ابتلاء الله لعبده إنما هو دليل على حبه له، حيث ان الله اذا احب عبدا ابتلاه ، فإذا رضي الإنسان بهذا البلاء وتعامل معه بشكل يرضي الله أرضاه الله عز وجل من فوق سبع سماوات، وإذا سخط واعترض عليه فلا يلومن إلا نفسه، ولا ينتظر خيرًا في الدنيا والآخرة.
ما هو حديث ان الله اذا احب عبدا ابتلاه ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ان الله اذا احب عبدا ابتلاه ليسمع تضرعه”، وهو من الأحاديث الشريفة التي تبين قيمة الابتلاء، وعظم الأجر الذي يناله المسلم عند صبره على هذا البلاء.
فعندما يبتلي الله عز وجل عباده فهذا يؤكد على حبه لهم، وإرادته في أن يمحص قلوبهم، ويغفر ذنوبهم، ويعطيهم من خيري الدنيا والآخرة.
وهذا الحديث يؤكد أيضًا حب الله لسماع تضرع عباده ومناجاتهم له، فالله عز وجل يحب أن يسمع عبده وهو يدعوه، ويطلب حاجته منه.
فلقد جعل الله الدعاء علاقة بينه وبين عبده فلا وسيط بينهما، وأن العبد يمكنه أن يطرق باب الرحمن في أي وقت، حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
وهناك عدد من الأحاديث التي تؤكد على ما جاء في ” حديث إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه ” ، حيث يقول ابو هريرة : (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحب الله قومًا ابتلاهم)، وفي رواية (…. وإذا أحبه الحب البالغ اقتناه لا يترك له مالًا ولا ولدا).
لماذا يبتلي الله عباده؟
عرفنا من حديث ” ان الله اذا احب عبدا ابتلاه ” أن ابتلاء الله لعبده إنما هو من قبيل حبه لهم، ولكن ما الفائدة التي تعود على الإنسان من هذا البلاء حتى يكون سببًا في حب الله له؟ هذا ما سنذكره فيما يلي:
1) البلاء يؤدي إلى تكفير الذنوب والمعاصي والتخلص من السيئات، مما يجعل الإنسان يلقى الله بذنوب قليلة، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من هم، ولا حزن، ولا وصب، ولا نصب، ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه).
2) زيادة حسنات العبد، ورفع درجاته في الدنيا والآخرة، ومما يدل على ذلك أن الأنبياء أشد الناس بلاءً مع أنهم معصومون من الذنوب والخطايا.
3) من الممكن أن يكون البلاء عقابًا من الله تعالى جراء من اقترفه الإنسان من معاصٍ، وإذا عوقب الإنسان في الدنيا على ذنب فإنه لن يُعاقب في الآخرة على نفس الذنب.
4) تمحيص القلوب والتمييز بين الناس، فالبلاء يُبين مدى إيمان العبد وصدقه في عبادته لربه، حيث يقول الله تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).
وما يحدث للعبد من جراء هذا الابتلاء يعود عليه بالنفع في الآخرة، إما بمغفرة الذنوب أو بزيادة الحسنات، وكذلك في الدنيا عبر السكينة التي ينزلها الله على قلبه في حال صبره، وهذا بالطبع يؤكد على حب الله تعالى لمن يبتليه.
كيف يكون الابتلاء نعمة وكيف يكون نقمة؟
يكون الابتلاء نعمة على الإنسان إذا تعامل معه بشكل يرضي الله تعالى، فإذا مرض الإنسان فعليه بالصبر والرضا بما يفعله الله تعالى، وعدم التفوه إلا بـ الكلم الطيب والعبارات التي تدل على تقبله لهذا المرض، وهنا يكون إن الله إذا أحب عبداً ابتلاه بالمرض حقًا.
