الزواج آية ربانية، وسنة نبوية، وفطرة إنسانية، شرعه الله تعالى لصون الأعراض لا للتلاعب بها، وحفظ النسل لا للتبرؤ منه، ولكننا في الآونة الأخيرة انقلبت الأحوال وبعد الناس عن دين الواحد القهار، واستخف ناقصو العقول بشروط النكاح وعلى رأسها الإشهار فلجأوا إلى الزواج العرفي الذي ضرب عرض الحائط بغاية النكاح الأساسية وحاجة الإنسان إلى الاستقرار، فضاعت معه الحقوق واُنتهكت الأعراض، وكثرت ضحاياه منذرة بكارثة مروعة فهل من مجيب؟!
ما هي شروط الزواج الصحيح في الإسلام؟
يجب أن نشير إلى الشروط التي تجعل الزواج صحيحًا وشرعيًا لكي نتمكن عن طريقها من التعرف على هل الزواج العرفي حلال أم لا، وفيما يلي شروط النكاح الصحيح:
1) يجب ألا تكون هناك أسباب شرعية تُحرم عقد النكاح بين الرجل والمرأة الراغبين في الزواج.
2) الإيجاب والقبول بين الطرفين، حيث لا يمكن أن يُغصب أحد الطرفين على عقد النكاح وخاصة المرأة، وذلك لحديث السيدة عائشة رضي الله عنها والذي جاء فيه (قلت يا رسول الله: تستأمر النساء في أبضاعهن، قال: “نعم”، قلت: إن البكر تستأذن وتستحي، قال: إذنها صماتها).
3) الإشهاد على الزواج حتى يعلم الجميع أن عقد النكاح قد تم بين الطرفين، ولا يتم التعرض لهما بسوء أو بكلمات خبيثة.
4) موافقة الولي للقاصر أما الأيم فهي أحق بنفسها.
ما هو الزواج العرفي بالتفصيل؟
لا شك في أن الله تعالى شرع الزواج من أجل أن يصون الإنسان نفسه وعرضه، ولكن يجب أن يتم الزواج وفقًا لقواعد وشروط معينة حتى لا تضيع الحقوق وتُنتهك الأعراض إلا أن بعض الناس غرتهم أنفسهم ولجأوا إلى الزواج العرفي ظنًا منهم أنه الحل الأمثل، ويتساءل الكثير عن ما هو الزواج العرفي هذا؟ لذا يجب أن نشير إلى أنه ليس شكلًا واحدًا عند الجميع ولكن له نوعين وهما:
أولًا: زواج عرفي مستكمل الشروط دون توثيق العقد
يعد الزواج العرفي المستوفي للشروط الصحيحة للزواج التي ذكرناها آنفًا هو أول أنواع الزواج العرفي حيث إنه في هذا النكاح يستوفي الطرفان أركان وقواعد النكاح كما جاءت في الإسلام ويترتب عليه آثار الزواج إلا أنه لا يتم تسجيله بشكل رسمي، أي أن الدولة لا تعترف بهذا الزواج وليس لديها معرفة بوقوعه من الأساس.
والجدير بالذكر أن شروط الزواج العرفي الحلال هي نفس الشروط الخاصة بالزواج الرسمي الصحيح لذلك فهذا النوع من النكاح العرفي يعد صحيحًا وفقًا لآراء علماء المذاهب الأربعة مجتمعين.
ثانيًا: زواج عرفي ناقص الشروط والأركان
هذا النوع يرمز إلى الزواج بين الفتى والفتاة دون أن يكون هناك ولي أو شهود، وقد انتشر في الآونة الأخيرة بين الشباب حيث يقول الشاب للفتاة (زوجيني نفسك) وهي ترد عليه (زوجتك نفسي) ثم يكتبان ورقة تثبت ما تم من زواج وما فيها يكون صيغة عقد زواج عرفى الذي وقع بينهما.
ما هو حكم الزواج العرفي؟
يختلف الحكم الديني تجاه الزواج العرفي باختلاف أنواعه، حيث إن لكل نوع حكمًا خاصًا به، فالنوع المكتمل الشروط والأركان ولكنه لم يسجل في المحاكم الشرعية هو زواجًا صحيحًا ومعتبرًا شرعيًا.
فقد كان هذا الزواج هو الشكل السائد قديمًا، إلا أن جُل العلماء يروون الآن أن من يفعل هذا آثمًا شرعيًا وذلك لأن الإنسان مطالب بطاعة ولي الأمر تبعًا لقول محمد رسول الله (السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بالمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)، ثم إن تسجيل العقد يحفظ الحقوق من الضياع ويحمي الزوج والزوجة من الوقوع في مشاكل كثيرة.
أما بالنسبة للزواج العرفي غير مستكمل الشروط والأركان فلا يعد زواجًا من الأساس بل إن بعض العلماء اعتبروه زنا وليس نكاحًا شرعيًا ولا يترتب عليه أي حقوق كما في الزواج الصحيح.
أبرز أسباب انتشار الزواج العرفي
انتشر الزواج العرفي في الآونة الأخيرة نظرًا للعديد من الأسباب، ونذكرها فيما يلي:
1) يلجأ الرجال إلى هذا النوع من الزواج بسبب القيود التي فرضتها بعض الدول الإسلامية على الزواج الرسمي مثل منع التعدد أو إعطاء الحق للزوجة بطلب الطلاق في حال زواج زوجها بأخرى.
2) المشاكل المادية الكثيرة التي تغلف الزواج الرسمي أدت إلى لجوء الشباب إلى الزواج العرفي ظنًا منهم أنه سيقلل من النفقات.
