من ذاق حلاوة النصر والعزة لن يرضى أبدًا بغيرهما، فبعد أن ارتكز الإيمان في قلوب المسلمين ومكنهم الله برحمته وقدرته من نال النصر والشهادة وبث الرعب في قلوب الفرس وأعانهم على هزيمتهم في معركة نهاوند التي تعد من أشهر المعارك الإسلامية ونقطة تحول في تاريخ المسلمين ومكانتهم.
سبب معركة نهاوند :
بعد أن تمكن المسلمون من كسر شوكة الفرس والانتصار عليهم في حرب القادسية وإعلاء كلمة الإسلام ، شعر الفرس بالخوف من قوتهم وأرادوا البدء في إشعال حرب قبل أن تمتد يد المسلمين إلى جميع أراضيهم فتنتزعها منهم، فكتب “يزدجرد” رسالة إلى أهل السند وحلوان والباب ( أن يجتمعوا في نهاوند، فيوجهوا ضربة حاسمة للمسلمين).
أرسل سعد بن أبي وقاص إلى أمير المؤمنين رسالة يقول فيها ( بلغ الفرس خمسين ومائة ألف مقاتل، فإن جاؤونا قبل أن نبادرهم الشدة ازدادوا جرأة وقوة، وإن نحن عاجلناهم كان لنا ذلك ) وأخبره بعظم الموقف، فلما وصل هذا الخبر إلى الخليفة عمر بن الخطاب في المدينة عمد إلى مشاورة أصحابه ماذا يفعل حيل هذا الأمر؟، رد عليه علي بن أبي طالب “أنت أفضلنا رأيًا وأعلمنا بأهلك” فقال (أما والله لأولين أمرهم رجلاً ليكونن أول الأسنة)، ووقع اختياره على النعمان بن مقرن المزني كقائد لـ معركة نهاوند .
عزم أمير المؤمنين على مخاطبة الناس وحثهم على المشاركة في الحرب مبينًا خطورة الموقف، فاستجاب عدد كبير من المسلمين للخروج لملاقاة جيش الفرس الذي يزيد عن 100 رجل على الرغم من قلة عددهم، فخرج جيش المسلمين تحت راية النعمان بن مقرن إلى حصن الفرس في نهاوند الذي يرتكز على قمة جبلية يبلغ ارتفاعها حوالي 600 متر.
معركة نهاوند | أعظم انتصار للمسلمين على الفرس
يتبادر إلى أذهاننا فور سماع أحداث معركة من معارك المسلمين الكثير من الأسئلة التي تبهرنا إجابتها، فهناك من يتساءل متى حدثت معركة نهاوند ؟ بينما يرغب بعض المسلمين في معرفة لماذا سميت معركة نهاوند بفتح الفتوح ؟ لذا يجيب الشيخ راغب السرجاني على هذه الأسئلة في مقطع مصور تحت عنوان ” معركة نهاوند راغب السرجاني “.
تعد حرب نهاوند من الحروب الكبيرة التي خاضها المسلمون وقدموا فيها بلاء حسن وما زالت كتب التاريخ تتحدث عنها، فوقعت هذه المعركة في شهر رمضان المبارك في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب سنة 21 هـ، واختلفت الأقاويل حول موعد وقوع الغزوة، فالبعض قال: في سنة 18 هـ وهناك من جعلها في سنة 19 هـ، ولكن المتفق عليها إنها كانت في سنة 21 هـ.
أما عن سبب تسمية معركة نهاوند بفتح الفتوح يرجع إلى انتصار المسلمين على الساسانيين والقضاء على حكمهم الذي امتد إلى سنوات عديدة تصل إلى “416 عامًا” في بلاد ما وراء النهر (بلاد الفرس)، حيث تعد هذه الغزوة من أعظم الغزوات التي قام بها جيش المسلمين
من هو قائد معركة نهاوند ؟
لمن يتساءل من هو قائد معركة نهاوند ؟ هو الصحابي الجليل النعمان بن عمرو بن مقرن الممتد نسبه إلى لاطم بن عثمان بن مزينة أحد صحابة سيدنا محمد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- الذي تولى راية معركة نهاوند من اشهر المعارك في فتوحات الشام وقبلها ولاه الفاروق عمر على كسكر، وكان أمير على قبيلة مزينة التي تقع بالقرب من المدينة المنورة.
يعد النعمان من أفضل الفرسان الذين مروا على هذه الأمة إذا كان الفضل الكبير في سقوط الفرس في قبضة المسلمين وانهزامهم بعد عزتهم، وذلك بداية من القادسية التي أخمدت نيران الفرس ونهاية بـ معركة نهاوند التي قضت على حكم الدولة الساسانية إلى الأبد، فكان الرجل المناسب لتلك المهمة العظيمة وهذا الشرف الكبير، ثم استشهد -رضوان الله عليه- تاركًا قيادة المعركة في يد حذيفة بن اليمان.
