رحلة الجنيه المصري من الظهور و حتي التعويم

تعويم الجنية المصري

مؤخرا ظهر مفهوم جديد في النطاق الاقتصادي علي مستوي مصر ، لم يكن متدارك قبل ذلك ،  يعرف باسم ” تعويم الجنيه المصري ” ، ذاك المفهوم الذي ظهر لاول مرة في عام 2003  ، بالرغم من كون اول تطبيق حقيقي تم مشاهدته لما يعرف حاليا بتعويم الجنيه ، قد تم في عصر السادات

هذا التعويم الذي جاء كخطر هادر يهدد مكانة و استقرار الاقتصاد المصري بين اقرانها من الدول ؛ فالتعويم بدلا من ان يكون معززا لقيمة الجنيه ، جاء كهادم له ، و هذا يبدوا جليا من قيمة الجنية المصري منذ لحظة ظهوره في ستينات القرن الماضي و حتي يومنا هذا

مسيرة الجنيه المصري

قبل عام 1899  ، لم يكن هنالك اي وجود واقعي للجنيه المصري ؛ فقبل ذلك ، كان التعامل بين الاهالي في مصر يتم من خلال معايير الذهب و الفضة ، و استمر الحال علي تلك الشاكلة ، حتي حدث هبوط حاد في معايير الفضة ؛ فمن يومها تم اختيار الذهب فقط ، كمعيار للتعامل التجاري

و لكن بعد الحرب العالمية الاولي تغيرت الاحوال تماما ، حتي جاء العام الموعود ” 1899  ” ، و شهدنا بالفعل اول ظهور للجنيه المصري

و بعد ذلك في عام  1961  ، تم تكليف البنك المركزي ؛ ليكون هو المسؤول الوحيد عن عملية طباعة و اصدار العملة المصرية المعروفة بالجنيه

و في بداية عهد الجنيه المصري ، كانت قيمته تتعدي قيمة كلا من الجنيه الاسترليني ، و الدولار ، و ايضا الدينا الكويتي ، فكانت فترة الاحتلال البريطاني علي مصر ، هي الفترة التي شهدت الجنيه المصري بقيمة تعادل 0.975  من نظيره الجنيه الاسترليني

و لكن بعد ذلك ، اصبح الجنيه المصري يقارن بالدولار الامريكي ، بعدما انضمت مصر الي الدول المشاركة في صندوق النقد الدولي ، و في تلك المناظرة ، قد فاز الجنيه المصري مرة اخري و لحق بالدولار الامريكي هزيمة ساحقة ، حيث كان الجنيه يساوي 4.1  دولار

و لكن الامور تزعزعت قليلا ، خلال مرحلة الحرب العالمية الثانية ، التي بكل اسف ، خرجت منها مصر بحالة غير مستقرة سواء سياسيا او اقتصاديا ، فكانت بريطانيا تدين مصر بمبلغ  قدره 430  جنيه استرليني ، و الامر لم يتوقف عند هذا الحد ، بل استمر الحال بانخفاض قيمة الجنيه مع دخول مصر في احداث ثورة يوليو الشهيرة ، حتي وصل لما يقارب 2.5  دولار

و استمرت رحلة الهبوط حتي وصلت الي  2.3  دولار ، و كان هذا تقريبا في عام 1962   ، و لكن الحال تغير بعد ذلك ، و بدأ قيمة الجنيه المصري ترتفع مرة اخري ، و تم رصد ذلك الامر عقب الانتصار في حرب 1973  ، ليرتفع الي 2.5  دولار ، و من ثم ظل ثابتا علي قيمته تلك

رحلة هبوط الجنيه المصري

و استمر مستوي الجنيه المصري ثابتا بهذا الشكل ، حتي وصلنا لطليعة عام  1979  ، الذي شهد سياسات الانفتاح العالمية ، و كانت تلك البداية التي لا رجع منها لانخفاض قيمة الجنيه المصري بشكل يثير الدهشة و التحير ، و اصبح يثير ايضا السخرية في يومنا هذا ، الذي بلغ فيه قيمة الدولار الامريكي ما يفوق العشرون جنيها مصريا ، و الريال العماني بات يوازي الان خمسة و ثلاثون جنيها مصريا ؛ ليضحي الجنيه المصري هو اضحوكة الجميع ، بعدما صارت قيمته اقل حتي من قيمة الروبية الخاصة بجزر سيشل

سياسات الانفتاح هي التي مهدت تراجع قيمة الجنيه المصري بقوة ، و خاصة امام نظيره الاسترليني ، و لكن ظل ماء وجهه محفوظا امام الدولار الامريكي

و استمر الحال بالجنيه المصري علي ذاك المنوال ، حتي بدأت خطط الاصلاح الاقتصادي بالظهور علي ارض الواقع في طلائع العقد التسعيني ، التي كانت نتيجتها هو قفز الولار بقوة في سباق العملات ، ليساوي هو جنيها و نصف مصريا

و ارتفاع الدولار استمر منذ ذلك الحين ، حتي وصل الي 3.14  جنيه مصري ، بعدما كان الجنيه في البداية يساوي اربعة دولار ، و لكن بكل اسف ، بسبب السياسة الاقتصادية الفاشلة ، تمكن الدولار من الجنيه المصري بقوة ، و استقر عند قيمة 3.39  جنيه مصري ، تقريبا في عام 1995

