عمير بن وهب | شيطان الجاهلية نصير الإسلام

عمير بن وهب

يقول الله تعالى “إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء”، فالله هو القادر على تحويل قلوب العباد من الضلال إلى الحق، ومن الظلمات إلى النور، ومن كراهية الإسلام إلى التضحية بالنفس من أجل نصرته، فكم من ذليل أعزه الله وكم من فاسق هداه الله؟ وهذا ما حدث مع عمير بن وهب الذي تحول من البطش بالمسلمين إلى نصيرهم، ومن محاربتهم إلى الوقوف بصفوفهم، فسبحان مقلب القلوب.

نبذة عن عمير بن وهب

ـ كان من صناديد الكفر يملأ قلبه الحقد فتحول إلى صحابي جليل تملأ قلبه ايات السكينه والرحمة، وكان عمير بن وهب من أشد أعداء الإسلام، وقد آذى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا قبل الهجرة، اسمه هو عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وإلى عدنان يعود أصله.

ـ كان فقيرًا في الجاهلية ولم يكن من كبار المشركين، فلم تكن له عائلة تنصره، ولكن كان صاحبًا لصفوان بن أمية وابن عمه وهو من كبار قريش وابن سيد قومه، وكان يدعى بين أهل مكة ( عمير بن وهب شيطان قريش ).

عمير بن وهب ودوره في بدر

خرج المسلمون من مكة مهاجرين إلى المدينة النبوية ليتخلصوا من ظلم الظالمين وطغيان المتجبرين، ولكن لم يتركهم الكافرون في حالهم فعزموا على قتالهم حتى يبيدوهم عن بكرة أبيهم ولكن هيهات!

خرج الكافرون من مكة وهم عازمون على قتال النبي وعرف النبي بهذا الأمر، فاجتمع شملهم عند بدر، وعندما وصل المشركون، أرادوا أن يتفحصوا أعداد المسلمين، ولم يكن لهذا الأمر الخطير إلا عمير بن وهب فهو حاد البصر والبصيرة.

فذهب دون أن يدري المسلمين والتف من حولهم، وقام بمعرفة أعداد المسلمين وأحوالهم، وعاد إلى جيش الكفار ليخبرهم بما رأى، حيث بين لهم أنهم حوالي 300 شخص، ولكنه أكد لهم على جاهزية هذا الجيش، وأنهم إذا قُتل منهم شخص فلن يموت إلا بعد قتل واحد من الكفار، وإن حدث ذلك فسيكون وبالًا على المشركين.

وقد تأثر بعض فرسان قريش وسادتها بهذا الكلام ورغبوا في الرجوع مرة ثانية دون قتال المسلمين، ولكنه العناد والكبر الذي تملك قلب وعقل عدو الله أبا جهل الذي غضب منه بشدة واتهمه بأنه يثبط من عزيمتهم، وبالفعل استطاع أبو جهل إقناع كفار قريش بالحرب.

وقد أبلى شيطان الجاهلية بلاءً حسنًا في هذه الحرب، واستطاع قتل بعض المسلمين، إلا أنه عاد إلى مكة وترك ولده أسيرًا لدى المسلمين.

إسلام عمير

ظل الكفار يعانون مما حدث في بدر وهزيمتهم المُذلة، وكان عمير بن وهب وصفوان بن أمية يتحسرون عما حدث في هذه الغزوة، وفي خلال جلوسهما بمفردهما دون أن يكون هناك أي شخص معهما، قال صفوان لعمير بأنه غاضب مما حدث لوالده ويريد أن ينتقم، فرد عليه عمير أنه هو الآخر مثله وذلك بسبب الهزيمة بالإضافة إلى أسر ولده لدى المسلمين.

كما أخبره عمير أنه يرغب في قتل محمدًا لو أتيحت له الفرصة ولكن ما يمنعه من ذلك هو أنه عليه دين وكذلك له عيال لا يوجد من ينفق عليهم غيره، فطمأنه صفوان بأن دينه هو ملزم به وأن عيالُه سيضمهم لعياله.

فأجمع أمره ووضع السم على سيفه وانطلق إلى المدينة المنورة ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت حيلته هو الدخول على النبي بغرض أن يفتدي ولده.

