ما العبرة من قصة أصحاب الكهف ؟

يزخر القرآن الكريم بالكثير من القصص الجليلة المملوءة بالحكمة والموعظة والتي تٌبين قدرة الله (عز وجل) في خلقه؛ ولعل من أبرز القصص التي ذكرت في القرآن الكريم قصة أصحاب الكهف ،تلك القصة التي احتضنتها سورة الكهف وخلدتها بأحرف من ذهب وفضة.

من هم أصحاب الكهف ؟

لقد ذكر في قصة أصحاب الكهف  في القرآن أن أصحاب الكهف هم مجموعة من الفتية المؤمنين بالله الواحد الأحد القهار إيمانًا شديدًا وكفروا بعباده الأوثان التي كانت شائعة في قومهم في ذلك الوقت، ولقد كفاءهم الله علي إيمانهم القوى بأنه زادهم تقوى وهدي، و هذا ما توضحه لنا السورة الكريم :- (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى).

سوف نتناول الآن في سطورنا  قصة اهل الكهف التي تُعد من معجزات النبي محمد صلي الله عليه وسلم؛ حيث أنه كان يُخاطب اليهود والنصارى بالقصص التي يعبدونها ولا يعلمها أحدًا سواهم نظرًا لتواجدها في  قصة سيدنا عيسى وموسى عليهما السلام، وبذلك كان  يُعزز ذلك من صدقه وصدق رسالته في أعينهم.

قصة أصحاب الكهف

تُعد قصة أصحاب الكهف من أكثر القصص المعروفة في الأديان السماوية الثلاثة؛ حيث أن خلدتها المسيحية وذكرت أن هؤلاء الفتية المؤمنين كانوا يعيشون في وقت اضطهاد المسيحيين أثناء حكم ديقيانوس، وحقيقة الأمر أن الحقبة الزمنية التي عاش فيها الفتية غير معلومة للعلماء حتى الآن.

سوف نقوم الآن بنقل قصة أصحاب الكهف من كتب التفسير عند أهل السنة والجماعة، ذُكر في كتب التفسير أنه كانت توجد قرية كافرة؛ حيث ابتعد أهلها عن الطريق الصحيح وتحولوا من عبادة الله الواحد إلي عبادة مجموعة من الأوثان الصماء وظلوا لها عاكفين.

لم يكتفوا أهل القرية بكفرهم وعبادتهم تلك الحجارة الخرساء التي لا تستطيع أن تضرهم ولا تنفعهم بشيء وإنما قرروا أن يتدخلوا لحماية آلهتهم المزعومة وقتل من يعارض تعبدهم لها، كما قتلت أول شهيدة في الإسلام في قصة آل ياسر لنفس السبب.

 ما موقف الفتية من أهل القرية ؟

  ظهر علي الساحة مجموعة من الشباب العقلاء والمؤمنين بالله إيمان راسخ ورفضوا السجود لصنم وحرصوا علي تحكيم عقولهم في هذا الأمر وكانت كل الدلائل تُشير بأنهم علي الطريق المستقيم، أخذوا الفتية يتحدثون مع قومهم بالموعظة الحسنة و رغم أنهم لم يكونوا من الرسل أو الأنبياء إلا أنهم تحمَله ما تحملوه رسل الله في سبيل حماية دين التوحيد.

كنت القرية شديدة الكفر وجميع من بها ضالون و مضللون وأجبروا الشباب علي ترك القرية وإلا قاموا بقتلهم، وبالفعل عقد الشباب النية علي ترك القرية تلك القرية الظالمة وفروا إلي كهف قديمًا مهجورًا لا حياة به ليكون ملاذًا وملجأ لهم وهربوا من المدينة الواسعة إلي هذا الكهف الضئيل برفقة كلبهم.

يتضح لنا في قصة أهل الكهف الحقيقية أن الشباب قد خرجوا يبتغون وجه الله وطمعًا في رضاه و رحمته، لذا أراد الله أن يخلد مسيرة هؤلاء المؤمنين وضرب بهم معجزة من أعظم معجزاته؛ حيث نام الفتية في الكهف مدة ثلاثمئة وتسع سنوات، وقيل عنهم القرآن الكريم:- (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا).

