تذكر دوماً المقولة الخالدة: ما حك جلدك مثل ظفرك عندما تفكر بعقلٍ مشوش أن الآخرين سيقدمون عوناً لك أفضل من نفسك، فسؤال الغير ما هو إلا مضيعة للوقت، وخسارة لعزة النفس، فعليك عزيزي القارئ أن توطد ثقتك في ذاتك، وتؤمن أن الإنسان وحده من يشعر بضيقه وفزعه ومشكاته، فمهما حك لك الآخرون جلدك لن يصلوا لنفس تأثير ظفرك الذي يلتحم بجسدك، ويفطن أنينك.
نبذة عن قائل ما حك جلدك مثل ظفرك
قائل ما حك جلدك مثل ظفرك هو الإمام والفقيه (أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ).. ولد عام 767 ميلادياً، ودرس فقه الحجاز على يد الإمام (مالك بن أنس)، وفقه العراق على يد العالم (محمد بن الحسن الشيباني)، وعُرِف عن الإمـام الشـافعي -رحمه الله- فصاحة اللسان وحلاوة الكلام، وهو مؤسس ثالث المذاهب الأربعة ، ومؤسس علم أصول الفقـه، بالإضافة إلى الكثير من العلوم الدينية كعلم التفسير، علم الحديث.
بجانب العلوم الدينية كان الإمـام الشـافعي -رحمه الله- شاعراً عذب الكلم، ومدح علمه وشعره وأقواله الحكيمة الكثير من الأدباء والفقهاء منهم الواعظ (يحيى بن إبراهيم السلماسي) الذي قال في وصف الشافـعي: (إمـام الأئمة، ومفتي الأمـة، والمصباح الزاهر في الظلمة.. في التفسير ابن عبـاس، وفي الحديث ابن عمر، وفي الفقه معـاذ، وفي القضاء علي، وفي الفرائض زيد، وفي القراءات أُبَيّ، وفي الشعر حسان، وفي كلامه بين الحق والباطل فرقـان).
أبيات قصيدة ما حك جـلدك مثل ظفـرك كاملة
يبحث الكثير من الأشخاص عن أبيـات قصيدة ما حك جلدك مثل ظفرك كاملة ، وذلك لملائمة تلك الأبيات كثيراً للخذلان الذي يتعرض إليه غالبية البشر عندما يطلبون المساعدة من الغير في شؤونهم الخاصة، وعلى الرغم من أن أبيات قصيدة الإمام الشـافعي (ما حـك جلدك مثـل ظفرك) غير كثيرة، إلا أنها استطاعت وصف الاعتماد على الذات، وكيفية اختيار العون الصحيح في المواقف الحياتية بحكمة بالغة، وتتمثل تلك الأبيات فيما يأتي:
ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفركَ
فَتَوَلَّ أنْتَ جَميعَ أمركْ
وإذا قصدْتَ لحاجَةٍ
فاقْصِدْ لمعترفٍ بقدْرِكْ
شرح قصيدة ما حك جـلدك مثل ظـفرك
يمكننا أن نلمس معنى كلمات المثل الصيني: (للذهب ثمن والحكمة لا ثمن لها) في قصيدة الإمـام الشافعي المليئة بالمأثورات العميقة، فكل حرف من الكلمات الرصينة التي كتبها الشـافعي في قصيدته ما حك جلدك مثل ظفرك يدل على رجاحة عقله، وحصافة قوله، وفيما يلي شرح مبسط لأبيات الإمام بالغة الحكمة:
1) البيت الأول:
يقول محمد رسول الله – ﷺ- في حديثه الشريف: (مَن يَكْفُلُ لي أن لا يسأل النَّاسَ شيئاً، وأتَكَفَّلُ لَه بالجنَّة)، ولعله لا يوجد قول أبلغ من كلام المصطفى – ﷺ- حتى نتيقن من معنى قول الإمام الشافعي (ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفركَ.. فَتَوَلَّ أنْتَ جَميعَ أمركْ)، والذي يحث به الناس على تحمل مسؤولياتهم بأنفسهم، كونهم الأجدر بتوليها مهما بدا لهم الآخرون قادرين على حل أزماتهم، فعف النفس عن سؤال الغير يزيد من عزتها، وهوانها على صاحبها بالاتكال على الناس يُدني من قدرها.
2) البيت الثاني:
يُكمل الإمـام الشـافعي -رحمه الله- كلماته الحكيمة بعد قوله: ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك بالبيت الذي يقول: (وإذا قصدْتَ لحاجَةٍ… فاقْصِدْ لمعترفٍ بقدْرِكْ)، ويرد صاحب القول الفقيه بهذا البيت على الذين يرون أن هناك بعض الأمور لا بد من الرجوع بها للغير، وأن النفس لا تقوى على إتمامها بمفردها من باب التعاون والمؤاخاة، ويخبرهم أنه في حال ضرورة قصد الآخرين في أمر ما، فإنه يجب انتقاء من يتم قصدهم في الأمر بعناية، وذلك حتى لا يندم المرء على طلب العون ممن لا يقدر شخصه.
