لطالما كانت الامتحانات شبحاً يدب الرعب في قلبي و يثير الذعر في نفسي و يسلبني لذة الاستمتاع بكل رفاهيات الحياة, و لولا مواظبتي على ترديد دعاء قبل الامتحان لكنت في عداد مَن جن جنونهم و طار لبهم فهذا الكم الهائل من المعلومات لا تتحمله فصوص مخي المنهكة, إلا أنني كنت أثق دوماً بوجود قوة إلهية تفوق قوة ذاكرتي و تدعم قواي الخائرة, إنها قوة التوفيق, بل هبة و منحة التوفيق الإلهي التي لا نساوي شيئاً بدونها.
كانت تستوقفني كثيراً فكرة أن هناك مَن ينكر وجود إله لهذا الكون و يجحد كل الشرائع السماوية, لم أكن أفكر في مصيره يوم البعث بقدر ما كنت أفكر في حياته التي لا يؤمن بوجود مدبر لها, كيف يطيقها و كيف يتجاوز عثراتها و كيف يتخطى محنها – كمحنة الامتحانات على أقل تقدير – دون أن يتسرب إليه شعور دافئ بأن هناك مَن يسانده و يعاضده و يقف إلى جواره و يزوده بالمدد في أحلك المواقف و ينتشله من قاع البؤس و الضياع !
إنها حقاً فكرة مرعبة جداً أن يعيش الإنسان بشعور أنه يحيا على متن سفينة تمخر عباب البحر و تواجه أمواجه المتلاطمة دون ربان يتحكم في مقاليدها, فالحمد لله على نعمة الإسلام و نعمة استشعار آية ((و نحن أقرب إليه من حبل الوريد)), الحمد لله على نعمة الدعاء الذي نلوذ به كسلاح لا يُقهر عند مجابهة مصاعب الحياة.
ما هي آداب قراءة دعاء قبل الامتحان ؟
يجدر بنا قبل الاستهلال في قراءة أي دعاء سواء دعاء قبل الامتحان أو غيره من الأدعية المشروعة الأخرى أن نلتزم بجُملة من الآداب لا من أجل ضمان الاستجابة و لكن مخاطبة الذات الإلهية يفرض علينا التأدب و الحياء, فإن كنا نرتدي ثوب الأدب و الاحترام التام عند إقبالنا على طلب خدمة من المخلوق الضعيف فمن باب أولى أن نفعل ذلك مع الخالق المتعال و أن نتوخى الحذر من الوقوع في أي إساءة.
و من أبرز الآداب المستساغة عند قراءة دعاء الاختبارات ما يلي:-
1) الوضوء و استقبال القبلة قبل قراءة دعاء الاختبارات :
أحد أبرز الآداب التي يستحب للطالب أن يتبعها قبل أن يقرأ دعاء النجاح و التوفيق هي أدب الوضوء و استقبال القبلة كما يفعل للصلاة, فالصلاة في الأصل هي الدعاء حتى أننا نقول باللغة الإنجليزية عندما نوصي أحدهم بأن يدعو لنا ((Pray for me)) و ترجمتها الحرفية ((صِّل من أجلي)) ! لذا كان من المستحب عند الدعاء أن نفعل ما نفعله استعداداً للصلاة.
و من الأدلة الجلية التي تبرهن على مشروعية ذلك ما فعله النبي المختار يوم غزوة بدر, فعندما رأى غزارة جيش المشركين نظير ضآلة جيش المسلمين ولى وجهه شطر القبلة و مد يديه داعياً الله أن ينجز وعده.
2) حمد الله و الثناء عليه قبل قراءة دعاء النجاح :
تشمل آداب قراءة دعاء قبل الامتحان أيضاً الاستهلال بحمد الله و الثناء عليه مع تخير أحسن الألفاظ و أنبلها و أجمل الصفات و أكملها بما يليق مع ذات الله, فقد أوصانا نبينا عليه الصلاة و السلام بأن نستهل دعاؤنا بتحميد الله و الثناء عليه و الصلاة على رسوله و من ثم نبتهل إلى الله بما نشاء من الدعاء.
3) الصلاة على النبي من آداب دعاء قبل الامتحان :
بعد أن نحمد الله و نثني عليه حري بنا أن نصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل أن نبدأ في سرد دعاء الاختبارات أو غيره من الأدعية الأخرى فذلك أرجى للإجابة, و للصلاة على النبي عند الدعاء ثلاثة مواضع أولها بعد الحمد و الثناء و ثانيها في وسط الدعاء و آخرها بعد الانتهاء.
