حمي النفاس | الحمى التي فتكت بمئات الأمهات

حمي النفاس

لطالما كانت حمي النفاس شبحاً يترصد لكل سيدة أنهت مرحلة ((وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ))، عانت آلام المخاض وقاست عذاب تجربة الولادة ولم تكد تستفيق من أوجاعها وتفرح بمولودها وتروي ظمأ أمومتها حتى تصفعها هذه الحمى المميتة، فكم حصدت حمى النفاس من أرواح أمهات، إلى أن تحالف العلم والطب ونجحا في إنقاذها بعدما بدأت المضادات الحيوية في الظهور، وبعدما جاء الطبيب الهنغاري أجناتس سيملفيس بنظرية ((اغسل يدك، أنقذ الأمهات)).

تاريخ حمي النفاس :

لم يعرف العالم مسبقاً ما هي حمي النفاس ولم يربط أحد بين هذه الحمى والولادة، حتى وصف الطبيب اليوناني أبقراط هذه الحالة المرضية في الوثائق الخاصة به للمرة الأولى في التاريخ قبل الميلاد بنحو خمسة قرون، لكن وصفه لـ حمي النفاس لم يكن كافياً لردعها، حيث استمرت الحمى في نهش نسبة كبيرة من أرواح الأمهات بعد خضوعهن للولادة، حتى عُدت الحمى في الفترة الممتدة بين القرن الميلادي الثامن عشر ومستهل القرن العشرين من أكثر أسباب الوفاة شيوعاً فيما يخص الولادة.

في عام 1847 م لاحظ الطبيب الهنغاري أجناتس سيملفيس أن الطلاب المتدربين لديه يذهبون مباشرةً إلى جناح عمليات الولادة بعد خروجهم من المكان الذي يتم فيه تشريح الجثث، وتكونت لديه حينها صورة شبه كاملة حول سبب ارتفاع معدل الوفيات في جناح الولادة، إذ تيقن وقتذاك أن أيدي طلابه تنقل جسيماتٍ قاتلة من الجثث إلى الأمهات!

أصدر الطبيب الفطن تعليماتٍ بشأن ضرورة غسل الأيدي باستخدام المحلول المعالج بهيبوكلوريت الكالسيوم قبل الإقدام على فحص السيدات، وبالفعل كانت النتيجة هي انخفاض معدل الوفيات، فسمي الطبيب أجناتس بمنقذ الأمهات، بعد شيوع نظرية ((اغسل يدك، أنقذ الأمهات)).

ما هي حمي النفاس وما أعراضها ؟

يطلق على حمي النفاس اسم حمى ما بعد الولادة أو عدوى النفاس، وتعرف بأنها حالة مرضية تنتج عن تعرض الجهاز التناسلي الأنثوي لعدوى بكتيرية خلال أو بعد إجراء الولادة لأن جهاز المناعة لدى المرأة يكون منهكاً في هذه الفترة العصية، ويترتب على الإصابة بهذه الحمى ارتفاع درجة حرارة الجسم لمدة تزيد عن 24 ساعة خلال الأيام العشر الأولى بعد الوضع أو الإجهاض، ويرافق ذلك بعض الأعراض الأخرى التي تتفاوت في حدتها، وتتمثل أبرز اعراض حمي النفاس فيما يلي:-

1) بلوغ درجة حرارة الجسم 38 درجة مئوية فأعلى.

2) الإصابة بالقشعريرة.

3) الشعور بالصداع.

4) المعاناة من فقدان الشهية.

5) الشعور بالألم في منطقة أسفل البطن أو الحوض.

6) ملاحظة الإفرازات المهبلية ذات اللون المائل للصفرة والرائحة الكريهة.

7) الشعور بالإرهاق الجسدي والإعياء العام وعدم الراحة.

8) تماثل الثديين للالتهاب خلال فترة الرضاعة الطبيعية.

9) تماثل البشرة للشحوب والبهتان.

10) زيادة معدل نبضات القلب.

