ما يُفعل اليوم لا بد أن يكون أفضل من الأمس، وما سيُفعل غدا يجب أن يكون جديدا وأفضل من اليوم، الحياة القادمة يجب أن تكون أكثر تطورا من الحياة الحالية التي نعيشها هذه هي الأفكار التي تُرسخها نظرية الكايزن في العقول وتُحفز الأشخاص على العمل بها في شتى ميادين الحياة من أجل الوصول إلى أفضل النتائج المرجوة.
الكايزن | ما هو ؟
في الآونة الأخيرة ظهر بقوة مصطلحات قد تبدو غريبة بالنسبة للكثير من الأشخاص مثل مصطلح الكايزن ، فأخذوا يبحثون عن إجابات للأسئلة التي تدور في أذهانهم بشأن معنى كايزن ، كما يريدون أن يعرفوا ما هي منهجية كايزن التي أحدثت كل هذه الضجة في عالم التطوير والتحسين؟
أصبحنا الآن في عالم الأعمال الذي يريد كل يوم شيئا جديدا ولن يأتي ذلك من فراغ بالتأكيد، فإحداث التغيير والابتكار دائما ما يكون بحاجة إلى أناس لديهم عقول فذة ويتمتعون بمهارات مُتطورة تتكيف مع المطلوب منها، حيث إن سوق العمل بات يتغير بسرعة البرق، فأصبح امتلاك مهارات مُتطورة الضمان الأقوى والوسيلة الفعالة لبقاء الشركات والمنظمات في حيز المنافسة على المدى البعيد، والجدير بالذكر أن تلك مهارات لا ينحصر استخدامها فقط على عالم الأعمال والمؤسسات الكبرى، بل تتشعب فعاليتها لتطول كل مجالات الحياة الأخرى.
فيمكننا القول بإن تعريف الكايزن يعنى أحد الأفكار الهامة التي تم تأسيسها وذرعها بعقول البشر بجانب الثقة بالنفس من أجل القيام بعمليات تحسين وتطوير مستمرة تخدم المجتمعات، حيث إنه قائم على تصور أن التصرفات والأفعال الإيجابية المستمرة وغير الملحوظة بشكل دقيق يمكنها أن تُغير الدفة إلى الأحسن وتؤدي إلى تطورات رهيبة، ويتوقف هذا الأسلوب على التضافر والتآزر والالتزام وأخذ الأمر خطوة بخطوة، وذلك على النقيض تماما من نظرية التغيير الجذري.
مبادئ نظرية الكايزن أو التحسن المستمر
توجد مجموعة من المبادئ التي تختص بها نظرية كايزن التحسن المستمر وتعتمد عليها بشكل كبير من أجل الوصول إلى النتائج المرجوة من تطبيق تلك النظرية في كل مناحي الحياة سواء من الناحية الشخصية أو العملية، ولعل من بين أبرز تلك المبادئ ما يلي:
1- عدم بناء أي افتراضات على الثوابت القديمة.
2- عدم الهروب من المشكلات ومواجهتها على وجه السرعة بكل ثقة واقتدار.
3- التخلص من الأوضاع الراهنة التي تُعيق عملية التطور والتحسن.
4- الابتعاد عن الأفكار السلبية مثل ادعاء المثالية، والإقدام على اتخاذ مواقف مُحددة وواضحة لإحداث التغييرات التكرارية.
5- البحث عن حلول منطقية وسريعة بمجرد ظهور الأخطاء .
6- عدم الاستكانة إلى الموضوعات الواضحة والاعتماد عليها فقط، فيجب دوما التلفظ بسؤال “لماذا” على كل الأشياء حتى لو كانت صغيرة، وذلك لكي يكون بالإمكان الوصول إلى الأسباب الجذرية.
7- الحصول على معلومات ثقافية وتصورات وأفكار إضافية من قبل العديد من الأفراد.
8- استعمال المهارة والإبداع لصُنع امتيازات وتطورات صغيرة.
9- عدم التوقف على الإطلاق عن التطور والتحسن، وكثرة التدريب لاكتساب مهارات جديدة تساعد في عمليات التحسين.
