معركة الفراض | يوم أن حصد المسلمون رءوس الفرس والروم  

معركة الفراض

انتشرت الفتوحات الإسلامية هنا وهناك، ووصل صداها إلى شتى البلاد، فتغلغل الرعب في قلوب أعداء الدين، فجمعوا شملهم لكي يستأصلوا شوكة المسلمين في معركة الفراض إلا أنهم اصطدموا بسيف الله “خالد بن الوليد” الذي اندفع بجنده كالسيل الجارف، فقتل قادتهم، وفرق شملهم، وقضى على كبريائهم، وانتزع العراق من بين أيديهم.

أسباب معركة الفراض

تعد معركة الفراض من المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي حيث تمكن فيها خالد بن الوليد من إبادة جيش العدو عن بكرة أبيه، ولكن هذه المعركة سبقتها العديد من الأحداث التي مهدت لوقوعها، والتي نسردها فيما يلي:

1) بعد انتقال محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى وتولي أبو بكر الصديق الخلافة الإسلامية، أراد الخليفة أن يقضي على المرتدين ثم بعد ذلك يكمل الفتوحات الإسلامية حتى ينشر الدين في شتى البقاع، فكان خالد بن الوليد هو من اعتمد عليه في قهر أعداء الإسلام ولما لا وهو سيف الله المسلول؟!، وقد أثخن سيف الله بسيفه في رقاب الأعداء، ودمر غرور إمبراطورية الفرس والروم، حتى ذاع صيته وعٌرفت قدراته الحربية، وتيقن الجميع أن لقائه ما هو إلا موت مُحتم، لذلك امتلأت قلوبهم بغضًا لهذا الرجل.

2) كان فتح الأنبار مقدمة لحدوث معركة الفراض ، حيث ذهب خالد بن الوليد بجيشه لمقابلة الفرس بقيادة “شيرزاد” في معركة عرفت باسم “ذات العيون” حيث تمكن قناصة المسلمين من فقع عين أكثر من 1000 جندي من الأعداء حتى دب الرعب في قلوبهم، وأراد شيرزاد أن يصالح المسلمين لكن سيف الله رفض العرض، وأثحن فيهم خالد حتى فر شيرزاد ومن معه وفتح خالد الأنبار.

3) بعد ذلك اتجه إلى حصن “عين التمر” لكي يفتحه هو الآخر وتمكن من هزيمة العرب الموالين للمجوس وشتت شملهم وقطع رءوسهم حتى لا يخونوا المسلمين مرة ثانية، وفي أثناء استعداده إلى العودة إلى الحيرة ليستعد لفتح “المدائن” جاءته الأخبار بأن الفرس والروم وبعض العرب الموالين لهم يتجهزون للانقضاض عليه والتخلص منه، وكان ذلك بسبب ما فعله بهم في المعارك السابقة.

كانت الأحداث السابقة هي من جعلت الروم والفرس بعد أعوام من الكراهية والعداوة يتحدون مع بعضهم البعض لمواجهة المسلمين، حيث فطنوا إلى أن خالد لن يترك أيًا منهم، بل سيقوم بتدميرهم، لذا رأوا أن ينسوا العداوة بينهم، ويوجهوا جهودهم إلى قتال المسلمين، فكانوا ينظرون إليهم على أنهم “شرذمة من البدو ترغب في إزالة ملكهم” فجمع الأعداء قواتهم عند منطقة الفراض “وهي منطقة فاصلة بين الشام والعراق” وهذا هو موقع معركة الفراض الذي وقعت فيه المعركة.

معركة الفراض | ملحمة محق تجمعات الباطل

كل ما ذُكر آنفًا كان سببًا في معركة الفراض ، فقد أراد الروم والفرس أن يدمروا خالد بن الوليد وجيشه قبل أن يصل هو إليهم، وفيما يلي معركة الفراض بالتفصيل :

الاستعداد للمعركة:

اجتمع الفرس والروم والعرب بجيوشهم عند منطقة الفراض من الجهة الشرقية من نهر الفرات، وعندما علم خالد بن الوليد بهذا الأمر ترك الحيرة، وذهب بجيشه إلى نفس المنطقة، ولكن كان في الجهة الغربية من النهر، وبخصوص متى كانت معركة الفراض فكانت في شهر رمضان المبارك في العام 12 من الهجرة بعد أن تولى ابو بكر الصديق أمر المسلمين.

كان قوام جيش الكفار يزيد عن 100 ألف جندي، أما جيش المسلمين فكان تعداده 15 ألف جندي، وكان الفرق واضحًا للغاية، إلا أن المسلمين لم تكن مسألة عدد الجنود تشغل بالهم، فكانوا يحاربون للنصر أو الشهادة ولقاء الله.

ظل كل جيش يترقب الآخر لمدة 6 أسابيع حتى مَلّ جيش الأعداء، وقال قائدهم لخالد بن الوليد “إما أن تعبروا إلينا أو نعبر إليكم” فكان رد سيف الله “بل اعبروا إلينا”، وعندما أخبر خالد بأن يتركوا الجهة الغربية حتى يعبروا كان رد سيف الله الذي ينم عن العزة “بل اعبروا أسفل منا”، وترك لهم منطقة صغيرة فقط للعبور، ووعد القائد ألا يهاجمهم في أثناء مرورهم، وقد أوفى بوعده.

