الشدة المستنصرية | عجائب السبع العجاف بعهد المستنصر العبيدي

الشدة المستنصرية

سبع سنوات شهدت خلالها مصر أسوأ الأحداث واشد المجاعات التي يعجز العقل البشري الآن عن تصديقها؛ وعُرفت على مدار التاريخ باسم ” الشدة المستنصرية ”، فهي كانت شدة مستعصية بكل ما تعنيه الكلمة.

وليس الإنسان المصري هو وحده الذي عانى خلال تلك الفترة، بل الشدة شملت الحيوانات والدواب التي لم تجد ما يُؤكل، والنباتات التي اختفى عنها ماء الري فتصحرت الأراضي وباتت جرداء لا حياة بها.

ما هي الشدة المستنصرية؟

لقد أطلق مصطلح الشدة المستنصرية فى مصر عندما حدثت المجاعة وبدأ الناس يأكلون الجيفة ولحوم الموتى نتيجة جفاف نهر النيل لمدة سبعة سنوات متواصلة، وذلك كان في نهاية عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله.

ولقد مات بسببها ثلث سكان مصر ماذا تعرف عن الشدة المستنصرية التي استمرت لسبع سنوات عجاف؟، حيث أدى ظهور الغلاء وقلة الأجور والأعمال في مصر إلى انتشار الفساد وجوع البشر وأكل الميتات وارتفاع قيمة واسعار الحيوانات والحشرات، كما بيعت البيضة الواحدة بعشرة قراريط وارتواء الماء بدينار كامل، وكل ذلك بالطبع أدى إلى إنتشار الأوبئة التي فتكت بأرواح الكثير، وهذا ما روى في كتاب الشدة المستنصرية المقريزي الذي ألفه المؤرخ العظيم المقريزي.

متى حدثت الشدة المستنصرية؟

وإجابة على سؤال متى حدثت الشدة المستنصرية الذي يطرحه الجميع، فإن الشدة قد بدأت في عام 457 هجرياً، ولم تنتهي إلا بعد مرور سبع سنوات كاملة تحقيقاً لرؤية سيدنا يوسف؛ فانتهت السبع العجاف في عام 464  هجرياً.

وشهدت مصر تلك السبع العجاف التي عصفت بكل ما هو حي بالبلاد وغيرت الأحوال تغيراً جذرياً تحت راية الدولة الفاطمية، وتحديداً في ظل عهد الخليفة الفاطمي الخامس ” معد المستنصر بالله ” الذي أتم ستون عاماً كاملاً كحاكم على البلاد.

الخليفة معد المستنصر بالله العبيدي :

تولى الحكم وهو ابن السبع سنوات؛ فيكفيه أن يكون خليفة والده الحاكم  ” علي الظاهر لإعزاز دين الله ” ليتربع على العرش ويتولى إدارة شئون البلاد؛ فكان هو خامس من جلس على عرش مصر منذ إنشاء ” معد المعز لدين الله ” لمدينة القاهرة، ورسخ ثوابت الدولة الفاطمية ونشر مفاهيم المذهب الشيعي بين العامة، ولكن بالنسبة لترتيبه بين الخلفاء الفاطميين منذ ظهور الدولة العبيدية لأول مرة على يد ” عبيد المهدي ” بأفريقيا فكان هو الثامن.

ومن اسمه قد اكتسبت تلك الشدة العظمى علي مصر اسمها فسجلها التاريخ وعرفها الجميع ب الشدة المستنصرية التي راح ضحيتها عدد مهول من المصريين.

أسباب الشدة المستنصرية:

1- جاءت الشدة المستنصرية كناتج للعديد من الأسباب منها التغير في العوامل الطبيعية، وهناك الأسباب السياسية المتعلقة بسوء ادارة البلاد خلال تلك الفترة  ليزداد الأمر سوءاً بانتشار الفوضى والفزع والأحكام القاسية وغياب الدين والأعراف بين عامة الشعب.

