إن ضرب الاطفال من أبشع وأفظع السلوكيات التي يقوم بها الأهالي تجاه صغارهم، فمهما كانت الدوافع لا ينبغي أن يكون الأطفال هم كيس الملاكمة الذي يستخدمه الكبار للتنفيس عن غضبهم، ومهما كثرت أخطاء الصغار هناك ألف طريقة وحل لعقابهم وتربيتهم غير اللجوء للعنف لما يترتب عليه من أضرار صحية ونفسية، وكذلك اجتماعية.
ضرب الاطفال | بداية التشوهات النفسية
إن طبيعة الأطفال تدعوهم إلى الاستكشاف والتجربة ومع انخفاض درجة الوعي لديهم يكونون معرضين دوما لارتكاب الأخطاء وتعريض أنفسهم للخطر، مما يدفع الأهالي إلى ضربهم وتعنيفهم.
إذ يظن بعض أولياء الأمور أن ضرب الاطفال طريقة فعالة وناجحة لتربيتهم وحمايتهم من الوقوع في الأخطاء، ولكن يتعارض هذا الفكر مع العديد من الأبحاث والدراسات التي أجريت في جامعة تكساس والتي تفيد بأن الطفل الذي يتعرض للضرب يكون أكثر تحديًا لوالديه، كما تزيد فرصة تحوله إلى شخص عدواني وانطوائي.
ومن الجدير بالذكر أن آثار الضرب الجسدية يمحوها الوقت، وتداويها العلاجات، أما الآثار النفسية لا تزول بل تتضاعف وتتفاقم مع مرور الوقت وزيادة الوعي، خصوصًا أن هناك أهالي يستخدمون العنف بطريقة وحشية وخالية من الآدمية، وهنا بالتحديد تتكون تربة خصبة لنمو العقد النفسية والتشوهات الروحية التي يصعب علاجها ويستحيل اقتلاعها من جذورها، وفي الآتي من سطورنا سوف نجيب عن بعض الأسئلة التي تدور في عقولكم مثل: هل ينسى الطفل الضرب الذي تعرض له خلال طفولته؟ وأيضا ماذا أفعل بعد ضرب طفلي ؟
أضرار ضرب الأطفال
إن أضرار ضرب الأطفال كثيرة ومتعددة، ولا تقتصر على الطفل فقط، بل تتوغل عواقب الضرب في الأسرة والمجتمع، ومن أبرزها ما يلي:-
أولا: تحفيز السلوك العدواني لدى الطفل
هناك علاقة مباشرة بين التعرض للعنف خلال الطفولة وبين السلوك العدواني خلال المراهقة، حيث إن رواسب الضرب والإيذاء البدني تظهر فيما بعد على هيئة شخص عدواني ينفس عن غضبه باستخدام العنف اعتقادًا منه أن ذلك هو السلوك السائد والطبيعي أو رغبة في الانتقام لما شعر به في طفولته.
وقد أثبتت الدراسات أن معظم المجرمين كانوا يتعرضون للعنف باستمرار خلال طفولتهم، وهذا خير دليل على أن العنف لا يعد حلًا للمشكلة بل هو المشكلة ذاتها.
ثانيا: مواجهة صعوبة في حل المشاكل
إن ضرب الاطفال واستخدام العنف معهم كوسيلة للتعليم وحل المشاكل أمر يعيقهم عن التفكير بطريقة صحيحة واتخاذ الحلول المناسبة، لأن عقولهم الصغيرة تتُرجم الضرب والعنف على أنه الحل السريع والمثالي للتخلص من المشاكل والتنفيس عن المشاعر.
ثالثا: اضطراب علاقة الأطفال بذويهم
ليس شرطًا أن تظهر عواقب ضرب الاطفال في الصغر، حيث من الممكن أن تظهر على المدى البعيد وتتفاقم مع مرور الوقت، إذ أشارت العديد من الدراسات إلى أن العقاب البدني يؤثر على علاقة الطفل بوالديه، فتتحول علاقة الحب والود إلى علاقة عدوانية مليئة بمشاعر الغضب والسخط وأحيانا الانتقام، خصوصًا في سن المراهقة عندما يبدأ الطفل بإثبات نفسه والتعرف على حقوقه، وكلما كانت علاقة الإنسان بذويه ضعيفة وهشة كلما زاد التفكك الأسري وما يتبعه من آثار سلبية.
رابعا: تدهور الحالة النفسية للطفل
كما ذكرنا سلفا أن الأضرار الناجمة عن الضرب والعنف لا تقتصر على آلام الجسد، بل هناك آلام أكبر يشعر بها الطفل عندما يكون مصدر أمانه هو نفسه مصدر خوفه، ومن هذا المنطلق فإن الطفل يفقد الثقة فيمن حوله تدريجيا، كما أن الأشخاص الذين يتعرضون للعقاب الجسدي منذ صغرهم يكونون أكثر عرضة للمشاكل النفسية مثل: القلق والتوتر، الاكتئاب، وأيضا يعاني هؤلاء الأطفال من قلة الثقة بالنفس ويميلون نحو العزلة.
ومن الجدير بالذكر أن الطفل الذي لا يبكي عند الضرب قد يعاني من مشاكل نفسية أكبر، لأنه لا يعبر عن ألمه واستيائه بل يكتم ما بدخله.
ضرب الطفل على الوجه
مما لا شك فيه أن الضرب أسلوب غير سوي إطلاقا، وينبغي لجميع الأهالي تجنب السلوكيات العنيفة خلال التعامل مع أطفالهم، وخصوصا الضرب على الوجه لما يسببه من مشاكل جسدية ونفسية جسيمة، ولذلك نهى محمد رسول الله عن الضرب على الوجه، حيث قال: (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه).
