لطالما كان الجن من المخلوقات الغامضة التي تسكن معنا في الارض ، و ترانا و لا نراها ، لحكمة يدركها الله عز و جل ، الذي خلقنا من طين ، و خلقهم من نار ، ليحيي الانس و الجن لعبادة ” الله ” سبحانه و تعالي ، و برغم ان الجن متواجد في جميع انحاء الارض ، الا انه كثير من الجن يعيش بمعزل عن الانسان ، و لا يتدخل بحياته ، و هناك من الجن من يكون بينه و بين الانسان اتصالا ، و ينقسم الجن هو الاخر ، فكما يوجد من الجن المؤمن بالله عز و جل ، فهناك الجن الكافر و المعروف ” بالشياطين ” ، من يعيثون في الارض فسادا .
و هناك بعض الحالات التي يمكن للجن ان يدخل بالفعل الي جسم الانسان ، بسبب هجر الانسان للصلاة ، و لقراءة القرآن الكريم الذي يحصنه من كل شر ، و ابتعاده عن طريق الهداية ، و اقباله علي الفواحش و الذنوب و المعاصي ، او ممارسة السحر .
و يعد ” فم ” الانسان هو المدخل للجن ، كما ذكر في حديث النبي صلي الله عليه و سلم ” اذا تثاوب احدكم في الصلاة ، فليكظم ما استطاع ، فان الشيطان يدخل ” ، فصدق الكريم الذي ترك لنا الوصايا لحفظنا من اي سوء مخفي عنا .
و يمكن للانسان ان يري الجن بالفعل ، و لكن عندما يتجسد في اي صورة اخري غير صورته الحقيقية ، اما لا نراه ابدا في صورته الحقيقية ، بالرغم من كونهم يروننا ، و هذا السبب هو وراء مسمي ” الجن ” .
و لكل انسان عند ميلاده ” قرين ” و هو من الجن الشيطان ، الذي يوسوس للانسان الي طريق الهلاك و ارتكاب المعاصي ، و لكن ” الله ” سبحانه و تعالي قد حصن الانسان عند ولادته من شر الشياطين ، و جعل له ” معقبات ” و هم اربع من الملائكة ، اثنان منهم يحفظان الانسان من شر الشياطين ، و الاخران منهم من يسجل حسنات الانسان ، و الثاني من يسجل سيئاته ، و ينصرف الشيطان ، عند استعاذة الانسان بالله من كل الشرور و من الشيطان الرجيم .
لذا لا يجب علي الانسان ان يرهق نفسه بالخوف من الجن و الشياطين ، و لا يخشي سوي من الله عز و جل خالقنا و خالقهم ، فالجن لا يمكن ان يضر الانسان و لا ان ينفعه بشئ ، و لا يملكون من الغيب شيئا ، فالغيب علمه عند الله وحده ، فكان الشيطان يخشي من سيدنا ” عمر رضي الله عنه ” ، لان سيدنا ” عمر ” كان يتقي ” الله ” و يخشاه .
و الجن مثل الانسان ، يتزوج و ينجب ذرية له ، و كما انه يموت كالانسان عندما ينتهي عمره ، و ليس خالد كما يعتقد الكثير ، الا ” ابليس ” فهي لن يموت الا عندما تقام القيامة .
و طبقا لما وجد في كتاب ” البداية و النهاية ” علي يد ” ابن كثير ” ، فان الجن اول من سكن الارض لعبادة الله و حمده علي نعمه ، و لكن امة منهم طغوا ، و عثوا في الارض فسادا ، فسخط عليهم ” الله ” ، فقاتلتهم الملائكة جنود الله ، فانتهي امر الجن في الارض ، الا القليل منهم سكنوا في الجزر ، و اتخذوا من قمم الجبال موطنا لهم ، و كان ” ابليس ” جنيا صغير السن ، و وقع اسيرا للملائكة ، فصعد الي السماء معهم ، و ظل عبدا مخلصا ” لله ” عز و جل .
حتي اليوم الذي امرت الملائكة بأن تسجد ” لادم ” فسجدوا جميعا و امتثلوا لامر ” الله ” الا ابليس تكبر و رفض ، فغضب عليه ” الله ” و اخرجه من رحمته ، و لولا ان ابليس رجي ” الله ” بان يمهله الوقت حتي يوم الساعة ، حتي ينتقم من بني آدم ، فاعطاه الله تلك الفرصة الثانية ، و من يومها يعمل ” ابليس ” علي زعزعة الايمان بقلوب البشر و اضلالهم عن الحق و الصواب ، بمساعدة جيشه من الجن الذي ابتدأ في تكوينه منذ اليوم الاول لطرده .
و للجن انواع ، منهم ” الجن ” ، ” المردة ” ، ” الشياطين ” و هم الجن الكافر ، ” القرين ” و هو المصاحب للانسان منذ مولده ، ” العمار ” و هم معرفون ايضا باسم ” الحامية ” و هم يسكنون في منازل البشر ، حتي يحموننا من دخول الجن الي منازلنا .
و هناك حديث عن النبي صلي الله عليه و سلم ، قال ” الجن ثلاثة اصناف ، لهم اجنحة يطيرون بها في الهواء ، و صنف حيات ، و صنف يحلون و يظعنون ” .
و للجن انواع معينة من المأكل ، فهم يأكلون العظم و الروث ، ففي حديث عن النبي صلي الله عليه و سلم ” لا تستنجوا بالروث و لا بالعظام ، فانه زاد اخوانكم من الجن ” .
و قد نهانا الرسول صلي الله عليه و سلم ، عن تناول الطعام و الشراب باليد الشمال ، فكما ذكر في الحديث الشريف ، عن النبي صلي الله عليه و سلم ، قال ” اذا اكل احدكم فلياكل بيمينه ، و اذا شرب فليشرب بيمينه ، فان الشيطان ياكل بشماله ، و يشرب بشماله ” .
فحمدا و شكرا لك يا ” الله ” حافظنا من كل شر ، و ما اودعته لنا في كتابك الكريم ، من الايات ما يحفظنا من الجان و الشياطين ، و اي سوء يصيبنا .