أما إذا كان هذا الابتلاء يمهد للإنسان فعل المنكرات، والاعتراض على قضاء الله تعالى، حينئذ يكون نقمة على الإنسان في الدنيا عن طريق ترك الله هذا العبد لنفسه فهي كفيلة بإهلاكه، وفي الآخرة عن طريق حسابه من أجل سخطه على الابتلاء.
ابتلاءات الله تعالى للأنبياء
” إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه حديث صحيح “ يدل على قيمة البلاء، وأن الابتلاء ليس للعصاة دون غيرهم بل على العكس يكون أكثر لمن هو أشد إيمانًا.
حيث يُذكر أن سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة قال (سئل النبي صلى الله عليه وسلم أيُّ الناس أشد بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمْثَلُ فالأمثل، يُبتلَى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زِيدَ صلابةً، وإن كان في دينه رقَّةٌ خُفِّف عنه، ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض ما له خطيئة).
وفيما يلي أشد الابتلاءات التي تعرض لها أنبياء الله وصبرهم عليها حتى جاء الفرج من عند الله والتي تؤكد على حديث ” ان الله اذا احب عبدا ابتلاه ” :
أولًا: ابتلاء سيدنا إبراهيم
سيدنا إبراهيم هو أبو الأنبياء وخليل الرحمن، ومنزلته كبيرة عند الله عز وجل، بالإضافة إلى أنه نبي معصوم ومع ذلك تعرض للعديد من الابتلاءات منها الحرمان من الولد فصبر حتى رزقه الله به في كبره.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل أمره ربه بذبح هذا الولد الذي جاء له بعد طول عناء ومع ذلك لم يتردد في طاعة ربه حتى أتاه الفرج من الله عز وجل.
ومن الابتلاءات العظيمة أيضًا التي تعرض لها خليل الرحمن هو إلقاء المشركين له في نار كبيرة لا تبقي ولا تذر، إلا أنه لم يجزع بل ظل على إيمانه بربه حتى نجاه الله منها بمعجزة عظيمة.
ثانيًا: ابتلاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
هو خاتم الأنبياء وحبيب الله عز وجل وأقرب الخلق إليه ومع ذلك يتعرض لابتلاءات عظيمة ومحن جليلة، وأخطر هذه الابتلاءات هو تعرضه للجوع على يد المشركين بعد البعثة النبوية عندما حبسوه في شعاب أبو طالب، وما لقاه من عذاب في رحلته للطائف، بالإضافة إلى الغزوات التي قادها وصبره فيها.
كما تعرض النبي لابتلاء في أولاده، فلقد مات كل أولاده في حياته عدا السيدة فاطمة الزهراء ، ومع ذلك كان الصبر عنوان حياته، وظل حامدًا ربه طوال حياته حتى انتقل إليه.
ثالثًا: ابتلاء سيدنا يعقوب
ابُتلي سيدنا يعقوب في فلذة كبده حيث فقد ولده نبي الله يوسف منذ الصغر، وكان أحب أولاده إليه، وصبر نبي الله يعقوب لمدة تزيد عن 40 عامًا، ولم يفقد أمله وظل يتضرع إلى الله تعالى حتى رد الله له ابنه وهدى أولاده.
هل حديث ( إنَّ اللهَ إذا أحبَّ عبدًا ابتلاهُ الدرر السنية ) حديثًا صحيحًا؟
نعم، هو من الأحاديث الصحيحة التي وردت في رواية الترمذي.
كيف يكون البلاء نافعًا للعبد؟
يكون البلاء نافعًا عندما يتقبله الإنسان ويصبر عليه ويرضى بما قضاه ربه، ولا يتحدث إلا بكلام حسن لا يوجد فيه سخط أو اعتراض.
من هم أشد الناس بلاءً؟
أشد الناس بلاءً هم الأنبياء كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
ما علامات حب الله تعالى لعبده؟
تعد محبة العباد للإنسان وقبوله في الأرض واحدة من أهم علامات حب الله له، بالإضافة إلى صبر العبد على ابتلاء الله.