أن تكون صاحِبَ مبدأٍ هي نظريّة تخضرُّ على شفاهِ المدَّعين كثيرًا ولكنّها لا تثمرُ وقتَ الامتحان! أما أن تكونَ عباس العقاد يعني أن تكون المبدأ ذاته! أديبٌ من عصرِ الأساطِير، رجلٌ نبيلٌ عاشَ من أجل الكتابة، وجعلَ قلمه طوعَ كرامتِهِ، حياة صاخِبة مليئة بالمعارِك ونهاية هادئة رقيقة، نِعْمَ الأديب الشَّاعِر الناقِد الفيلسوف المفكّر عباس محمود العقادِ.
نشأة عباس العقاد
وُلِدَ الأديب المصريّ عباس العقاد في محافظة أسوان سنة 1889، وقَدْ نشأ في بيتٍ منظَّمٍ ملتَزمٍ مِلْؤُهُ الرُّوتين اليوميُّ المحافِظ، لكنَّه بيت لأسرة فقيرة، ولديها موارد محدودة، وعلى الرغم من ذلك كانت حياة عباس محمود العقاد منفتحة انفتاحًا شديدًا على العالَم بسبب السياحة المنتشرة في أسوان فكانت هذه الفرصة العظيمة سببًا لاتساعِ أفقهِ على أكثر من ثقافة مختلفة.
أديب منذ صغرِهِ
ارتبطَ عباس العقاد دائمًا بحكايات الأدب والشِّعر منذ نعومة أظافرِه، وذلك نتيجةً لحفظهِ القرآن الكريم وهو في التاسعة من عمرهِ، بالإضافة إلى حبّه الشديد للغة العربية وولعه بآدابِها وعلومها، فقد كانَ حريصًا على حضورِ ندوات الشيخ الجليل أحمد الجدّواي أحد تلامذة العالم الجليل جمال الدين الأفغاني، فكانت أوَّل قراءاته في الأدب كتاب الف ليلة وليلة من ثمَّ ذهبَ في مغامرةٍ كبرى لدراسة الأدب العربي والأوربي معًا.
لقاء الشيخ محمد عبده بالعقاد
ذكر عباس العقاد أنَّ الشيخ محمد عبده قد قرر زيارة المدرسة التي يرتادها في الابتدائية، وعندما زار الفصل الذي يدرس به، قرر مدرس الفصل أن يعطيه كرَّاسة العقاد الإنشائية، والجدير بالذكر أنّ معظم الموضوعات التي اهتم بها العقاد وأوردها في كراسته تتحدث عن الذهب والحديد والمقارنة بينهما وكذلك الحرب والسلام، فكان العقاد يكتب عن الأضعف وينصفه، فيكتب عن الحديد وعن الحرب.
وحينما قرأ الشيخ محمد عبده ما كتبه في كراسته الإنشائية من تفضيله للحرب على السلام والحديد على الذهب أخذ على الفور يناقشهُ في هذه الأمور العجيبة، وعن آرائه التي استوقفته، لكنّ عباس العقاد لم يخف، أو يتغلغل داخل أي خوفٍ أو وجلٍ من هيبة الشيخ وفصاحته وبلاغته وثقافته المتبحّر في العلوم، وظلَّ يدافع عما يعتقد أنّه صحيح، فابتسم الشيخ محمد عبده ثمّ وضع يده على كتف الصبي عباس العقاد العنيد وقال كلمةً لم ينسها العقاد أبدا وهي “ما أجدر هذا أن يكون كاتبا بعد“.
أحلام ما بعد الابتدائية
لم يحالف عباس العقاد الحظ في أن ينالَ من التعليم المصريّ حصَّة كبرى، فإنَّه بعد أن نال الشهادة الابتدائيّة تمنَّى أن يلتحقَ بالمدرسة الحربية، فقد ارتبطت هذه المدرسة في خيالاته بالغزوات الحربية لدى المسلمين، والحروب العربية، التي تذكِّي قريحة الشاعر العربية وتدفعه لنظم الشعر، وعلى جانبٍ آخر التفتَ إلى المدرسة الزراعية لاهتمامه بالنبات والأطيار والأزاهير.
رحيل دائم وانعدام الاستقرار الوظيفي
وفي نهاية الأمر حصل على وظيفة حكومية، فقد عملَ في بداية مهنته في قنا بمصلحة التلغراف والسكك الحديدة، من ثمّ لم يكن يُعمِّر في وظيفةٍ أكثر من أشهر قليلةٍ أو سنة كحدٍ أقصى فينتقل إلى وظيفة غيرها، وكان يسافِر إلى القاهرة من حينٍ لآخر حتى يثقل مكتبته بالكثير من الكتب الثقافية الحديثة ويصرف أكثر من نصف راتبه على هذا الروتين الشهري.
