رواية عائد الى حيفا | ألم التهجير و أمل العودة

عائد الى حيفا

يقول درويش ((و تسأل ما معنى كلمة وطن؟ سيقولون هو البيت و شجرة التوت و قن الدجاج و قفير النحل و رائحة الخبز و السماء الأولى, و تسأل هل تتسع كلمة واحدة من ثلاثة حروف لكل هذه المحتويات و تضيق بنا؟)), أما في الرواية الأدبية عائد الى حيفا فقد اختصر سعيد الأمر عندما سأل زوجته ((أتعرفين ما هو الوطن يا صفية؟)) ثم استطرد مجيباً بكل خيبة و ألم و قهر ((الوطن هو ألا يحدث ذلك كله)).

إننا حقاً بحاجة للوقوف قليلاً و التفكر في معنى الوطن, معظم أبناء جيلنا لا يمثل له الوطن أكثر من فندق ينتظر منه خدمات رفيعة المستوى ثم يزمجر و يدبدب في الأرض ضجراً حالما تسوء الخدمات و يفر باحثاً عن غيره ليتخذ منه وطناً جديداً و لكن هيهات ! الأوطان لا تستبدل و لو حل مكانها المال الوفير و الملبس الحرير و الفراش الوثير.

لقد نجح الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني في تصوير مفهوم الوطن بطريقة إبداعية في عمل أدبي عظيم لا يتجاوز السبعين صفحة ليكون بمثابة موضوع تعبير عن حب الوطن بعيداً عن الكلمات المنمقة التي يكتبها الأدباء في حال الرضا و الاستقرار, إن المفهوم الحقيقي للوطن يظهر في حال الحرب و النزوح و التهجير و التشريد, و هذا ما أوضحه غسان في سطور رواية عائد الى حيفا التي سنسبر أغوارها في هذا المقال.

ما الذي تدور حوله أحداث عائد الى حيفا ؟

تدور أحداث الرواية الأدبية عائد الى حيفا حول زوجين فلسطينيين عاصرا النكبة الحاصلة عام 1948 م حث كان الزوج سعيد حينها في الخارج و عندما صار الهرج و المرج لم يتمكن من العودة إلى منزله فخرجت زوجته صفية لتبحث عنه بين الحشود و تركت رضيعها خلدون الذي لم يتجاوز الخمسة أشهر في المنزل وحيداً مخافة أن يطاله أذى ظناً منها أنها ستتعثر بأبيه و من ثم تعود معه إلى صغيرهما.

و لأن الرياح في بعض الأحايين تجري بما لا تشتهي السفن تعثرت صفية بالفعل بزوجها سعيد لكنهما لم يتمكنا من العودة إلى الدار بسبب اشتداد القصف و تزايد إطلاق النيران فحوصرا و اضطرا إلى النزوح إلى بلدة راما الله تاركين وراءهما البيت و شجرة التوت و قن الدجاج و قفير النحل و رائحة الخبز و السماء الأولى كما يقول محمود درويش عن الوطن, و أعني هنا بالوطن طفلهما.

النزوح مؤلم فكيف بمن نزح تاركاً فلذة كبده؟ التهجير موحش لكن ما حجم الوحشة التي تسكن قلب أم و أب تركا رضيعهما؟ التشريد مهين لكن أي إهانة تفوق إهانة أن يُضطر أبوين إلى التخلي عن ابنهما؟

تابع أحداث رواية عائد إلى حيفا :

استكمالاً لأحداث عائد الى حيفا يظل الوالدان سعيد و صفية على أمل العودة القريبة إلى الوطن, على أمل أن يعودا فيجدا كل شيء كما هو و كأن قصفاً لم يحدث و وطناً لم يسلب و طفلاً لم يضيع, البيت مرتب و الصغير آمن و الهدوء يعم أرجاء الوطن, هذا ما منوا به أنفسهم لمدة عشرين سنة !

نعم مرت عشرون سنة يتكئون فيها على أمل واهٍ لا يجرءون على تكذيبه بصوتٍ عالٍ, في بعض الأحيان يكون الأمل الكاذب أفضل من لا شيء, و أن تتكئ على أمل كاذب خير من أن تدع الألم يجثم على صدرك فيخنق أنفاسك.

