العنصرية | إعلاء لصوت البشرة وتنكيس لصوت البشرية

العنصرية

قال تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ))، هذه هي الفطرة التي خلقنا الله عليها، شعوبٌ تتعارف وقلوبٌ تتآلف، لكن أبى البشر إلا أن يشعلوا نيران العنصرية ويؤججوا صراعات الكراهية، أبوا إلا أن يطمسوا كل معالم التآزر الإنساني ويغرسوا بدلاً منها معالم النزاع العدواني، لفظوا السلام والوئام وآثروا الخصام والكِلام، نبذوا القيم الإنسانية وانصاعوا خلف قيمهم الهوجائية التي لا تفتأ تذكرهم بأن نصيبهم في البقاء متوقف على نصيب غيرهم في الفناء!

ما المقصود بمفهوم العنصرية ؟

يشير مفهوم العنصرية إلى الفكر والسلوك، أما الفكر فهو الاعتقاد بأن ثمة فرد أو شعب أو قبيلة أكثر تميزاً وتفوقاً عن بقية الأفراد أو الشعوب أو القبائل الأخرى بسبب امتلاك لون أو نسب أو عِرق معين، وأما السلوك فهو ما يترتب على هذا الاعتقاد من الأفعال المشينة، كحرمان من الحقوق، أو إلزام بواجبات مضاعفة، لاعتبارات تتعلق بالدين أو اللون أو العِرق أو النسب أو الجنس، فالعنصرية هي التعصب الذي يهدف إلى التفرقة بين الأفراد والجماعات.

وفي هذا السياق تُعرف الأمم المتحدة التمييز العنصري وتصفه بأنه ((أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العِرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو يستتبع بتعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة العامة)).

أما مفهوم العنصرية في علم النفس فهو يشير إلى مشاعر أنانية تعزى لأسباب متعددة، تصب كلها في حب الشعور بالتفوق والأفضلية على بقية الأفراد أو الجماعات، وينبع هذا الشعور عن غريزة عدوانية تحتاج إلى التقويم والتهذيب لوأدها والحد من تفشيها.

بداية شرارة العنصرية :

بدأت الشرارة الأولى للعنصرية في قصة ابليس اللعين مع آدم عليه السلام، فعندما أمره الله عز وجل بالسجود لآدم هتف متعالياً ((أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ))، ورغم أن استخدام مصطلح العنصرية – أو التمييز العنصري – حديث نسبياً إذ بدأ في الانتشار خلال ثلاثينيات القرن المنصرم بالتزامن مع تصاعد الأحداث السياسية النازية إلا أن الممارسات العنصرية كانت موجودة منذ قديم الأزل مذ كان الإنسان صياداً يبحث عن الحيوانات والنباتات، فما إن يظهر فرد غريب لا تبدو عليه علامات الانتماء إلى الجماعة حتى تُثار العنصرية باعتباره منافساً.

أمثلة على الممارسات العنصرية عبر التاريخ :

شهد التاريخ الإنساني العديد من الممارسات العنصريـة المقيتة، ومن أبرز هذه الممارسات وأكثرها انتشاراً ما يلي:-

1) تجارة الرقيق ضد الأفارقة.

2) قوانين العزل العنصري في جنوب أفريقيا.

3) التمييز العنصري بين الرجل والمرأة في العصر الجاهلي.

4) الحركة الصهيونية المناهضة للفلسطينيين.

5) العنصرية ضد اليابانيين خلال الحرب العالمية.

6) حركة اللاسامية المناهضة لليهود في أوروبا.

7) العنصرية ضد الطوائف المسيحية في الدولة العثمانية سابقاً ودولة تركيا اليوم.

8) عنصرية الغرب ضد المسلمين في الشرق الأوسط عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

ما هي انواع العنصرية ؟

يمكن تقسيم العنصريـة إلى نوعين رئيسين وعدة أنواع فرعية، أما النوعين الرئيسيين فهما كالتالي:-

1) العنصرية المباشرة :

النوع الأول هو التمييز العنصري المباشر، ويتجلى في التعامل مع أحد الأشخاص بدونية وإشعاره بعدم الرغبة في وجوده وتفضيل غيره عليه بسبب لونه أو عِرقه أو انتمائه أو غير ذلك.

نتائج <yoastmark class=

2) العنصرية غير المباشرة :

أما النوع الثاني فهو التمييز العنصري غير المباشر، ويتمثل في سن القوانين المجحفة ووضع الشروط غير المبررة من أجل إنصاف فئة معينة على حساب فئة أخرى.

وأما انواع العنصرية الفرعية فهي كالآتي:-

1) العنصرية التمثيلية :

يكثر تداول هذا النوع من التمييز العنصري في الرسائل الإعلامية، ويتجلى في تصوير الأفراد ذوي اللون المختلف كمجرمين أو ضحايا لا أبطال أو شخصيات رائدة.