و في عام 2002  زاد الدولار بشكل طفيف ، حتي وصل الي  4  جنيه مصري ، و لكن مع ظهور القرارات المتعلقة بتعويم الجنيه الفاشلة ، شهدنا لاول مرة قفزة لا تصدق للدولار الامريكي ، ليصبح يوازي سبعة جنيهات مصرية في عام  2003

و طبعا كان من توابع تلك المصيبة الاقتصادية ؛ انخفاض قيمة الجنيه عن نظرائه من العملات العربية ، التي كان من ضمنهم الريال السعودي ، و كان هذا التراجع المشين يشهده الجنيه المصري لاول مرة منذ لحظة الاعتراف به

float-egyptian-pound

و بعد ذلك شهدت قيمة الجنيه المصري ، بعض التذبذبات الغير مستقرة في صورة ارتفاع طفيف و يلية انخفاض مرة اخري ، ما بين 5.4  الي  5.9 ، و ظل الحال هكذا حتي جائت الثورة العظيمة الشهيرة بالثورة الضاحكة ” ثورة 25  يناير

و تلا تلك الفترة ، انخفاض ملحوظ للجنيه المصري ، حتي وصلت قيمته الي  7.7  امام الدولار الامريكي ، خلال عام  2015  ، و استمر السعر بالانخفاض بهذا المعدل الخطر حتي بلغ قيمة 8.8  امام الدولار في بداية عام  2016

و استمر الانخفاض بشكل مبالغ فيه ، و يقابله بالطبع ارتفاع لا يحتمل لسعر الدولار الامريكي ، حتي وصل بنا الحال الي تعادل الدولار الواحد بما يزيد عن  14  جنيه مصري ، حتي جاء تفاجئنا في صباح يوم 3/11/2016  ، لنشهد القرار الثاني لتعويم الجنيه ، الذي ما شهدنا له نتيجة حتي اليوم ، الا وصول الدولار في البنوك و شركات الصرافة لما يوازي عشرون جنيها مصريا

و بعدما شهدنا تلك الانهيارات الضخمة لقيمة الجنيه المصري بعد كل اعلان عن تعويم الجنيه المصري ، فمن الافضل ان نعرف ماذا يعني تعويم الجنيه ، و كيف كان سببا في تدهور قيمته ، و هل هذا الامر سيرجع بالسلب ام بالايجاب علي حياة المواطن المصري ؟؟؟

المفهوم الاقتصادي لتعويم الجنيه

float-egyptian-pound

كلمة تعويم تعني ” خفض ” ، اي عندما قامت الحكومة المصرية بالاعلان عن قرارها بتعويم الجنيه ، فهي عملت علي خفض قيمته امام العملات الاخري مثل الدولار الامريكي ، و الريال السعودي ، و غيرهما من العملات العالمية

و من نتائج التعويم ، ان سعر الصرف سيكون حرا ، و لا يمكن تقييده بقيمة محددة كالسابق ، و جدير بالذكر ان  قرار التعويم ليس قرارا خاطئا في جميع الحالات ، بل ان التعويم في الاصل يكون لهدف محدد ، و هو تنشيط التجارة المحلية

حيث عندما تنخفض قيمة العملة المحلية ، سيقابلها بلا شك ارتفاع في قيمة العملات الخارجية ، و هذا سيؤدي الي انخفاض سعر المنتجات المحلية ، و ارتفاع سعر المنتجات التي يتم استيرادها من الخارج ، و بهذا الشكل سيلجأ المواطنون الي استخدام المنتجات المحلية و شرائها بدلا من المستوردة ؛ لينتج عن ذلك نشاط معدل التجارة الداخلية ، و رواج السوق المحلي

و لكن عندما يحدث التعويم في بلد مثل مصر ، ليس بها صناعة ، و تعتمد علي استيراد كافة احتياجات المواطنين من مأكل و ملبس و دواء ، و غيرهم من الضروريات اللازمة لاستمرار معيشة المواطن ، من الخارج عبر استخدام العملة الاجنبية التي اقتصرت علي الدولار

فهذا القرار ، سيكون قرارا خاطئا بالطبع ، و يهدد حياة المواطن المصري البسيط قبل الاقتصاد ككل

نتيجة التعويم علي المواطن المصري

المواطن المصري اصبح في حالة دهشة من الارتفاع المفاجئ لاسعار كافة السلع التي يحتاج اليها ، و من ابسطهم السلع الغذائية و الادوية ، حيث تقريبا ارتفعت الاسعار الي الضعف ، او ما يزيد عنه ، حتي صار عاجزا عن توفير تلك الحاجيات لاسرته ، خصوصا مع تدني المرتبات و الخدمات التي يحصل عليها من الدولة

فيا كل مسؤول يمسك بزمام القرارات في مصر …… رفقا بالفقراء

مواضيع ذات صلة

ما هي اسباب قلة النوم التي تسبب الاضطرابات العقلية؟

وصفات لتنعيم الجسم وتبييضهوصفات لتنعيم الجسم وتبييضه