التحليل الأدبي لمعاناة قصة بائعة الكبريت

بائعة الكبريت

يا الله كم كانت صغيرة ورقيقة وفي غاية الجمال والبراءة! كانت تتراقص في ميادين البشر وسط عواصف هالكة من الرياح والأعاصير العاتية المخيفة تصرخ وتصيح بما لديها من قوة (كبريت .. كبريت)، لكن لم يسمع ندائها البشر وإنما سمعت صرخاتها السماء فأخذتها في أحضانها، نعم إنها هي بائعة الكبريت صغيرة مسكينة رحمتها السماء من البرد والجوع.

رواية بائعة الكبريت

تُعتبر رواية بائعة الكبريت من الروايات القصيرة التي تنقل في سطورها الصغيرة الحقائق المظلمة للواقع الذي نعيش فيه، حاول الشاعر والأديب الدنماركي الشهير هانس كريستيان أندرسن أن ينقل مرارة الحياة الواقعية ومأساة الصغار في حكاية بسيطة جعلت القلب يتنفس وجعًا وأبكت العيون مرارًا وحزنًا.

قام هانس بكتابة قصة بائعة الكبريت التي تتحدث عن وفاة فتاة صغيرة من شدة البرد والجوع وسط مدينة كبيرة قاسية في ليلة عيد الميلاد عام 1854م، ولكن ما إن قام بكتابتها تعرض للنقد الشديد علي الرغم من أنها تحولت إلي فيلم كرتون وانتشر صيتها حول العالم و في كل وسائل الإعلام.

قام النقاد حول العالم بالهجوم علي هانس بشدة معلنين أنه قام بكتابة رواية قاتمة حزينة توجع القلب و تدمي الروح نظرًا لنهايتها المأساوية التعيسة، ولكن هل بائعة الكبريت من وحي الخيال؟ ألا يوجد في العالم ألاف الصغار الذين يموتون يوميًا من الجوع والبرد كما حدث لها تمامًا؟ هل الواقع يخلو من تلك النماذج التي تشبه تلك المسكينة و روميو من عهد الاصدقاء وغيرهم الكثير؟!.

حكاية بائعة الكبريت

 (كانت كالعود طرى تحمل كبريت في السلة، طفلة بل اجمل من طفلة! أحلى من قمر يتدلى في سماء سوداء الطلة)، يحكي كتاب بائعة الكبريت عن معاناة فتاة صغيرة لم يرحمها أحد ولم يشفق العالم علي قلبها الصغير، لم تعلم يومًا معني السعادة في العالم، ظلت طول عمرها الصغير الذي لا يتجاوز بضع سنوات مستيقظة تتجرع الألم ثم غفت بائعة الكبريت علي الراحة والسعادة في جنان واسعة.

تبدأ الرواية في يوم عيد الميلاد المجيد؛ حيث تتساقط السماء بالثلوج ويعم الشوارع البرد القارس وجميع الناس يركضون بسرعة شديدة إلي منازلهم ليحتموا بجدرانها الدافئة من البرد رغم ارتدائهم للملابس الثقيلة.

تظهر في تلك الأجواء فتاة صغيرة يبدو عليها الفقر واضحًا إذ كانت عارية الرأس والقدمين ذات هيئة مزرية وملابس عتيقة ممزقة كانت الفتاة صغيرة بصغر قطع الثلج المتساقطة من السماء، ظهرت الصغيرة وهي تركض من بعض الأطفال الذين يسخرون منها و يقذفونها بالحجارة التي كانت أضخم منها ويقولون لبعضهم:- (انظروا من هناك ؟ إنها بائعة الكبريت القبيحة).

كانت الفتاة تركض في الطرقات وهي تحمل أثقاب الكبريت وتحتضن أحلامها الغارقة بدموعها وصرخاتها التي أضناها التعب الشديد، ظلت بائعة الكبريت تصرخ بكل طاقتها هل يريد أحد منكم الكبريت ؟، لكن لم يهتم أحد لأمرها! ظلت تعلو صوتها حتى أنهكت تمامًا وخفض صوتها الصغير.

أحلام بائعة الكبريت

كانت صغيرتي البائسة عاجزة تمامًا عن العودة لمنزلها لتضمها جدران البيت وتختبئ من الصقيع كما يفعل الجميع، فكيف تفعل ذلك وهي لم تقوم ببيع أثقاب الكبريت ولا تمتلك أي عملات نقدية؟ جلست الفتاة تنظر بخلسة واستحياء علي شبابيك المنازل لتجد النساء يحضرن موائد ضخمة من الطعام الشهي وهي معدتها الصغيرة فارغة تمامًا.

 كانت الفتاة تعاني من البرد والجوع وتشعر بالجرح يتوغل في قلبها كما كانت تشعر بطلة قصة سالي  ،اتجهت فتاتي الصغيرة كحبات المطر إلي ركن بعيد مظلم في الشارع وأخذت تشعل عيدان الكبريت لتدفئ يديها المتجمدتان و بدأت تحلم وتتخيل بعض الأشياء مثل:-

1- رأت الصغيرة أمامها مائدة عظيمة من الطعام أمامها وعندما أقبلت عليها لتأكل منها انطفأ العود واختفت المائدة.

2- سارعت الصغيرة بإشعال عود أخر لتجد أمامها مدفئة فركضت عليها   لتدفئ جسدها النحيل الصغير، ولكن ما إن اقتربت اختفت المدفئة.

