إن الكذب خطيئة كبيرة وذنب عظيم يؤدي إلى الفساد وضياع حقوق العباد فكيف الحال إذا كان هذا الكذب على رسول الله؟! حتمًا ستكون العاقبة أعظم والمصيبة أكبر لأن ذلك سينعكس على الدين بل قد يؤدي إلى هدم ثوابته وتغيير أحكامه، فيجد المتربصون الفرصة سانحة للتشكيك في الإسلام كلية، ولذا أعلنها نبي الإسلام صراحة من فوق منبره الشريف منذ أكثر من 1400 عام ” من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار” فالحذر الحذر عند النقل عن النبي المختار حتى لا نقع فيما نفر منه وهو نيران الرحمن.
الأحاديث التي جاء فيها مفهوم من كذب علي متعمدا
وردت عدة أحاديث نبوية شريفة تتوعد من يتجرأ ويكذب على المصطفى صلى الله عليه وسلم وذلك لما لهذا الأمر من فساد عظيم قد يجعل الإنسان يتشكك في أمور دينه، وفيما يلي عدد من الأحاديث التي ورد فيها مفهوم من كذب علي متعمدا :
ــ روى ابو هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي، و من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”.
ــ عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “إن كذباً عليَّ ليس ككذبِ على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”.
ــ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثاً كثيراً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من تعمد عليَّ كذباً فليتبوأ مقعده من النار”
ــ عن عبد الله بن الزبير قال قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان؟ قال: أما إني لم أفارقه ولكن سمعته يقول: “من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار”.
صحة حديث من كذب علي متعمدا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن كذبا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار” من الأحاديث الصحيحة التي وردت عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ورد في الصحيحين للبخاري و الامام مسلم وبذلك يعد في أعلى درجات الصحة.
كما أن الرواة في الأحاديث التي وردت في هذا المعنى وهو أن الكذب على رسول الله يؤدي إلى الخلود في النار هم رواة ثقات وهذا يفيد صحة حديث من كذب على متعمدا سندًا ومتنًا بالإضافة إلى ثبوت رواية هذه الأحاديث عند جل صحابة الرسول ثم إن الطرق التي وصلت هذه الأحاديث عن طريقها إلينا تتفاوت ما بين حسن وصحيح وهذا يدل على ثبوت هذا الكلام عن النبي العدنان.
شرح حديث من كذب علي متعمدا
نهي الرسول صلى الله عليه وسلم أي إنسان من الكذب عليه وذلك لما فيه من مفاسد عظيمة بل وصل الأمر إلى أنه توعد من يفعل ذلك بنار جهنم، وفيما يلي شرح حديث من كذب علي متعمدا بالتفصيل.
أولًا: المفهوم العام للحديث
يشير هذا الحديث إلى أن كل مسلم بلغ عن النبي كلامًا أو أفعالًا لم تصدر عنه فإنه بذلك قد وقع في إثم كبير ويجب أن يتوب منه وإلا وقع في المحظور وعرض نفسه لنار الرحمن.
وفي إطار شرح من كذب على متعمدا ابن باز يرى أنه لا يجوز لأي إنسان كائن من يكن أن ينسب إلى الرسول قولًا إلا بعد التأكد من صحته حتى لا يقع في الوعيد الذي أخبرنا به النبي في الحديث الشريف.
ثانيًا شرح المعاني الواردة في الحديث
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن كذباً عليَّ ليس ككذبِ على أحد، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”، وإليك معاني العبارات الواردة في الحديث:
1) إن كذبًا علي ليس ككذب على أحد: مع أن الكذب بأشكاله محرم بأمر من الله عز وجل إلا أن الكذب على محمد رسول الله يفوق الكذب بين الناس وبعضها البعض إذ إن الأول يؤدي للتشكيك في أمر الدين وهذا ما يجعله في مهب الريح لمن لم تتعلق قلوبهم به بصدق.
2) متعمدًا: من الممكن أن يقع الكذب من الإنسان على حالين الأول أن يكون سهوًا منه بسبب عدم درايته بالأمر والثاني هو تعمد الكذب ونقل كلام غير صحيح وهذا هو ما توعده النبي بالعذاب، لذا فإن النوع الأول يخرج من هذا الوعيد.