ما هي جدوى نظرية الكايزن ؟
يوجد لنظرية الكايزن العديد والعديد من الفوائد الرائعة والتي إذا أدركها أي إنسان كان سواء في مجال عمله أو شئونه الخاصة سيلاحظ تغييرا ملحوظا وجيدا في حياته، ولعل أبرز فوائد نظرية الكايزن سنسردها في النقاط التالية:
أولا: الحد من الهدر وتقليل النفايات
إن نظرية الكايزن كما أشرنا سابقا قائمة على بث روح التعليم الذاتي وعدم الركون والاكتفاء بالمعتقدات الأزلية والتصورات الثابتة والراسخة في الأذهان منذ قديم الزمان، فالتحسين المستمر هدفه الأسمى عمل تطورات مفيدة في الحياة العملية والشخصية على حد سواء.
تعود تلك الفائدة على الإنسان بتعلُمه خصلة عظيمة للغاية في حياته ألا وهي عدم الإسراف في الموارد بمختلف أنواعها سواء كانت مادية أو معنوية، ذلك الأمر الذي سيجعله بالتأكيد يستثمر وجود جميع المواد المتوفرة له عبر الإفلات من كل صور العبء والثقل أولا بأول.
ثانيا: زيادة معدلات الإنتاجية
بعد أن يُقلل الفرد من كمية الأشياء المهدورة في حياته ويتخلص من كل ما لا يستفيد منه ولا ينتفع به، سيعود ذلك عليه بالتأكيد بالعديد من الآثار والنتائج الإيجابية ويأتي في مقدمتها تحسن مستوى الإنتاجية الخاصة به وزيادته بشكل ملحوظ، ويكون بإمكان المرء استغلال ذلك في تأدية تكاليف أكثر في مجال عمله أو كسب مزيد من الوقت لمزاولة هواياته المُحببة إلى قلبه أو غيرها من الأشياء الأخرى المفيدة له.
ثالثا: التركيز على النتائج
إن نظرية كايزن في الإدارة وفي جميع مجالات الحياة تكمن بؤرة عملها في التركيز على النتائج بصورة أساسية وبشكل بالغ الأهمية، حيث إن تطبيق الفرد لهذا النهج في حياته سيفتح مداركه ويجعله يرسم بداخله صورة بينة ومفهومة للهدف الذي يصبو إليه أو المُحصلة النهائية التي يرغب في تحقيقها، ومن ثم بذل الكثير من المجهودات واستغلال كل المفردات المتاحة له للوصول لتلك النتائج، وهذا ما يُبرز قوة التفكير الايجابي لدى الإنسان.
رابعا: رفع مستوى الجودة
عندما يقوم الإنسان في جميع اتجاهات حياته سواء العملية أو الشخصية بتطبيق فكرة الكايزن أو التحسن والتطور المستمر بصورة تدريجية، فلا شك إن ذلك سيؤثر على جودة جميع المهام والتصرفات التي يؤديها فستتطور بشكل جيد وتأخذ مُنحنى تصاعدي مع مرور الوقت، وسيظهر ذلك جليا على كل جوانب حياة المرء المختلفة.
خامسا: درجات أعلى من الدقة
كما أومأنا سلفا بين سطور مقالنا أن من ضمن المبادئ الرئيسة التي تقوم عليها نظرية الكايزن ؛ التركيز على إنجاز نتائج أفضل كل يوم، ومما لا ريب فيه أن ذلك الأمر سيجعل عقل الإنسان يقظ دائما ويُحفز صاحبه على تأدية المهام المُوكلة إليه بدقة أكبر، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الوقوع في الخطأ بشكل كبير.
سادسا: تخفيض التكاليف
إن أكثر الملاحظين لفائدة تخفيض التكاليف هم بالتأكيد الشركات الكبرى والمنظمات العملاقة التي تعتمد في نظام عملها على نظرية الكايزن ، حيث إن مع الاهتمام الكبير المُنصب على زيادة الإنتاجية ورفع معدلات الكفاءة سيكون له أثر واضح على تقليل تكاليف تلك المؤسسات، وذلك عائد إلى تحقيقها عوائد ومردودات أعلى دون الاضطرار إلى زيادة المُدخلات.
