زيارة الأضرحة و التقرب لله بها
من المواضيع الشائكة التي تقابل بالهجوم كثيرا خصوصا من قبل الأشخاص كبار السن الذين تركزت لديهم تلك الفكرة منذ الصغر ، من حيث أن أصحاب الأضرحة أناس صالحين من أولياء الله الذين يختصهم بعلمه و قدرته و أنهم لا يصح مساواتهم بالبشر العاديين ، و يتصعب الأمر عند مناقشة أحد أفراد الطوائف الصوفية التي تؤمن بذلك المذهب ، و تتجلي صورة الأضرحة و الموالد في مصر بشكل كبير علي إمتداد محافظات مصر من شرقها لغربها و من أقصاها لأدناها حيث السيد البدوي و إبراهيم الدسوقي و عبد الرحيم القناوي و المرسي أبو العباس و غيرها .
الفرق بين الضريح و المقام و القبر:
الضريح : هو مشيدة بنائية تبني فوق قبر أحد الناس المشهورين بالصلاح و يشيدها الناس تخليدا لإسمه ، و لا صحة لها في الإسلام ، حيث قال رسول الله ـ صلي الله عليه و سلم ـ لعن الله اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ،و بالتالي يحرم شرعا الصلاة به من أجل الضريح أو التقرب لله بواسطة هؤلاء الناس ، أما عند الإضطرار أو الصلاة لمجرد أنه مسجد لا يقصد به الضريح ، فلا شئ فيه و الله اعلم .
و هذا في حق قبور الأنبياء المكرمين فما بالك بالبشر العاديين ، فلا يصح تخليد ذكراهم بتلك الضرائح ، و كيفيه البناء فوق القبر في حد ذاتها محرمة حيث ذكر عن النبي ـ صلي الله عليه و سلم ـ أنه نهى أن يجصص القبر ، و أن يقعد عليه و أن يبنى عليه ، فهذا تحريم بين فلا يجوز ذلك شرعا .
و بالنسبة للصلاة في الأضرحة هي علي عدة آراء حيث
*الصلاة في الضريح بقصد الضريح نفسه ، ف الصلاة باطلة و يأثم صاحبها .
*الصلاة في الضريح أو في مسجد يحتوي علي ضريح مع العلم بوجوده و ظن أن الصلاة به اعلي درجة فصلاته صحيحة و لكن يأثم لظنه .
*الصلاة في مسجد به ضريح دون قصد ذلك أو العلم به فصلاته صحيحة و لا إثم عليه ، حتي و إن علم و كان مضطر و لا ينوي غير صلاة الفرض دون النظر لمكان أو غيره فلا شئ عليه .
المقام : تشيييد معماري شبه الضريح و لكن غالبا لا يحتوي علي قبر داخله ، فيكون مجرد بناء يحمل اسم احد الناس تشييدا بكراماته و اسمه ، يقوم الناس يزيارته و الصلاة بجواره ، و يبني في مكان أشتهر ذلك الشخص بالإقامة به أو التردد عليه و غالبا ما يكون المقام زاوية من مسجد أو مدرسة دينية تحمل نفس أسم صاحب المقام الذي بناه أو أمر ببناءه ، و يختلف في مشروعية زيارته و غالبا عند خلوه من القبر يعتبر ك مسجد عادي و لا شئ في الصلاة فيه الا عند التلميس علي المقام و الدعاء ب أسماء الاولياء و غيرهم تقربا لله فإن تلك من البدع المحرمة شرعا .
القبر : هو ذلك المكان المخصص لدفن الموتي ، و يكون علي شكل مستطيل يسمح و يتسع لجثمان المتوفي ، و يأخذ غالبا عمق مترين تحت الأرض و ما يقرب من شبر فوق الأرض ، لتمييز تلك البقعه و مراعاة حرمتها و تخصيصها للقبور .
