رحلة الأمومة الشاقة – والممتعة أيضاً – لا تبدأ من الولادة بل من لحظة تكون الجنين في أحشاء الأم، وقد أشار الله في كتابه إلى صعوبة هذه المرحلة ووصفها بالضعف تارة وبالمشقة تارة أخرى فقال ((حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ)) وقال ((حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا))، نعم رحلة الحمل مُضنية ومشكلاتها الصحية مؤرقة كالحموضة والتقلصات والغثيان والإرهاق وغير ذلك وهو ما يستلزم البحث عن علاج لهذه الأعراض للسيطرة عليها، وفي طيات هذا المقال سنقدم علاج الحموضة للحامل لتهدئة الشعور بحرقة المعدة.
ما هو علاج الحموضة للحامل ؟
قبل التحدث عن كيفية علاج الحموضة للحامل تنبغي الإشارة إلى أن مفهوم الحموضة يعبر عن الشعور بالألم الحارق في منطقة الصدر أو الشعور بطعم حامض في الفم نتيجة صعود حمض المعدة إلى المريء فيما يعرف بحموضة المعدة أو حرقة المعدة أو حرقة الفؤاد، وتعد الحموضة من أبكر علامات الحمل التي تبدأ في الظهور خلال الشهور الأولى وتتفاقم خلال الشهور الأخيرة بسبب التغيرات الهرمونية الحاصلة في الجسم أو بسبب العادات الغذائية غير الصحية، وسنتناول هذه الأسباب لاحقاً بشيء من التفصيل.
ويمكن علاج الحموضة أو التخفيف من حدتها أثناء فترة الحمل من خلال اتباع النصائح التالية:-
1) علاج الحموضة للحامل عن طريق تغيير النمط الغذائي :
قد تتم السيطرة على أعراض الحموضة المزعجة من خلال إدخال بعض التغييرات على النمط الغذائي الذي تتبعه السيدة الحامل وذلك عن طريق القيام بالآتي:-
أ- محاولة التقليل من المأكولات والمشروبات المثيرة لحرقة المعدة كالحمضيات والأطعمة المشبعة بالدهون والأطعمة المقلية والأطعمة الحارة، بالإضافة إلى الخل والخردل والطماطم والشوكولاته والمشروبات الغازية والكحوليات والكافيين.
ب- الإكثار من شرب الماء بين الوجبات، فإن كان شرب الماء مهم بشكل عام فهو أكثر أهمية بالنسبة للحامل على وجه الخصوص كونه يخفف من وطأة علامات الحمل المبكرة والمتأخرة، وإلى جانب الماء هناك مشروبات لعلاج الحموضة للحامل أيضاً كاللبن وعصير الجزر والكمثرى والبطيخ.
جـ- عدم تناول الطعام قبل الخلود إلى النوم مباشرة إذ ينصح بالتوقف عن الأكل قبل ساعتين أو ثلاث ساعات من الموعد المقرر للنوم حتى يتسنى للمعدة أن تتم مهمة الهضم قبل استلقاء الجسم واستغراقه في النوم.
د- تجنب تناول الوجبات الدسمة أو الكبيرة فتناول مثل هذه الوجبات يتسبب في تهيج المعدة ويثير الشعور بالحرقة والحموضة، لذا يراعى تقسيم الوجبات الكبيرة إلى وجبات صغيرة متباعدة على مدار اليوم حتى تصبح خفيفة يسيرة الهضم، كما يراعى المضغ الجيد.
هـ- الحرص على مضغ العلك – أو اللبان – عقب تناول الوجبات حتى يتم تحفيز الغدد اللعابية لإنتاج أكبر قدر ممكن من اللعاب، حيث يعمل اللعاب على معادلة أحماض المعدة وهو ما يحد من شعور الحرقة.
2) علاج الحموضة عن طريق تغيير العادات اليومية :
إلى جانب تغيير الأنماط الغذائية يمكن علاج الحموضة أيضاً عن طريق تغيير بعض العادات اليومية المتبعة من قِبل المرأة الحامل من خلال القيام بما يلي:-
أ- التوقف عن ارتداء القطع الملبسية الضيقة لا سيما عند منطقة الخصر الذي قد يسبب الضغط عليها الضغط على المعدة مما يزيد من وطأة الشعور بالحرقة، لذا يراعى ارتداء الملابس الفضفاضة المريحة التي لا تشكل ضغطاً على هذه المنطقة.
ب- الإقلاع عن عادة التدخين السيئة، فالتدخين إن كان مضراً بشكل عام فإن ضرره مضاعف على الحامل والجنين، ولعل من أبرز مضاره دفع أحماض المعدة إلى المريء والتسبب في الشعور بالحرقة.