الأضرار الصحية للضرب على الوجه
يمثل ضرب الاطفال على الوجه خطورة كبيرة، إذ يعمل على قتل 300 إلى 400 خلية عصبية في الدماغ، مما ينتج عنه خلل في وظائف المخ، وبالتالي يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الذاكرة مثل مرض الزهايمر.
كما أن صفع الوجه بقوة قد يؤدي لا قدر الله إلى الشلل الوجهي، والالتواء الحنكي، ومن الممكن أن ينجم عنه فقدان السمع والعمى، ويعد التبول اللاإرادي والعمى الليلي من أبرز عواقب ضرب الطفل على الوجه.
الأضرار النفسية للضرب على الوجه
يخلق العنف مساحة شاسعة من المشاعر السلبية والسلوكيات السيئة، وغالبًا ما يمحو لغة التفاهم والمشاركة بين الطفل ووالديه، وعادة ما يوصل الضرب بصورة عامة والضرب على الوجه بصورة خاصة رسائل خفية للطفل تفيد بأنه ضعيف ومكروه من أفراد أسرته، مما يولد منه شخصًاً عدائيًا وضعيف الشخصية ومنطوِ.
وفي معظم الأحيان يكون الأطفال المعنفون فريسة سهلة لأصدقاء السوء، كما يكونون أشخاصًا منقادين للسلطات الأكثر قوة، ويعاني معظمهم من اضطرابات الهوية والأمراض النفسية، مما يجرهم نحو الطرق الخاطئة كالإدمان والسرقة.
حكم ضرب الطفل على الوجه
كرم الإسلام الإنسان كبيرًا كان أو صغيرًا، حيث حثنا على احترام الكبير والعطف على الصغير، ولقد نهى الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم عن ضرب الوجه حتى في القتال لما ينطوي عليه هذا الفعل من إهانة وكسرة للنفس، لذا يبحث بعض الآباء والأمهات عن كفارة ضرب الطفل على الوجه ليتوبوا عما فعلوا لجهلهم أو عمدهم، ولكن لم يرد في كتاب الله العزيز أو الأحاديث الشريفة أي نصوص تثبت وجود كفارة لهذا الفعل.
وتجدر الإشارة إلى أن ضرب الاطفال على الوجه قد يتسبب في العديد من المشاكل الصحية الجسيمة، هذا فضلا عن الندوب النفسية التي يتركها خلفه، لذا ينبغي للأهالي تجنب ذلك السلوك العقيم واستبداله بأساليب تربوية حديثة ونافعة.
أساليب عقاب الطفل بعيدا عن الضرب
إن اتباع أسلوب العقاب والثواب أمر مهم للطفل، خصوصًا إذا كان لا يتوقف عن التصرفات السيئة ولا يستمع لتوجيهات الأهل، ولكن من المهم أيضا تجنب العقاب البدني كوسيلة للتربية والتوجيه، نظرًا لما يتضمنه من آثار سلبية خطيرة على الصعيد النفسي والجسدي، ومن أبرز طرق العقاب الصحيحة التي يُفضل اللجوء إليها ما يلي:-
1 – حرمان الطفل من الأمور التي يحبها، كالألعاب أو الحلويات أو غيرها من الأشياء التي يفضلها، حتى ينصرف عن الأفعال السلبية التي يقوم بها مقابل الحصول عليها.
2 – إن طريقة عقاب الطفل في عمر السنة والنصف الأمثل هي التجاهل، فعلى سبيل المثال إذا استمر الطفل في البكاء للحصول على أمر ما، فلا يجدر على الأم ضربه أو الصراخ في وجه للتوقف عن البكاء، بل من الأفضل تجاهله إلى أن يهدأ تماما ثم التفاهم معه وإخباره بخطئه.
3 – يلجأ بعض الأهالي إلى ضرب الاطفال أو معاقبتهم دون توضيح السبب أو نوع الخطأ الذي ارتكبوه، وهذا يرفع من نسبة تكرار الخطأ، لذا يجدر بأولياء الأمور مناقشة الأخطاء مع أطفالهم وتحذيرهم من القيام بها مرة أخرى.
هل ينسى الطفل الضرب ؟
على الأغلب لا، ولكن يعتمد الأمر على عدة أشياء مثل: قوة الضرب والبيئة المحيطة بالطفل، وأشارت العديد من الدراسات إلى أن الطفل لا يسترجع ذكريات الطفولة المبكرة والتي تكون تتراوح غالبًا من السنة الثالثة إلى الخامسة.
ماذا أفعل بعد ضرب طفلي ؟
من الممكن أن تفقد الأم السيطرة على أعصابها وتضرب طفها، وفي تلك الحالة يجدر بها الاعتذار للطفل وتهدئته، والالتزام بعدم الإقدام على هذا الفعل مرة أخرى.
ما هي ضوابط ضرب الطفل في الإسلام؟
ذكر أهل العلم أنه من الأفضل عدم اللجوء إلى الضرب من الأصل، ويُحبذ استخدام الحكمة والصبر في تربية الأبناء، ولكن إن استلزم الأمر فينبغي أن لا يزيد الضرب عن 10 ضربات، وقال بعضهم لا يزيد عن ثلاث ضربات، وأن لا يكون ضربًا مبرحًا.
هل ضرب الأطفال يؤثر على تحصيلهم الدراسي؟
نعم، إن العنف يؤثر على شخصية الطفل وسلوكه بالسلب، وعلى إثر ذلك ينخفض مستواه الدراسي بسبب فقدان التركيز وسوء الحالة النفسية.