و زيارته مشروعة في الإسلام لإدخال السرور علي الميت و الإتعاظ من تلك هي دياره دون مال و لا أهل و لا يبقي إلا عملك ، و مشروعية ذلك متفق عليها ما لم يفعل الزائر ما يأثم عليه أو يضر الميت .
و علي وجه العموم ، الدعاء بأسماء الأولياء أو غيرهم تقربا لله محرم شرعا و يعتبر من مراتب الشرك ، حيث انه لا واسطه بين العبد و ربه و لا يشفع أحد لأحد إلا أمر الله في ذلك علي وجع الإكرام لا الشفاعة ، ك إكرام الأم لإحسانها لأوادها أو إحسان الفرد لوالديه فتكون واسطة لدخول الجنه و لكن بقانون الهي عادل لا يسمح به و لا يعلم حكمته الا الله ـ سبحانه و تعالي ـ .
و الأضرحة أزلية الوجود منذ الحضارات الفرعونية القديمة و منها الأهرامات علي سبيل المثال ، فكانو يبنون تلك الأبنية لدفن ملوكهم و تشييد أسمائهم و غالبا ما كانت تدفن كنوزهم معهم اعتقادا في حياة البعث و الخلود بعد الموت و العودة للأرض علي ماهي عليه .
عرف المسلمون تلك البدعة عن طريق الفرس و الهنود و غيرهم عند اختلاط الثقافات و دخول بلاد كثيرة في الإسلام ، و انتشرت الفكرة في مصر بشكل كبير و بطبع الشعب المصري الطيب تقبلها بالترحاب و التقديس و الكثيرين لا يتقبلون فكرة حرمتها ، من حيث الصلاة بجوار القبور و التمسح بجدران المقامات و الأضرحة للتبرك بها و الدعاء بأسماء الأولياء ظنا منهم أن ذلك يجعل الدعوة مقبولة .
الموالد
لا يخفي علي المصريين مراسم الموالد و ما حدث بها من بدع و خرافات لا أصل لها في الدين ، و التي ينفق فيها أموال طائلة و الأولي إنفاق تلك الأموال في سبيل الله إذا كانت فائضة عن حاجتك ، لأنها لا و لن تنفع أحد و قد تعتبر من أوجه الإسراف و التبذير ، علاوة علي جبال الذنوب التي تجنيها دون أن تدري و الأكبر ذنبا عند علمك و إصرارك علي الذنب .
حيث تقام حلقات الذكر الجماعية و تدق الطبول و يكثر المداحين الذين يأتي لهم الناس من كل بلد ، و التمايل معهم علي أنغام المدائح و المنشدين ، و تباع ألعاب الأطفال و الحلوي التي تنتشر بشكل كبير و يشتريها الناس كنوع من طقوس الموالد .
فحلقات الذكر لم يقصرها الله علي الأضرحة و المقامات بل إن أرض الله كلها طاهرة و الذكر لا مكان محدد لها ، كما أن الصلاة تجوز في أي مكان يصلح لها ، فما يدعوك للصلاة فوق قبر و تصديق تلك الخرافات من الإستجابة و الشفاعات ، و بالطبع لا علاقة لأصل الموالد بتلك المظاهر التي نراها الآن من الألعاب الترفيهية و النارية و الحلوي و أنواع الطعام و الشوادر التي تقام لعدة أيام ، و عادة ما يترك زوار تلك الموالد بيوتهم و يأتون لصنع خيام جوار المقام أو الضريح ، لممارسة طقوس و مراسم المولد فيما يعرف ب ظاهرة عمار المقام أو الضريح و التي لا أساس و لا أدني صحة لها بالدين و الأفضل تركها و التوبة منها .
حكم زيارة الموالد
الكثير من الناس تزور الموالد بقصد الترفيه و قصد الألعاب و جلسات الذكر فقط دون نية احياء مراسم مولد ولي أو شيخ ، و الله اعلم أن ذلك ليس به شئ و لكن الاولي تركه و الترفيه و الذكر في مكان آخر في غير شبهة دينية .
[ش.ح.الشوربجي]