سابعا: رفع مستوى التنافسية
تستفيد المؤسسات التي تعتمد بشكل كبير على مبدأ الـ كايزن في الإدارة بنيل سمة تنافسية أعلى من أقرانها في سوق العمل المفتوح، وذلك لأنها تسعى إلى إتمام نتائج ومحصلات أفضل بصورة مستمرة، مما يجعلها تكتسب قوة وخبرة لتدخل في دائرة المنافسة بمرور الوقت مع شركات أفضل ولها باع كبير في السوق.
إن العمل على رفع مستوى التنافسية المُطبق في نظرية الكايزن لا يمكن اقتصاره فقط على مجال الأعمال والإدارة، فعندما يحيا الإنسان أيامه وهو يملك إيمانا كبيرا وعزيمة شديدة على التغيير المتواصل والتطوير نحو الأحسن، سيلاحظ أن مستواه في الأعمال التي يقوم بها يرتفع بصورة تدريجية مع مرور الوقت، وسيجد نفسه يتبارز ويتسابق مع أناس جدد بدرجات تنافسية أعلى طوال الوقت.
ثامنا: مناخ عمل سعيد
إن كل الفوائد السالف ذكرها لنظرية الكايزن من شأنها بالتأكيد أن تؤدي في النهاية إلى خلق أجواء عمل مثالية للغاية تسودها الآراء الإيجابية والمعتقدات والأفكار النموذجية، حيث إن كل شخص يعمل داخل هذا الترس المُنظم يحمل في قرارة نفسه أنه قادر على المشاركة في تغيير مكانة الشركة إلى الأفضل، وأن مهما كان الدور الذي يؤديه صغيرا فإنه مع مرور الوقت سيكون بمثابة الخطوة الأولى في مشوار التغيير والتطوير.
تاسعا: المداومة على التطور والتحسن
إن أكثر الأشياء التي تجعل نظرية الكايزن واحدة من أفضل نظريات التنمية البشرية يكمن في أنها عملية سرمدية غير منقطعة لا تنتهي على الإطلاق، وهذا يعنى أنه بمجرد انتهاج الأفراد أو الشركات هذه النظرية واكتساب مهاراتها فإنهم سيعتدون عليها وتصبح بالنسبة لهم أسلوب حياة يسعون خلاله على الدوام لإنجاز المزيد من التطور والتقدم في كل ميادين الحياة، مما يجعل النتائج الإيجابية تلوح في الأفق، و خطوات تطبيق كايزن ppt تضمن النجاح والتميز بالتأكيد.
من هو مؤسس نظرية الكـايزن؟
يعود الفضل لتأسيس تلك النظرية المميزة إلى العالم ماساكي إيماي صاحب الجنسية اليابانية.
هل نظرية الكـايزن يُقتصر تطبيقها على الشركات فقط؟
بالتأكيد لا يقتصر استخدام هذه النظرية الرائعة على الشركات الكبرى والمؤسسات العملاقة فحسب، بل يمكن تنفيذها أيضا على الأفراد الذين يسعون إلى إحداث تغييرات في حياتهم ويريدون اكتساب مهارات متطورة تساعدهم على الوصول لنتائج أفضل خلال رحلة حياتهم.
كيف يتم تطبيق نظرية الكـايزن في عالم الإدارة؟
يتم تطبيق تلك النظرية عبر إتاحة الشركات الفرصة لجميع العاملين بها بأن يقدموا اقتراحاتهم وآراءهم من أجل تطوير الشركة وتحسين عملها، وذلك الأمر غير مقتصر بالتأكيد على قسم محدد بالمؤسسة، بل على جميع الأقسام والموظفين كافة من أكبر درجة وظيفية إلى الأدنى.
ما هي شروط انتهاج نظرية الكـايزن ؟
لكي يكون بالإمكان تطبيق نظرية الكـايزن لا بد من الاتسام بمجموعة من الشروط والتي من أهمها؛ امتلاك عقل مُبدع يُخرج أفكار خارج الصندوق، الرغبة في اكتساب مهارات حديثة، تحمل مسئولية اتخاذ القرارات، مواجهة الصعوبات لا الفرار منها، كسر حاجز الخوف عبر تقديم أصغر التساؤلات.