه، وقد سمع به أحد جلساء الملك وكان مريضًا.
ذهب جليس الملك إلى الغلام كي يشفيه من مرضه، فطلب منه الغلام أن يؤمن بالله كي يدعوه فيشفيه، فآمن جليس الملك فدعا له الغلام فشُفيّ من مرضه، وعندما لاحظ الملك ذلك سأله عن سبب شفائه فقال له ((إنما شفاني الله))، فغضب الملك من رد فعله غضبًا شديدًا، إذ كان يدعي الربوبية ويدعو الناس إلى عبادته، لذا قام بتعذيب جليسه إلى ان دلّه على الغلام.
قصة الغلام والملك الجائر
تتمثل قصة اصحاب الاخدود فيما سنتعرف عليه من أمر الغلام والملك، إذ عرف الملك بأمر الغلام من جليسه بعد أن قام بتعذيبه، وعندما أُتِيَّ بالغلام إلى الملك قام بتعذيبه حتى دلّ على الراهب، وعندما أُتِيّ بالراهب عُذِّب حتى يرجع عن دينه إلا أنه أبى، فشُق إلى نصفين بالمنشار حتى مات، فأُتي بالغلام حتى يرجع عن دينه فأبى أيضًا.
أمر الملك الجائر أتباعه بأن يأخذوا الغُلام إلى ذروة الجبل وأن يخيروه بين الرجوع عن دينه وبين أن يلقوه من الجبل، وهنا دعا الغلام ربه قائلًا: ((اللهم اكفنيهم بما شئت))، فكفاه الله شرهم ورجف بهم الجبل وسقطوا من فوقه، فعاد الغلام إلى الملك، فأمر الملك أصحابه باصطحاب الغلام في سفينة، فإذا كانوا في عرض البحر ألقوه منها، فدعا الغلام أيضًا بينما كان معهم ان يكفيه الله شرهم.
استجاب الله لدعاء الغلام وانكفأت السفينة فغرقوا جميعًا وخرج الغُلام من بينهم سالمًا، ثم ذهب إلى الملك، فأدرك عندئذٍ أن لا سبيل لموت الغلام سوى أن يقوم بصلبه على جزع ويدعو الناس ليجتمعوا ويُقتل الغلام أمامهم،
وفي كل مرة تفشل محاولة قتل الغلام، لذا قال الغلام لرامي السهم قُل ((باسم الله رب الغلام)) فقال ذلك، فقُتل الغلام، فصاح الناس: ((آمنا برب الغُلام))، ويُمكنكم التعرف على قصة سيدنا عيسى وما حدث له وحقيقة صلبه وقتله.
أصحاب الأخدود والملك
نوضح لكم قصة اصحاب الأخدود كاملة من خلال سرد قصة الغلام مع الملك وجليسه، وكيف ان الملك الجائر قام بقتله وقتل الراهب، فآمن الناس جميعًا بالله، فاغتاظ الملك لذلك، فأمر بأن تُشق الأخاديد وألقى فيها كل من أمن برب الغلام، وأضرمت فيهم النيران لعدم رجوعهم عن دين الله.
وتضمنت قصة أصحاب الأخدود للأطفال بيان الكثير من العبر الربانية العظيمة والتي تتمثل في المرأة الصابرة التي كانت في زمرة المؤمنين والتي كانت تحمل رضيعها، إذ أشفقت عليه وعلى نفسها عندما رأت الأخاديد ذات النيران المضرمة، فأرادت الرجوع عن موقفها، فإذا برضيعها يُحدثها قائلًا: ((اصبري يا أُماه فإنكِ على الحق))، وبذلك حثها على المُضِي في أمرها وعدم الجزع من النيران.
وفي ختام مقالنا نكون قد وضحنا كافة المعلومات عن اصحاب الاخدود، إذ وضحنا من هم وسردنا الكثير من المعلومات الخاصة بقصة الغلام وشأنه العظيم الذي منَّ الله عليه به ليجعله سببًا في عبادته والدخول في دينه، وكيف أن الملك لم يستطع قتل الغلام إلا بأمر الله، وكيف ان موت الغلام كان سببًا في إيمان الناس.
من هم اصحاب الاخدود؟
أصحاب الأخدود هم نصارى نجران، كانوا باليمن قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم بأربعين عامًا، وكان ملكهم يوسف بن شراحيل بن تبع الحميري، الذي حفر لهم الأخاديد وأضرم فيها النيران وألقاهم فيها لأنهم آمنوا بالله، وحفر لهم سبعة أخاديد، كان طول كل أخدود أربعون ذراعًا.
ماذا حدث للملك الظالم بعد قتل اصحاب الأخدود؟
أقسم الله عز وجل في كتابه العزيز بأنه سيجمع الخلائق جميعًا يوم القيامة، ومنهم من قتل أصحاب الأخدود، إذ سيحاسبهم حسابًا عسيرًا لما بدر منهم من أفعال في حق المؤمنين، والواو هنا للقسم، فقال تعالى: واليوم الموعود وأقسم سبحانه هذا القسم في سورة البروج وذكرت بها قصة اصحاب الاخدود.
ما الدروس المستفادة من قصة اصحاب الأخدود؟
تتمثل الدروس المستفادة من قصة أصحاب الأخدود في ضرورة التوكل على الله والإصرار على تحقيق الهدف من الدعوة، وضرورة الصبر على الابتلاءات والثقة وحسن الظن بالله عز وجل، واليقين بالنصر على الأعداء.
ما هو مكان قصة أصحاب الأخدود؟
وقعت قصة أصحاب الأخدود في مدينة نجران بشبه الجزيرة العربية، وكانت تسمى هذه المدينة قديمًا باسم رقمات، ووقعت هذه القصة في عهد مملكة حمير والتي انتهت عام 525 م، ويُقال بأن اصحاب الاخدود كانوا باليمن قبل مبعث رسول الله بأربعين عام.