لا تقبل طبيعة الحياة السير على وتيرة واحدة أو انتهاج طريق مستقيم خالِ من العراقيل، لا سيما الحياة الزوجية المبنية على ميثاق معقود بين قلبين ويهدف إلى الديمومة والاستمرارية، لذا فإن وجود المشاكل الزوجية أمر طبيعي وعدم ظهورها مطلقًا شيء يفتقر إلى الواقعية، وما يُفرق العلاقات الصحية السوية عن غيرها هو طريقة التعامل مع تلك المشاكل وكيفية مجابهة التحديات بنظرة موضوعية سليمة.
الحياة الزوجية في معزل عن الأعمال السينمائية
تصور لنا معظم الأفلام السينمائية والأعمال الدرامية أن الزواج هو النهاية الحتمية لقصص الحب، وأن الانتصار يكمن في هدم كل السدود المنيعة التي تحول دون زواج البطل بالبطلة، لتختتم الحلقة الأخيرة بمشهد الزفاف الأسطوري في جو يسوده الحب والهيام ومُكلل بمباركات الأهل والأصدقاء، ويظن المشاهدون أن البطلين سيعيشان في سعادة سرمدية خالية من أي عوائق، وهذا التفكير في معزل كبير عن الواقع.
إذ إن الحياة الزوجية الواقعية عبارة عن رحلة طويلة اختار الزوجان بمحض إرادتهما أن يسيرا فيها متشابكي الأيدي متحديين الظروف الصعبة و المشاكل الزوجية والخلافات العائلية، ومنهم من ينجح في ذلك بالاستعانة بالحب والمودة والرحمة، وهناك أيضا من يضل الطريق ويترك الرفيق يكمل الرحلة بمفرده.
اسباب المشاكل الزوجية
تتسلل المشاكل والخلافات إلى الحياة الزوجية مع مرور الوقت، وإن لم يتم التعامل معها بطريقة سليمة فإنها ستؤثر على جودة العلاقة بين الطرفين، وفيما يلي إليكم أبرز اسباب المشاكل الزوجية الشائعة:-
أولا: غياب الاحترام
الاحترام هو شعلة النور التي تضيء العلاقة الزوجية، وغيابه يشير إلى وجود خلل كبير في أركان تلك العلاقة، والإنسان السوي لا يقبل بوجود مبررات لعدم احترامه أو إهانته.
ثانيا: ضغوط الحياة وتكدس المسؤوليات
يدخل الشريكان إلى عش الزوجية متمسكين بالحب ومفعمين بالحماس، ولكن مع مرور الوقت تكثر المسؤوليات داخل المنزل وخارجه، وبالتالي تتفاقم الضغوط وتتقلص طاقة الطرفان، مما يؤثر على جوانب العلاقة على نحو سلبي، وقد تؤدي الضغوطات النفسية إلى كثرة المشاكل الزوجية بدون سبب ملموس.
ثالثا: وجود مشكلة في التواصل
التواصل السليم هو جوهر الحياة الزوجية السوية، لأنه يمنح فرصة أكبر للتعبير عن المشاعر والتنفيس عن الأحاسيس السلبية، حيث إن تراكمها وعدم الإفصاح عنها أو حتى عدم تقبل الطرف الآخر لها يفتح بابًا كبيرًا من المشاكل الزوجية فيما بعد.
ومن الجدير بالذكر أن التواصل يساعد الشريكين على التفاهم ويمحو الفجوات الموجودة بينهما، خصوصا عندما يحاول الطرفان استثمار التواصل بصورة فعالة وتحقيق الهدف الرئيسي منه عن طريق تلبية احتياجات الطرف الآخر وتقليل التصرفات التي تزعجه.
رابعا: عدم خصوصية العلاقة الزوجية
هناك مشكلة شائعة خصوصا في مجتمعاتنا العربية وهي أن الأزواج يجعلون حياتهم الزوجية مشاعًا للأقارب والأصدقاء والجيران، وأحيانا الأبناء، إذ من الممكن أن يعلن الرجل استياءه من بعض تصرفات زوجته أمام أهله محاولًا التنفيس عن غضبه، بينما تشتكي الزوجة من إهمال زوجها لها أو تتحدث عن أحواله المادية أمام أصدقائها، مما يفتح مجالًا للتدخلات والآراء وأيضا الانتقادات المغلفة بالتحريضات، ومن الممكن أن تتضخم المشاكل الصغيرة التي كان من المفترض أن تُحل بالتفاهم بين الطرفين فقط.
خامسا: الندية في التعامل
إن الندية والعناد من أهم مسببات المشاكل الزوجية بل إنهما يزيدان من تضخم الخلافات، حيث يرفض كل طرف أن يظهر بصورة ضعيفة أمام الطرف الآخر، وذلك التفكير خاطئ تماما، فلا تسير الحياة الزوجية بدون التنازل والتغافل، بل إن التسامح وعدم التدقيق على توافه الأمور دليل على النضج وقوة الشخصية وليس العكس.
سادسا: عدم مشاركة الأعباء المنزلية
تعاني أغلبية السيدات من تكدس الأعمال المنزلية فوق عاتقهن وزيادة المسؤوليات عليهن، خصوصا إذا كان لهن نشاطات مهنية وتفاعلية في المجتمع، مما يجعل الضغط يؤثر على مزاجهن وإنتاجيتهن، وهنا يأتي دور شريك الحياة الذي من المفترض أن يقدم الدعم والمساعدة لهن في مختلف الأوقات.