11) ظهور الطفح الجلدي.

12) فشل الرحم في العودة إلى الحجم الطبيعي.

ما هي اسباب حمي النفاس ؟

تعزى اسباب حمي النفاس إلى ما يلي:-

1) الخضوع لعملية الولادة القيصرية.

2) الإصابة بـ فقر الدم نتيجة فقدان كميات كبيرة من الدم.

3) التعرض لالتهاب المهبل البكتيري أو التهاب المسالك البولية أو التهاب الوريد الخثاري.

4) عدم خروج المشيمة كاملة في أثناء الولادة وبقاء بعض أجزائها في الرحم.

5) الإصابة بالنزيف المفرط عقب إجراء الولادة.

6) الخضوع للولادة في مرحلة عمرية مبكرة.

7) عدم الالتزام بتعليمات التعقيم من قِبل الطاقم الطبي المشرف على عملية الولادة.

8) تمركز البكتيريا في منطقة المهبل.

9) المعاناة من السمنة.

10) الخضوع للفحوصات المهبلية المتكررة.

11) وجود فاصل زمني يزيد عن 18 ساعة بين تمزق الكيس الأمنيوسي والولادة.

12) تمزق الأغشية المحيطة بالجنين في وقت مبكر نتيجة الخضوع للفحص الداخلي.

كيف يمكن علاج حمي النفاس ؟

أمسى علاج حمي النفاس سهلاً في ظل التطورات الهائلة التي شهدها القطاع الطبي خاصةً بعد اكتشاف المضادات الحيوية، فلم يعد الأمر يتطلب أكثر من القيام بالإجراءات الآتية:-

1) تناول المضاد الحيوي المناسب.

2) تعويض نقص السوائل.

3) التغلب على ارتفاع الحرارة الداخلية من خلال تناول العقار الخافض بانتظام.

4) فتح الخراج وتنظيفه في حال وجود خراج.

5) التخلص من بقايا الأنسجة الموجودة في الرحم – إن وجدت -.

5) الخضوع للرعاية الصحية المتكاملة، ويفضل الحجز في المستشفى لضمان ذلك.

ما هي حمي النفاس

ما هي حمي النفاس

كيف يمكن الوقاية من عدوى ما بعد الولادة ؟

الوقاية خير من العلاج دائماً وأبداً، لذا يوصى باتباع الإجراءات الوقائية التالية لتقليل خطر الإصابة بـ حمي النفاس بعد الولادة:-

1) الاستحمام صباح يوم الولادة مع مراعاة استخدام معقم طبي مناسب.

2) التأكد من حرص الطاقم الطبي على تعقيم غرفة الولادة والأدوات المستخدمة في العملية.

3) تعاطي المضادات الحيوية الوقائية الموصوفة من قِبل الطبيب المختص.

4) المحافظة على نظافة منطقة العانة وإزالة الشعر منها بأي وسيلة عدا الشفرة.

5) تغيير الفوط الصحية بمعدل أربع مرات في اليوم كحد أدنى.

6) الالتزام بإجراء الفحوصات الدورية في المركز التخصصي الطبي بعد الولادة.

7) مراعاة تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية المفيدة لتقوية الجهاز المناعي.

8) الحرص على النظافة الشخصية مِن قبل الشريكين في حال ممارسة العلاقة الحميمية خلال الأشهر الأخيرة من الحمل.

9) توخي الحذر من التعرض المتكرر للفحص المهبلي.

10) ضبط مستوى السكر في الدم والسيطرة على أي حالة مرضية قبل الولادة.

مضاعفات حمى ما بعد الولادة :

في حال عدم السيطرة على الأعراض المصاحبة لـ حمي النفاس تزيد احتمالية التعرض للمضاعفات التالية:-

1) مواجهة صعوبة في التبول.

2) الإصابة بتسمم الدم.

3) انتشار الطفح الجلدي.

4) تكون الخراجات.

