من لا يشكر الناس لا يشكر الله | شرح الحديث وصحته

حديث-من-لا-يشكر-الناس-لا-يشكر-الله

 علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نكون شاكرين لمن قدم إلينا معروف وأن نعامل الناس بالإحسان والفضل وألا ننساق وراء غرورنا وننسى فضل الله علينا؛ فقال ﷺ: ” من لا يشكر الناس لا يشكر الله ” فالمسلم الصادق والعبد الخلوق هو الذي يجمل لسانه بالكلمات الطيبة ويربي قلبه على شكر الناس والثناء عليهم.

المعاني الكامنة في حديث من لا يشكر الناس لا يشكر الله :

تحمل السنة النبوية بين ثناياها قصص وأحاديث تعلمنا كيف نسير على نهج صحيح وطريق مبين، فلم يترك سيدنا محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرًا إلا علمنا إياه وأمدنا بالعوامل التي تساعدنا على الوصول إلى الجنة، وحثنا على التعامل مع الناس بالرحمة واللين فقال: ” من لا يشكر الناس لا يشكر الله ” فربط -صلوات ربي وسلامه عليه- بين شكر الناس ومعاملتهم بالإحسان والدعاء لهم بشكر الله على نعمه وفضله.

ما يحث الإنسان على قول الكلمة الطيبة والتعامل برفق ولين مع من حوله هي الأفعال والمواقف التي تقدم إليه، فكل ما يحتاجه الإنسان هو الثناء الذي تُبنى به الرحمة داخل القلوب وتنشأ بفضله علاقات طيبة ومعاملات حسنة، إلا أننا قد نجد أناس لا يعرفون معنى الفضل ويجهلون قول الكلمات الطيبة ويمتنعون عن شكر الناس بالقول أو الفعل على إحسانهم إليهم.

مدى صحة حديث من لا يشكر الله لا يشكر الناس :

أجمع علماء الأمة والحديث على صحة حديث من لا يشكر الله لا يشكر الناس بهذه الصيغة الواردة في رواية الإمام أحمد والطيالسي، فلم يحكم أحد منهم على هذا الحديث بالضعف أو عدم الصحة إنما نسجوا منه معاني حقيقية وأحكام يجب على كل مسلم الالتزام بها، حيث جاء في هذا الحديث إن من مظاهر شكر الله وحمده على نعمه هي شكر الناس الذين ساقهم الله إليه لمساعدته وتقديم يد العون له.

الصيغة الصحيحة لحديث من لا يشكر الناس لا يشكر الله :

لعلنا نتساءل ما مدى صحة حديث من لا يشكر الناس لا يشكر الله ؟ وهل هذه هي الصيغة الصحيحة الواردة عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ ورد هذا الحديث بصيغة أخرى غير التي عليها أو الذي يعرفه بها أغلب المسلمين، حيث جاء بهذه الصيغ الآتية:

– ورد في رواية أحمد وأبو داوود في الأدب المفرد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ».

– جاء في رواية الإمام الترمذي في كتاب البر والصلة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ لمْ يشْكُر النَّاسَ لَمْ يشْكُر الله».

– بينما ورد في رواية البيهقي في السنن الكبرى وابن أبي شيبة في المصنف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أشكرَ الناس لله عز وجل أشكرُهم للناس».

على الرغم من اختلاف الصيغ التي جاء بها حديث ” من لا يشكر الناس لا يشكر الله ” إلا أنه من الأحاديث الحسنة الصحيحة المأخوذة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يدل على أهمية شكر العباد والإحسان إليهم بالقول والفعل وعدم التغافل عن رد الجميل والمكافأة للقريب أو الغريب والابتعاد عن الغرور وانعدام الفضل، فكل هذه الأفعال الحميدة من مظاهر شكر المولى وحسن الخلق وجميل الطبع.

شرح حديث ” لا يشكر الله من لا يشكر الناس “:

لا يرضى الله أن تموت الرحمة بين الناس فحثنا على شكر أهل المعروف والفضل وتنمية خصال المحبة في القول والفعل، فربط سبحانه بين الشكر على نعمه وشكر العباد على صنائع المعروف والإحسان إليهم وجعلها من الصفات التي يتمتع بها عباده الصالحين، فعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله ، والجماعة بركة، والفرقة عذاب».