4) التوبة و الإقرار بالذنب :
لا شك أن بعض الذنوب تحول دون استجابة الدعاء, لذا كان من أهم آداب دعاء قبل الامتحان و أسباب قبوله التوبة الخالصة إلى الله تعالى و الإقرار بالذنوب المقترفة فهذا من شيم الأنبياء و مما أرشدنا إليه رسولنا عليه السلام, و قد روى لنا القرآن الكريم على لسان آدم و موسى و يونس عليهم السلام قول ((ربنا ظلمنا أنفسنا)) و ((رب إني ظلمت نفسي)) و ((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)) و هو دعاء ذا النون الشهير المفرج للكربات.
5) رفع اليدين عند قراءة دعاء قبل الامتحان :
لأن الله حيي كريم يستحي أن يرد أيدي عباده إذا رُفعت إليه كان من المندوب أن يرفع الطالب يديه عند ترديد دعاء الامتحان, فرفع اليدين إشارة إلى كمال الخضوع و التذلل و الافتقار إلى الله تعالى و دلالة على شدة الحاجة كرفع الناس أيديهم عند الاستسقاء طلباً لشدة حاجتهم إلى السقيا بعد الجدب, و قد كان الصحابة رضوان الله عليهم يرون بياض إبطي النبي صلى الله عليه و سلم أثناء رفع يديه عند الدعاء.
6) الإلحاح في دعاء النجاح :
يعتبر الإلحاح واحداً من الآداب التي تبرهن على صدق الداعي, لذا ينبغي على الطالب أن يلح في ترديد دعاء النجاح و أن يلزمه و يواظب عليه باستمرار طوال فترة أداء الامتحانات دون يأس أو ملل مع مراعاة دعاء الله بأسمائه و صفاته و تأكيد ألوهيته و ربوبيته.
7) عدم رفع الصوت عند قراءة دعاء الاختبارات :
لا ريب في أن خفض الصوت عند قراءة دعاء قبل الامتحان من الآداب المستحبة التي تشي بالإخلاص و الخشوع و التضرع و تبرهن على حضور القلب وذلك لأن القلب إذا حضر استشعر قرب الله فيصبح الداعي في غنى عن رفع صوته, ناهيك عن أن خفض الصوت بالدعاء يعين على الاستمرار في الطلب و السؤال في كل وقت و حين.
و بالإضافة إلى كل ما سلف ذكره تتضمن آداب الدعاء أيضاً رد المظالم إلى ذويها و تكرار الدعاء ثلاث مرات و التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة التي قام بها الداعي مع مراعاة عدم السجع و التكلف, إلى جانب الابتعاد عن اقتراف المعاصي و مجانبة الدعاء بالإثم و قطيعة الأرحام, فالكثير منا يعتدي في دعائه و يتجاوز حدود الأدب مع الله وذلك من خلال القيام بما يلي:-
أ- الإلحاد في أسماء الله و صفاته أي إسناد أسماء و صفات لله لم يثبتها لنفسه أو يثبتها له رسوله.
ب- نسبة السوء و الشر إلى الله تعالى.
ج- مخاطبة الله سبحانه و تعالى كمخاطبة البشر دون تعظيم.
د- سؤال الله عز و جل القدرة على اقتراف المعصية كأن يسأل الطالب الله أن ييسر له سبل الغش ! فهذا بالطبع مما يتنافى مع أدب دعاء قبل الامتحان بل هو إساءة أدب مع الله.
هـ- المبالغة في رفع الصوت و تعمد سجع الكلمات.
ما هو دعاء الاختبارات ؟
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحمل هم الدعاء لا هم الإجابة, فإن ألهمه الله الدعاء استبشر خيراً و علم بأن الإجابة ستأتي معه, و لأن ألسنتنا في الكثير من الأحيان تعجز عن صياغة الدعاء قمنا بجمع باقة من الأدعية المعينة على الحفظ و الفهم و الاستذكار حتى يتسنى للطلاب أن يستعينوا بها خلال فترة عقد الامتحانات كي يطلبوا المدد و العون و التوفيق من الله.
1) دعاء الاختبارات لتيسير الحفظ :
يواجه العديد من الطلاب مشكلة كبيرة في حفظ المقررات الدراسية, لذا ينبغي عليهم أن يسألوا الله أن يهبهم سرعة الحفظ و أن يبارك في وقتهم و جهدهم و يرزقهم التوفيق و التيسير و أن يكرمهم بنور البصيرة و ألا يضيع مجهودهم سدى, كما ينبغي عليهم الدعاء بقوة الحافظة و اتقاد الذهن و علو الهمة و البعد عن التشتت و النسيان.
2) دعاء قبل الامتحان لتيسير الفهم :
لا شك أن الفهم و الذكاء هبه من هبات الله التي يحظى بها العباد بمقادير متفاوتة, و الطالب الفطن مَن يتقرب إلى الله بقراءة دعاء قبل الامتحان كي يستعين بالله و يتقوى به على فهم ما استغلق عليه من المعلومات كأن يقول ((اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً و أنت تجعل الحزن إن شئت سهلاً)) أو ((اللهم اشرح لي صدري و يسر لي أمري و احلل عقدةً من لساني و اهدني و ارضَ عني)).