وعندما وصل عمير إلى المدينة المنور رآه عمر بن الخطاب وكان يكرهه كرهًا شديدًا بسبب ما فعله في بدر، ولم يطمئن له وأخبر الصحابة بأن يكونوا بجوار الرسول لأنه سيفعل به السوء.

وعندما دخل عمير على رسول الله سأله عن سبب قدومه إليه، فرد عليه عمير أنه أتى من أجل ولده، فأخبره الرسول بما دار بينه وبين صفوان، فما كان منه إلا أنه أعلن إسلامه لأنه تيقن أن الله تعالى هو من أخبر نبيه بما حدث حيث لم يكن معهما أي إنسان، وانتهت قصة عمير بن وهب بالإسلام.

ويذكر أن قصة إسلام عمير بن وهب تشبه  قصة عمر بن الخطاب عندما أسلم، وذلك لأن كلاهما تحولا من الكفر إلى الإسلام بسبب موقف مؤثر حدث لهم.

قصة عمير بن وهب

قصة عمير بن وهب

فارق مكة كافرًا وعاد إليها مسلمًا

أعلن عمير بن وهب إسلامه وعزم على العودة إلى مكة ليعلن إسلامه ويواجه الكفار كما كان يواجه المسلمين قبل إسلامه، وبالفعل وصل إلى مكة واستقبله صفوان بن أمية وعندما علم بإسلامه غضب منه غضبًا شديًدا، ولم يبالٍ عمير بكلامه، ولكنه ذهب إلى مكان اجتماع كبار مكة وأعلن إسلامه.

وبدأ يدعو إلى دين الله حتى أسلم معه نفر كبير فأخذهم وذهب إلى المدينة المنورة، وظل مجاهدًا مع النبي ومن بعده ابو بكر الصديق وعمر حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى.

صحبة الكفر وصحبة الإسلام

عند الحديث عن عمير بن وهب سير أعلام النبلاء لا يجب أن ننسى صحبته مع صفوان بن أمية، فلم تكن بالصحبة البسيطة بل كانت صحبة قوية، لذلك أراد عمير أن ينجو صفوان من ظلمات الجاهلية وأن يدخل الإسلام، فعندما علم أن صفوان ذهب إلى البحر ليلقي بنفسه فيه، ذهب إلى الرسول وطلب منه أن يُؤمن صفوان ففعل الرسول ذلك.

فذهب عمير إلى صفوان وقاله له بأنه قد أتاه من عند أكرم الناس وأبرهم، وأن النبي قد عفا عنه، فلم يصدقه صفوان إلا بعد أن جاء بالدليل، وبالفعل ذهب معه صفوان إلى النبي وأسلم بين يديه، فكانت صحبة خير.

انتقال عمير إلى الرفيق الأعلى

كانت وفاة عمير بن وهب في عام 23 هـ وذلك بعد أن أفنى حياته في خدمة دين الله عز وجل، وقد مات في عهد عمر بن الخطاب وذلك قبل أن يتولى عثمان بن عفان الخلافة.

ما هو الموقف الذي شجع عمير على الإسلام؟

الموقف هو علم النبي صلى الله عليه وسلم بما دار بين عمير وبين صفوان بن أمية بشأن مقتله على الرغم من عدم وجود أي شخص آخر معهما عندما تم الاتفاق على مقتل الرسول.

ما مقولة عمير بن وهب التي أزعجت الكفار في غزوة بدر؟

قال لهم وهو يصف لهم جيش المسلمين ((ولكن يا معشر قريش، رأيت المطايا تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يُقتل رجل منهم حتى يقتل رجلًا منكم، فإذا أصابوا منكم مثل عددهم، فما خير العيش بعد ذلك؟ فانظروا رأيكم)).

هل كان لصحبة عمير بن وهب خير لصفوان بن أمية؟

بكل تأكيد، وهل يوجد خير بعد الإسلام! فقد كان لعمير بن وهب الفضل في هداية صفوان ودخوله في الإسلام.

في أي عهد توفي عمير بن وهب؟

توفي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.

مواضيع ذات صلة

عروة بن الزبيرعروة بن الزبير | المُبتلى الصبور

حكيم بن حزامحكيم بن حزام |سير أعلام النبلاء