العوز هو الاحتياج، وليس هناك ما هو أصعب من عوز الجسم إلى الحماية فلا يجدها، ليصبح عرضة لاستغلال أي عدوى انتهازية، حتى يلقى حتفه عاجزاً عن المقاومة، هذا بالضبط ما يحدث للجسم عند إصابته بمرض الايدز أو مرض نقص المناعة المكتسبة، فما ماهية هذا المرض؟ وما أعراضه؟ وكيف يتم انتقاله؟ هل يمكن علاجه أم أن الموت مصير كل مَن يصاب به؟ لنستطلع الأمر في طيات السطور القادمة.
ما هو مرض الايدز ؟
مرض الايدز هو مرض يستهدف الجهاز المناعي البشري نتيجة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة – أو العوز المناعي المكتسب – المعروف بفيروس HIV اختصاراً لـ Human Immunodeficiency Virus، وهو ما يؤثر بالسلب على فاعلية جهاز المناعة بشكل تدريجي، حتى تخور قواه في نهاية المطاف فيصبح غير قادر على الوقوف بوجه أي عدوى، وهي فرصة يتم استغلالها من قِبل العديد من أنواع الأورام والفيروسات – مثل فيروس الورم الحليمي – والفطريات والجراثيم وغيرها من مسببات الأمراض الانتهازية، ((وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفاً)).
مرض الإيدز مرض مزمن مسبب للوفاة، بالإنجليزية AIDS اختصاراً لـ Acquired Immunodeficiency Syndrome، وبالفرنسية SIDA اختصاراً لـ Syndrome d’immunodéficience acquise، لذا يطلق عليه اسم مرض السيدا أيضاً، وسمي مرض المناعة ((المكتسبة)) حتى يتم تمييزه عن مرض المناعة ((الوراثي)) الذي يظهر على بعض حديثي الولادة.
ما هي اعراض مرض الايدز ؟
تختلف اعراض مرض الايدز بحسب اختلاف مرحلة تطور المرض، وفيما يلي لمحة موجزة عن أبرز الأعراض المرافقة لكل مرحلة من مراحل الإصابة:-
1) الأعراض في مرحلة العدوى الأولية :
بعد دخول الفيروس إلى الجسم بشهر أو شهرين تبدأ أعراض العدوى الأولية في الظهور، وهي أعراض شبيهة بـ اعراض الزكام والانفلونزا إلى حد كبير، لذا لا تثير أي شك أو ريبة، وتتراوح في حدتها بين أعراض شديدة وأعراض متوسطة وأعراض خفيفة، وتتجلى هذه الأعراض في الشعور بصداع الرأس والمعاناة من الحمى والإحساس بالقشعريرة والإصابة بالتهاب الحلق مع فقدان الوزن غير المبرر.
بالإضافة إلى التعرق الزائد ليلاً والشعور بالإرهاق الدائم والمعاناة من آلام العضلات والمفاصل، كما تشمل الأعراض الأولية ظهور الطفح الجلدي وانتفاخ الغدد اللمفاوية والإصابة بعدوى المبيضات الفطرية، ويكون الطفح الجلدي للايدز قرمزي اللون غير مصحوب بحكة.
2) مرحلة العدوى السريرية الكامنة :
المرحلة الثانية هي مرحلة العدوى السريرية الكامنة، وتسمى مرحلة العدوى المزمنة أو المرحلة الخالية من الأعراض، ففي هذه المرحلة لا تظهر على المصاب أية أعراض متعلقة بالفيروس، وقد لا يعاني من أية مشكلات صحية أخرى، ويرجع ذلك إلى انخفاض معدل تكاثر الفيروس في هذه الفترة، لكنه يبقى كامناً وتبقى احتمالية انتقاله إلى الآخرين قائمة، وتختلف مدة هذه المرحلة من حالة إلى أخرى اعتماداً على الحالة الصحية إذ تستمر في بعض الحالات لعشرات السنوات.