بالإضافة إلى قول ((اللهم يا معلم إبراهيم علمني و يا مفهم سليمان فهمني)) و أيضاً قول ((اللهم ارزقني سهولة الفهم و قوته و لا تصعب عليَّ أمراً و لا تعقد عليَّ مسألة)) وكذلك ((اللهم امنن عليَّ بسهولة الفهم و حسن الاستيعاب و قوة التركيز)).
3) دعاء تثبيت المعلومة :
لا ريب أن القلق و التوتر الذي يعاني منه الطلاب أثناء فترة الامتحانات يؤدي إلى التشتت و النسيان و انخفاض التركيز و هو ما يتسبب في عدم القدرة على تثبيت المعلومات إذ سرعان ما تجحدها الذاكرة و كأن جسداً لم يسهر و عيناً لم تجحظ طيلة الليل و عقلاً لم يتجرع الدروس, و يمكن التغلب على هذا الأمر من خلال اللجوء إلى الله و الاستعاذة من التشتت و ضعف التركيز و نسيان المعلومات و تفلتها.
كما ينبغي على الطلاب أن يسألوا الله القدرة على استحضار المعلومات عند الحاجة إليها و العون على تثبيتها في الصدر و الهداية للرشد و الصلاح و الفلاح.
ما أهم النصائح قبل أداء الامتحانات ؟
بالطبع لا ينبغي للطالب أن يعتمد على ترديد دعاء قبل الامتحان دون أن يأخذ بالأسباب المعينة على اجتياز الاختبارات بتفوق و نجاح فهذا نوع من التواكل لا التوكل و قد نهانا ديننا الحنيف عن ذلك, و في الهدي النبوي نجد حفنة من الوصايا في هذا الصدد حيث قال رسولنا الكريم ((اعقلها و توكل)) و قال أيضاً ((استعن بالله و لا تعجز)).
و من أهم النصائح المثمرة التي يجدر بطالب العلم أن يتبعها أثناء فترة الامتحانات لضمان الحصول على أفضل النتائج ما يلي:-
1) الجاهزية للامتحانات و الاستعداد لها قبل استهلالها بوقتٍ كافٍ و عدم التسويف في الدراسة حتى مجيء وقت الامتحان و من ثم التعرض للضغط.
2) تخصيص مكان للدراسة يتسم بالراحة و الهدوء و النظام و الإضاءة الجيدة مع مراعاة وضع كل وسائل التسلية و الإلهاء في مكان بعيد عن متناول اليد.
3) محاولة الإحاطة بأكبر عدد ممكن من الامتحانات السابقة و الإجابة عن الأسئلة الواردة فيها تجنباً للمفاجآت الباعثة على القلق و التوتر.
4) شرح فحوى المواد الدراسية للإخوة أو الوالدين أو الأصدقاء لترتيب الأفكار بطريقة سليمة و تثبيتها في العقل بصورة واضحة.
5) الفصل بين جلسة الدراسة و الجلسة الأخرى باستراحة قصيرة لا تزيد عن عشر دقائق و مكافأة النفس بالتهام وجبة خفيفة.
ما أهمية قراءة دعاء قبل الامتحان ؟
عند قراءة دعاء قبل الامتحان يحصد الداعي فوائد جمة ومنها التوفيق في معركة الامتحانات و فتح أبواب الخير و تكفير الخطايا و رفع الدرجات و نيل الأجر و خشوع القلب و تحقيق مفهوم التوكل على الله.
ما أبرز أسباب عدم قبول الدعاء ؟
من أبرز موانع إجابة الدعاء أكل المال الحرام و الجرأة على ارتكاب المعاصي و الآثام و تعجل الإجابة و دعاء غير الله مع الله و الدعاء بإثم و عدم القيام بواجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
ما أوقات استجابة الدعاء ؟
ينبغي على الطلاب أن يتحروا أوقات الإجابة لترديد دعاء قبل الامتحان فمن هذه الأوقات عند النداء و بين الأذان و الإقامة و ساعات الليل و عند السجود و يوم الجمعة و دبر الصلوات المكتوبة و قبل التسليم.
ما حكم الغش في الامتحانات ؟
أجمع علماء و شيوخ الأمة على تحريم الغش أثناء أداء الامتحانات بل و عدوه من كبائر الذنوب لبراءة النبي من أهل الغش, فالغش تدليس و خيانة و يترتب عليه مفاسد عظيمة كون فاعله يحصل على درجة لا يستحقها و يحصد شهادة غير جدير بها.