عقيدة اسلامية | اليقين الجازم والفعل الحكيم

العقيدة

يولد الإنسان على الفطرة السليمة وتدفعه نفسه إلى معرفة ما يدور حوله من الأمور، فأما أن يأخذه قلبه إلى الإيمان بالله أو يرمي به داخل أهواء الحياة، وهذا يتحدد على أساس عقيدة اسلامية صحيحة وثابتة والإيمان الراسخ الذي يوجد في قلبه واعتقاده بأن أمره كله خير، وأن الله هو الخالق الواحد ومنزل الأرزاق والنعم والملائكة وصاحب الفضل عليه.

ما هو تعريف العقيدة ؟

يُسلم المسلم أمره كله لله ويثق تمام الثقة بأنه لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضررًا إلا ما شاء هو سبحانه، فما يكنه المسلم داخل قلبه وجوارحه من إيمان ويقين لا يولد إلا بـ عقيدة اسلامية صحيحة وإيمانه الجازم بكل أمر أو حكم جاء في القرآن الكريم أو قاله سيدنا محمد في السنة النبوية الشريفة الجامعة لكل شيء يهم المؤمن.

عقيدة اسلامية لغة:

يقصد بـها في اللغة هي كل فعل يدل على العقد أو الشدة، فيقال عقد الشيء يعني وثقه وجزم به وتستخدم هذه الصيغة في العقود والإيمان.

العقيدة اصطلاحًا:

اليقين الجازم بكل أمر جاء من عند الله، بحيث يخلو من الشك والحيرة أي ما يعتقده المسلم بقلبه وعقله وتقوم جوارحه بتصديقه بالأفعال.

أنواع العقيدة :

عقيدة اسلامية هي الأساس الذي يقوم عليه الدين الإسلامي ويبني عليه المسلم إيمانه الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله، والاعتقاد الراسخ بيوم القيامة وما يحدث فيه والقدر والقضاء وكافة أمور الإسلام والإيمان والغيبيات والمسلمات، فتقسم العقيدة إلى نوعين وهما:

أولًا: العقيدة الصحيحة

تختص عقيدة اسلامية صحيحة بالإسلام وبكل حكم وأمر من عند الله وترتبط بإيمان المسلم بالغيبيات وجميع الأحكام والأوامر والنواهي الموجودة في القرآن الكريم، وما وضحه الرسول -عليه الصلاة والسلام- في السنة النبوية بشيء من التفصيل والتوضيح، فيجد فيها المرء إجابة واضحة على كافة تساؤلاته وتعطيه القيمة وراء وجوده في هذه الحياة.

تعد العقيدة الصحيحة ضمن أنواع العقيدة التي تتعلق بالأعمال القلبية وترتبط بما يفعله المؤمن، فهي العقيدة السليمة والقائمة على أسس قوية وقويمة منزلة من عند الله وبُلغت على لسان الرسل والأنبياء السابقين إلى الناس كافة وارتضاها المولى -عز وجل- لنا شريعة ومنهج يسير على ضوئهما المسلم في دنياه.

أهمية العقيدة الإسلامية الصحيحة للمسلم :

قال تعالى “فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا” ففي هذه الآية الكريمة يوضح المولى عز وجل- أن الأعمال الصالحة ترتبط بشكل كبير بما يكنه المسلم في قلبه ويعتقده ويزعم به، فلا يصح أن يكون باطنه إيمان وظاهره شرك، حيث إن التوحيد هو الركيزة الأهم في العقيدة والنقطة التي يبدأ من عندها تحديد إيمان المسلم وصدقه.

ولأن عقيدة اسلامية هي عبارة عن مجموعة من الأسس والمسلمات التي يقوم عليها إيمان المسلم وعبادته، لذلك لا يوجد ارتباط واضح أو أي علاقة بين العقيدة الصحيحة والعقائد الفاسدة التي تنص على كل ما يخالف الدين الإسلامي، ومن هنا يمكن القول إن أهمية العقيدة الصحيحة تكمن في اتصاف الإنسان بالأخلاق الحميدة وابتعاده عن المعاصي والذنوب التي تعكر صفاء إيمان.