في نهاية مرحلة العدوى السريرية الكامنة يسترد الفيروس نشاطه ويعود إلى الارتفاع، فتنخفض نسبة الخلايا المناعية وتظهر على الجهاز المناعي بعض الأعراض التي تشي بضعفه كالحمى والإسهال والإعياء وانتفاخ العقد اللمفاوية وخسارة الوزن، بجانب الإصابة بعدوى الهربس النطاقي وداء المبيضات الفموي.
3) مرحلة الايدز :
المرحلة الأخيرة من مراحل الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة هي مرحلة الايدز وهي المرحلة الأشد والأكثر خطورة، ويصل إليها المصاب خلال عشرة أعوام تقريباً في حال عدم تلقي العلاج المناسب مذ انتقال العدوى، وفي هذه المرحلة يصبح جهاز المناعة عاجزاً عن مقاومة الأمراض الانتهازية التي يسهل مقاومتها من قِبل أجهزة المناعة السليمة، كما تظهر بعض الأعراض بصورة أكثر وضوحاً كالحمى المتكررة والتعرق المفرط – لا سيما في الليل – وفقدان الوزن والمعاناة من الإسهال المزمن وظهور النتوءات على الجلد وأيضاً ظهور الآفات والبقع البيضاء في الفم.
مضاعفات مرض الايدز :
بعد تطور فيروس نقص المناعة المكتسبة وبلوغ مرحلة الايدز يتضرر الجهاز المناعي بشدة وهو ما يرفع احتمالية الإصابة بالعديد من أنواع العدوى البكتيرية والفطرية والفيروسية والطفيلية المعروفة باسم العدوى الانتهازية، كما يصبح الجسم فريسة للأورام الخبيثة، ومن الأمراض الانتهازية الشائعة التي تستهدف المصابين بمرض السيدا في المرحلة الأخيرة داء المستخفيات وداء خفيات الأبواغ وداء النوسجات وداء المقوسات، بالإضافة إلى مرض السل ومرض تعفن الدم والالتهاب الرئوي واعتلال بيضاء الدماغ والأمراض الجهازية.
وضمن الأورام التي يزداد خطر الإصابة بها في هذه المرحلة سرطان الغدد اللمفاوية وكابوزي ساركوما، كما يصبح الجسم عرضة للعديد من المضاعفات الأخرى كأمراض الكلى والاضطرابات العصبية ومتلازمة الهزال.
ما هي طرق انتقال الايدز ؟
مرض الايدز معدٍ بلا شك، وينتقل من الجسم المصاب إلى الأجسام الأخرى عن طريق الاتصال المباشر مع السوائل المفرزة من الجسم المصاب بالفيروس كالسائل المنوي والإفرازات المهبلية والدم وسوائل المستقيم والرضاعة الطبيعية وغير ذلك، وتتجلى أبرز طرق انتقال الايدز ومسبباته فيما يلي:-
1) أهم اسباب مرض الايدز ممارسة الأنشطة الجنسية بكل أنواعها – كالاتصال الجنسي المهبلي والشرجي والفموي – مع الشريك المصاب بالفيروس.
2) العدوى من الدم الملتهب، أو مشتقات الدم التي يتم نقلها بالحقن عبر الوريد.
3) الإبر أو الحقن الملوثة بالدماء الحاملة للفيروس.
4) انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل خلال فترة الحمل أو في أثناء الولادة.
5) انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل عن طريق الرضاعة الطبيعية.
ما هو علاج الايدز ؟
حتى هذه اللحظة لم ينجح العلم في الوصول إلى علاج شافٍ لمرض نقص المناعة المكتسبة، لكنه – على الأقل – نجح في الوصول إلى بعض العلاجات التي من شأنها أن تساهم في تحسين جودة الحياة والتخفيف من حدة الأعراض المرافقة للمرض وتقليص احتمالية العدوى ومنع تدهور الحالة الصحية مما يتيح فرصة البقاء على قيد الحياة لفترة أطول.
ومن أهم العلاجات المستخدمة حديثاً في التصدي لمرض العوز المناعي مضادات الفيروسات القهقرية، حيث تمكنت هذه المضادات خلال عامين فقط من خفض معدل الإصابات بنسبة 37% وخفض معدل الوفيات المرتبطة بمرض الايدز بنسبة وصلت إلى 45% وهو إنجاز مدهش بلا شك جاء كتتويج لجهود البرامج الوطنية لمكافحة فيروس عوز المناعة البشري.