2) العنصرية الأيديولوجية :

تعبر العنصريـة الأيديولوجية عن وجهات نظر العالم القائمة على أساس التحيز العِرقي، كاعتقاد بعض المجتمعات أن ذوي البشرة الفاتحة أكثر ذكاءً من أصحاب البشرة الداكنة.

3) التمييز العنصري الخطابي :

يظهر التمييز العنصري هنا في الخطابات الكلامية التي تنطوي على إهانات وكلمات رمزية تحمل معاني عنصرية، إضافة إلى الخطابات التي تدعو إلى الفتنة وتحض على الكراهية وتشير إلى الاختلافات العِرقية بشكل صريح أو ضمني.

4) العنصرية التفاعلية :

تتكرر العنصريـة التفاعلية في حياتنا بصورة يومية إذ تظهر في تفاعل الأفراد وتعاملهم مع بعضهم البعض، كالاعتداءات اللفظية والجسدية ذات الدوافع العِرقية، والتعامل مع بعض الفئات على أنها دون المستوى، وغيرها من صور التعاملات التي تتسبب في إلحاق الأذى النفسي أو الجسدي بالآخرين.

5) التمييز العنصري المؤسسي :

يتعلق هذا النوع من التمييز العنصري بالقوانين والسياسات التي يتم فرضها من قِبل مؤسسات المجتمع بدون وجه حق بهدف سلب بعض الفئات حقها في مزاولة أنشطة معينة كامتلاك العقارات أو غير ذلك.

ما هي أسباب التمييز العنصري ؟

تعزى أهم أسباب التمييز العنصري إلى العوامل التالية:-

1) الفقر والفروق المادية.

2) الجهل وغياب الوعي.

3) اختلاف العقائد والأفكار واللغات والثقافات.

4) الجشع والاستغلال والعبودية.

5) الهجرة والاستعمار.

6) المعاناة من بعض المشكلات النفسية مثل البارانويا والغرور وغير ذلك.

7) العادات الموروثة.

8) التفاخر بالأنساب.

ما هي نتائج العنصرية على الفرد والمجتمع ؟

أ- نتائج العنصرية على الفرد :

1) توليد الحقد والكراهية بين الشخص العنصري والشخص الذي تمت ممارسة السلوك العنصري عليه.

2) نبذ الشخص الذي تُمارس عليه العنصرية فيبقى وحيداً بمعزل عن الآخرين.

3) من نتائج العنصرية تضييق فكر الشخص العنصري فيبقى اهتمامه منصباً على نفسه دون الإكتراث بالآخرين.

ب- نتائج التمييز العنصري على المجتمع :

1) تفكك المجتمع وعدم ترابطه وتمزق نسيجه.

2) نشوب النزاعات والصراعات بين أفراد المجتمع الواحد.

3) خلق أجواء من الكبت والخوف والاضطهاد وعدم الاستقرار.

4) قد تفضي العنصريـة إلى إشعال الحروب، ((ازرع العنصرية، تحصد الحرب)).

كيف نتخلص من العنصرية في المجتمع ؟

هناك عدة استراتيجيات من شأنها أن تساهم في التصدي للممارسات العنصرية في المجتمع ومنها ما يلي:-

1) المشاركة في الاحتفالات الخاصة بالثقافات الأخرى في الحدود التي تسمح بها المعتقدات الدينية.

2) التعبير عن الرفض عن والانزعاج حيال المواقف التي تحمل في طياتها أياً من صور التمييز العنصري.

3) غرس ثقافة تقبل الآخر عند التعامل مع الاطفال الصغار في البيت أو المدرسة لتعزيز قدرتهم على تقبل الاختلافات.

4) الدفاع عن ضحايا التمييز العنصري لنشر الوعي والفكر الإيجابي في المجتمع.

انواع <yoastmark class=

دور الحكومات في علاج العنصريـة :

للسلطات والحكومات دور كبير في علاج العنصرية وذلك من خلال القيام بالآتي:-

1) محاولة تضييق دائرة الخلاف بين فصائل المجتمع المختلفة.

2) تطبيق مبادئ العدل والمساواة بين أفراد المجتمع.

3) تسخير وسائل الإعلام للتأثير على الأفراد من خلال بث الرسائل التي تنبذ التمييز العنصري.

4) فرض العقوبات الرادعة على مثيري الفتن في المجتمع.

5) تقوية الوازع الديني في نفوس الشعوب.

6) توعية الطلاب في المدارس والجامعات وزرع الأفكار الصحيحة في نفوسهم.

7) عقد الدورات التثقيفية وتوزيع الكتيبات التوعوية التي تشجب العنصريـة وتوضح أهمية المساواة.

من الخطأ مقاومة العنصريـة بالعنصريـة :

يعمد البعض عن سفاهةٍ وجهلٍ في الكثير من الأحيان إلى مناهضة العنصريـة بالعنصريـة، ينشر صورةً تحتوي على يدٍ بيضاء تمسك يداً سوداء، يشارك صورةً مفادها ((الدين لله والوطن للجميع))، والأسخف من هذا كله أن يقوم بنشر صورة لأحد الأشخاص الذين يعانون مرض السمنة أو أي مرض آخر ثم يكتب أعلاها ((الجمال جمال الروح))، ربما يتم تداول هذه الصور والعبارات بحسن نية لكنها في حقيقة الأمر ترسخ فكرة التمييز العنصري وتفصح بشكل أو بآخر عن دونية بعض الفئات!

