لله رجال طلقوا الدنيا وعرفوا أنها لن تدوم لأحد، فعاشوا فيها كعابري سبيل يرجون رحمة ربهم ويخشون عقابه، ومن هؤلاء الرجال سعيد بن زيد الذي سرعان ما آمن بالله ورسوله بمجرد معرفته بنزول الوحي على النبي، فكان بذلك من أوائل المسلمين وممن بشروا بجنة عرضها السموات والأرض، فظل على إسلامه حتى لقي ربه لا يشرك به أحدًا فهنيئًا له.
من هو سعيد بن زيد ؟
هو واحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه هو سَعِيد بن زَيْد بن عَمْرو بن نُفَيل بن عبد العُزَّى بن رِيَاح بن عبد اللّه بن قُرْط بن رِزاح بن عَدِيّ بن كَعْب بن لُؤَي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وأمه هي فاطمة بنت بَعْجَة بن أُميّة بن خُويلد بن خالد بن المعمّر وإلى خزاعة تنتمي.
وقد ولد سعيد قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ببضع سنوات، وهو ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته فاطمة بنت الخطاب.
وقد أسلم مبكرًا حيث كان من أوائل المسلمين مع ابو بكر الصديق وعثمان وغيرهم، وكان ذلك قبل أن يدخل المسلمون دار الأرقم بن الأرقم، وقد أسلمت زوجته معه، وجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكون كلمة الله هي العليا في كل الغزوات عدا غزوة بدر، وتوفي بعد أن أدى حق الله تعالى في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
علاقة والد سعيد بإسلامه
كان أبو سعيد من القلائل الذين لم يسجدوا لصنم في الجاهلية، فكان يحمل من اليقين ما جعله يبحث عن الدين الحق قبل بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث سافر زيد بن عمرو إلى الشام ليبحث عن الدين الحق الذي يجب أن يتبعه، فقابل حبرًا من اليهود فسأله عن دينه فقال له لا بد من أن تنال غضبًا من الله أولًا، فرد عليه بأنه يهرب من غضب الله تعالى وأنه لا طاقة له بعذاب الله عز وجل، فدله اليهودي على دين إبراهيم وأنه كان حنيفًا.
وعندما قابل عالمًا من النصارى قال له مثل ما قاله له اليهودي ودله هو الآخر على الدين الإبراهيمي، فلجأ إلى ربه عز وجل وقال له “اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم”، فظل موحدًا بربه حتى لقيه وهو على هذا الحال.
وكان زيد لا يتبع دين عرب مكة في ذلك الوقت ولا يسير على خطاهم، حيث إنه كان لا يقتل المولودة ولا يسجد للأصنام ولا يأكل مما لا يذكر اسم الله عليه، فنشأ ابنه في بيئة يسودها الإيمان بالله قبل البعثة النبوية، فرأى أبيه لا يسجد للأصنام ويعبد الله تعالى، لذلك كان من أوائل الذين دخلوا في الإسلام عند بعثة الرسول.
سعيد بن زيد سببًا لعز الإسلام
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم “اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك، أبي الحكم بن هشام، وعمر بن الخطاب”، وقد كان سعيد بن زيد سببًا في عز الإسلام لأنه كان سببًا في إسلام عمر بن الخطاب.
وتبدأ قصة عمر بن الخطاب وإسلامه برغبته في قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب إليه شاهرًا سيفه، وعندما سأله واحد من العرب عن وجهته فأخبره بأنه سيقتل محمدًا، فنهاه الرجل عن فعل ذلك وقال له أترى عبد مناف تاركيك تسير على الأرض وقد قتلت محمدًا، ثم أخبره بأنه أخته وزوجها سعيد بن زيد قد أسلما وعليه أن يتعامل معهما أولًا قبل أن يذهب إلى النبي.
فذهب بن الخطاب إليهما وقد استشاط غضبًا من كلام الرجل، وعندما دق الباب عليهما وجد عندهما خباب بن الأرث يقرأ عليهما القرآن فضرب أخته وكذلك زوجها، ولكن سعيد قال له إنه أسلم وأنه لن يتراجع عن هذا الأمر مهما حدث، وكذلك قالت له أخته، فهدأ بعد ذلك وأراد أن يقرأ القرآن ولكن أخته رفضت فأمرها زوجها بأن تعطي له الصحيفة، فقرأها عمر فلان قلبه وأسلم، فكان يوم عز للإسلام والمسلمين.
