إن السيد البدوي هو ولي من أولياء الله الصالحين, و هو إمام صوفي اسمه أحمد بن علي بن يحيى, و لقد لقب بالبدوي لأنه كان يلثم وجهه دائماً مثلما يفعل أهل البدو, و إليه تنسب الطريقة البدوية, كما كان له العديد من الألقاب, و لعل أشهرها لقب شيخ العرب و لقب السطوحي. كما يعود نسبه لعلي بن أبي طالب.
وتعرف طريقة الشيخ احمد البدوي باسم الطريقة الأحمدية, نسبة لاسمه “أحمد”، أو بالطريقة البدوية نسبة إلى كنيته “البدوي”، وتقوم الطريقة البدوية على أساس لبس الخرقة البدوية الحمراء و تسلميها من شيخ لشيخ، و العهد بها و كذلك المبايعة.
و تقول المصادر الصوفية أن البدوي قد وصى تلميذه المقرب عبد العال، فقال له ” يا عبد العال، إعلم أني إخترت هذه الراية الحمراء لنفسي في حياتي وبعد مماتي، وهي علامة لمن يمشي على طريقنا من بعدي “.
نشأة وتاريخ السيد البدوى :
ولد السيد احمد البدوى بمدينة فاس في المغرب عام 1199, و هو سادس إخوته، و قد عاش في مدينة فاس حتى سن السبع سنوات, ثم هاجر بعد ذلك مع عائلته إلى مكة, و ذلك بعدما زاد إضطهاد العلويين من قبل الحجاج بن يوسف السقفي و قد استغرقت هذه الرحلة أربع سنوات منهم ثلاثة قد أقاموها بمصر أثناء رحلتهم إلى مكة.
و بعدها عاشوا في مكة حتى أتم أحمد البدوي سن الثمانية و الثلاثين سنة، و قد قرر بعدها الرحيل إلى العراق مع أخوه حسن, الذي لم يبقى سواه من الإخوة الذكور بعد وفاة والدهم و أخوهم محمد البدوي .
وصف السيد البدوي وحقيقته:
و قد وصف أحد العلماء الشيخ السيد البدوي بأنه كان طويل القامة و قمحي اللون و يوجد في وجهه ثلاث نقاط حمراء اللون تتواجد واحدة منهم في الخد الأيمن، و الإثنتان الأخرتان في الخد الأيسر له، و ذلك نتيجة إصابته بمرض الجداري في صغره و الذي يبدو أنه لم يعالج بطريقة صحيحة لدرجة أنه ترك أثر، كما كان يوجد على أنفه شامتان صغيرتان سوداء اللون.
كما إستكمل هذا العالم وصف حقيقة السيد البدوى وصورته حيث قال أنه كان طويل الذراعين و كذلك غليظ الساقين، و وجهه دائري كبير و بين عينيه جرح قد حدث له من قبل إبن أخيه الحسين أثناء وجودهما في مكة المكرمة، كما كان هذا الشيخ الجليل أكحل العينين، و هذا طبقا لما قاله العالم الذي رأي السيد البدوي أثناء حياته.
هجرة السيد البدوي إلى العراق:
و يقول الإمام الأكبر عبد الحليم محمود, إن السيد البدوي لم يهاجر إلى العراق من نفسه, بل إنه قد رأى في منامه ما يأمره بالذهاب إلى العراق، كما ذكر آخرون أن مكة و على الرغم من إتساعها إلا أنها كانت أضيق من طموحات و آمال و إمكانيات السيد البدوي.
فسافر إلى العراق التي كانت آنذاك موطناً للعديد من اولياء الله الصالحين و لكرامتهم، و طاف البدوي العراق كلها من شمالها إلى جنوبها, و زار فيها العديد من المدن و المراكز و أشهر المقامات مثل “مقام عبد القادر الجيلاني” .
و رحل عنه أخوه حسن بعد ذلك, حيث قد إشتاق إلى زوجته و أولاده , و إستأذنه في الرحيل ثم ذهب، بعد ذلك توجه السيد البدوي إلى شمال العراق, و تحديداً في منطقة تسمى ” لاش” ليقوم بزيارة “ضريح عدي بن مسافر الهكاري”, الذي إبتكر الطريقة العدوية و كان له الكثير من الأتباع .
قصة السيد البدوي مع المرأة صاحبة الجاه:
و أثناء تواجد الشيخ السيد البدوي في دولة العراق و بالتحديد قي مدينة الموصل، قابل إمرأة ذات جمال و حسب و جاه و مال، و التي يقول بعض المؤرخين أنها فاطمة بنت بري، و قد كانت هذه المرأة تجيد طريقة ما تستخدمها من أجل إيقاع الرجال في حبها، و قد حاولت هذه المرأة إستخدام هذه الطريقة مع الشيخ البدوي لكنها لم تنجح على الإطلاق.