تظهر آثار العقيدة الصحيحة على المرء الذي يتبع طريق الهدى ويعتمد على كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وأقوال الصحابة الأجلاء، ويؤمن بالغيبيات والقدر خيره وشره ويحرص على رؤية الخير من الأمور والبعد عن التشاؤم واليأس، لذا تستقر نفسه ويعرف أنه ميت لا محالة ويعلم أن رزقه بيد الله فلا يخاف انقطاعه أو تأخيره، ويستشعر مراقبة الله له في كل وقت وأي مكان فيحسن من تصرفاته وأفعاله.

العلاقة-بين-العقيدة-والشريعة

العلاقة-بين-العقيدة-والشريعة

ثانيًا: العقيدة الفاسدة

يدخل في مفهوم العقيدة الفاسدة كل أمر يخالف دين الإسلام ويأتي على غير ما أمر الله به وبينه رسوله الكريم، فعقائد الفرق والمذاهب والجماعات والأحزاب وعقيدة اليهود والنصارى كلها عقائد فاسدة تضاد عقيدة اسلامية الصحيحة، وذلك لأنها تعرضت إلى التحريف والتغيير من قبل البشر مما جعلها تنحرف عن الطريق المستقيم.

الانحراف عن الطريق القويم واتباع أصحاب البدع والاعتقادات الكاذبة والغريبة، والدخول في الأنظمة والتيارات والفرق البشرية مثل (الشيعة- الرأسمالية- القومية) يدفع الإنسان إلى العقيدة الفاسدة والانحراف عن طريق الله وبالتالي ضياع الوجهة، فقال تعالى “فإما يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ”.

عدد أصول العقيدة الإسلامية :

تنسب العقيدة الإسلامية والإيمان بها إلى الله -عز وجل- ويصدق من خلالها على إيمان المسلم وثابته على الدين، فكونها من الأمور الغيبية البعيدة عن عيون الناس كملائكة واليوم الآخر والقضاء والقدر وأولهم الإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد، وترتبط أصول العقيدة في الإسلام ببعضها البعض، فيقصد بأركان الإيمان الستة عدد أصول العقيدة الإسلامية وهي:

– الإيمان بالله.

– الإيمان بكتبه.

– الإيمان برسله.

– الإيمان باليوم الآخر.

– الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره.

فقال تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾.

العلاقة بين العقيدة والشريعة :

عند التأمل في العلاقة القائمة بين العقيدة والشريعة سوف نجد هناك ارتباط كبير وغليظ بينهما، فالعقيدة قائمة على الإيمان بالغيبيات والأمور المسلم بها فهي التي تعطي صورة واضحة عن بداية الكون والحياة، وما ينتظر الإنسان بعدهما في الدار الآخر وتهتم بالجانب النظري في حياة المسلم.

أما عن الشريعة (الجانب العملي) هي العمل والعبادة والأداء الجيد لكل أمر جاء في القرآن الكريم واهتمت بتوضيحه السنة المحمدية، لذا لا يمكن الفصل بينهما ولا يكتمل إيمان الإنسان إلا بهما، ومن هنا يتبين أن تلك العلاقة القائمة والطردية بين العقيدة والشريعة هي الأساس التي يقوم عليه الدين الحق، فإذا كانت عقيدة اسلامية محلها القلب فالشريعة والأخلاق هي المعيار الذي يؤكد صدقها.

يمكننا تلخيص الغاية من العلاقة بين العقيدة والشريعة وسر الارتباط الكبير والقوي بينهما في أهميتها في إرشاد العباد إلى عبادة التوحيد والتسليم التام لأوامر الله والعمل على تحقيق التوازن بين ما يعتقده القلب وما تقوم به الجوارح، وما يؤكد صدق العلاقة أيضًا أن العقيدة الإسلامية الصحيحة ربانية المصدر ومنها تأتي الشريعة الإسلامية القويمة التي هي منهج المسلم ودستوره.

