الإيمان الراسخ في قلب كل مسلم ويقينه بأن الله هو المنقذ الوحيد والقادر على نصره وجبره، يجعله في غنى عن استخدام قوته وجسده الضعيف في مواجهة خفايا القدر، فعلمتنا غزوة حنين أن النصر من عند الله وأن الافتخار بأعمال النفس سبب من أسباب الفشل والهزيمة المبكرة.
سبب غزوة حنين | أعظم درس للمسلمين
نشأ في قلب المسلمين إعجاب بعددهم الذي زاد عن أي معركة قاموا بها من قبل، فما لبث أن أتتهم الهزيمة في بداية غزوة حنين التي جاءت وجاء معها كل غرور وكبر بقولهم “لن نهزم اليوم من قلة”، فتحركت المشاعر بدلًا من السيوف وركز ضعاف الإيمان على الهرب من أول ضربة وقعت من جيش هوازن الذي بلغ عدده ثلاثين ألف مقاتل تحت قيادة (مالك بن عوف النصري) استعدادًا لـ معركة حنين .
لم تكن قلوب بعض القبائل راضية عن الازدهار الكبير الذي يعيش فيه المسلمون ورسول الله -عليه الصلاة والسلام- واتساع دائرة الإسلام في كل مكان بعد فتح مكة و غزوة خيبر وصلح الحديبية الذي مهد لرسول الله الطريق لدعوة الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد، ففكرت قبيلة هوازن وثقيف في إعلان الحرب على المسلمين قبل أن تزداد عزتهم ويستقر الأمر لهم.
فاجتمعت صفوف هوازن وثقيف وانضم إليهم مضر وجشم وبعض الرجال من بني هلال وسعد بن بكر لمحاربة المسلمين وإنهاء حكمهم رافضين الإنصات لدعوة سيدنا محمد، وعندما علم النبي -عليه الصلاة والسلام- بنيتهم عزم في نفسه على تجهيز جيش المسلمين من أجل الحرب بكل ما أوتي من قوة وحكمة، لذلك سعى المصطفى إلى عقد صفقات حربية مع صفوان بن أمية الذي لم يُسلم بعد، وذلك بهدف تدعيم الجيش بأحدث الأسلحة.
تاريخ غزوة حنين :
وقعت غزوة حنين في اليوم الثالث عشر من شهر شوال في السنة الثامنة من الهجرة النبوية الشريفة بعد أن انتشر الإسلام في أنحاء الجزيرة العربية وخارجها، وانصرف النبي –عليه الصلاة والسلام- يدعو الناس إلى الدين ويكثف كل جهوده من أجل ذلك الأمر، إلا أن هناك بعض القبائل التي رفضت الاستسلام والدخول في الإسلام وسولت لهم أنفسهم محاربة المسلمين.
لم يرد المصطفى أن تقع الحرب في مكة بسبب ما كان عليه أهلها من جهل وشرك ورغبتهم الشديدة في إلحاق الأذى بالمسلمين، فإن استطاع (مالك بن عوف النصري) غزو أرض مكة سيعاونه أهلها في القضاء على المؤمنين، لذلك قرر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الخروج بكامل طاقته العسكرية إلى مكان مكشوف بين الطائف ومكة يسمى (حنين).
مكان غزوة حنين :
تُعلمنا الغزوات الكثير من العبر والدروس وتعرفنا حجمنا الطبيعي أمام قدرة المولى عز وجل مثل غزوة مؤتة التي علمتنا أن النصر من عند الله فعندما تبدأ بحكاية غزوة حنين للاطفال الصغار ستتعلم أن الغرور والإعجاب بالنفس هما أول درجات الهزيمة والفشل، فالإنسان غير قادر على مواجهة ما تخبئه له الحياة بعقله الضيق ونفسه الأمارة بالسوء، ويمكنك قراءة كتاب غزوة حنين دروس وعبر Pdf للمؤلف (أمير محمد المدري) لتنزل عليك السكينة وتتأكد من لطف الله.
قرر الرسول -عليه الصلاة والسلام- الخروج بالمسلمين يوم الثالث عشر من شوال في العام الثامن من الهجرة إلى وادي من أودية مكة الذي يبعد عنها حوالي ستة وعشرين كيلو مترًا من جهة الشرق، بينما المسافة التي تفصله عن حدود الحرم حوالي أحد عشر كيلو مترًا، ويطلق عليه في وقتنا الحالي “يدعان”.
مجريات معركة حنين :
استعد جيش المسلمين الذين يبلغ عدده اثني عشر ألف مقاتل للخروج إلى حنين عند فجر يوم الثالث عشر من شوال، ولكن مالك بن عوف النصري سبق بجيشه الذي يبلغ حوالي ثلاثين ألف مقاتل بأبنائهم ونسائهم وأموالهم وأبقارهم وإبلهم وأغنامهم إلى هناك ونصب الكمائن وأعد العدة وجهز كل ما يلزم لمحاربة المسلمين، بينما كان يفكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف يمكنهم المرور من هذا المنحدر الكبير والوصول إلى حنين.
بعد بلوغ الجيش المحمدي مقصده أرسل الرسول -عليه الصلاة والسلام- (أنس بن أبي مرثد) بحصان إلى رأس الجبل ليُراقب المكان من طلوع الشمس وحتى الغروب وأوصاه النبي ألا يتحرك من مكانه أبدًا حتى لا يعطي فرصة للعدو بمهاجمتهم، وظل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتردد عليه ويسأله إن كان يرى شيئًا فيقول: “لا والله” فقال له: “أبشر فإن لك الجنة ما ضرك ما فعلت بعد اليوم”.