و هذا ما دعاها إلي طلب الزواج من الشيخ السيد البدوي و لكنه رفض بشدة، و قد أوضح لنا المؤرخون أن هذه المرأة بعد ذلك تابت و ندمت على فعلتها هذه، و عادهت الشيخ البدوي بألا تتعرض لأحد مرة أخرى و لا تعود لهذه الفعلة مرة أخرى، لذلك فإن رأي الشعراوي في السيد البدوي كان بسبب ما تناقله الناس من أفعال قام بها السيد البدوي و من ضمنها كانت هذه الفعلة.
عودة السيد البدوي إلى مكة ثم إلي مصر:
بعد أن قضى السيد البدوي سنة كاملة في العراق, قد عاد إلى مكة مرة أخرى, و قد تغير كثيراً خلال هذه السنة, فأصبح كثير الصمت و دائم النظر إلى السماء, كما أنه أكثر من الصلاة و الصيام بشكل مبالغ فيه, و أصبح لا يكلم الناس إلا بالإشارات، فقلقت أخته فاطمة عليه كثيراً, حتى إنها شكت حاله لأخوه حسن .
و لذلك لم يبقى السيد البدوي في مكة كثيراً بعد عودته من العراق, فقد قرر الرحيل إلى مصر, و تحديداً إلى مدينة طنطا, نظراً لموقعها المتميز الذي يقع في وسط الدلتا, ما بين مدينتي القاهرة و الأسكندرية, فأحس أنها الموقع المناسب لنشر دعوته بسهولة في جميع أرجاء مصر .
و عندما إستقر هناك أقام عند تاجر اسمه “ابن شحيط”، و الذي لم يعرف حقيقة احمد البدوي و كانت داره قريبة من مسجد البهي و الذي كان اسمه وقتها مسجد البورصة، و عاش السيد البدوي فوق سطح بيت هذا الرجل لمدة تقارب الإثني عشرة سنة.
و ذلك لأنه كان شديد الحياء من أن يدخل دار الرجل فيحد من حريته, و كذلك لأنه يحب أن يعييش في الطبيعة, بالقرب من السماء ليتأمل في آيات الله, كما أنه قد تأثر بعادات أهل العراق الذين إعتادوا النوم على أسطح بيوتهم من شدة الحرارة عندهم خاصة في شهور الصيف .
تصوف السيد البدوي:
عرف السيد البدوي بالزهد منذ صغره, فكان يلقب بالطفل الزاهد, و قد تصوف على يد الشيخ الجليل النيسابوري, عندما كان في فاس . و عندما إستقر في مصر كان له علاقة وطيدة بالشيخ إبراهيم الدسوقي, صاحب الطريقة الدسوقية, فأثر كل منهما على الآخر و جمع بينهم رابطة روحية قوية جداً, كما قال الصوفيين ، فقد كان مريدي كل من أحمد البدوي و إبراهيم الدسوقي تناقلون أخبارهم بين مدينتي طنطا و دسوق.
و هذا الأمر يجيب على سؤال الكثيرين و هو هل السيد البدوى شيعى؟ والإجابة هنا هي لا، فكما وجدنا أن السيد البدوي كان متصوفا منذ صغره، و إذا كان هذا الرأي جاء بسبب هجرة أهل الشيخ من مكة فلا أحد يعرف السبب الحقيقي وراء هجرتهم حتى الآن، و الأسباب التي يتناقلها العلماء و التي ذكرنا لكم بعض منها في فقرة سابقة هي كلها إجتهادات منهم لا غير.
حقيقة السيد البدوي وإنقاذه للأسري:
و عند قراءتك سيرة السيد البدوي ستجد أن له مجموعة من الأفعال التي يسميها البعض بالكرامات، و التي من بينها إنقاذه للإسرى خلال الحملات الصليبية التي كان يشنها الصليبيين على مصر في ذلك الوقت، و كان الناس في هذه الفترة ينشدون “الله الله يا بدوي جاب اليسرى” و هذه العبارة لا تزال يتناقلها الناس حتى يومنا هذا و المقصود باليسرى هنا هو الأسرى الذين كان يأتون إلي منزل السيد البدوي بطنطا.
و قد يرجح البعض أن هذا الأمر غير صحيح و أن حقيقته هي أن الجيش المصري بعدما إنتصر على جيش لويس التاسع و حصد الغنائم التي كانت متمثلة في عدد كبير من الأسلحة و الدروع و السيوف، قررت الحكومة المصرية أن تحتفظ بهذه الأسلحة في منزل السيد البدوي و هو ما دفعهم لنقل هذا السلاح بواسطة الجنود، و هذا ما جعل الناس يعتقدون أنهم أسرى و الشيخ السيد البدوي قام بفك أسرهم.