تفكير المسلمين بشأن معركة نهاوند :
منذ اللحظة التي بدأ فيها المسلمون بخوض المعارك والحروب من أجل نشر الدين في كل مكان وإعلاء كلماته كان النصر حليفًا لهم، وهذا راجع إلى إيمانهم الكبير بالله تعالى بأنه خير معين، فعلى الرغم من قلة أعدادهم وضعف معداتهم ولكن كان لديهم من القوة والعزيمة الثابتة ما يؤهلهم إلى كل أمر عظيم، فسوف تظل كتب التاريخ تشهد على قوة هذا الجيش العظيم الذي انتصار على بلاد الفرس وقضى على عبادة النار في أرضها وخاض معركة فتح الفتوح التي تعد من أعظم الفتوحات الإسلامية.
من عادة قادة المسلمين التفكير في مخاطر الحروب قبل خوضها، فحرص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على تحذير المسلمين من الانسياح إلى مدينة نهاوند قبل أن تأمن ظهورهم وجوانبهم من هجوم العدو، وبالفعل أمر الفاروق مجموعة من الجنود الموجودين في البصرة بجذب انتباه قوات الفرس في منطقة الجبهة، بينما استعمل قوات الأهواز على تأمين ظهر جيش المسلمين ومنع تواصل الفرس مع قواتهم هناك.
خطة النعمان في تأمين الجيش :
تقدم القائد النعمان بن المزني إلى أرض نهاوند برفقة جيش لا يزيد عدده عن 40 ألف مقاتل، ولحق به مجموعة من أهل البصرة من بينهم حذيفة بن اليمان والزبير والمغيرة و عمرو بن معد يكرب بأمر من الفاروق عمر، وما أن نزل هذا الجيش في الطرق الجبلية الوعرة أراد النعمان اكتشاف ما تنوي قوات الفرس فعله، فأرسل مجموعة من الفرسان إلى هناك.
وما أن وصلوا حتى تعرقلت أرجل الخيل في حسك من الحديد قد وضعها جيش الفرس أمام حصونهم بأمر من قائدهم “الفيرزان” حتى تتعرقل حركة الخيل والسائرين، وتلك الفقرة تتضمن إجابة على سؤال كم عدد جيش المسلمين في معركة نهاوند ؟.
أحداث معركة فتح الفتوح :
لم يرد الصحابي النعمان بن مقرن الدخول على منطقة نهاوند إلا قبل اكتشافها ومعرفة أماكن تمركز جنود الفرس، فأرسل رجل من رجاله إلى المعسكر الفارسي الذي وجده محاط بحصون عالية لا يقدر عليها أحد، لذا فكر النعمان في التباحث والمفاوضات فبعث المغيرة بن شعبة من أجل هذه المهمة وما أن وصل حتى استقبلوه بإهانة شديدة وزجره بالكلام الجارح.
عقد النعمان بن مزينة مجلسًا حربيًا بعد أن انتهت المفاوضات بالفشل، فاجتمعت الآراء كلها حول استفزاز الجيش الفارسي حتى يخرجوا من حصونهم وينقض المسلمون عليهم حينها، وبالفعل نجحت الخطة واستدرجهم القعقاع بن عمرو ليخرجهم من مخبئهم وانقض المسلمون عليهم، حيث تقدم القائد النعمان وكبر عدة تكبيرات ثم قال (اللهم أعز دينك وانصر عبادك، واجعل النعمان أول شهيد اليوم على إعزاز دينك ونصر عبادك، اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عز الإسلام، أمنوا رحمكم الله).
فتحمس الجيش وانطلقوا بعون الله ورحمته إلى قتال الفرس وتحطيم غرورهم، ولكن النعمان استشهد في بداية معركة نهاوند ووقع على الأرض فحمله شقيقه نعيم بن مقرن وكتم أمره عن الجيش حتى لا تخمد همتهم، ثم امسك بالراية قبل أن تقع وأعطاها لـ حذيفة بن اليمان ودارت معركة دامت لأكثر من شهر والتي لم يشهد المسلمين ولا الفرس في شدتها من قبل.
ما هي نتائج معركة نهاوند؟
انتهت المعركة بانتصار المسلمين على الفرس الذين فروا من هجوم جيش النعمان ووقعوا في حفرة كبيرة بسبب ظلام الليل.
كم عدد الذين قتلوا من الجيش الفارسي؟
بعد انهزم الفرس قتل منهم ما يزيد عن 100.000 فرد في المعركة من بينهم ذو الحاجب، بينما وقع منهم في الوادي حوالي 80 ألفًا، وهرب قائدهم الفيرزان.
هل وقع من المسلمين شهداء؟
استشهد الكثير من جيش المسلمين لا تعرف أنسابهم، وكذلك استشهد القائد النعمان بن مقرن عمرو بن معد يكرب وطليحة بن خويلد الأسدي.
من هو المسؤول عن تجميع غنائم المسلمين؟
كلف سيدنا عمر بن الخطاب الصحابي السائب بن الأقرع -رضي الله عنهما- بجمع الغنائم إذا كان النصر حليفًا للمسلمين.