عباس العقاد يوجه بوصلته نحو الصحافة
اعتقدَ عباس العقاد أنَّ العمل الوظيفي بكامل قوامِهِ ومؤهِّلاته وهياكلِه نوعًا من الاستعبادِ والإذلالِ المهني، لذلك كان يصرّح دائمًا في أكثر من مناسبةٍ أنّ الحياة الوظيفية لا تلائمه أبدًا، وإذ به يأخذ قرارًا قاطعًا بالابتعاد عن أيِّ وظيفةٍ استعباديّة للأبد، ثمّ اتجهَ إلى الكتابة، وأخذ يسلك طريقًا يحبُّه وهو الكتابة، فقرر العمل في الصحافة، وكانت أول جريدة يعمل بها هي جريدة الدستور في عام 1907، ونشر بها مقالات كثيرة.
الجدير بالذكر أنَّ مقالاته كانت شديدة النقد والانتقادِ ولم يكن يمدح أحدًا أبدًا، فهو ينتقدُ بقسوةٍ مطلقةٍ، ويحاول بقدر إمكاناته أن ينتصرَ لمعتقداته وقضاياه وأفكاره الخاصة بإخلاصٍ تام، وعندما اندلعت ثورة 1919 انتهز الفرصة للاشتراك في الأعمال الوطنية، فظل يكتب مقالاته ويحرر خطاباته، حتَّى نجح في استدراج الأنظار الوطنية نحوه وكانت ضمن هؤلاء هو الزعيم الوطني سعد زغلول الذي وصف عباس العقاد بجبّار القلم.
الاتجاه صوب العمل الوطني
إنَّ الوضع النشاطِي للحراكِ السياسيّ بمصرَ جعلَ عباس العقاد أحد المناصرين لحزب الوفد، أخذ يصوِّب قلمه حمايةً له ودفاعًا عنه تجاه أعدائه، ويناصر القضية المصرية الوطنية أمام الاحتلال البريطاني، وقد استمرت هذه المحاولات السياسية حتَّى صار عضوًا بمجلس النوّاب، حيث خاض معركةً شرسة مع الحركة الليبرالية أودت بحريّته إلى ظلام السجن.
فقد علم مجلس النواب أنّ الملك فؤاد أراد إسقاط عبارتين من الدستور إحداهما تفيد بأنّ الأمة هي المصدر الأوَّل للسلطات، والثانية تفيد بمسئولية الحكومة أمام البرلمان، وفي أثناء إحدى جلسات البرلمان التي تناقش هذه القضية وقف عباس العقاد أمام الجميع وطالب بإيضاح موقف هذا المجلس حيث سماه وقتها العبث السياسي، وقال كلمته الشهيرة: ليعلم الجميع أن هذا المجلس مستعد لأن يسحق أكبر رأس في البلاد في سبيل صيانة الدستور وحمايته، مما أدَّى لحذف كلمته من البرلمان بقرار من رئيسه شخصيًا.
وبعد انتشارِ كلمته هذه كانتشارِ النّيران في الهشيم بالصحف المصرية والجرائد العالمية المهتمة بالشأن المصري فقد استدعته النيابة بناء على ذلك للتحقيق معه بتهمة غريبة وهي “العيب في الذات الملكية” وذلك كلفه السجن لمدة تسعة أشهر، وعندما خرج منه كان الزعيم المصري سعد زغلول وافته المنية فتوجه عباس العقاد إلى ضريحه ممتلئًا بالبؤسِ والبأسِ، وابتعد عن السياسة رويدًا رويدًا منذ عام 1935 بسبب خلافه مع سياسة مصطفى باشا النحاس.
عباس العقاد الأديب الناقد الشَّاعِر
في النصف الأوَّل من القرن العشرين، طفا جيلٌ جديدٌ على سطحِ الحياة الثقافية متشبّع بالثقافة الأوروبية، ومن هؤلاء عباس العقاد وعبد الرحمن شكري وعبد القادر المازني، وقد اتفقوا جميعًا على أنَّ الحراك الشعري الآن يتجّه صوب هاوية مظلمة تقوده مجموعة من المدّاحين وشعراء المناسبات وأنَّ الشعر الآن بحاجة إلى تطوير في بنية القصيدة لتواكب الحداثة ومعطياتها، لذا قرروا بمباركة العقاد العمل على تقديم كتابٍ نقديّ تحت عنوان الدّيوان في الأدب والنقد.