2- المستنصر بالله استعان بالجند السوداني ومثيله من الأتراك لكي يثبت سلطانه بين المصريين، فيعاقب الخاطئ ويبث الرعب في نفوسهم ليظلوا دائماً منفذين لكلمة السلطان، ولكن مع مرور الوقت قد ازدادت المشاحنات بين الأتراك والسودانيين؛ فكل فصيل منهم كان يبحث عن مصلحته ولا يهمه سوى سلب أكبر كمية ممكنة من الغلال والضرائب من عامة المصريين؛ فنتج عن تلك المشاحنات تدهور حاد في مستوى الأحوال الاقتصادية والسياسية في مصر،

3- وازداد الأمر صعوبة مع هول التغيرات الطبيعية؛ فشهدت مصر تأخراً في ميعاد الفيضان المحمل بالخيرات، فابتدأ منسوب مياه نهر النيل بالانخفاض تدريجياً حتى جفت المياه العذبة ولم يعد هنالك منفذاً للمياه سوى الآبار النادرة، أو المياه القليلة المختلطة بالطمي بعد جفاف النهر.

الشدة المستنصرية فى مصر

الشدة المستنصرية فى مصر

4- ونتيجة لسوء التخزين شهد مخزون الغلال بالبلاد تلفاً كبيراً؛ حيث أصبح مليء بالدود والحشرات ولم يعد صالحاً للاستخدام، مما ادى الى عجز كبير في الغلال.

5- وهناك آراء تفيد بأن الشدة المستنصرية ما هي إلا غضب من الله حل على العصاة الناكرين لدين الله، وذلك بعدما انتشر المذهب الشيعي في مصر الذي ينكر صحة رسالة رسول الله ” محمد ” و يدعون بأن سيدنا ” علي ” هو النبي الحق؛ وهذا هو ما دعت إليه رسالة الدولة الفاطمية الذين جذبوا الناس إليهم بالأموال والمناصب العالية، فتخلوا الخاسرين عن المذهب السني الصحيح وأخذوا من المنهج الإسماعيلي مذهباً لهم.

عجائب الشدة المستنصرية في مصر:

شهدت مصر الكثير من العجائب خلال تلك الفترة العصيبة المسماة ب الشدة المستنصرية؛ ففي بدايتها عندما نفذت الغلال والمحاصيل وتصحرت الأراضي الخضراء وفنت الدواب والبغال ولم يعد هناك مصدر آخر للغذاء بدأ الناس بالبحث عن الكلاب والقطط والفئران، فانقضوا عليها وأكلوها حتى أصبح من النادر رؤية حيوان ضال بالشوارع؛ فأصبح للكلاب والقطط ثمن غال خلال تلك الفترة، فشراء الاول كان يُكلف خمس من الدنانير أما الثاني فيعرض بثلاث.

وعندما نفذت الحيوانات والحشرات وصل حال الناس إلى أكل لحم بعضهم بعضا، فمن يقع ميتاً سرعان ما يلتف حوله الجائعين آكلين لحمه حتى لا يتبقى منه سوى العظام.

ولم يكتف الناس بأكل لحم الموتى فقط، بل كثرت حالات اختفاء الأطفال والنساء والرجال الضعاف البنية من الشوارع والطرقات ليتم قتلهم والتغذي على لحمهم ؛ فالأخ وصل به الحال إلى قتل أخيه وأكل لحمه أيضا.

و ذلك الحال انتشر بين العديد من المصريين إلا من رحم ربي واختاروا التقيد بأوامر الله والبعد عن الكبائر التي حرمها، ولم تذق ألسنتهم ابدا طعم اللحم البشري فحفظهم الله ونجاهم من المهالك.