كيف هزم المسلمين في بداية الغزوة؟
بعد أن اطمأنَّ سيدنا محمد من عدم وجود أي كمائن من جيش هوازن في الطريق إلى حنين، بدأ في ترتيب صفوف المسلمين للهجوم على المشركين فكانت أول كتيبة بقيادة (خالد بن الوليد) والثانية تحت راية (الزبير بن العوام) والأخيرة بقيادة علي بن ابي طالب ، فاستعدت أول كتيبة للنزول إلى وادي حنين وما أن نزلوا حتى انهالت عليهم الكمائن المنصوبة من قبل (مالك بن عوف النصري) قائد جيش هوازن.
فسارع جيش المسلمين للهرب من قبضة العدو غير ناظرين إلى الوراء إلا قلة قليلة من أصحاب رسول الله، فلما رأى النبي هذا الموقف أخذ ينادي ويقول: “يا عباد الله أنا نبي الله” فاجتمع المسلمون مرة أخرى حول رسول الله وكان عددهم 66 من الأنصار و33 من المهاجرين، ثم بدأ القتال يشتد وظهرت نتائج غزوة حنين النهائية بفوز المسلمين والحصول على الغنائم.
ما هو سبب هزيمة المسلمين في غزوة حنين ؟
منذ أن أشرقت شمس الإسلام في قلوب المؤمنين لم يعرف الخوف لهم طريقًا، على الرغم من قلة أعدادهم وضعف قوتهم إلا أن الإيمان بالله كان العامل الأكثر أهمية بالنسبة لهم، فالقلب العامر باليقين والمتوكل على الله في سرائه وضرائه كيف له أن يُهزم، ولكن الغرور تربع في قلوب بعضهم لوهلة ودخل الكبر بين ثناياها لتكن الهزيمة هي النتيجة المحتملة لهم عند المواجهة الأولى في غزوة حنين ، فما هي أسباب الهزيمة في تلك المعركة:
1- أعجب بعض عناصر جيش المسلمين بعددهم وقالوا: “لن نغلب اليوم من قلة”، وغفلت أعينهم عن الحرب والاستعداد لها على الوجه الأكمل مما أدى إلى الهزيمة المبكرة التي لولا ثبات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورحمة الله لكانت هي النتيجة النهائية لـ غزوة حنين .
2- نجاح قائد جيش هوازن في الوصول إلى مكان الغزوة (حنين) قبل المسلمين والتمركز وسط الأشجار، وأجبر جيش المسلمين على المرور في مضائق ومنحدرات أخلت بتوازن الجيش النبوي وأفقدته انتظام صفوفه.
3- على الرغم من هزيمة مشركي هوازن في نهاية الغزوة إلا أنهم استعدوا بشكل ممتاز عن طريق وضع الكمائن للمسلمين في ظلام الليل وترتيبها بشكل يصعب على فريق استطلاع الجيش النبوي اكتشافها.
اين يقع ذكر غزوة حنين في كتاب الله ؟
خاض جيش المسلمين العديد من الغزوات المهمة وتحملوا الآلام في سبيل نشر الدين الإسلامي، ولم يُمانع أحد منهم الجهاد بروحه في سبيل الله وإعلاء كلمة الحق، وكانت غزوة حنين من أهم الغزوات التي شارك فيها عدد قليل من المؤمنين مع رسول الله -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- ومنهم ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب ورجال بني هاشم بعد أن فر ضعاف الإيمان من المعركة خوفًا من الموت والأعداء.
فأنزل الله قوله تعالى في سورة التوبة “ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ” فتشتت جمع المسلمين في بداية المعركة وأخذ كل منهم يفر إلى مكة بعد أن هجم جيش هوازن وثقيف عليهم من كل جانب، فبدأ سيدنا محمد يقول ” يا عباد الله أنا رسول الله” فأجابه عمه العباس صاحب الصوت الجهوري وأخذ يساعده وينادي “يا أصحاب بدر هيا إلى القتال”.
لجأ الصحابة رضوان الله عليهم إلى الله -عز وجل- بالدعاء، فسمع الله دعاءهم وأمدهم بجنودًا لم يروها وجعل كلمته هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، فأنزل الله سيدنا جبريل ومعه عدد كبير من الملائكة ليشدوا من أزر المسلمين في غزوة حنين ، حيث كانوا يرونهم كالنمل الأسود الصغير على أجساد المشركين بينما يراهم الكافرون كالفرسان البيضاء، وقال تعالى “ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ”.
ما هو ملخص غزوة حنين؟
بعد أن أعجب المسلمين بكثرتهم كانت الهزيمة عقابًا لهم ولكن الله أكرمهم بالنَّصر في النهاية بعد أن علمهم درسًا قاسيًا وعظيمًا.
كم عدد شهداء جيش المسلمين؟
استشهد من جيش المسلمين أربعة رجال وهما أيمن بن عبيد وسراقة بن الحارث بن عدي وأبو عامر الأشعري وزيد بن زمعة بن الأسود وجُرح آخرون.
ماذا فعل النبي ﷺ مع جيش هوازن؟
توجه النبي حاملًا في يده حفنة من التراب وألقاها على رجال هوازن الذين بدؤوا في فرك أعينهم وأفواههم واشتد عليهم القتال فهزموا وفروا هاربين.
من كان المسؤول عن إخبار الرسول بخطة هوازن؟
بعث الرسول ابن أبي حدرد إلى هوازن وأمره بالجلوس بينهم في الليل وأخذ أخبارهم قبل المعركة.