لذا فإن فكرة تقسيم المهام المنزلية وتنفيذ كل طرف للأعمال الموكلة له يخلق روحًا من التعاون والمشاركة، مما يؤثر بالإيجاب على نفسية الطرفين ويصب في مصلحة الحياة الزوجية بصورة عامة.
سابعا: فتور العلاقة الجنسية
إن العلاقة الحميمة ركن بالغ الأهمية في الحياة الزوجية، ووجود مشكلة فيه من الممكن أن يهدم تلك العلاقة تدريجيًا، وقد يكون الخلل في ذلك الركن ناتج عن غياب الثقيف الجنسي، أو عدم اهتمام أحد الأطراف بتلبية احتياجات الآخر مع التركيز فقط على متعته وغرائزه، كما يؤثر الملل على الرغبة الجنسية للطرفين.
وينصح الخبراء والمتخصصين دومًا بمصارحة الطرفين لبعضهما بخصوص ما يحبونه وما ينزعجون منه في العلاقة الجسدية، بالإضافة إلى محاولة التجديد وتجربة أشياء مختلفة تسعد الزوجين.
المشاكل الزوجية في بداية الزواج
عادة ما تكثر المشاكل الزوجية في بداية الزواج نتيجة لاختلاف الطباع وتباين الآراء ومحاولة تقبل كل طرف لمسؤولياته وتغير نمط حياته عن المعتاد، وهناك العديد من العوامل الأخرى المؤدية إلى ظهور الخلافات في بداية الزواج ومنها:-
1 – تدخل الأهل في الشؤون الخاصة بالزوج والزوجة، وفي تلك الحالة لا بد على الزوجين وضع حدود تمنع تدخل الأهل في أي شيء يخصهما، ويتفقان على حل خلافاتهما بمفردهما تجنبًا لتضخيم المشاكل، وتلك من أهم الـ نصائح للمقبلين على الزواج والذين لا يزالون في بداية حياتهم الزوجية.
2 – مواجهة صعوبة في إدارة الوقت، حيث يكون كل طرف معتادًا على العيش بمفرده ويملك جميع وقته لنفسه، ولكن الدخول في علاقة زوجية يحتم على كل طرف إعطاء وقت كافِ لشريكه بجانب تنظيم وقت خاص لنفسه ليمارس هواياته أو يستعيد توازنه.
أنواع المشاكل الزوجية وحلولها
على الرغم من أن المشاكل الزوجية في ظاهر الأمر تعد ظاهرة سلبية وغير محببة على الإطلاق إلا أنها أيضا علامة على وجود علاقة صحية وطبيعية، ولكن إذا زاد الأمر عن الحد المسموح ولم يتم التعامل معها بطريقة سوية فإنها تؤثر على صفو الحياة الزوجية وتعكرها ومن الممكن أن تؤدي إلى الطلاق لا قدر الله، وإليكم في نقاط موجزة أهم أنواع المشاكل الزوجية وحلولها :-
– مشاكل في الاهتمامات وطريقة التعبير عن الحب.
– المشاكل المادية بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وتباين ثقافة الإنفاق والادخار.
– الخلافات المتعلقة بتربية الأبناء.
– المشاكل الجنسية بسبب اختلاف الرغبات أو اختلاف التفضيلات.
– المشاكل المتعلقة بالغيرة والثقة بين الشريكين.
حل المشاكل الزوجية
لا يتم حل المشاكل الزوجية بضغطة زر، بل ينبغي أن يكون لدى الشريكين رغبة حقيقية في الحل من أجل الارتقاء بمستوى العلاقة، وفيما يلي أهم النصائح والإرشادات المساعدة على التخلص من الخلافات الزوجية:-
1 ) الابتعاد عن العناد والتعنت بهدف فرض السيطرة فحسب، بل يجدر بالشريكين التفاهم والتحدث بهدوء بغرض الوصول إلى حلول مرضية لكليهما.
2) التغاضي والتغافل عن الأخطاء الصغيرة، وتجنب افتعال المشاجرات طالما أن الأمر لا يستحق ذلك.
3) لا بد من وجود الاحترام بين الزوجين والابتعاد عن أسلوب الإساءة والإهانة مهما كانت الدوافع.
هل يؤثر المجتمع على الحياة الزوجية؟
نعم، لأن الأسرة جزء من المجتمع، فمن الطبيعي أن يتأثر الزوجان بالمعتقدات المجتمعية.
ما هي النصائح التي تقلص من فرصة حدوث المشاكل الزوجية؟
خلق لغة حوار بين الطرفين، والتركيز على الصفات الإيجابية الموجودة في شريك الحياة، بجانب تجربة أشياء جديدة ونشاطات مختلفة مع الشريك بهدف القضاء على الملل وتجديد شغف العلاقة.
متى تكون المشاكل الزوجية علامة حمراء تنذر باقتراب النهاية؟
عندما تكون هناك سلوكيات وأفعال مهينة للكرامة والمشاعر مثل: الخيانة الزوجية، أو عزوف أحد الطرفين عن ممارسة الجنس لفترة طويلة، بالإضافة إلى أنانية أحد الطرفين وترك كامل المسؤولية على الطرف الآخر.
ما مدى تأثير المشاكل الزوجية على الأطفال؟
تؤثر الخلافات الزوجية على الأبناء في حال لم يستطع الأبوان السيطرة عليها وحلها في هدوء، مما قد يترتب عليه أضرار جسيمة مثل: التفكك الأسري.