5) تكون الجلطات الدموية في منطقة الحوض.

6) ضآلة اللبن في الثديين أو انعدامه مما يجعل الطفل يفتقر إلى فوائد الرضاعة الطبيعية وهو ما يؤثر على صحته.

7) انتقال العدوى إلى الكلى أو المثانة.

8) الإصابة بداء الانسداد الرئوي.

هل يمكن علاج حمى النفاس بالأعشاب ؟

نعم، يمكن علاج حمي النفاس أو التخفيف من وطأة الأعراض المرافقة له من خلال استخدام منقوع قشر الرمان أو محلول الماء والملح كغسول مطهر، بالإضافة إلى استعمال عشبة فيتولاكا المعروفة باسم pokeweed لتهدئة التهاب الثديين، كما يمكن تجفيف قشور الرمان وطحنها ثم مزجها مع منقوع أوراق الريحان وتطبيقها على منطقة المهبل.

ما هي أنواع عدوى النفاس ؟

لعدوى النفاس ثلاثة أنواع رئيسة تتمثل فيما يلي:-

1) حمي النفاس الناتجة عن التهاب بطانة الرحم :

في هذه الحالة تحدث الحمى نتيجة تعرض البطانة الرحمية لعدوى الكلاميديا أو السيلان أو السل أو أي عدوى بكتيرية.

2) عدوى النفاس الناتجة عن التهاب عضلة الرحم :

تحدث الحمى في هذا النوع نتيجة تعرض عضلة الرحم نفسها للالتهاب.

3) العدوى الناتجة عن التهاب الأنسجة المجاورة للرحم :

في هذه الحالة لا يعزى سبب الحمى إلى التهاب عضلة الرحم أو بطانته وإنما يعزى إلى التهاب الأنسجة التي تجاوره وتحيط به.

ما الفحوصات اللازمة لتشخيص حمى النفاس ؟

يستلزم تشخيص حمي النفاس إجراء عدة فحوصات ومنها فحص كريات الدم البيضاء وفحص زراعة البول وزراعة الدم، إلى جانب فحص إفرازات المهبل وجرح الولادة وكذلك فحص التراساوند للحوض، وفي بعض الحالات يجري الطبيب المختص فحصاً للصدر والرئة والساق للتأكد من عدم الإصابة بجلطة أو تكون خراج.

كم يوم تستمر حمى النفاس ؟

يتساءل البعض كم يوم تستمر حمى النفاس والإجابة هي أن حمى ما بعد الولادة تستمر عادةً لمدة يومين أو ثلاثة أيام، وفي بعض الأحيان تصل مدة الإصابة إلى نحو عشرة أيام.

هل يمكن الإصابة بحمى النفاس بعد عشرين يوم من الولادة ؟

لا، لا يمكن الإصابة بـ حمى النفاس بعد عشرين يوم من الولادة حيث إن الإصابة تكون خلال الأيام العشر الأولى، وإن مر أسبوع كامل بعد الوضع دون ظهور أي أعراض فهذا يعني أن المرأة في أمان.

هل تجربة حمى النفاس صعبة ؟

تقول إحدى السيدات تجربتي مع حمى النفاس كانت طبيعية ولم تكن صعبة إلى حد كبير كوني قد حصلت على الرعاية الصحية اللازمة وهو ما ساعد على سرعة تماثلي للشفاء، لكن لا ينبغي الاستهانة بالأمر تفادياً للمضاعفات الخطيرة.

هل حمى النفاس تسبب الوفاة ؟

من الأسئلة المتداولة هل حمى النفاس تسبب الوفاة والإجابة هي نعم، تسبب عدوى النفاس الوفاة لا سيما في الأماكن التي تفتقر إلى النظافة والخدمات الصحية الجيدة.

مواضيع ذات صلة

الجنين في الشهر الثامنكيفية معرفة شكل الجنين في الشهر الثامن ووزنه .

كيفية حساب موعد الولادةتعرف علي كيفية حساب موعد الولادة