الإنسان بطبعه كائن اجتماعي يحب أن يجري محادثات مع الآخرين ويتفاعل معهم، ولكن تخذله الأفعال غير المتوقعة والتصرفات الغريبة التي تصدر منهم، إلا أن الشخص السوي لا ينفك عن العمل بمقولة ( عامل الناس كما تحب ان يعاملوك ) في محاولة منه أن يبدأ بالخير ليعود إليه.
عامل الناس كما تحب ان يعاملوك | عبارة دراجة
بالأخلاق تستطيع أن ترى كيف تتقدم الأمم وتحيا حياة طيبة وتزهر أرضها بالخير والبركات، وينعم أهلها بالرخاء والراحة التي تساعد على تنمية المشاعر الطيبة في كل أرجاء المدن، فما زلنا لا نفهم كيف تنتهي عوالم وتفنى أمم وما زال ذكرها الحسن حاضر في أحاديثنا وأقوالنا؛ إنها الأخلاق الفاضلة لقومها والأحداث الطيبة التي دارت فيها ” إنما الأمم الأخلاق ما بقيت … فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”.
داخل عبارة عامل الناس كما تحب ان يعاملوك تكمن الكثير من المعاني والأسرار التي تأخذنا إلى تحري المعاملة الحسنة والصادقة في التعامل مع الناس كافة، فقد بُعث سيدنا محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برسالة يحث فيها الجميع على الاتصاف بالأخلاق الطيبة فقال: ” إنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ”، ومن هنا كان حق على كل مسلم بل على كل فرد يحيا على هذه الأرض أن يتقن هذه المهارة المهمة والوسيلة التي تأخذ بيد صاحبها إلى الجنة.
هل عامل الناس كما تحب ان يعاملوك حديث نبوي ؟
توضع بعض الأقوال الدارجة داخل إطار ديني؛ فنعتقد أنها من الأحاديث النبوية والأقوال المأثورة عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- بنفس هيئتها وعدد كلماتها، ولكن يتضح بعد البحث عن مصدرها أنها ليست من الأحاديث النبوية الصحيحة ولكنها فقط عبارات وحكم تعبر عن أساسيات مهمة تعين الناس على عيش حياة طيبة، وهذا ما يجعلنا نتساءل عامل الناس كما تحب أن يعاملوك هل هو حديث نبوي صحيح أم حكمة مقتبسة؟.
يأتي الاعتقاد بأن حديث عامل الناس كما تحب ان يعاملوك مأخوذ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ” فمَن أحَب أن يُزحزَح عن النار ويدخل الجنة، فلتأتِه منيَّتُه وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه”، حيث يتشابه هذا الحديث في مضمونه مع المعاني الكامنة داخل حكمة عامل الناس كما تحب ان يعاملوك .
يبين المصطفى -صلوات ربي وسلامه عليه- في هذا الحديث قاعدة مهمة وفن من فنون الحياة في التعامل مع الآخرين، فيحث من يتقي الله ويرغب في دخول الجنة والتزحزح عن النار أن يتعامل مع الناس كما يحب أن يعاملوه، وفي هذا أسلوب نصح عظيم بأن من بدأ بالحسن حتمًا سيلقى الحسن في النهاية وبين طيات الحديث يوضح -صلى الله عليه وسلم- أن هذه القاعدة النبوية الشريفة خاصة بكافة المعاملات بين الناس، لذا لا بد من أن يضع المسلم نفسه في أي موقف قبل أن يطلق الأحكام ويبادر بفعل شيء يندم عليه لاحقًا.
صاحب مقولة عامل الناس كما تحب أن يعاملوك :
بغض النظر عن من القائل عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ؟ ينبغي أن نحرص على العمل بها مع الآخرين، فما أثقل أن تكن سيئ الخلق لا يحبك الناس وما ألطف وأفضل أن يشهد لك الغير بحسن الخلق والمعاملة الفاضلة معهم، فكونك على مرتبة أخلاقية عالية يساعدك ذلك على تجاوز الظلم والعفو عند المقدرة.
تحركنا المقاصد السامية نحو الغايات النبيلة، فمن كانت غايته دخول الجنة وهدفه الأساسي هو النجاة من نار جهنم كان أحرص العباد على تحري المعاملات الحسنة والاتصاف بالخصال الفاضلة وعيش رحلة مليئة بالراحة والرضا والوصول في النهاية إلى مبتغاه، ولا يكتفِ الإنسان الصالح بالقول الطيب فقط بل ينصرف إلى رد الحقوق والأمانات وحفظ العورات وغض البصر عن المحرمات، فكل هذا من حسن المعاملة وطيب الخلق.
قاعدة المعاملة الحسنة وكيفية تطبيقها:
أظهر النبي -عليه الصلاة والسلام- للأمة الإسلامية ما معنى المعاملة الحسنة ؟ وبين بأفعاله وأقواله مع من يعرفه ومن لا يعرفه كيف يكون سلوك المسلم الصالح، فصار مثالًا يحتذى به وصاحب الفضل في الخير الذي يوجد بهذه الأمة، فضرب لنا أبسط مثال في الرحمة مع كفار قريش رغم بطشهم وطغيانهم عندما دخل مكة فقال: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.
الحقيقة أن ما يرفع من قدر الإنسان بين الناس ليست قسوته في أخذ حقه إنما رحمته في التجاوز عن من ظلمه، فالسلوك الراقي والتعامل بلطف يجبر من أمامك على احترامك وتقديرك مهما كان سلوكه أو غايته، لذا عامل الناس كما تحب ان يعاملوك قدر المستطاع وتغاضَ عن أفعالهم معك واجعل خصالك الكريمة وتربيتك الطاهرة هي التي تتكلم.
يقول أمير المؤمنين علي بن ابي طالب -رضي الله عنه- “اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً بَيْنَكَ وَ بَيْنَ غَيْرِكَ، فَأَحْبِبْ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَ اكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَ أَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَ لَا تَظْلِمْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ لَا تُظْلَمَ”.
لماذا لا تعامل الناس كما يعاملوك؟
لا يحب أن تعامل الناس كما يعاملوك، فمن يتكلم عنك بسوء سوف تتحدث عنه بالسوء وهذا لا يمكن أن يكون من حسن المعاملة.
ماذا يجني الإنسان من المعاملة الطيبة؟
عندما يتعامل الإنسان مع الناس كما يحب أن يعاملوه سوف يكتسب حبهم ويكوَن أفضل الصداقات معهم ويشعر براحة البال وينقي قلبه من الأحقاد والغيرة.
كيف نحفز المسلم على التعامل الحسن؟
قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- (إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً) وبهذا يحث كل مسلم على التعامل مع الناس بالحسنة.
ما هو الحديث الذي ينص على حب الخير للغير؟
حديث أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وفيه يرشد المؤمنين إلى حب الخير لغيرهم مثلما يحبونه لأنفسهم.