3- حلمها الثالث أنها أمسكت باليد الوحيدة التي عطفت عليها في هذا العالم الحقير القاسي، رأت الصغيرة جدتها عند إشعال عود الكبريت الثالث.

بائعة الكبريت

بائعة الكبريت

 كيف ماتت بائعة الكبريت ؟

وجد في تلخيص قصة بائعة الكبريت أن الفتاة عندما رأت جدتها شعرت لأول مرة بالراحة والفرح، صرخت الفتاة في يأس جدتي أغيثيني لا تتركيني! جدتي أرجوكِ خذيني معكِ! جدتي لا تتخلي عني مجددًا أعلم أنكِ ستختفين بمجرد انطفاء العود كما حدث مع مائدة الطعام والمدفئة.

هرولت صغيرتي المسكينة بائعة الكبريت لإشغال ما تبقى من عيدان الكبريت وتشعل المزيد والمزيد خوفًا من ضياع أثر جدتها المتوفيه، ولكن ما حدث أن الجدة اقتربت أكثر من حفيدتها المسكينة البائسة وأمسكت يديها الباردة وكفكفت دموعها الدامية وحضنتها بعمق.

اصطحبتها جدتها إلي السماء وطارتا معًا و تركا العالم و ماتت بائعة الكبريت واعتزلت البرد والجوع ورائها وفجأة ( هدء الصوت وساد الصمت وغفت بائعة الكبريت )، وقال العابرون في اليوم التالي لوفاتها (لقد كانت المسكينة تحاول أنْ تستدفئ).

تحليل قصة بائعة الكبريت

من هول المأساة وشهرتها المرتفعة حول العالم ذهب العديد من النقاد إلي تحليلها أدبيًا ليفسروا ما بها، كما حدث مع قصة سندريلا ؛ولقد تبين معهم أن بائعة الكبريت  عمل أدبي محكم البناء علي الرغم من أحداثه الصغيرة إلا أنه نجح في نقل معاناة الطفلة بشكل رائع رغم بساطته إلا أنه أفجع القلوب، ولقد تبين مع النقاد في تحليل القصة ما يلي:-

1) أولاً القراءة التحليلية للعنوان

لقد كان عنوان بائعة الكبريت مركبًا من كلمتين محلهم الإعرابي مضاف و مضاف إليه، عندما تقرأ العنوان وأنت تجهل رواية بائعة الكبريت ستشعر بالدفء ينبع من قلبك ويعمه الاطمئنان، وهذا نظرًا لأن الكبريت يرمز للدفء، لكن عندما تقرأ القصة ستشعر بالمعاناة والمأساة فبطبيعة الحال أعواد الثقاب لا تكلف الكثير من الأموال.

2) القراءة التحليلية للنص

بمجرد قراءة نص بائعة الكبريت سيتبين معك أن لغة القصة بسيطة جدًا و واضحة لا يوجد بها أي غموض، كما كان سرد القصة قوي يعبر عن مضمونه بطلاقة وكان مشابه لسرد قصة البطة الحزينة، بينما كان الوصف في غاية الدقة وظهر ذلك في كلماته الرقيقة التي تعبر عن المعنى المطلوب بشكل واضح وصريح.

كان حوار بائعة الكبريت علي الرغم من بساطته إلا أنه لمس القلوب بعمق، أكاد أزعم بأنه لا يوجد شخص علي وجه الأرض لم يقرأ هذا الحوار دون أن يمتلئ قلبه بالألم وتغرق عيناه في بحر من الدموع التي لا تنتهي.

هل قصة بائعة الكبريت حقيقية ؟

هناك مجموعة من القراء يتساءلون هل قصة بائعة الكبريت حقيقية ؟ والحقيقة أنها قصة خيالية، ولكن رغم ذلك فهي تنقل الواقع المرير فهناك العديد من الأطفال كبائعة الكبريت وأشد بؤسًا منها.

ما العبرة من قصة بائعة الكبريت ؟

تُعد العبرة من قصة بائعة الكبريت أنها تضع يدينا علي الرحمة والشفقة، كانت قلوب الناس كالحجارة علي فتاة أصغر من حبات المطر لم يرحمها أحد ولم يشفق عليها شخصًا واحد حتى ماتت من شدة الجوع والعطش.

هل كانت نهاية بائعة الكبريت حزينة ؟

يعتقد البعض أن نهاية القصة حزينة، ولكني لا أعتقد ذلك كان مصير الفتاة في النهاية السعادة الأبدية التي لن تنتهي أبدًا فلقد تقابلت مع جدتها التي عطفت عليها وأحبتها و صعدت معها إلي السماء لتشعر بالنعيم والراحة وتنسي الألم والحزن.

ما الهدف من نهاية القصة بموت الفتاة ؟

لقد انتهت قصص اطفال بائعة الكبريت بموت الفتاة لأن الكاتب كان حريص علي أن يجعل السعادة مصيرها، وهذا نظرًا لأنه ينظر إلي الحياة نظرة واقعية فإذا عاشت هذه الصغيرة لن تعيش في رخاء وإنما البؤس سوف يكون مستقبلها، وبالتالي فضل لها الموت عن الحياة.

مواضيع ذات صلة

الأميرة صوفياالاحداث الشيقة لقصة الأميرة صوفيا

البطة القبيحةاكتشف قصة البطة القبيحة التي صارت بجعة جميلة