3) فليتبوأ مقعده من النار: من تعمد الكذب على رسول الله، وأصر على هذا الأمر وهو يعرف أن المصطفى لم يتحرك فاه بهذا الكلام فهو بذلك عليه أن يستعد لنار لا تُبقي ولا تذر.
إلام يؤدي الكذب؟
في إطار عرض من كذب علي متعمدا فَلْيَتَبَوَّأْ مقعده من النار علامات الترقيم يجب أن نذكر أن الكذب جماع كل ضلال وأساس كل مفسدة لسوء نتائجه وما يترتب عليه من مصائب عظيمة، فأضراره كثيرة تهلك الإنسان وتجعله يسلك طرقًا خبيثة لا يستطيع أن يتراجع عنها بعد ذلك، وفيما يلي أضرار الكذب في الدنيا والآخرة:
1) فقدان الأمن والسكينة في الدنيا وذلك لأن من يكذب فهو يبقى في توتر دائم خوفًا من انكشاف كذبه، ولعل لغة العيون والجسد الخاصة به تكشفه فعينه تظل تتلفت وجسده يبقى في قلق مستمر.
2) يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب بسبب الضغط النفسي والعصبي الذي يعاني منه الكاذب من جراء كذبه.
3) يسبب كراهية الناس والسقوط من نظرهم بالإضافة إلى هوان الكاذب عليهم، فمن من الخلق سيحترم كذابًا أو يثق به؟!
4) يعد الكذب سببًا رئيسًا لمحق البركة ونقص الأرزاق مهما ظن الكاذب أن بكذبه سوف يحقق الكسب الوفير حيث قال رسول الله” فإن صَدَقَا وبَيَّنَا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَتَمَا وكَذَّبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بيَعْهِمَا”.
5) الحرمان من هداية الله عز وجل وتوفيقه حيث يقول تعالى: “إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب”.
6) يوصل صاحبه إلى الخروج من رحمة الله واستحقاق لعنته.
7) يجعل صاحبه يقع في الفسوق والفجور ويبتعد عن الحق وبذلك يُختم له بالسوء حيث يُكتب عند الله من الكاذبين.
8) الله عز وجل لا ينظر إلى الكاذب يوم القيامة بسبب قبح ما صنعه في الدنيا.
دواعي الكذب وأسبابه
قد يلجأ الإنسان إلى الكذب رغبة في تحقيق منفعة ما أو قضاء مصلحة، حيث يرى الكذاب أن ما يسعى إلى تحقيقه لا يأتي إلا بقول كلام غير صحيح، ولربما يكذب بسبب أن يدفع عن نفسه سوءًا أو يسلم من أذى شخص آخر.
ومن الناس من يَتقول بغير الحقيقة لكسب تعاطف الناس أو شد انتباههم إليه علّ مكانته ترتفع بينهم أو ينال وضعًا رفيعًا لن يصل إليه سوى بالكذب، وقد يكذب الرجل بنية التشفي في عدو له فيعلن أخبارًا ليست حقيقية عنه أو يصفه بكلام غير صحيح.
كما يمكن أن يندفع الإنسان ناحية الكذب بسبب حب السيطرة والترأس على الناس فيذيع عن نفسه أقوالًا وأفعالًا غير صحيحة لعل الناس تعرف فضله وقدره فيلجأون إليه.
ما معنى الكذب؟
الكذب يشير إلى تزييف الحقائق وتغييرها بشكل كلي أو جزئي أو ابتكار روايات وأحداث لم تحدث من الأساس وذلك من أجل نيل مكاسب مؤقتة.
هل يكذب المؤمن؟
بالطبع لا، فالإيمان والكذب لا يجتمعان في قلب مؤمن وذلك على حسب قول النبي الذي أقر بأن المؤمن قد يكون بخيلًا أو جبانًا ولكنه أبدَا لا يمكن أن يكون كذابًا.
ما أنواع الكذب؟
ينقسم الكذب إلى 3 أنواع وهم: الكذب في الأقوال، والنيات والأفعال.
كيف توعد النبي من يكذب عليه متعمدًا؟
من يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقل عنه أخبارًا ليست صحيحة وهو على علم بذلك فقد توعده النبي بمقعد في نار جهنم خالدًا فيه.