فلم يكن عباس العقاد في حالة اطمئنانٍ تامٍ على وضع الشعر العربي في يدِ أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وخصوصًا احمد شوقي ، فالعقاد يرى أنّه شاعر مناسباتٍ، يتكلّف كتابة الشعر، ولا يبالي بتطويره والوصول به إلى بر الحداثة الشعرية ومواكبة التطور، لذلك قرروا مهاجمته مهاجمة شرسة، وسعى بالتعاون مع المازني وشكري إلى الاستفادة من الثقافة الغربية والدعوة إلى تطوير الشعر العربي والثورة على المدارس الكلاسيكية القديمة التي يمثلها حافظ وشوقي، وخاضوا معارك جمّة من أجل ذلك.
معارك عباس العقاد الأدبية
إنَّ المعارك الأدبية التي خاضها العقاد في مطلع القرن العشرين قد قادت الأدب العربي إلى منطقةٍ جديدةٍ أثرت الثقافة العربية ثراءً واسعًا، فالعقاد كان قلمًا يمشي على الأرضِ، لا يخافُ لومةَ لائمٍ في كتابته ونقدهِ، فإذا فكَّر في أمرٍ واقتنعَ به فلا مجالَ إلا أن يباشِرَ بتنفيذه بأقسى طريقةٍ ممكنة للوصلِ إليه، فقد خاض معاركَ كثيرةً مع طه حسين، والرافعي، وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم، والمنفلوطي، وكانت كلّها سجالات من أجل مستقبلٍ أدبيٍّ مشرق.
1- بين العقاد وطه حسين
مع أنَّ عباس العقاد فاهمٌ تمامًا ما قد أسهم به عميد الادب العربي طه حسين في خدمة اللغة العربية وآدابها، وقد عدَّه من الذين أقاموا جسورًا بين الحضارة العربية والغربية الجديدة والقديمة، إلَّا أنَّه لم يتمم بناء هذا الجسر بعدُ.
فقد بدأ الخلافُ مع طه حسين انطلاقًا من ميل العقاد نفسه إلى الثقافة الإنجليزية، في حين أنَّ طه حسين يميل بكامل ثقافته إلى الحضارة اللاتينية اليونانية القديمة، فبدأ السجال يحدث بينهما على فتراتٍ طويلة، ومتاهاتٍ لا مهرب منها، في عددٍ كبيرٍ من المقالات والخطابات والرسائل.
فقد بدأ التَّماسُ بينهما منذُ أن أبدى العقاد برأيه في رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، فقد رأى العقاد أنّها جافة خالية من الخيال مما استفز طه حسين ليرد عليه الأخير قائلًا: هذا نُكر من القول لا أدري كيف تورط فيه كاتب كالعقاد.
مما أدَّى إلى توتِّر العلاقة بينهما واستمرار الخلاف إلى أطول فترة ممكنة، فإن أصدر العقاد مؤلفًا بادر طه حسين إلى نقده، ويتناوله تحليلًا شاملًا وتفنيدًا لها، فقد كان طه حسين أستاذًا جامعيًّا حاصلًا على درجة الدكتوراه، بينما كان العقاد لا يملك إلا شهادة الابتدائية وهذا -على حد قول طه حسين- ما كان يغتاظ منه العقاد ويتضايق من ذكره، ويُرجِع طه حسين سرّ الخلاف بينه وبين العقاد إلى ذلك السبب المتمثّل في الدرجة العلمية بينهما.
مع ذلك اعتقد طه حسين أنّ العقاد كان يستحق شهادةً فخريّة من جامعة القاهرة بدرجة الدكتوراه لما أثراه في الثقافة العربية من تجديد وتطويرٍ في فنونٍ كثيرة، وإسهاماته المقالية في الجرائد، وأوراقه البحثية في الفلسفة والفكر، وكونه خدم الأدب العربي بأفضل طريقةٍ ممكنة.
2- حول خصومة العقاد مع الرافعي
“إنّه لَيتفق لِهذا الكاتب من أساليب البيانِ ما لا يتفقُ مِثلُه لكاتب من كُتّاب العربية في صَدر أيامها” صدِّقْ أو لا تصدِّقْ إنَّ هذا كان رأي عباس العقاد في كتابات الرافعي قبل سنين طويلة من اندلاع نيران الخلاف بينهما، النيران التي أنتجت أعنف معارك القرن العشرين الأدبية في مصر والعالم العربي.