وتساعد مضادات الفيروسات القهقرية في علاج الايدز عن طريق الحد من استنساخ الفيروس في الجسم، وهو ما يسمح للجهاز المناعي بالتعافي لبعض الوقت من أجل منع حدوث المزيد من الأضرار، ورغم أن فيروس HIV سريع التكيف ولديه قدرة كبيرة على مقاومة الدواء إلا أن استخدام ثلاثة أنواع أو أكثر من هذه المضادات يقلل من معدل تطور مقاومة الفيروس ويقلص كميته في الدم مما يكفل فعالية العلاج لأطول فترة ممكنة، وفيما يلي نبذة عن أبرز مجموعات أدوية مضادات الفيروسات القهقرية:-
1) مثبطات الناسخة العكسية غير النيوكليوسيد :
تقوم مثبطات الناسخة العكسية غير النيوكليوسيد بتعطيل إنتاج البروتين الذي يحتاجه الفيروس لنسخ نفسه، تسمى اختصاراً NNRTIs، ومن أشهر هذه المثبطات أدوية الإيفافيرينز والإيترافيرين والنيفاربين.
2) مثبطات الناسخة العكسية للنيوكليوسيد :
يقوم هذا النوع من المثبطات بتشكيل وحدات بناء خاطئة يستخدمها الفيروس لنسخ نفسه فلا تمكنه من حصول مقصوده، تسمى اختصاراً NRTIs، وأشهرها أدوية الأباكافير والزيدوفودين والإمتريسيتابين.
3) مثبطات البروتياز :
يشار إليها اختصاراً بـ PIs، ومهمتها تعطيل إنتاج إنزيم البروتياز الذي تتطلبه عملية نسخ الفيروس، وتشمل أدوية الدارونافير والفوسامبرينافير والأتازانافير.
4) مثبطات المدخل :
تحول هذه المثبطات دون دخول فيروس العوز المناعي إلى خلايا عنقود التمايز، وتتضمن أدوية المارافيروك والأنفوفيرتيد.
5) مانع الاندماج بالمادة الوراثية :
تعرف اختصاراً بـ CD4، وتتمثل مهمتها في تعطيل إنتاج الإنزيم المدمج للفيروسات القهقرية، وهو الإنزيم الذي يستعين به الفيروس في إدخال مادته الوراثية إلى خلايا عنقود التمايز.
هل مرض الإيدز يقتل ؟
من الأسئلة المتداولة هل مرض الإيدز يقتل والإجابة هي نعم، مرض نقص المناعة المكتسبة من الأمراض الفتاكة التي تؤدي إلى الوفاة في نهاية المطاف في حال عدم تلقي العلاج في وقت مبكر، وتكمن خطورة المرض في تأخر اكتشاف الإصابة به بسبب عدم ظهور الأعراض أو عدم تفسيرها بشكل صحيح.
هل نسبة انتقال الإيدز من أول مرة كبيرة ؟
نعم، نسبة انتقال الإيدز من أول مرة كبيرة، فممارسة أي نشاط جنسي مع شخص مصاب بالفيروس ولو لثوانٍ معدودة كافية لانتقال المرض.
ما هي اعراض مرض السيدا الخاصة بالنساء ؟
رغم تشابه أعراض مرض السيدا عند الرجال والنساء إلا أن ثمة أعراض خاصة بالنساء ومنها الإصابة بالتهاب المهبل الفطري والتهاب الحوض وعدوى فيروس الورم الحليمي البشري، بجانب حدوث تغيرات في دورة الطمث الشهرية.
ما سبب رائحة مريض الإيدز الكريهة ؟
قد يعزى سبب رائحة مريض الإيدز الكريهة إلى العقاقير الدوائية التي يتعاطاها، أو الإفرازات المهبلية ذات الرائحة غير المستساغة، وقد يعزى إلى عوامل أخرى لا علاقة لها بمرض الإيدز.