اصطدام جيش سيف الله بجيش الأعداء:

بعد أن وصل الأعداء إلى غرب نهر الفرات دقت طبول الحرب، واصطدم أسود المسلمين بفرسان المشركين وانقضوا عليهم، ومزقوهم شر ممزقًا، حتى بهت بريق جموعهم، وظل النزال بين معسكر الإيمان والشرك في أوجه.

وفي ظل صمود المسلمين دبت الرهبة في قلوب أعداء الدين وتشتت شملهم، وهذا أدى إلى ارتفاع عزيمة المسلمين فأثخنوا في العدو وقضوا على معظم جنوده.

العبقرية الحربية

العبقرية الحربية

عبقرية خالد الحربية تحقق النصر:

رأى خالد بن الوليد أن جيش العدو بدأ يتراجع، فأمر بعض فرسانه أن يذهبوا بسرعة خاطفة إلى “رءوس الجسور” -طريق مرور الفرس والروم من غرب النهر إلى شرقه-، وعندما تقهقر جيش الأعداء وذهبوا إلى منطقة الرءوس وجدوا أمامهم فرسان المسلمين الذين سرعان ما حصدوا رءوسهم وأردوهم صرعًا حتى طافت جثثهم على ماء الفرات، وهذه هي قصة خالد بن الوليد في أثناء معركة الفراض التي تبين عبقريته وحسن تصرفه.

فرار جموع الفرس والروم:

رأى جموع الفرس والروم هذا الأمر ففروا إلى الصحراء حتى ينجوا بأنفسهم من سيوف المسلمين التي لن تترك أحدًا على قيد الحياة، إلا أن سيف الله كان لهم بالمرصاد وأرسل فرقة من الجيش خلفهم فاصطادوهم في الصحراء كالأبقار الشاردة وقضوا عليهم، ومن نجا منهم فر بعيدًا.

نتائج معركة الفراض

كانت معركة الفراض البداية والنهاية كما ذُكرت فيه ملحمة عظيمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقد حققت نتائج عظيمة للغاية نذكرها كما يلي:

1) تحقيق النصر للمسلمين على جموع الفرس والروم والعرب وبهذا تبدد شملهم وضاع ملكهم.

2) عرف الموالون للفرس والروم من العرب أنهم لم يقدروا على حماية أنفسهم من بطش المسلمين تحت قيادة سيف الله لذا تخلوا عنهم.

3) رد الله كيد المشركين في نحورهم، وجعل كلمة المسلمين هي العليا، فلم يكن هناك شخص بعد معركة الفراض إلا ويعرف قدر المسلمين وقوتهم في الحروب.

4) فتح العراق والسيطرة على هذه المناطق، وتيسير الفتوحات التالية.

5) عبقرية سيف الله المسلول ليس لها مثيل، وتملك الخوف قلب كل من كان يرغب في القضاء عليه.

معركة الفراض | آخر معارك سيف الله في العراق

بعد أن تخلص خالد بن الوليد من الروم والفرس في معركة الفراض  كان من المفترض أن يذهب مع جيشه إلى الحيرة ليكمل الفتوحات الإسلامية، إلا أنه توجه إلى مكة المكرمة دون أن يخبر أي شخص غير المقربين له، وسلك طريقًا غير معروف في أسبوعين فقط، ثم أدى فريضة الحج ورجع واندمج مع الجيش حتى ظن الجميع أنه لم يتركهم.

وبعد أن علم خليفة رسول الله بهذا الأمر غضب بشدة، وأرسل إليه رسالة مفادها: “إن هذا الأمر غير مقبول وقد يؤدي إلى هلاك الجيش ولا تغتر بنفسك يا خالد”، ثم سيره إلى الشام لمحاربة أعداء الإسلام هناك.

وقد قيل إن الخليفة قد عزله من جيش العراق عقابًا له، ولكن تبعًا لـ معركة الفراض راغب السرجاني كما ذكرها فإن هذا الأمر عارٍ من الصحة فكيف يعزله؟! وقد أمره بالسير إلى الشام وأمّره على جند الشام بأكملهم وفيهم ابو عبيدة بن الجراح أمين الأمة وغيره من كبار الصحابة.

متى وقعت معركة الفراض؟

وقعت هذه المعركة العظيمة في شهر رمضان في العام الثاني عشر من الهجرة.

لماذا وقعت معركة الفراض؟

وقعت هذه المعركة بسبب رغبة الروم والفرس في التخلص من المسلمين بقيادة خالد بن الوليد وذلك لحماية ملكهم من بطش المسلمين.

لماذا رفض سيف الله العبور إلى جيش الأعداء؟

لأنه لو فعل ذلك لكان حوصر بين جيش الأعداء وبين النهر، ثم إن المسلمين لهم القدرة على الحرب وسط الصحراء فهو مكانهم المفضل الذي ينتصرون فيه على الدوام.

ماذا كان قوام كل من جيش المسلمين وجيش الكفار؟

كان عدد جنود المسلمين 15 ألف جندي، بينما كان عدد جيش المشركين ما يقرب من 100 ألف جندي.

مواضيع ذات صلة

ما هي الباقيات الصالحاتما هي الباقيات الصالحات التي ذُكرت في سورة الكهف ؟

غزوة السويقغزوة السويق | تاريخ مشرق من البطولة والشهامة