و في رواية عائد الى حيفا pdf أنجب سعيد من زوجته صفية خلال هذه السنون العشرون ابناً آخر أسموه خالداً و ابنة أسموها خالدة لكن ابنهما البكر خلدون لم يُمح من ذاكرتهما و بقيا على أمل أن يحدث الله بعد ذلك أمراً و تكتب لهم العودة و يعثرون على خلدون فيكتمل شملهم و تقر عينهم و يهدأ وجيف قلبهم و تنتهي سنون حرمانهم.

بعد ذلك ذكر غسان في كتاب عائد الى حيفا أنه بمجيء عام 1967 م فتحت الحدود بين الضفة الغربية و كيان بني صهيون فأصبح سعيد و صفية قاب قوسين أو أدنى من ذاك الأمل الذي عاشوا على قيده طوال تلك السنون.

كتاب عائد الى حيفا

كتاب عائد الى حيفا

العودة إلى حيفا :

امتطى سعيد و زوجه صفية سيارتهما متجهين إلى حيفا التي طردا منها عنوةً منذ عشرين سنة, تجرعا خلالها قسوة الحرمان و ألم القهر و عذاب الشوق و مرارة العجز و ها هما الآن على مشارف أن يطئوا أرضها مرة أخرى وسط مشاعر لا يمكن وصفها, مزيج من الفرح و الشوق و الترقب و الخوف أيضاً, نعم الخوف, لقد حانت اللحظة التي قد تهدم كل الآمال التي بنوها بداخلهم طوال تلك الأعوام !

يسهب غسان كنفاني عائد الى حيفا في وصف مشاعر سعيد و زوجته صفية في طريق عودتهما إلى بلدة حيفا خاصةً عندما باتوا على مقربة منها و عندما بلغوا أرضها, مشاعر العودة إلى الوطن بعد أعوامٍ من الحرمان واحدة, فمشاعر أبطال عائد الى حيفا هي المشاعر ذاتها التي صورتها رضوى عاشور في رواية ثلاثية غرناطة عندما عاد علي إلى البيازين بالأندلس بعد سنون من قرار القشتاليين بإخراجهم منها.

في لحظات العودة إلى الوطن تنهال ذكريات الماضي و تصبح واضحة كما لو أنها كانت بالأمس القريب, لكن ((هل ترجع الدار بعد البُعد آنسةً و هل تعود لنا أيامنا الأول؟)).

نهاية كتاب عائد إلى حيفـا :

في نهاية أحداث عائد الى حيفا يصل سعيد و زوجته صفية إلى منزلهما القديم و يفاجآ بأن عائلة يهودية قد اتخذت منه مسكناً, يطرقون الباب فتفتح لهم سيدة يهودية مسنة و تدعوهم إلى الدخول كما لو كانت صاحبة المنزل و هم ضيوف لا أكثر.

يجتاحهم الحنين فيتجولون بالمنزل الذي كانوا يقطنون به منذ عشرين سنة فيجدون كل شيء باقٍ على حاله, الطاولة في مكانها و السجاد لم يتغير و الكراسي لا تزال محتفظة بهيئتها, يجذب انتباههم المزهرية التي تركوا فيها سبع ريشات و الآن لا تضم سوى خمس ريشات فقط, يعتريهم العجب إن كان كل ما بالمنزل باقٍ على حاله فما بال الريشات ينقصها ريشتين؟

هنا تفسر لهما العجوز الأمر و تخبرهما بأن دوف كان يعبث بالريشات عندما كان صغيراً و ربما تكون الريشتان قد ضاعتا إثر ذلك, يخطر ببالهما الشيء ذاته فتؤكد لهما السيدة ظنونها, نعم دوف هو الرضيع الذي تركاه في المنزل.

عند تحميل رواية عائد الى حيفا غسان كنفاني pdf نجد أن السيدة اليهودية قد عثرت هي و زوجها على خلدون الرضيع في المنزل عندما سلمته لهما الوكالة اليهودية – كما لو كان إرث أبيهم – فتبنياه و نشأ في كنفيهما و ترعرع على النزعة اليهودية, و المفاجأة غير السارة أنه الآن أحد المقاتلين في صفوف الجيش الصهيوني ضد.. ضد الفلسطينيين !