وضح رسول الله في حديث من لا يشكر الناس لا يشكر الله الدرر السنية؛ أنه يجب على المرء أن يشكر الله على كل حال وكل أمر، فقال ﷺ: “عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ” رواه الامام مسلم بن الحجاج، ووضح -صلوات ربي وسلامه عليه- أنه من لوازم شكر الله -سبحانه وتعالى- شكر العباد إذا قدموا له معروفًا وأن لا ينسى الثناء بالكلمة الطيبة أو الفعل الحسن.

حديث-من-لا-يشكر-الناس-لا-يشكر-الله

حديث-من-لا-يشكر-الناس-لا-يشكر-الله

عبادة الشكر من العبادات المهمة:

ما يحمله المسلم داخل قلبه يظهر على جوارحه وفي أفعاله، فالإنسان طيب المعدن وجميل المعشر والقويم في القول والفعل لا يرضى إلا بإعطاء الإحسان لأهله وينصرف تمامًا عن الكفران والجحود وسوء المعاملة، فمن كان حاله هو شكر الناس والثناء عليهم ينظر الله إليه نظرة رضا ويوفقه إلى كل ما يحب ويرضى.

أما العبد الذي يحيد عن طريق شكر الناس والإحسان إليهم ويرى في نفسه أنه الأفضل والأهم ويقع في قلبه الغرور والكبر، كيف له أن ينطق لسانه بشكر الله ويسكن قلبه حمده على نعمه وجوده؟ لذا علمنا رسول الله -عليه الصلاة والسلام- مبادئ دينية قويمة ومنها عبادة الشكر التي تزيد من الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع ليس فقط المسلمين.

العبر المستفادة من حديث ” من لا يشكر الناس لا يشكر الله “:

– يرشدنا حديث من لا يشكر الناس لا يشكر الله إلى تحري عبادة الشكر والثناء على العباد سوى بالقول أو الجوارح، فذلك من صنائع المعروف ومظهر من مظاهر التعبير عن الشكر والفضل.

– قال الفاروق عمر بن الخطاب “لو يعلم أحدكم ما له في قوله لأخيه جزاك الله خيرًا، لأكثر منها بعضكم لبعض”، فمن الواجب أن يقابل المسلم الإحسان المقدم إليه بالشكر والكلمة الحسنة.

– هناك صلة قوية بين شكر الله على نعمه وشكر الناس، حيث لا يقبل الله شكر العبد المسلم على نعمه التي أنعمها عليه إلا إذا أظهر هذا العبد إحسانه وجوده لمن عامله باللين والرحمة.

– يحثنا حديث من لا يشكر الناس لا يشكر الله على حفظ المعروف والجميل لأهله، فالكلمات الطيبة والمعاملة الأخلاقية هي التي تظهر طبع الإنسان اللطيف وحسن خلقه.

– لا يكون رد المعروف أو شكر الناس على صنائعهم الحميدة بالقول فقط إنما يتضمن الدعاء لهم بالخير والبركة والثناء على أفعالهم، وكذلك مكافأتهم بالمال أو أي شيء آخر.

– الحث على شكر العباد بقول “جزاك الله خيرًا” فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ” أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا قال الرجلُ لأخيه: جزاك الله خيراً؛ فقد أبلغ في الثناء” صححه الألباني.

من هو راوي حديث من لا يشكر الناس لا يشكر الله؟

هو الصحابي الجليل والفقيه أبو هريرة الذي أسلم في السنة السابعة من الهجرة المحمدية وظل مع النبي يغتنم العلم والفضل وروى عنه الكثير من الأحاديث الشريفة.

كيف يكون شكر العباد على صنائعهم؟

يعد من مكارم الأخلاق والمبادئ الإسلامية الأصيلة هي شكر الناس بالثناء عليهم بقول (جزاكم الله خير) أو الدعاء لهم أو مكافأتهم على أفعالهم الحميدة.

كيف يكون شكر الله تعالى على نعمه؟

ينبغي للمسلم شكر الله في السر والعلن وتحري الصدق في ذلك، وحمده على كل أمر يأتيه وشكره في الفرح والحزن فإن من أسماء الله الحسنى (الشكور).

ما السر وراء ارتباط شكر الناس بشكر الله؟

شكر الناس على أفعالهم وتقوية الروابط معهم يجعل الإنسان قادر على شكر الله، فالنفس التي تعودت على قول الحسن ستظل تتلفظ بالحمد والشكر لله.

مواضيع ذات صلة

سبعة يظلهم اللهسبعة يظلهم الله في ظله | اكتشف أسرار الحماية الإلهية

معركة-ذات-الصواريمعركة ذات الصواري | أول معركة بحرية إسلامية