“إني لأرثى لحال هؤلاء البشر الذين يعيشون خارج قضبان السجن ولم تتسنّ لهم الفرصة ليعرفوا القيمة الحقيقية للحياة”؛ كانت هذه الكلمات المؤلمة التي تخبرنا من خلالها رواية السجينة كيف يكون إحساس السجين داخل قلاع الحبس؟ وكيف يكون شعور الفرد ما إن فقد حريته الثمينة وخاصة إذا كان يعيش حياة الملوك؟
ما هي رواية السجينة ؟
تعد رواية السجينة من الروايات الواقعية والمؤلمة جدًا، حيث أنها تنقل لنا السيرة الذاتية لحياة مليكة أوفقير، وهي كاتبة مغربية وابنة القائد محمد اوفقير؛ولقد انقلبت حياتها رأسًا علي عقب فور انضمام والدها إلي الانقلاب العسكري الفاشل عام 1972م.
تحولت حياة مليكة وكامل أسرتها تمامًا بعد محاولة والدها لقتل الملك الحسن الثاني إلي جحيم تام، حيث أصبحت جدران الزنزانة تحتضنها بعدما كانت تحتضنها قلاع القصور، ومن بين جدران الحبس الباردة والمظلمة تم إنشاء هذه الرواية المأساوية التى سوف نتناولها في هذا المقال بالتفصيل.
ملخص رواية السجينة وكيف واجهت مليكة السجن؟
تم تصنيف هذه الرواية ضمن أدب السجون، حيث أن كانت مرارة الحبس وانعدام الحرية وكم الذل والهوان الذي تعرضت له مليكة مع باقي أفراد أسرتها ما أدى إلي ميلاد هذا النص الأدبي المميز، ولكن من هول ما تعرضت له الكاتبة وأفراد أسرتها داخل السجن، وبالنظر إلي كم الألم والمعاناة الموجودة بالرواية اعتقد البعض بأنها تكذب في بعض الأشياء.
يخبرنا الكتاب عن حياة مليكة وأسرتها التي كانت علي صلة وثيقة بالملك وعائلته، فلقد كانوا دائمًا ما يترددون علي البلاط الملكي بصورة مستمرة، ونظرًا لهذه العلاقة الوثيقة أصبحت ابنة الملك و مليكة ابنة الجنرال مقربتان جدًا، وعليه طلب الملك أن يبقى مليكة داخل القصر لتكون بجانب ابنته.
تنقل لنا رواية السجينة كيف عاشت مليكة حياة الأميرات داخل القصر الملكي وكم الترف والنعيم التي عاشت فيه علي مدار 11 عامًا، ولكن تم تحطيم هذه الحياة المرفهة وشهدت مليكة و كامل أسرتها كافة صنوف العذاب؛ حيث قتل والدها وتعرضوا إلي أصعب أنواع الاضطهاد والفجع والمرض والجوع والسجن طوال 20 عام.
تم الحكم علي آل محمد اوفقير في بداية الأمر بتحديد الاقامة داخل منازلهم لا يغادرون منها أبدًا، وبعد ذلك تم حبسهم داخل الزنازين الانفرادية وامتنع عنهم زيارة بعضهم البعض لسنوات طويلة، كما تم سحب كل أنواع التسلية والترفية من بين أيديهم من كتب و مذياع.
وكان يقدم لهم الأطعمة الرديئة؛ ولقد أخبرتنا الكاتبة عن الجوع في الرواية ” تباً للجوع و سحقاً له! كم يذل الإنسان و يحط من قدره، إنه ينسيك أهلك، و عائلتك ، و أصدقاءك ، و يجرّدك من كل قيمك و مبادئك ، و ينتزع منك كرامتك وإنسانيتك ، إذ يحولك إلى وحش بشري لا يأتمر إلا بغريزته.”
ولكن من كثرة شدة الظلم والضيق اتفق الأخوة علي الهروب؛ وبالفعل في الموعد المحدد وبعد 20 عام من التعرض لكل أنواع العذاب نجحوا في الهروب من الزنزانة المظلمة عن طريق حفر خندق؛ وذلك من خلال استخدام الملاعق وأغطية علب السردين.
عند خروجهم من السجن كانوا في حالة لا يرثي لها كأنهم خارجين من العصور الوسطي، فلقد انعزلوا عن العالم أكثر من عشرين عام، ولكن فور خروجهم تم الكشف عن قصتهم وتمت إذاعتها في كل وسائل الإعلام.
الجدير بالذكر أن مليكة اوفقير لم تعد تؤمن الإسلام نظرًا لسنوات حبسها الطويل وما مرت به، فازداد إيمانها بمريم العذراء اعتقادًا منها بأنها الوحيدة القادرة علي تخليصها من هذا الواقع الأليم الذي تعيش فيه، ومع مرور الوقت اعتنقت المسيحية هي وأشقائها، بينما استمرت أمها محافظة علي الدين الإسلام.