تابع أحداث نهاية عائد الى حيفا pdf :

استكمالاً لأحداث نهاية الرواية المؤثرة عائد الى حيفا يترقب الأبوان رجوع خلدون – أو دوف حالياً – إلى المنزل ليسترداه إلى حضنيهما, و بالفعل يرجع خلدون و تعرفه العجوز بهما لكنه ينكرهما و يصر على البقاء مع أبويه اليهوديين اللذين تربا في كنفيهما.

اتهم خلدون أبويه الحقيقيين بالتقصير و أنهما لم يبذلا جهداً كافياً لاستعادته – لعل له عذر و أنت تلوم – فليس من حقهما الآن أن يطلبا منه الذهاب معهما علاوةً على أنه أصبح مقاتلاً في الجيش الصهيوني و يضمر الكراهية و البغضاء للمسلمين.

هنا فجع سعيد و زوجته و تذكرا ابنهما خالد الذي أصر على الانضمام لصفوف المجاهدين الفلسطينيين رغم أنهما ألحا عليه في عدم المشاركة في الحرب مخافة تعرضه للخطر, سيقف خالد أمام خلدون في ساحة الحرب و ربما يقتل أحدهما الآخر !

لقد آمن خالد بالقضية الفلسطينية رغم أنه لم يعاصر أحداث النكبة و لم يعايش ما عايشه والداه, آمن بحقه في العودة إلى وطنه حيفا رغم أنه لم يره و لم يرَ البيت القديم و شجرة التوت و قن الدجاج و قفير النحل و رائحة الخبز و السماء الأولى, لم يرَ شيئاً من ذلك و لا يمتلك الذكريات التي تؤرق مضجع والديه فما الوطن بالنسبة إليه؟

عند تحليل عناصر رواية عائد إلى حيفا نجد أن خالد قد فطن إلى أن الوطن هو المستقبل الذي يستحق القتال من أجله و ليس الماضي الذي يُبكى على أطلاله, و يظهر ذلك في القصائد الوطنية التي نظمها تميم البرغوثي عن فلسطين رغم أنه لم ينشأ على أرضها.

ما أشهر اقتباسات رواية عائد إلى حيفا ؟

نجد في رواية عائد إلى حيفا اقتباسات عديدة أشهرها اقتباس ((أتعرفين ما هو الوطن يا صفية؟ الوطن ألا يحدث كل ذلك)) وكذلك اقتباس ((كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقاً صغيراً يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود)).

هل يمكن تحميل كتاب عائد إلى حيفا pdf مجانا ؟

نعم يمكن تحميل كتاب عائد الى حيفا pdf مجانا من خلال تصفح الإنترنت و كتابة اسم الرواية في مربع البحث ثم اختيار أحد النتائج الظاهرة و العثور على رابط التحميل المباشر و من ثم النقر عليه, كما يمكن تنزيل تحليل رواية عائد إلى حيفا pdf أيضاً.

هل تم تحويل رواية عائد إلى حيفا إلى أعمال فنية ؟

نعم تم تحويل الرواية إلى عدد من الأعمال الفنية أبرزها فيلم عائد إلى حيفا و فيلم المتبقي, بالإضافة إلى المسلسل التلفزيوني الذي يحمل اسم الرواية وكذلك المسرحية المبنية عليها.

ما هي مؤلفات غسان كنفاني الأخرى ؟

من المؤلفات الأخرى لغسان كنفاني رواية أم سعد و رجال في الشمس و مجموعة القصص القصيرة موت سرير و أرض البرتقال الحزين و القميص المسروق و الشيء الآخر وغير ذلك.

مواضيع ذات صلة

شجرتي شجرة البرتقال الرائعةشجرتي شجرة البرتقال الرائعة | كتاب يجسد الطفولة التعيسة

كتاب البخلاءما هي السمات الفنية لـ كتاب البخلاء ؟