إن أجّل اللحظات التي يحياها الإنسان هي تلك التي يعيشها في رحاب القرآن الكريم، حين يكون الحديث مع الله جل في علاه، عندما يفكر العقل البشري في آيات هذا الكتاب فيتيقن أن الله تعالى قد أودع فيها أسرارًا لا تعد ولا تحصى، وعندما يقرأ الإنسان الآيات التي تشير إلى العطايا الربانية سيجد من ضمنها قوله تعالى “وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي والقُرْآنَ العَظِيمَ”، حينئذ سيتساءل عقله ما هي السبع المثاني وما هي قيمتها لكي تكون عطية الرحمن لنبيه؟
ما هي السبع المثاني | أقوال الفقهاء فيها
يقول الله عز وجل في سورة الحجر: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)، وهذه الآية من الآيات العظيمة التي تشير إلى عطية الله عز وجل لنبيه، والله لا يعطي إلا كل ما هو عظيم، فعلى قدر المُعطي والمُعطى له تأتي قيمة وجلال الهبة، لذلك تعد “سبعًا من المثاني والقرآن العظيم” هبة جليلة باتفاق العلماء إلا إنهم اختلفوا في تفسيرها، وجاءت أقوال العلماء في الإجابة عن ما هي السبع المثاني ؟ على النحو التالي:
أولًا: الرأي القائل بأنها سورة الفاتحة
قال عدد من العلماء إن المراد بالسبع المثاني هو سورة الفاتحة، وهو أصح الأقوال حيث روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: “مرَّ بي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا أُصَلِّي، فدعاني فلم آتِهِ حتى صَلَّيْتُ، ثم أتيته فقال: ما منعك أن تأتِيَنِي؟ فقلت: كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: (يا أيُّها الذينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وللرَّسُولِ إذا دَعاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) ألا أعلِّمك سورة في القرآن قبل أن أَخرُج من المسجد؟ فذهب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليخرج ذَكَّرْتُه فقال: الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتِيتُه).
كما روى الترمذي في حق السبع المثاني “الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني”، وورد هذا الحديث في صحيح الجامع وغيره.
ثانيًا: هي السور السبع الطوال
تشير بعض الآراء إلى أن الإجابة على سؤال ما هي السبع المثاني ؟ تتلخص في إنها السور السبعة الطوال، وهي (البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال مع التوبة)، وهذا الرأي هو ما يتبناه عبد الله بن عباس وغيره.
ثالثًا: أقسام القرآن
هناك بعض الأقاويل التي تجيب على ما هي السبع المثاني ؟ على أنها أقسام القرآن الكريم حيث الأوامر، والنواهي، والتبشير، والإنذار، وضرب الأمثال، وتعداد النعم، وأخبار الأقوام الأخرى.
ما هي السبع المثاني ولماذا سميت بذلك ؟
أشرنا من قبل إلى الآراء المتباينة التي وردت في كتب التفسير عن إجابة سؤال ” ما هي السبع المثاني ؟”، إلا أن جُل العلماء يؤكدون على أن الفاتحة هي السبع المثاني نظرًا للأحاديث النبوية الصحيحة التي أشارت إلى ذلك، وسميت الفاتحة بهذا الاسم لعدة أسباب، نذكرها كما يلي:
1) تشتمل معظم آيات سورة الفاتحة على حمد الله والثناء عليه وتعظيمه وتمجيده بما يليق به جل في علاه.
2) تعد شرطًا رئيسًا من شروط صحة الصلاة، فلا تصح الصلاة بدونها، فهي تُقرأ في كل ركعة من ركعات الصلاة سواء كانت الصلاة المفروضة أو التطوعية، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صلاةَ لمن لم يَقرَأْ بفاتحة الكتاب).
3) تحوي سورة الفاتحة آيات تشمل غايات القرآن الكريم وأحكامه حيث يقول الله تعالى: (اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ).
4) تتألف سورة الفاتحة من سبع آيات تقرأ كلها في كل ركعة من ركعات الصلاة، ويذكر أن البسملة لا تنتمي إلى آيات السورة.
5) هي مزية تخص الأمة الإسلامية وحدها دون غيرها من الأمم، فقد ميز الله بها الدين الإسلامي، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والَّذي نَفسِي بيدِه، ما أُنزلَ في التَّوراةِ، ولا في الإنجيلِ، و لا في الزَّبورِ، ولا في الفُرقانِ مِثلِها، (يعني أمَّ القُرآنِ)، وإنَّها لسَبعٌ من المثانِي والقرآنُ العظيمُ الَّذي أُعطيتُه”.
