إن كانت الناس تقول كلاماً فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول درراً, وإن كان حديث الناس يكال بالنحاس فإن أحاديث الفاروق لا تكال إلا بالذهب, وإن كانت أقاويل العالمين عابرة فإن أقاويل عمر بالعبر زاخرة, ليس تحيزاً وإنما هو إنصاف لرجلٍ قال عنه النبي عليه الصلاة والسلام ((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه)), لذا سنستعرض في هذا المقال مجموعة من اقوال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
لماذا نستذكر ما جاء من اقوال عمر بن الخطاب ؟
أوصانا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالتشبث بسنته الشريفة وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده بداية من ابو بكر الصديق وانتهاءً بعلي بن أبي طالب ومروراً بالفاروق وذي النورين رضوان الله عليهم أجمعين, فكل ما صدر من هؤلاء من قول أو فعل أو تقرير ينبغي أن يكون محط اهتمام ودراسة من المسلم حتى يتسنى له تتبع خطاهم, لهذا أفردنا سطور هذا المقال لاستذكار بعضاً من اقوال عمر بن الخطاب الذي أوتي الحكمة والإلهام من الله حتى أن الوحي قد أيد قوله في مواضع عدة وفرق الله به بين الحق والباطل فسمي فاروقاً.
في الحقيقة – ودون ذرة مبالغة – ليست أقوال عمر وحدها مَن ينبغي استذكارها وتدارسها, بل كل حياة عمر ينبغي أن تصاغ على هيئة منهج دراسي يلقن للجميع أطفالاً وكباراً رجالاً ونساءً, لعل وعسى أن نقتبس شيئاً من فضائله وحكمته وتقواه وورعه, لعل وعسى أن نلقاه عند الحوض بجوار نبيه ونخبره أننا حاولنا.. حاولنا أن نسير على الخطى رغم وحشة الطريق وها قد وصلنا, آمين.
أقوال عمر بن الخطاب عن العدل :
إذا ذُكر العدل ذُكر عمر ولا أحد غير عمر, مضى أكثر من أربعمائة عام ولم تحمل أرحام النساء مَن هو أكثر عدلاً من عمر بل مَن هو في نفس درجة عدل عمر أو حتى قريباً منها, لله درك يا حنتمة بنت هاشم حملت أحشاؤكِ ما لم ولن تحمل مثله أحشاء كل بنات حواء إلى يوم يبعثون, ولأن العدل كان ديدنه فقد كثر حديثه عنه.
ومن أشهر أقوال عمر بن الخطاب عن العدل مقولة ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)), وقد قالها أمير المؤمنين لوالي مصر آنذاك عمرو بن العاص رضي الله عنه بعد أن جاءه نبأ المصري الذي ضربه محمد بن عمرو بن العاص متباهياً بأنه ابن الأكرمين, ولأن عمر عادل لا يقبل بالظلم أمر المصري بجلد ابن الأكرمين بالسوط ذاته الذي جلده به, ثم قال مقولته تلك!
ومن أقواله في العدل أيضاً قوله ((بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين تأكل الفاكهة و أمة محمد هزلى؟)), وقد قالها لابنه عندما رآه يحمل بين يديه بطيخاً في عام الرمادة الذي لم يجد الناس فيه شيئاً ليأكلوه, فلم تمنعه عاطفة الأبوة من العدل وإظهار الغضب إذ يأكل الفاكهة ابن الخليفة ويجوع الناس!
كما كان من اقوال عمر بن الخطاب الشهيرة في العدل قول ((أيما عامل لي ظلم أحداً فبلغتني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته)), فضلاً عن قول ((لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها لمَ لم تسوي لها الطريق يا عمر)), فأين منك حكام اليوم يا أمير المؤمنين!
أقوال عمر بن الخطاب عن الدعاء :
لعل أشهر أقوال عمر بن الخطاب عن الدعاء هو قوله ((أنا لا أحمل هَم الإجابة و لكن أحمل هَم الدعاء فإذا أُلهمت الدعاء فإن الإجابة معه)), وفي هذا إشارة إلى ضرورة أن ينشغل العبد بإتقان ما كلفه الله به وألا يشغل نفسه بما سيجازى به لقاء ذلك, فنحن أُمرنا بالابتهال إلى الله بالدعاء في جميع الأحوال – سواء دعاء الشفاء من المرض أو غير ذلك – مع مراعاة استيفاء كافة شروط الاستجابة وآداب الدعاء, فإن فعلنا ذلك فعلينا ألا نتعجل وألا ننشغل بالثمار التي سنجنيها فهذا ليس من شأننا.
والجدير بالذكر أن قول عمر ((فإن الإجابة معه)) لا تعني بالضرورة حصول المطلوب فقد تكون الإجابة على هيئة صرف سوء أو أجر جزيل يوم القيامة, فأوجه الإجابة تتنوع وفق ما تقتضيه حكمة الخالق سبحانه وتعالى.