بداية هذه المعركة الأدبية بالتزامن مع صدور الكتاب النقدي لمدرسة الديوان، حيث تناول فيه العقاد أدب الرافعي بقسوة نقدية شديدة، من ثمّ تبعها كتاب “إعجاز القرآن” للرافعي الذي تم تصديره بجملة من قلم سعد باشا زغلول جعلت قلب العقاد يتوقّد غيرةً فهو كاتب حزب الوفد الأوَّل الذي يرأسه سعد باشا في ذلك الوقت، وكانت الجملة هي “كأنّه تنزيلٌ من التنزيل، أو قَبسٌ من نور الذكر الحكيم” وقد كتب هذه المقولة سعد باشا في مسجد وصيف سنة 1926.
عندما اجتمعَ الرافعي والعقادَ على غير موعدٍ محددٍ في مقر المقتطف، ظلّ عباس العقاد عبوسَ الوجهِ جهمًا، فلما اقتربَ منه الرافعي سأل عنه رأيه في كتابه “إعجاز القرآن” فانهمرَ العقاد عليه كأنّه وابلٌ من الرصاصِ حيث شكّكَ في مصداقيّة الكتاب، وجماليّاته، بل واتهم العقاد الرافعي بأنّه زوَّر رأي سعد باشا زغلول في الكتاب، ومن ذلك الوقت.
ثار الرافعي على العقاد ثورةً هوجاءَ، وابتدأ الكلام اللامز والغامز في الصحف والمجلات عن رأي العلماء في عباس محمود العقاد بعد كتاب الرافعي المشهور “على السفود” حيث اتهم فيه الرافعي العقاد بأنّه تجرأ على كتاب الله وسخر منه، وكانت هذه المعركة تهدأ حينًا وتثور حينًا، إلى أن اعتزل العقاد العمل السياسي وانسحب من معاركه مع الرافعي إلا أنّ الأخير لم يفعل
3- رأي عباس العقاد في شعر أحمد شوقي
عامَ 1927 أقيمت احتفالية كبرى بدار الأوبرا المصرية، حضرها شعراء الوطن العربي الكبار كافةً وسياسيّون ذوو جاهٍ وسلطانٍ، وكبار الدّولة المصرية، ورؤساء الأحزاب الوطنيّة في ذلك الوقت، من أجل مبايعة أحمد شوقي أميرًا للشعراء العرب، ولكن العقاد لم يرض بهذه البيعة وقال “إن أمة تحتفل بشوقي لا تعرف معنى الكرامة” وظلّ يقول عن شوقي أنّه لم يقدم الجديد في الشعر العربي، بل هو شخصٌ يسير على خطى الأقدمين الموروثة، صاحب شعرٍ ركيكٍ مفكّكٍ لا يحملُ هويّة كاتبِه.
عباس العقاد ومي زيادة
“الحِصنُ المحاطُ بالخندَقِ” هكذا وصفَ عباس العقاد الأديبة مي زيادة ، فالعلاقة بين العقاد ومي كانت وطيدة، قيل إنّها صداقة كبيرة، وقيل إنّها قصة حب وغرام، لكن الواقع يقول إن هذه العلاقة انتهت، فكان عباس عقاد يؤم صالونها الأدبي كلّ ثلاثاء، وأحبّها كثيرًا وأرسل إليها رسائل ودٍّ وحبٍّ جمّة، لكنّه لم يلق منها إلَّا الصدّ، فقالت عنه إنّه متسرّع في حبِّه وأيضًا في غضبهِ فهو مثل الذي يلقي إليه وردةً في الصباحِ ويتبعها طوبةً في المساء! وقد حاول العقاد معها كثيرًا من أجل يلين قلبها ولكن فشلت محاولاته.
أهمّ مؤلفات الأديب عباس العقاد
وحي الأربعين
يحوي هذا الدّيوان أبيات النضج الشعري لدى العقاد بعد الأربعين، قد سار به بعيدًا عن التقليد والكلاسيكية، وجاء في هذا الديوان بجديد نظمه الذي يمتلئُ بتجارب الرشد والحكمة، حيث خرج عن المألوف في شعره القديم، واتجه إلى ألوانٍ جديدةٍ، مثل التَّاملات في الحياة، والقوميات، والاجتماعيّات، والمناجاة والوصف، وقد بزغ هذا الشَّكل الشعري في قصيدته المشهورة “الغزل الفلسفي”، ويعدّ أهم كتب عباس محمود العقاد الشعرية.