ما هي طبيعة كتاب السجينة؟
مما لا شك فيه أن الكتاب يحمل الكثير من المأساويات والرغبة في العودة إلي الماضي والحنين الشديد لحياة الترف والعز التي كانت تعيشه مليكة وأسرتها في الماضي، كما كان يشعرون بالتخوفات الكثيرة من الجوع و التعرض للأذى أو العقاب من السجان وخشية المرض.
يظهر العودة للحنين في أقاويل الكاتبة داخل رواية السجينة حيث تقول؛ ” عشت قصة خيالية بالمقلوب، الأميرة التي كنتها تحولت بالعنف إلى سندريلا تدريجيًا”، لم تكن تدرك مليكة في أغلب الأوقات كيف انهار عالمها وتحولت حياتها بهذه الطريقة.
تقوم الكاتبة بوصف الحياة داخل القصر الملكي بصورة دائمة، كيف كانت تعيش كالأميرات؟ كيف كانت الأعياد والاحتفالات لا تنقطع أبدًا من هذا القصر الكبير؟ كيف كانت تعيش كل يوم مغامرة جديدة ومميزة؟ كما تنقل لنا أيضًا مدى شجاعتها واقدامها فترة صباها داخل جدران القصر.
كما توضح لنا كاتبة رواية السجينة بأنها كانت تشعر بالغربة والوحدة داخل قلاع القصر أيضًا، فكيف لها أن تشعر بالأمان وهي بعيدة عن كنف أسرتها؟! ثم تنقلنا إلي عالمها الجديد والقاسي داخل جدران السجن القاسية المحيطة بها.
شعرت الفتاة بمرارة اليتم وقسوته مرتين؛ فكانت الأولي عندما قتل أبوها علي يد رجال الدولة، والثانية عندما تحاول أبيها بالتبني إلي جلاد يقسو عليها ويبرحها ضربًا، وكيف تحول القصر الكبير من حولها إلي زنزانة معدومة من الحنان والرحمة وتفتقر لوجود الحرية، ودائمًا ما كانت تردد ” ما ذنب الصغار حتى يؤخذوا بجريمة الكبار”؟!.
ما سبب وراء شهرة السجينة ؟
لقد سبق وذكرنا أن رواية السجينة عبارة عن سيرة ذاتية لحياة مليكة اوفقير، حيث يتناول كل تفاصيل حياتها وما مرت به داخل من عذاب داخل أبواب السجن الطويلة، وعادة ما نجد إقبال شديد من القراء علي هذا النمط الأدبي، حيث أنه يمتلك الكثير من المزايا التي يبحث عنها القارئ وهي ما يلي:-
1- القصة واقعية بنسبة كبيرة جدًا وتفتكر إلي وجود إبداع من الكاتب.
2- استخلاص العبر والدروس المستفادة من حياة صاحبها.
ولعل من أهم الأشياء التي كان لها دور كبير في شهرة هذه الرواية هو؛ صعوبة وصف الظلم والمأساة التي تتعلق بأمر السجن المطمور تحت الأرض، وكيف تحملت هذه العائلة التي عاشت سنين عمرها في البذخ والنعيم.
كان من الصعب توقع كم المأساة التي عاشتها هذه العائلة علي يد السلطة العربية التي نالت منهم دون أن يرتكبوا اي جريمة؛ كما أن الجميع يدرك أن حكام البلدان العربية معتادون علي البطش في سبيل الحفاظ علي النظام ومناصبهم، حتى أنهم قد يرتكبون الجرائم و يقومون بتجويع الناس وترهيبهم كما حدث مع كاتبة رواية السجينة و أسرتها.
من كاتب مؤلف السجينة ؟
كتاب السجينة هو مأخوذ عن قصة حياة الكاتبة مليكة اوفقير داخل، ولقد قامت بكتابتها بنفسها وذلك بالتعاون مع الكاتبة ميشال فيتوسي.
ما هي الأسماء التي اشتهرت بها الرواية؟
لقد تم كتابة الرواية في أول الأمر باسم حياة مسروقة؛ ولكنه ترجم إلي الكثير من اللغات وكانت النسخة الفرنسية باسم السجينة.
كيفية تحميل الكتاب علي الهاتف المحمول؟
يمكنك الحصول علي نسخة مجانية من الكتاب pdf تتمكن من قراءتها في أي وقت من خلال تحميله من علي تطبيق Google play.
لماذا اعتبر البعض أن الرواية تحمل الأكاذيب؟
نظرًا لكم المأساة والعذاب التي تعرضت له مليكة وأسرتها علي يد الحاكم داخل السجن اعتقد بعض النقاد أنها لا تعبر عن الحقائق، ولكن قال البعض الآخر أن الحكام يتوحشون عندما تتعرض مناصبهم للخطر.