3) ضعف الدين لدى الكثير من الشباب، حيث يلجأ الشاب إلى إشباع غريزته بأي شكل دون أن يتحمل أي مسئولية فيتزوج عرفيًا ثم سرعان ما يتبرأ من هذا الزواج بعد أن يكون قد وصل إلى غايته.
4) التفاوت المادي والاجتماعي قد يجبر الطرفين على الزواج بهذا الشكل حتى لا يعرف الناس بأمرهما.
5) الرغبة في التحايل على القانون، حيث نجد الكثير من السيدات -اللاتي يحصلن على معاش من الدولة – تلجأن إلى الزواج العرفي بهدف استمرار المعاش وعدم انقطاعه عنها.
الأضرار المترتبة على الـزواج الـعرفي
هناك الكثير من الأضرار التي تنتج عن هذا النكاح بنوعيه سواء كان زواجًا صحيحًا مكتمل الشروط أو زواجًا يخلو من الأركان، وهذه الأضرار نلخصها فيما يلي:
أولًا: ضياع الحقوق
الزواج العرفي وإن كان مستوفيًا لأركان الزواج الشرعي إلا أنه ينتج عنه مفسدة عظيمة وهي ضياع الحقوق، وخاصة حقوق الزوجة، إذ أن هناك العديد من الرجال من يتبرأ من هذا الزواج معتمدًا في ذلك على عدم وجود عقد موثق لدى الدولة وبالتالي فإن الزوجة لن تتمكن من إثبات زواجه بها.
وفي حال موت الزوج فإن المرأة لا يمكن لها أن ترث حيث إنها لا تملك أوراقًا تثبت زواجها من المتوفى وبالتالي يضيع حقها وحق أطفالها.
وفي بعض الحالات قد يتأذى الرجل من هذا الزواج، حيث إنه يمكن للمرأة أن تنفي زواجها منه وتتبرأ من حقوقه وبذلك لا يمكن له أن يثبت أنه زوجها وبالتالي يضيع حقه وينتهك عرضه.
ثانيًا: انتشار الفساد والانحلال الأخلاقي
نحن في زمن انتشر فيه الفساد وخربت الذمم لذا فإن النكاح الـعرفي يزيد من هذا الأمر، حيث يلجأ من لم يتمكن من الزواج الصحيح الموثق إلى النكاح العرفي ليشبع رغبته ثم يتبرأ من هذا الزواج كأن شيئًا لم يكن مما يؤدي لفساد عظيم.
ثالثًا: اختلاط الأنساب
قد يؤدي النكاح غير الرسمي إلى اختلاط الأنساب بين الناس، فهذا الزواج قد لا يعلم به الكثير من الأشخاص فضلا عن القانون وقد ينتج عن هذا الزواج أطفالًا ويتبرأ منهم الزوج مما يؤدي إلى عدم انتسابهم لأبيهم وبالتالي تختلط أنسابهم مع غيرهم وبهذا يضيع واحدة من الضروريات الخمس في الإسلام وهي حفظ النسل.
الزواج العرفي والتحايل على القانون
مع رغبة البعض في التحايل على القوانين والاستفادة منها لجأ عدد من الرجال والنساء إلى الزواج العرفي ، وبذلك تتمكن المرأة من الاستفادة من معاش زوجها الأول أو حتى معاش أبيها وفي نفس الوقت تتزوج بمن ترغب، ثم إن الرجل هو الآخر يستفاد منه عن طريق توفير الكثير من النفقات التي يجب دفعها للدولة لتوثيق العقد، وقد انتبهت الدولة إلى هذا التحايل ووضعت القوانين الحازمة التي تمنع ذلك وتجرم من يرتكب هذه الأفعال.
الفرق بين الـزواج الـعرفي والزواج الرسمي
الزواج الرسمي هو عقد يُدون فيه شروط الزواج وأركانه ويتم أمام مأذون ثم إنه يُوثق رسميًا من قبل الدولة وبالتالي فإن الدولة هي الملزمة بضمان كافة الحقوق والواجبات للطرفين.
أما الزواج العرفي فهو عقد يتوفر فيه كل الشروط اللازمة لإتمام الزواج الشرعي ولكن لا يوجد له وثيقة رسمية أي أن الدولة ليس لديها علم بهذا العقد لذا فهي غير ملزمة بأي شيء تجاه هذا الزواج ولا تعترف به من الأساس.
ولكي يتمكن الزوج أو الزوجة من توثيق عقد النكاح العرفي عليهما أن يرفعا دعوى قضائية ويعترفا بهذا الزواج، أما إذا أنكر أحد الطرفين فيمكن إثباته بالشهود وفي حال عدم وجود شهود فلا يمكن إثباته قانونيًا.
ما هو حكم الـزواج الـعرفي للمطلقة؟
حكم الزواج العرفي للمطلقة شأنه شأن غير المطلقة إذا استكمل الشروط فهو جائز من الناحية الشرعية إلا أنها تأثم في حال عدم توثيق العقد، أما إذا خلا من أي شرط من شروط النكاح فإنه باطل.
ما هو الزواج العرفي؟
هو نوعان، الأول مكتمل الشروط والأركان إلا أنه غير موثق لدى الدولة، والثاني غير مكتمل الشروط وهذا يعد زنا.
ما هي الغاية من الزواج؟
الغاية من الزواج هو حفظ النسل وإعمار الأرض وإعفاف النفس من الوقوع في الحرام.
ما هي المفاسد المترتبة على النكاح العرفي؟
يترتب على هذا الزواج ضياع الحقوق واختلاط الأنساب والانحلال الأخلاقي والتخلي عن المسئوليات.
هل يأثم من تزوج عرفيًا حتى لو اكتملت شروط وأركان الزواج به؟
بكل تأكيد، وذلك لأن توثيق العقد يؤدي إلى حفظ الحقوق ثم إن طاعة ولي الأمر واجبة ما لم تكن في معصية.