لمحات مضيئة في ظلال سورة الفاتحة
تعد سورة الفاتحة من أعظم سور القرآن الكريم، فهي أحد اركان الصلاة وواجباتها ، وقد بدأت بحمد الله والثناء عليه، وتعظيم صفاته، وأكدت أن الله تعالى هو من يستحق الثناء وحده دون غيره، ثم تكمُل الآيات بذكر صفة رحمة الله في الدنيا والآخرة، وبعد ذلك تأخذنا آياتها إلى يوم القيامة، والتأكيد على أن الله تعالى هو من يملك هذا اليوم.
بعد أن أظهرت الآيات رحمة الله وقدرته انتقلت إلى العباد وحثتهم على عبادة الله تعالى، والاستعانة به في كل وقت، والتوكل عليه، وطلب الهداية منه في الدنيا والآخرة.
وتنتهي سورة الفاتحة بعدد من الآيات التي توضح أصناف الناس في الآخرة تبعًا لما قاموا به من أعمال في الدنيا، فجاء الصنف الأول الذي يشير إلى أصحاب النعيم الدائم (صراط الذين أنعمت عليهم)، وهؤلاء هم من استجابوا لله ولرسوله، وآمنوا بالدين الإسلامي، واستقاموا على الهدى والصلاح.
أما الصنف الثاني فيرمز إلى المغضوب عليهم، وهؤلاء هم من أشركوا بالله عز وجل، وجعلوا له الولد والزوجة، وفضلوا الدنيا على الآخرة مع أن الله أرسل لهم الرسل والأنبياء، وبهذا استحقوا غضب الله عليهم وتعذيبه إياهم في الآخرة.
والصنف الثالث إشارة إلى أهل الضلال، وهم الذين يرتكبون الذنوب والمعاصي، إلا أن بعض المفسرين قالوا بأن الضالين هم النصارى.
ما هي أسماء سورة الفاتحة؟
في إطار الحديث حول ما هي السبع المثاني الشعراوي يجب أن نشير إلى أن السبع المثاني من أسماء سورة الفاتحة ثم إنها لها أسماء عدة نذكر منها:
ــ فاتحة الكتاب: فهي أول سور القرآن الكريم في ترتيب المصحف الشريف، ويقال بأنها أول ما سُطرت في اللوح المحفوظ.
ــ أم الكتاب: أي إنها أعظم سور القرآن الكريم، ويؤكد العلماء على أن حرمتها من حرمة القرآن بأكمله.
ــ الوافية: لأنها اشتملت على معاني القرآن كله.
ــ الكافية: حيث إنها لا يصح الصلاة بغيرها، ويمكن الاكتفاء بها في الصلاة.
ــ النور: هي النور الذي لم يأت مثله أي نبي، فهي للنبي محمد فقط دون غيره، حيث ورد عن بن عباس أن ملك أتى رسول الله فقال له: (أَبْشِرْ بنورينِ أوتيتَهما لم يُؤتَهما نبيٌّ قبلَك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة).
ــ الشافية: سميت سورة الفاتحة بهذا الاسم لأنها شفاء للإنسان، وهي رقية مباركة حث النبي الصحابة على قراءتها على مرضاهم.
ــ الحمد والثناء: حيث بدأت سورة الفاتحة بهذه الكلمات.
ما هي السبع المثاني ابن عثيمين ؟
يرى بن عثيمين أنها سورة الفاتحة، وهذا الرأي هو أرجح الأقوال بناء على الأحاديث النبوية الصحيحة التي تؤكد ذلك.
لماذا اختلف العلماء في تفسير معنى السبع المثاني؟
اختلف العلماء في تفسير السبع المثاني نظرًا لاختلاف الأدلة وطريقة فهمم لها.
هل السبع المثاني ليست سورة الفاتحة ؟
لا، بل هي سورة الفاتحة حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته).
لماذا سميت سورة الفاتحة بالسبع المثاني؟
سميت بذلك الاسم لأنها تتألف من 7 آيات ثم إنها يتم قراءتها في كل ركعة من ركعات الصلاة بالإضافة إلى كونها ميزة خاصة بأمة الإسلام دون غيرها.