نوايانا حسنة، وفطرتنا سليمة، لكننا قد نرمي عبارة عنصرية عابرة فتُحدث انفجاراً نفسياً مدوياً داخل أحدهم، لذا علينا أن نعيد ترميم أنفسنا، أن نعلي قيمة الإنسان كإنسان بغض الطرف عن لونه وجنسه ومعتقده، أن نسمو عن سطحية الفكر ومحدودية الأفق، ألا نقاوم العنصرية بعنصرية أخرى فنكون كمَن أطفأ النار بالنار لا بالماء، ((لا نحارب العنصريـة بالعنصريـة، سنحارب العنصريـة بالمحبة))، العنصرية ليست نتاج لون البشرة، بل هي نتاج العقل البشري، ولهذا فإن علاج العنصرية يبدأ بمعالجة الأوهام العقلية الناجمة عن المفاهيم الزائفة التي أفرزتها السنون.

أبرز القوانين المناهضة للعنصرية :

1) القوانين التي أقرتها الأمم المتحدة لمنع التمييز والتفضيل في الحقوق الإنسانية كالتعليم والعمل والحياة الكريمة.

2) القوانين التي أصدرها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لحظر التمييز القائم على أساس اللون أو الدين أو المذهب أو العِرق.

3) القوانين التي فرضها الدستور الكندي للتشديد على المساواة بين الجنسين ومكافحة العنصريـة ضد الأجانب والاستجابة لمتطلبات السكان كافة.

أشهر الأقوال عن العنصريـة :

– من اقوال جيفارا ((أولئك الذين يقتلون الأطفال ويمارسون التفرقة العنصرية ضدهم يومياً بسبب لون بشرتهم، أولئك الذين يسمحوا لقتلة السود أن يبقوا طلقاء ويحمونهم بل ويعاقبون السود لأنهم يطالبون بحقوقهم المشروعة كرجال أحرار، كيف يمكن لأولئك الذين يرتكبون كل هذا أن يعتبروا انفسهم حماة الحرية؟)).

– يقول هيوي نيوتن ((لدينا شران يجب محاربتهما، الرأسمالية والعنصريـة)).

– يقول تيموثي لونج ((الخوف والجهل هما الجذور الرئيسية للعنصريـة)).

من أقوال علاء الأسواني ((العنصريـة هي الاعتقاد بأن اختلاف العنصر يؤدي إلى اختلاف السلوك والقدرات الإنسانية)).

– يقول أدمون مبياكا ((العنصريـة هي واحدة من أسوأ الأشياء التي حدثت لجنسنا البشري، لقد غُسل دماغ الكثيرين للتركيز على العِرق أو البشرة بدلاً من التركيز على شخصيته)).

– من أقوال كريستوفر هيتشنز ((ما هو أكثر شيء أكرهه؟ الغباء، بالذات بأبشع صورتيه: العنصريـة والخرافات)).

– يقول ديف ماتيوس ((إن أسوأ شيء في الجنس البشري هو أننا مهووسون بفكرة نحن وهم، وهي في الواقع حالة من العدائية غير المبررة تجاه الآخر)).

ما هي أسس العنصريـة ؟

تقوم العنصرية على مجموعة من الأسس وهي لون البشرة واللغة والدين والنسب والطبقة الاجتماعية والقومية، بالإضافة إلى العادات والمعتقدات والثقافات.

ما هي أشكال العنصريـة ؟

من أشكال العنصرية التمييز الفردي والتمييز الشخصي والتمييز المؤسسي والتمييز الهيكلي.

ما الكتب التي تناولت قضية التمييز العنصري ؟

من الكتب التي ناقشت قضية التمييز العنصري وتناولت آثار العنصريـة على الفرد والمجتمع pdf كتاب ((الهشاشة البيضاء)) وكتاب ((النصف المتلاشي)) وكتاب ((إذن أنت تريد التحدث عن العرق)) وأيضاً كتاب ((أنا وسيادة البيض: مكافحة العنصرية، غير العالم وكن سلفاً جيداً)).

كيف عالج الإسلام العنصرية ؟

عالج الإسلام العنصرية عن طريق بناء الفكر وتغيير الوعي وتعزيز معنى الأخوة الإنسانية، إلى جانب الإقرار بالحقوق وتطبيقها وحمايتها من الخرق.

مواضيع ذات صلة

بسكوت دايجستففوائد وأضرار بسكوت دايجستف | وطريقة عمل مالتيزر دايجستف بالمنزل

مخاطر الكهرباءما هي مخاطر الكهرباء ؟ | وكيف يمكننا تجنبها؟