كيف انتهت الشدة المستنصرية؟

لم يعرف التاريخ المصري فترة أشد من الشدة المستنصرية حتى الآن، فكل ما حدث في مصر خلال هذه الفترة لم يسبق أن حدث مرة أخرى مهما وصلنا من غلاء في الأسعار، وانتهت الشدة المستنصرية بقدوم الجمالي إلى مصر وفرض سلطته عليها بقوة السلاح بموافقة المستنصر بالله، وقد عين الجمالي وزيراً على مصر وعمل على إصلاح قنوات الري وإعادة الزراعة تدريجياً إلى أن فاض نهر النيل بالمياه مرة أخرى وعادت الحياة إلى طبيعتها الرغدة.

هل الشدة المستنصرية حقيقية؟

نعم الشدة المستنصرية حدثت بالفعل وانتشرت ظاهرة أكلي لحوم البشر خلال فترة العجاف التي شهدتها مصر خلال حكم المستنصر بالله بسبب الجوع والفقر وغلاء الأسعار، ويؤكد ذلك كتب التاريخ والمصادر الموثوقة.

أشهر كتب عن الشدة المستنصرية :

الشدة المستنصرية سنة كام؟ كيف واجه البشر الشدة المستنصرية؟ ما أسباب المحنة المستنصرية؟ كل التفاصيل التي تود معرفتها بإيضاح تام ستجدها في كتب عن الشدة المستنصرية مثل:-

  1. كتاب تاريخ المستنصرية.
  2. وكتاب إغاثة الأمة بكشف الغمة.
  3. وكتاب الشدة المستنصرية ابن الكثير.
  4. وأيضا كتاب الشدة المستنصرية راغب السرجاني.
  5. وهناك أيضا كتاب اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين.
  6. وكتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة.
    كما يوجد بعض روايات عن الشدة المستنصرية مثل رواية الشدة المستنصرية لمحمد يسري ورواية ابقي حياً للكاتب إبراهيم أحمد عيسى.

تحميل كتاب الشدة المستنصرية pdf :

حمل الآن كتب عن الشدة المستنصرية بصيغة pdf لتتعرف أكثر عن الشدة المستنصرية والمحنة الصعبة التي واجهها البشر طوال سبع سنوات عجاف والتي لم يشهد أن واجهها المصريون من قبل، حيث أن طوال هذه الفترة شهدت مصر جفاف في المياه وتدهور الزراعة وتصحر الأرض وانتشار الفقر والجوع والمرض حتى مات ثلث السكان ولجأ الآخرون إلى أكل لحوم البشر.

ماذا يرى المقريزي في كتابه عن الشدة المستنصرية؟

يرى المقريزي أن سبب محنة الشدة المستنصرية يتبين في غلاء أسعار الإيجار والمحاصيل وبالتالي تدهور الزراعة، بجانب فرض الضرائب الباهظة على من هم لا يقدرون على دفعها.

هل الظلم أحد أسباب الشدة المستنصرية؟

يرى البعض أن ظلم الحاكم المستنصر بالله الفاطمي سبباً للمحنة، ولكن كان الحاكم عادلاً ومحبوباً من رعيته، لذلك هناك أسباباً أخرى للشدة المستنصرية.

متى انتهت الشدة المستنصرية؟

بما أن الفترة المستنصرية ابتدت من عام 457 هجريا واستمرت لسبع سنوات فإنها انتهت سنة 464 هجريا، اي عام 1071 ميلادياً.

ما نتائج الشدة المستنصرية؟

عم الفساد والأمراض الفتاكة على البشر، أصبح الجميع يبيعون البيوت بأسعار بخسة مقابل الحصول على قوت اليوم، لجأ البعض إلى قتل الصغار والمارين في الطرقات وأكل لحومهم.

مواضيع ذات صلة

عيارات جديدة من الذهبأنواع عيارات الذهب المتداولة الآن | والفرق بينها وأسعارها

الفاجومي " احمد فؤاد نجم "الفاجومي ” احمد فؤاد نجم “