من اجمل اقوال عمر بن الخطاب :
كان للفاروق رضي الله عنه أقوالاً تضاهي في جمالها أقوال دوستويفسكي وشكسبير و ميلان كونديرا وغيرهم من الفلاسفة, فهي أقوال نابعة عن قلب سليم و عقل راجح حكيم و لسان أجرى الله عليه الحق المبين, و من اجمل اقوال عمر بن الخطاب تلك المقولة التي يخبرنا فيها أن العطاء لا يقتصر على بذل المال بل قد يكون على هيئة حفظ ماء وجه إنسان أو تطييب خاطره أو مراعاة كرامته, ثم يوضح لنا الفاروق أن ماء وجه الإنسان كدمه وإراقة هذا كإراقة ذاك !
ومن اقوال عمر بن الخطاب الجميلة أيضاً تلك المقولة التي ينبئنا فيها أننا قوم لا عزة لنا في غير الإسلام, وأننا مهما حاولنا طلب العزة في غيره من أمور الدنيا فلن نلقى إلا الذل والمهانة, وقد كان يا أمير المؤمنين, قد كان و أذلنا الله, و اللافت في الأمر أن عمر بذاته هو مَن يقول ذلك, عمر العزيز الذي أعز الله به الإسلام يقول أن الله أعزنا بالإسلام, أخجلتنا يا ابن الخطاب !
وكان من جميل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله ((رحم الله مَن أهدى إليَّ عيوبي)), وأيضاً قول ((اخشوشنوا)) وقول ((لا يكن حبك كلفاً و لا بغضك تلفاً)).
ما هي وصايا عمر بن الخطاب ؟
لو تأملنا لوجدنا أن العديد من اقوال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت تحمل في طياتها وصايا مثل وصايا لقمان لابنه التي وردت في القرآن, فقد أوصانا الفاروق بابتغاء العزة بطاعة الله ورسوله وأوصانا بتقوى الله والتوكل عليه وشكره على نعمه, كما أوصانا بالعدل والحذر من الظلم ومحاسبة النفس قبل أن تتعرض للمحاسبة يوم القيامة.
وتضمنت وصايا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضاً إصلاح السرائر وترك فضول الكلام والحذر من الصديق إلا إن كان أميناً والأمين هو مَن لديه خشية من الله, إلى جانب الحذر من مرافقة الفاجر وتجنب مشاورته في أمور الحياة وعدم إطلاعه على الأسرار, وشملت وصاياه كذلك عدم الإكثار من الضحك والمزاح وعدم إيثار الدنيا على الآخرة والحرص على اتقاء الشبهات.
وقد أوصى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل وفاته بالمهاجرين والأنصار خيراً كما أوصى بأهل الأمصار وأهل البادية وأهل الذمة.
قصص وأقوال منسوبة لعمر بن الخطاب :
ينبغي الالتفات إلى أن من أخبار واقوال عمر بن الخطاب المتداولة – لاسيما عبر صفحات المواقع الإلكترونية – لا أساس لها من الصحة وإنما هي كذب وافتراء, و من هذه القصص أن عمر كان يبكي إذا تذكر وأده لابنته وهي لا تزال على قيد الحياة وكان يضحك إذا تذكر عبادته لصنم من التمر فإذا جاع أكله, ومنها أيضاً أن عمر بن الخطاب قد كتب ورقة وأمر بإلقائها في النيل يقول له فيها ((إن كنت تجري من قِبلك فلا تجري وإن كنت تجري من قِبل الله فنسأل الله أن يجريك)).
ما أشهر أقوال عمر بن الخطاب عن الصبر ؟
تعددت أقوال عمر بن الخطاب عن الصبر فقال ((الخير كله في الرضا فإن استطعت فارضَ وإن لم تستطع فاصبر)), و قال أيضاً ((وجدنا خير عيشنا بالصبر ولو أن الصبر كان رجلاً لكان كريماً)).
هل ذكر عمر بن الخطاب أقوالاً عن الظلم ؟
نعم فمن أقوال عمر بن الخطاب عن الظلم قوله ((دموع المظلومين في أعينهم مجرد ماء ولكنها عند الله صواعق يضرب بها الظالمين)), وأيضاَ مقولة ((اللهم اقدرني على من ظلمني لأجعل عفوي عنه شكراً لك على مقدرتي عليه)).
ما أشهر أقوال عمر بن الخطاب عن القلوب ؟
تعد مقولة ((ولكنها القلوب يا علي إذا صفت رأت)) واحدة من أشهر أقوال عمر بن الخطاب عن القلوب إلى جانب مقولة ((إن لهذه القلوب إقبالاً وإدباراً فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل وإن أدبرت فألزموها الفرائض)).
ما هي أقوال عمر بن الخطاب عن الزوجة ؟
يذكر أن من أقوال عمر بن الخطاب عن الزوجة قوله ((تحملتني, غسلت ثيابي وبسطت منامي وربت أولادي و نظفت بيتي, تفعل ذلك و لم يأمرها الله بذلك إنما تفعله طواعية وتحملت كل ذلك ، أفلا أتحملها إن رفعت صوتها؟)).