معركة عين جالوت | على صخرة مصر تتحطم رماح الباطل

معركة عين جالوت

تمر الأيام والسنون وتبقى مصر هي الحصن المنيع لكل المسلمين، فعلى صخرتها يُقهر أعداء الدين، وبسيوف رجالها تُقطع رءوس المتجبرين، ولقد كانت معركة عين جالوت خير دليل، فعندما اجتاح المغول أراضي المسلمين، وعاثوا في الأرض فسادًا لم يجرؤ على التصدي لهم سوى جيش مصر الذي أعلنها مدوية بأن هؤلاء المعتادين لن يظفروا بشبرٍ من أراضينا، فهُزم هؤلاء شر هزيمة وعادوا إلى بلادهم يجرون أذيال الخيبة بعد أن تمرغت أنوفهم، وخاب أملهم، وبهذا حطمت مصر أسطورة الجيش الذي لا يُقهر كعادتها على مر العصور.

معركة عين جالوت | حرب رد التتار عن أراضي الإسلام

تعد معركة عين جالوت من أهم المعارك في تاريخ الدول الإسلامية حيث إنها أوقفت الزحف المغولي، وحمت بلاد المسلمين من الضياع، ثم إنها كانت المعركة الأولى التي هُزم فيها المغول بعد أن دمروا معظم البلاد الإسلامية، وأسقطوا الدولة العباسية عام 656 هـ.

وعلى غرار غزوة بدر الكبرى فقد وقعت معركة عين جالوت أيضًا في شهر رمضان المبارك لعام 658 هـ بين جيوش المسلمين بقيادة “سيف الدين قطز” وبين جيوش المغول بقيادة “كتبغا”.

أحوال المسلمين قبل معركة عين جالوت

لم تتعرض الدول الإسلامية لأوقات صعبة، وعواصف مرعبة، ورياح عاتية مثلما تعرضت لها عند ظهور المغول (التتار)، ففي القرن السابع الميلادي بدأ اجتياح جيوش التتار لحدود الدول الإسلامية، ولم تترك بلدًا دخلتها إلا وسفكت دماء المسلمين فيها، وقضت على كل أشكال المدنية، ولم تكن أي دولة إسلامية في هذا الوقت بقادرة على صد هجومهم الكاسح أو ردعهم.

وكانت الخلافة العباسية في ذلك الوقت ضعيفة للغاية، حيث تصارع الحكام على السلطة، وخيانتهم لبعضهم البعض، لهذا لم يجد المغول أي مقاومة حقيقية، فكانوا يدخلون البلدة تلو الأخرى ويسقطونها بكل سهولة.

بدأ المغول بالاقتراب خطوة بخطوة من بغداد عاصمة الخلافة، فأطبقوا عليها الحصار، ولم يكن لجيوش العراق قدرة على مواجهة هذه الجيوش العاتية، فاستسلمت في خنوع، فدخلها التتار ودمروا حضارة بغداد العريقة، واستباحوا كل شيء فيها.

لم تكن أحوال بلاد الشام بأحسن من بغداد، فكانت تعاني الضعف والهوان، وبلغ من هوانها أن أرسل صاحب دمشق وحلب إلى “هولاكو” قائد جيش التتار في بلاد المسلمين يطلب منه أن يعينه على الدخول إلى مصر والتخلص من المماليك فأي كلام عن الخذلان نستطيع أن نصف به هذا الفعل الخبيث؟! إلا أن “هولاكو” لم يقبل طلبه، وأرسل إليه يحثه على تسليم بلاده له، فخشي صاحب دمشق وحلب منه، وأرسل أسرته إلى مصر، ثم بدأ في الاستعداد لحربهم استعداد المرتجف الجبان مع أنه كان يملك جيشًا قويًا.

ومع شدة الغزو، وقوة جيش التتار لم يجد الكثير من أهل الشام مفرًا إلا الذهاب إلى مصر التي كانت تحت حكم صبي صغير يدعى “المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك”، ولما كان هذا الصبي لا يصلح لمواجهة هذا الخطر اضطر نائبه “سيف الدين قطز” إلى خلعه من منصبه، وتولى هو شئون البلاد.

رسالة هولاكو إلى مصر والرد عليها

في ظل توطيد السلطان قطز أركان الدولة المصرية، وتثبيت أركان حكمه، وصلت إليه رسالة من “هولاكو” قائد جيش التتار يعلمه فيها أنه وجيشه جند الله في الأرض قد سلطهم على من حل عليهم غضبه، وطلب منه تسليم مصر دون مقاومة.

واجتمع “قطز” مع كبار رجال الدولة ليشاورهم في أمر الرسالة، فأشار عليه بيبرس أن يعدم رسل المغول ويعلق رءوسهم حتى يغلق الطريق أمام أي صلح أو استسلام، وبالفعل نُفذ هذا الأمر، وتم تعليق رءوسهم على باب زويلة.

ثم بدأ قطز بحشد الجيوش، وجمع الأموال، ثم فرض الضرائب على الأهالي والأمراء، وبالفعل استجاب الجميع لذلك بناء على فتوى “العز بن عبد السلام”.