سعيد بن زيد في عهد رسول الله
بدأ إسلام سعيد بن زيد في السر خوفًا من أذى قريش وخاصة عمر بن الخطاب، إلا أن بعد إسلام عمر أعلن إسلامه، ويذكر أن سعيد لم يهاجر مع المسلمين إلى الحبشة، وذلك لأنه كان من سادات قريش فلم ينله العذاب مثل المستضعفين من المسلمين، إلا أنه هاجر الهجرة الثانية إلى مدينة رسول الله، حيث هاجر علانية مع سيدنا عمر، وقد آخى الرسول بينه وبين رافع بن مالك.
وبعد أن أتم الله الإقامة للمسلمين في المدينة، وبدأ المسلمون الجهاد في سبيل الله، شهد زيد كل الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا غزوة بدر، حيث أرسله الرسول مع طلحة بن عبيد الله في سرية ليعرفا أخبار قافلة قريش إلى الشام، فامتثلا الأمر إلا أنهما لم يشهدا بدرًا حيث إنهما لم يعلما بوقوع الغزوة إلا بعد خروج النبي وأصحابه إلى بدر، ولكن النبي كان قد ضرب لسعيد بسهم وأخبره بحصوله على أجر هذه الغزوة.
جهاده في عهد الخلافة الراشدة
انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى وظل هو على إيمانه بربه، ومرت حياته على النحو التالي:
1ـ بعد تولي أبي بكر الصديق الخلافة بايعه سعيد عليها، ثم توجه إلى الجهاد في سبيل الله فالتحق بجيش المسلمين في الشام وكان من ضمن الجنود.
2ـ وفي معركة اليرموك كان من ضمن القادة، وقد أبلى فيها بلاءً حسنًا، فقد وصفه المسلمون بأنه كالأسد الذي يقفز على فريسته، وقد تولى نيابة دمشق بعد ذلك.
3ـ بعد موت خليفة رسول الله بايع عمر بن الخطاب على الخلافة، إلا أن عمر لم يجعله من أهل الشورى الذين اختاروا الخليفة من بعده، ومنذ ذلك الوقت لم يتولى أي ولاية، وذلك لأنه قد رغب عن الولاية.
4ـ بعد موت عمر بن الخطاب بايع عثمان بن عفان للولاية ومن بعده علي بن أبي طالب، وظل في أرض الكوفة التي أعطاها له عثمان بن عفان حتى موته.
مناقب سعيد بن زيد
كان بن زيد من العشرة المبشرين بالجنة حيث إن الرسول ذكره في حديث له أنه من أهل الجنة، وكانت صفات سعيد بن زيد صفات متميزة جعلته من المتقين، بالإضافة إلى أنها أهلته ليكون من أهل الجنة.
ومن فضائل سعيد بن زيد أنه كان مستجاب الدعاء ومما يدل على ذلك قصة سعيد بن زيد مع المرأة التي اتهمته زورًا بالاستيلاء على أرضها، فأعطاها إياها إلا أنه دعا الله تعالى إن كانت كاذبة أن يعميها وبالفعل حدث ذلك.
وفاة صاحب رسول الله
كان سعيد بن زيد من صحابة النبي الذين أحبهم كثيرًا، فكان نعم المؤمن، وكان على يقين أن أجل الله لآت فجلس في منزله ينتظر لقاء ربه بعد أن ابتعد عن الفتنة، فوافته المنية في عام 51 هـ، وكان ذلك في عهد معاوية بن أبي سفيان، فدفن في مدينة نبيه.
ما هي أهم الـ معلومات عن سعيد بن زيد ؟
يعد سعيد بن زيد من أوائل الناس الذين أسلموا، بالإضافة إلى كونه أحد العشرة المبشرين بالجنة.
ما هو لقب سعيد بن زيد ؟
كان يُكنى أبو الأعور، وبعض الأقوال تشير إلى أنه يكنى بأبي ثور إلا أن القول الأول هو الأرجح.
ما هي قيمة سعيد بن زيد عند الشيعة ؟
ترى الشيعة أنه من المنافقين وأنه ليس من العشرة المبشرين بالجنة، وأن هذا الحديث هو من اختلقه.
متى توفي سعيد بن زيد؟
توفي في عام 51 هـ في عهد معاوية بن أبي سفيان، ودفن في المدينة المنورة بعد أن عاش على الإسلام وبُشر بالجنان.