العقيدة الواسطية | عقيدة أهل السنة والجماعة

تعد العقيدة الواسطية أقرب الرسائل أو كتب العقيدة إلى منهج أهل السنة والجماعة، حيث قام بجمعها في كتاب يحمل اسم “العقيدة الواسطية” الإمام الجليل شيخ الإسلام ابن تيمية عام 698 هجريًا، واهتم بذكر المسائل العقائدية المهمة التي لا مجال للشك فيها إطلاقًا وتدعيمها بآيات من الذكر الحكيم وأحاديث صحيحة من السنة النبوية، فكان لهذه الرسالة الواسطية الفضل في وصول المنهج القويم الذي يجب أن نسير عليه كل مسلم.

إن أهم ما احتوى عليه هذا الكتاب هو المسائل المتفق عليها من قبل أهل السنة والجماعة، حيث كان الإمام الجليل أبو العباس ابن تيمية حريصًا على استخدام أسلوب مبسط وجميل وشرح مختصر غير معقد لكل مسألة من المسائل الموجودة، وذلك عن طريق استعماله لعبارات قصيرة يفهمها أي مسلم يقرأ الكتاب واستدلاله على آيات وأحاديث تؤكد ما وضحه فيه، حيث قيل عن هذه الرسالة ( وصف أجمع وأخصر متن في العقيدة على منهج أهل السنة والجماعة).

أهمية العقيدة الواسطية لكل مسلم :

1- تبلغ هذه الرسالة الواسطية منزلة عظيمة عند أهل العلم والدين، فتعد من أوثق الرسائل المأخوذة من منهج أهل السنة والجماعة وأصدق مصادر عقيدة اسلامية ، وذلك لكونها تتفق مع ما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام- وتناوله الصحابة الكرام بالصحة والتواتر.

2- اعتماد الشيخ ابن تيمية على المصادر الصحيحة مثل اعتقاد الفرقة الناجية وإجماع السلف الصالح، واستناده على آيات من القرآن الكريم وسنة نبينا محمد -صلوات ربي وسلامه عليه- بما يتفق مع المسائل التي ذكرها في الرسالة.

3- كون كتاب العقيدة الواسطية الذي جمعه شيخ الإسلام يسير على نفس منهج عقيدة أهل السنة والجماعة لا يعني ذلك أنه جاء ليوضح ذلك فقط أو اقتصر على تلك النقطة لا غير، فالحقيقة أن الرسالة جاءت لتبين المسائل الوجودية الخاصة بالأمور الغيبية مثل (القدر والوعد والوعيد واليوم الآخر) التي يؤمن بها أهل السنة والجماعة إيمانًا جازمًا لا شك فيه.

سبب تسمية العقيدة الواسطية بهذا الاسم:

يرجع السبب وراء تسميتها بهذا الاسم هو إرسالها إلى أهل واسط في مدينة الشام، حيث جاء شيخ من أصحاب الامام الشافعي -رحمه الله- يشكو إلى الشيخ ابن تيمية عندما كان في مدينة العراق سوء أحوال بلاده وما جرى فيها من فواحش واستبداد وما لحق بأهلها من ظلم وجهل.

بعث تقي الدين أبو العباس مع الشيخ رضيُّ الدين الواسطي الرسالة الواسطية (التي جمع فيها كل ما يهم المسلم ويبين له أصول دينه وعقائده وشريعته) إلى أهل واسط، وورد أنه قال عن هذه الرسالة: (أنا تحرّيت في هذهِ العقيدة اتّباع الكتاب والسنة)، وذكر أيضاً: (وكل لفظٍ ذكرته فأنا أذكر به آية، أو حديثاً، أو إجماعا سلفياً).