جـ- يمكن علاج الحموضة للحامل من خلال السيطرة على الزيادة في الوزن، حيث يساهم الوزن الزائد في الضغط على المعدة وهو ما يزيد من حدة الشعور بالحموضة أثناء فترة الحمل، وفي هذه الحالة قد تستمر المعاناة من الحموضة إلى ما بعد الولادة.
دـ- تغيير وضعية النوم بحيث يكون الجزء العلوي من الجسم أكثر ارتفاعاً من الجزء السفلي أثناء الاستلقاء حتى تظل الأحماض في المعدة ولا تتمكن من الارتداد إلى الصدر أو المريء، كما ينصح بالجلوس أثناء تناول الطعام وبعده للسبب ذاته.
هـ- الابتعاد عن بواعث القلق والتوتر وكل ما من شأنه أن يتسبب في اكتئاب الحمل إذ إن الشعور بالقلق والتوتر والاكتئاب يساعد على تحفيز الشعور بحرقة المعدة، ويمكن مقاومة هذه الاضطرابات من خلال ممارسة التمارين الرياضية المناسبة.
3) علاج حرقة المعدة للحامل بالاعشاب :
بالإضافة إلى ما سبق يمكن علاج حرقة المعدة للحامل بالاعشاب الطبيعية عوضاً عن التعجل باستخدام العقاقير الدوائية، ومن أبرز الأعشاب الموصى بتناولها للتخفيف من حدة الأعراض المصاحبة للحموضة الزنجبيل والبابونج والهندباء الخضراء والنعناع.
4) علاج الحموضة للحامل بالعقاقير الدوائية :
في بعض الأحيان يفشل علاج الحموضة بالأساليب السالف ذكرها وهو ما يضطر الطبيب المختص لوصف أحد العقاقير الدوائية المناسبة للسيطرة على الوضع المزعج، ومن أبرز العلاجات الدوائية التي يتم وصفها في هذه الحالات مضادات الحموضة التي تحتوي كربونات الكالسيوم أو مضادات الحموضة التي تحتوي على هيدروكسيد المغنيسيوم وهيدروكسيد الألومنيوم.
بالإضافة إلى مضادات مستقبلات الهستامين الآمنة كالفاموتيدين والرانيتيدين وكذلك مثبطات مضخة البروتون كالأوميبرازول والإيسوميبرازول واللانسوبرازول، كما يمكن علاج الحموضة للحامل من خلال تعاطي عقار سكرلفيت الآمن.
ما هي اسباب الحموضة للحامل ؟
تعرفنا في السطور السابقة على كيفية علاج الحموضة للحامل فدعونا نكتشف الآن الأسباب الباعثة على الشعور بهذه الحرقة المزعجة، يشير المختصون إلى أن اسباب الحموضة للحامل تتلخص في النقاط التالية:-
1) ارتفاع معدل هرمون البروجسترون في الجسم – وهو من اعراض الحمل في الشهر الاول -.
2) تباطؤ عملية الهضم وبقاء الطعام لفترة طويلة في المعدة.
3) نمو الجنين وزيادة كتلته وبالتالي زيادة الضغط على الأعضاء الداخلية كالمعدة وغيرها.
4) الإفراط في شرب المشروبات الغازية أو المشروبات التي تحتوي على قدر كبير من الكافيين.
هل الحليب يخفف الحرقان للحامل ؟
تتساءل بعض السيدات هل الحليب يخفف الحرقان للحامل والإجابة هي نعم، يساهم الحليب في التخفيف من حدة الشعور بالحرقة كونه يعمل على موازنة درجة الحموضة في المعدة ويحول دون ارتداد السوائل والمواد الغذائية إلى المريء، فهو يحتوي على الفيتامينات والكالسيوم وغيرها من العناصر المفيدة في السيطرة على مثل هذه الأعراض.
متى تبدأ حرقة المعدة عند الحامل ؟
من الأسئلة المتداولة متى تبدأ حرقة المعدة عند الحامل والإجابة هي أن معاناة المرأة الحامل من الحرقة تبدأ عادةً من الشهر الثاني وتستمر في التزايد بشكل تدريجي لتصل إلى طور التفاقم في الأشهر الأخيرة.
هل الحموضة تضر الجنين ؟
تتساءل العديد من أولات الأحمال هل الحموضة تضر الجنين والإجابة هي لا، لا تلحق الحموضة الضرر بالجنين ولا تؤذيه إلا في حال زيادتها عن المعدل الطبيعي وتأثيرها على شهية الحامل، ففي هذه الحالة سترفض الأم الطعام وهو ما سيؤثر بالسلب على الجنين.
ما الأطعمة التي تساهم في علاج الحموضة للحامل ؟
توجد أكلات لعلاج الحموضة للحامل ومنها بياض البيض والخضراوات الخضراء ودقيق الشوفان والخبز والأطعمة الغنية بالزنجبيل، بالإضافة إلى الصبار والموز والبطيخ والبابايا واللوز والأطعمة الغنية بالبروبيوتيك.