وعند الخروج للقتال وجد صعوبة في إقناع بعض الأمراء للخروج معه، إلا أنه خاطبهم مرددًا  كلام عن عزة النفس وقوة الشخصية فاستثار نخوتهم، واستنهض شجاعتهم حيث قال:

((يا أمراء المسلمين لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته فإن الله مطلع عليه)).

أحداث معركة عين جالوت

أحداث معركة عين جالوت

ملخص معركة عين جالوت

وفي شهر رمضان الكريم خرج قطز على رأس جيشه متوجهًا إلى محاربة التتار قبل أن يأتوا هم إليه، وترك “فارس الدين أقطاي” نائبًا على مصر، وأمر بيبرس أن يأخذ فرقة من الجيش ليكن هو في الطليعة حتى يستكشف أخبار المغول.

فصار “بيبرس” بفرقته في المقدمة حتى لقي فرقة من المغول في غزة، فوقعت معركة بينهما انتصر فيها بيبرس مما أدى إلى إزالة الرهبة من نفوس المسلمين.

بعد ذلك وصل “قطز” بجيشه إلى غزة، وأقام فيها يومًا واحدًا بعد أن عقد هدنة مع الصليبيين وأخبرهم ألا يطعنوهم من ظهورهم في أثناء حربهم مع التتار، وأقسم لهم لو فعلوا ذلك سيترك حرب التتار ويعود إليهم ويتخلص منهم، فما كان منهم إلا أن وافقوا على الهدنة وبالفعل كانوا على الحياد لم يغدروا بالمسلمين.

ثم تحرك بجيشه ولحق بيبرس في منطقة عين جالوت وهذا يعد ردًا عن من يتساءل لماذا سميت عين جالوت بهذا الاسم ؟ ويذكر أن “هولاكو” قائد المغول قد ذهب مع معظم جيشه مغادرًا الشام، وترك ” كتبغا” قائدًا على ما تبقى من الجيش.

خطة قطز لمواجهة التتار:

اعتمد قطز في مواجهة التتار على إخفاء القوات الرئيسة خلف التلال، والأحراش المحيطة بعين جالوت، وأن يكون القائد في معركة عين جالوت هو الظاهر بيبرس وذلك في بداية المعركة لكي يخدع التتار، وفي صباح يوم الخامس والعشرين من رمضان اشتبك جيش مصر بقيادة الظاهر بيبرس مع جيش التتار بقيادة كتبغا، واشتدت الحرب بينهما حتى قيل إنه لم يُشهد مثلها أبدًا.

وانقضت جيوش التتار على المسلمين حتى استطاعت أن تحقق نصرًا أوليًا عليهم، وعندما وجد قطز هذا الأمر نزل بجيشه، وصرخ بأعلى صوته “واإسلاماه!” ولم تكن مجرد كلمة بل كانت كالشرارة التي أشعلت حماس المسلمين فانقضوا على الجيش المغولي وأصابوا منه الكثير، وتقدم أحد فرسان مصر وقتل قائدهم، فانهارت عزائم الجنود وفروا هاربين، فاختفى جيشهم وكأنه قد ذهب مع الريح بلا عودة، ويُذكر أن هذه الهزيمة كانت هي الأولى للتتار، وهذه هي أحداث معركة عين جالوت كاملة .

نتائج معركة عين جالوت

لقد كانت معركة عين جالوت وما زالت شاهدة على عظمة جنود مصر، تلك المعركة التي حمت العالم من خطر داهم لم يُر مثله من قبل، ولقد تنوعت نتائج معركة عين جالوت و من أبرزها ما يلي:

1) التخلص من خطر التتار على العالم الإسلامي، وتحرير الأراضي التي احتلها المغول كالشام وبغداد.

2) سيطرة سيف الدين قطز على دمشق، وبدأ في إعادة الأمان إليها، وكذلك بقية مدن الشام ثم عين الولاة عليها.

3) عرف المسلمون قيمة الاتحاد في وجه الأعداء، وتيقنوا بأنهم لن يُهزموا ما داموا مترابطين معًا.

متى وقعت معركة عين جالوت؟

وقعت هذه المعركة في الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك لعام 658 هـ.

ما هي أسباب معركة عين جالوت ؟

يعد احتلال المغول لبلاد الإسلام ورغبتهم في الدخول إلى مصر والسيطرة عليها هي الأخرى أبرز اسباب معركة عين جالوت .

أين وقعت معركة عين جالوت ؟

وقعت معركة عين جالوت في منطقة (عين جالوت) بفلسطين.

ما هي نتائج معركة عين جالوت؟

هُزم التتار هزيمة مدوية، وتحرر العالم الإسلامي من سطوتهم.

مواضيع ذات صلة

ما هي الباقيات الصالحاتما هي الباقيات الصالحات التي ذُكرت في سورة الكهف ؟

كفارة المجلسحكم كفارة المجلس في الإسلام