متى يضرب المثل بقول ما حك جلدك مثل ظفرك
ترتبط قصة المثل ما حك جلدك مثل ظفرك دوماً بالمواقف التي يتعلم فيها الإنسان أنه ما من خلق على البسيطة أدرى بشئونه منه، فعلى الرغم من أن جملة (مـا حك جلـدك مثل ظفـرك) هي مقولة شعرية للإمام الشـافعي -رحمه الله-، إلا أنها شاعت بين الناس حتى اليوم كمثل يشبه الأمثال الشعبية العتيقة، والتي يُلقيها علينا السلف والمقدمون كحكمة جليلة تُرشدنا إلى أهمية الاعتماد على النفس، ولعل الأشخاص عامة يطلقون مثل (مـا حك جلدك مثل ظفـرك) على العديد من الأمور الحياتية أبرزها ما يأتي:
1) الأمور المادية:
تلمس عبارة ما حـك جلدك مثل ظـفرك لقائلها الامام الشافعي -رحمه الله- الكثير من الأمور المادية التي يكتشف الإنسان فيها بأنه لا معين له على أموره سواه مثل طلب إنجاز المهمات العملية من الأشخاص غير المسندة إليهم، وعندما يلمس القصور منهم في أداء تلك المهمات يُدرك صدق تلك المقولة.
2) الأمور النفسية:
ليست الأمور المادية فقط التي تُظهر لنا واقعية المقولة الشهيرة ما حك جلدك مثل ظفرك ، بل هناك العديد من الأمور النفسية التي يتضح بها معناها أمام المرء، كالقيام بالشكوى للغير من أمر ما، والانتظار منه إبداء التأثر الشديد من هذا الأمر، وتكون ردة فعله غير المتوقعة هي الدليل على أن الإنسان وحده من يشعر بذلاته، وأن مشاعر الآخرين لا يمكنها أبدًا وصف الخيبة التي يأسرها المرء في كينونته.
أقـوال أخرى للإمام الشافـعي
تعد اقوال الشافعى من المورثات الأدبية التي تصف أحوال النفس البشرية، وطريقة تصرفها في العديد من الأمور والمواقف، كما أن معظم تلك الأقوال تبدو كنصائح قيمة يسلم مدركها من أذى الدنيا والناس، مثل مقولة (ما حـك جلدك مثل ظفرك)، والكثير من الأقوال الأخرى كالآتي:
1) “وما أكثر الإخوان حين تعدهم.. ولكنهم في النائبات قليل”.
2) ” إذا نطق السفيه فلا تجبه.. فخير من إجابته السـكوت”.
3) ” إذا الـمرء لا يرعاك إلا تكلفا.. فدعه ولا تكثر عليه التـأسفا”.
4) ” إذا ضاق صدر المـرء عن سر نفسه.. فصـدر الذي يستودع السر أضيق”.
إعراب جملة ما حك جـلدك مثل ظفـرك
1) ما: (حرف نفي مبني على السكون لا محـل له من الإعراب).
2) حك: (فعل ماضي مبني على الفتح).
3) جلدك: (مفعول به مقدم منصوب بالفتحة، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه).
4) مثل: (فاعل مرفوع، وهو مضاف).
5) ظفرك: (ظفر مضاف إليه مجرور، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه).
لماذا قال الشاعر مثل ظفرك ولم يقل غير ظفرك؟
أراد الإمـام الشافعـي أن يُخرج كلمات البيت كما الأمثال المليئة بالإيجاز، ومعنى البيت هو أنه حتى لو وُجِد شيء آخر يحك جلدك لن يماثل ظفرك.
هل هناك أقوال معناها مشابه لمقولة ما حك جلدك؟
هناك الكثير من الأقوال المشابه معناها لمعنى مقول ما حك جلـدك مثل ظفـرك، ومنها (لا تعتمد كثيراً على أحد في هذه الحياة... فحتى ظلك يتخلى عنك في الأماكن المظلمة).
ما هي الأمثال الشعبية التي تماثل قول الشافعي؟
هناك بعض الأمثال الشعبية التي تماثل قول الشافعي (ما حـك جلدك مثل ظفـرك)، ومن أبرزها (اتعِب أقدامك ولا تتعب لسـانك).
ما الصور الفنية في بيت ما حك جلدك مثل ظفرك؟
بيت (ما حك جـلدك مثل ظفـرك) كناية عن الاعتماد على الذات، وعدم الاتكال على الغير بحكم التركيب والمجاز.