عدد-أصول-العقيدة

عدد-أصول-العقيدة

متن العقيدة الطحاوية :

ضمن الكتب المألوفة على منهج أهل السنة والجماعة واعتقاداتهم الراسخة بشأن الأمور المسلم به والغيبيات كتاب “متن العقيدة الطحاوية” أو المعروف باسم ” بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة” الذي قام بجمعه العلامة القدير أبو جعفر الوراق الطحاوي -رحمه الله- بعيدًا عن الاختلافات والمذاهب وتعدد الآراء، وقدم الكثير من الأئمة ومنهم قاضي القضاة سراج الدين الغزنوي الهندي شرح العقيدة الطحاوية .

يقول أبو جعفر الطحاوي في مقدمة الكتاب (هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة، أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني، رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين).

عقيدة المذهب الأشعري :

منذ اللحظة التي ظهرت فيها عقيدة الأشاعرة التي أساسها أبو الحسن الأشعري على طريقة ابن كلاب في تناول الغيبيات والعقائد الثابتة وهي سائرة على منهج مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة في تناول تلك الموضوعات المهمة، لذلك أكد أهل السنة على موقفهم تجاهها  بالعديد من المدلولات والمقالات التي تؤكد على أنها متناقضة مع عقيدتهم.

أقرر أئمة المذهب الأشعري وأهله على صدق ما قاله أهل السنة والجماعة في حق هذه عقيدة اسلامية ، وذلك بناءًا لما جاء في مقالاتهم ومدلولاتهم بأنها متناقضة لمنهج وأصول عقيدة السلف الصالح، ومن الجدير بالذكر أن الخلاف بين العقيدتين لا يعد خلافًا لفظيًا أبدًا إنما هو خلاف جوهري، حيث إن إثبات أحدهما بالتأكيد يحتم بطلان الآخر.

يقول الشهرستاني بشأن منهج الأشاعرة “حتَّى انتَهى الزَّمانُ إلى عبدِ اللهِ بنِ سعيدٍ الكُلَّابِّي وأبي العبَّاسِ القَلانِسيِّ والحارِثِ بنِ أسعَدَ المُحاسِبيِّ، وهؤلاء كانوا من جُملةِ السَّلَفِ إلَّا أنَّهم باشَروا عِلمَ الكَلامِ وأيَّدوا عقائدَ السَّلَفِ بحُجَجٍ كَلاميَّةٍ وبراهينَ أُصوليَّةٍ… وانحازَ الأشعَريُّ إلى هذه الطائفةِ فأيَّدَ مَقالتَهم بمناهِجَ كَلاميَّةٍ، وصارَ ذلك مَذهَبًا لأهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وانتقلَتْ سِمَةُ الصِّفاتيَّةِ إلى الأشعَريَّةِ”.

ما هي خصائص العقيدة الإسلامية الصحيحة؟

تتمثل خصائص العقيدة الصحيحة في التوفيقية، والوسطية، والتوازن المتعلق بالنصوص القرآنية والغيبية، والشمولية الخاصة بالقضايا العقائدية الكبيرة، والعقلانية التي تتعلق بالعقل.

هل هناك مسميات أخرى للعقيدة؟

يطلق على العقيدة الإسلامية الصحيحة بعض المسميات الأخرى مثل السنة أو الإيمان أو التوحيد.

ما هي مصادر العقيدة الصحيحة؟

يأخذ الإنسان المسلم عقيدته الصحيحة من كتاب الله -عز وجل- وسنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- والأقوال التي أجمع عليها الصحابة وجمهور العلماء.

ما هي أسباب فساد عقيدة المسلم؟

يعود فساد عقيدة المسلم إلى مجموعة من الأسباب النفسية والاجتماعية والمعرفية.

مواضيع ذات صلة

معركة النهروانمعركة النهروان | صراع بين الصدق والافتراء

تعدد الزوجات | قضية يدور حولها الجدل