التراث الذي تركه الشيخ أحمد البدوي:
و إذا كنت تريد أن تعرف ما تركه السيد البدوي فسوف نسرده لك في النقاط التالية:
1- لم يترك لنا السيد البدوي أي من الكتب أو المؤلفات المكتوبة التي يمكن أن يتوارثها الأجيال، و لكن بعض من الناس ينسبون إليه بعض الأبيات الشعرية و التي يرردوها على ألسنتهم أو تم كتابتها على هيئة دواوين شعرية، و لكن لم يستطع أي من مشايخ الطرق الصوفية أن يتأكد من صحة هذه الأبيات الشعرية حتى الآن لأن أغلبها ضغيف و ليس له أساس يتم الإستناد عليه.
2- أما عن وصاياه فقد وصى الشيخ تلميذه الذي كان يدعى عبد العال بعدد من الوصايا و التي إتخذها بعض الناس الآن بأنها ورد سيدي احمد البدوي و الذي كان ينص على كثرة الأذكار ليلا و كذلك الصلاة في الليل لأنها تعادل ألف ركعة في النهار.
3- أما فيما يتعلق بالأحزاب التي تركها أو مجموعة الأدعية الخاصة به فقد تم تجميعها في كلا من الحزب الصغير و الحزب الكبير للسيد احمد البدوي.
وفاة السيد البدوي و بناء مسجده:
و قد توفي الشيخ السيد البدوي في الرابع و العشرين من شهر أغسطس في عام 1276 في مدينة طنطا التي عاش بها معظم حياته، و كان عمره وقتها لم يتجاوز الثمانين عام، و تم دفعنه في هذه المدينة، إلي أن جاء تلميذه عبد العال و قام ببناء خلوه بجوار المكان الذي دفن فيه السيد البدوي و التي تحولت بعد ذلك إلي زاوية يجتمع فيها مريدين السيد البدوي.
و بعد ذلك قام على بك الكبير بإنشاء المسجد بهيئته المعروفة من خلال بناء المقصورة النحاسية حول ضريح أحمد البدوي و كذلك القباب، و بعدها قامت وزارة الأوقاف بالإشراف على هذا المسجد و في عهد الرئيس محمد أنور السادات تم إدخال عدد من التعديلات و التوسعة على المسجد ليبقى السيد أحمد البدوي شيخ وطريقة معروفة حتى الآن.
الإحتفال بمولد السيد البدوي:
يعد الإحتفال بمولد السيد البدوي من أكبر الاحتفالات الدينية في مدينة طنطا بشكل خاص ,و في مصر بشكل عام ، حيث يتم الإحتفال به عن طريق 67 طريقة صوفية مختلفة , ويقام الإحتفال في منتصف شهر أكتوبر من كل عام, بالمسجد الأحمدي الذي يضم ضريحه, في مدينة طنطا.
و يدوم الإحتفال لمدة أسبوع, يجتمع فيه أتباعه من جميع أنحاء مصر. و يتبعه بعد ذلك الاحتفال بمولد إبراهيم الدسوقي في مدينة دسوق في الأسبوع الذي يلي الإحتفال بالسيد البدوي مباشرةً.
وقد ساعد الإحتفال بمولد السيد البدوي كل عام, على ربط الشمال المصري بجنوبه، حيث أن الكثير من أهل الصعيد لا يتوجهون إلى الوجه البحري إلا في موعد إقامة مولد السيد البدوي بطنطا, و من بعده مولد إبراهيم الدسوقي بدسوق.
ما هو رأي الشيخ الشعراوي في السيد البدوي؟
و على الرغم من علو شأن الشيخ الشعراوي و أن له من المحبين و المريدين الكثير إلا أنه ذكر في أحد لقاءاته أنه كان من محبي الشيخ السيد البدوي وذلك نظرا لتاريخه الطويل و العظيم و الذي تناقلته الناس و زهده في الحياة و حرصه على تنفيذ تعاليم الله و حث الناس على العبادات و الدعاء و التضرع إلي الله و غيرها من الأسباب.
توفى احمد البدوي في شهر ربيع الأول عام 679 من الهجرة و أوصى أن يدفن في المدينة التي عاش بها و هي طنطا.
يقام الإحتفال بمولد السيد البدوي في مدينة طنطا يوم الحادي عشر من شهر أكتوبر من كل عام.
نعم فقد كان رجل تقي و صالح و زاهد في الحياة و متفرغ لعبادة الله و ذكره و هذا يدل على أنه كان من أولياء الله.
يقع مقام أو ضريح الشيخ السيد البدوي بداخل مسجده في مدينة طنطا بمحافظة الغربية و الذي يقبل على زيارته الكثير من الناس. متى توفى السيد البدوي؟
متى يقام مولد السيد البدوي بطنطا؟
هل كان السيد البدوي من أولياء الله الصالحين؟
أين يقع مقام السيد البدوي؟