سعد زغلول زعيم الثورة
في طيّات هذا الكتاب يقدّم عباس العقاد صفحاتٍ من تاريخِ الزّعيم سعد زغلول، هذا الفلَّاح الثوريّ، الذي كان قاضيًا ذا عدلٍ يعرف فجيعة الظلم والقهرِ، ويشعر بما الظلام الحادث في البلاد من قبل الاحتلال الغاشم، وقد استطاع في نهاية الأمر سعد زغلول أن يوحد المصريين بثورةٍ عظيمة ترد كرامتهم وحريتهم.
حياة قلم
إنَّ العقاد رجلٌ مغامرٌ يعشَقُ الإبحارَ في غمارِ الكتابةِ، فكان الأدب سفينته التي يجري بها في خضمّ الحياة العاتية، حيث تكسَّب بها، واطمأنَّ إليها، وآمن بقدسيّتها، فهي التي تهدي الشعوبَ بضوئِها المُشِعّ، وفي هذا الكتاب يتحدث عن فترات صباه مرورًا باعتناق أحلامه ومبادئه التي لم ينأ عنها أبدًا، إنّها سيرة ذاتيّة في عجالةٍ شديدةٍ لما مرّ به من زمانٍ غابرٍ.
العبقريات
وهي سلسلةٌ من الكتبِ التي تعني بسيرةِ الخلفاء الراشدين والمسيح عليه السلام، مثل عبقرية عمر و عبقرية محمد وعبقرية عثمان، والجدير بالذكر أنّ هذه ليست مقالات تسرد الأحداث التاريخية لصاحِبها أو تفسّر الأحكام الإسلامية إنّما هي تظهر تجليّات الشخصيّة في مواقف صعبةٍ من زمانِها كيفَ تعاملَ معها وكيفَ واجهها.
الديوان في النقد والأدب
هذا كتاب الثَّورة الأدبية في القرن العشرين، إنّها الصحوة الأولى لشعراء العالم العربي محاولين أن يواكبوا التطوّر الحداثي في الأدب العالمي، فقد رأى العقاد وصديقاه أنّ الشعر والأدب في هذا الزمان لا ينبغي أن يكونَا متمثلَيْنِ في شعر أحمد أشوقي ولا في أدب المنفلوطي، لذلك أعلنوا الحرب على كتابات شوقي والمنفلوطي وحافظ والرافعي، وثاروا على كلّ ما هو قديمٍ، وكان مذهب هذه المدرسة هو “إنسان مصريّ عربيّ”، ويعدّ أهم كتابٍ لدى العقاد في مسيرته الأدبية.
كيف مات عباس العقاد ؟
توفيّ الأديب المصري عباس العقاد في بيتِه الكبير بمصر الجديدة سنة 1964، وعلى الرغم من هذه المسيرة الكبيرة، وهذه المسافة الطويلة التي قطعها في الطريق الأدبي والفلسفي إلَّا أنّه لم يكسبْ من هذه الأسفار الكتابية ما يجعله مرتاحًا في بقيّة حياته دون أعباء ماديّة، وأزمات مالية.
لقد عاشَ عباس العقاد فقيرًا نبيلًا يكرهُ أن يمدَّ يده إلى أي مخلوقٍ أو أن يمنَّ عليه إنسانٌ ما أو يشعر أحد تجاهه بأي شفقة، فقد باع مكتبته الغالية الشريفة أكثر من مرة ليحلَّ أزماته، وقد عاش أعزبَ ومات وحيدًا رغم كل هذه الشائعات التي نالت من حياته العاطفية، وتعرّض لمحاولات اغتيالٍ كثيرة إلَّا أنّه في النهاية رحلَ في سلامٍ وهدوءٍ تام.
لماذا لقب العقاد بهذا الاسم؟
لأنّ أباه كان يعمل في صناعة الحرير أي يعقده فسمي العقاد بذلك، وأخذ ذلك الاسم من لقب أبيه.
على يد من تتلمذ العقاد؟
تتلمذ على يد نخبة من الرواد والأدباء مثل الشيخ فخر الدين محمد الدشناوي، والشيخ أحمد الجداوي، وقد التقى بالشيخ محمد عبده في صغره وتنبأ بموهبته الشيخ في ذلك الوقت.
ما عدد الكتب التي قرأها العقاد؟
قال أنيس منصور إن العقاد قرأ 60 ألف كتاب.
هل تراجع العقاد في إحدى معاركه؟
نعم، لقد تراجع عن آرائه في شعر أحمد شوقي وقد مدح السينية التي كتبها في منفاه كثيرًا.