ماذا حدث للفتية داخل الكهف ؟

كانت رعاية الله تحاوط أصحاب الكهف؛ حيث أنه (سبحانه وتعالى) أمر الشمس أن بأن تشرق عن يمين الكهف وتغرب عن شماله حتى لا يصيب المؤمنين الموحدين حرارتها، كما أمرها أيضًا أن تقلبهم عن اليمين والشمال أثناء شروقها وغروبها وهم لا يشعون بأي شيء، وهذا يظهر في قوله:- (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ).

نجد في قصة أصحاب الكهف المخلدة في القرآن أن الله أراد أن يستيقظ الفتية من غفلتهم لحكمته، وعندما استيقظ الشباب من غفلتهم وسباتهم العميق لم يستطيعوا أن يدركوا كم الوقت الذي مضي عليهم في الكهف، بدأ الشباب يتساءلوا فيم بينهم فطرح أحدهم سؤال:- (قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ).

قصة أصحاب الكهف

ماذا فعل الفتية بعد استيقاظهم من السبات العميق؟

لم يقف الفتية كثيرًا عند هذه الحادثة فهم غير مدركين مدة مكوثهم في الكهف و طلبوا من أحدهم أن يذهب إلي المدينة دون أن يشعر به أحد ليشتري الطعام ثم يعود علي الفور قبل أن يراه الملك الظالم أو أهل القرية الفاسدون فيقتلوه.

عندما خرج الرجل الصالح من مخبأه صدم مما تراه عينه، لقد تبدلت أحوال القرية تمامًا وكل شيء بها مختلف عما تركه أخذ يتساءل كيف تبدلت الأحوال في بضع أيام؟ كيف تغير الناس وأصبحت وجوههم غير مألوفة في هذه المدة القصيرة؟ أندهش عندما وجد أن العملة قد تغيرت وكذلك البضائع وكاد يفقد عقله من هول الصدمة فكيف حدث كل هذا التغير في ليلة وضحاها؟.

هرول الرجل الصالح إلي أصحابه في الكهف وأخبرهم أن حدث لهم أمر عظيم ولا تقل فتنته عما حدث في قصة طالوت وجالوت وقص عليهم ما حدث في السوق، ولقد سارع الفتية بالخروج إلي السوق وهم في دهشة من أمرهم.

ماذا فعل أهل القرية مع أهل الكهف؟

لم يكن من الصعب علي أهل القرية أن يعملوا أن هؤلاء الفتية مختلفين عنهم فهذا يتضح بشدة من خلال دهشتهم الواضحة والملابس الغريبة التي يرتدونها والأموال العتيقة التي يحملونها، ذهب أهل القرية للتحدث مع أصحاب الكهف ليعرفوا قصتهم.

عندما قام الفتية بقص قصة أصحاب الكهف علي أهل القرية فرحوا بهم فرحًا شديدًا وأخبرهم أن الله قد أهلك القرية الظالمة ومالكها الفاسد وجاء من بعده ملكًا صالح وتم إحياء الإيمان في قلوب القوم من جديد، فرح جميع الفتية في قصة أصحاب الكهف مختصرة لما سمعوا، فلقد كانوا الوحيدين المؤمنين وضرب الله بهم معجزة فأماتهم وأحياهم من جديد بين قرية جميع من بها مؤمنين.

قصة أصحاب الكهف كاملة مكتوبة pdfفي المسيحية

نجد أن هنا اتفاق في بعض الأشياء واختلاف في آخر ما بين  قصة اصحاب الكهف في الانجيل و قصة أصحاب الكهف للأطفال التي ذكرت في القرآن لكريم، لقد رد الحديث عن أهل الكهف في العديد من كتب التراث المسيحي  التي يأخذها النصارى مرجعًا شرعيًا لهم، لا تنسوا قراءة قصة سيدنا يحيى واستخلاص الدروس المستفادة منها.

في القصة المسيحية يعرف أصحاب الكهف بأنهم مجموعة من الرجال المؤمنين الذين عاشوا في زمن الإمبراطور الروماني  داكيوس الذي كان يضطهد المسيحيين وقد قيل أنهم كانوا جنودًا في جيشه، وفي يومًا من الأيام أراد الإمبراطور أن يقدم جميع سكان قريته الأضحية للأوثان وأن يتحولوا عن عبادتهم من التوحيد وعبادة الرب الحقيقي إلي عبادة مجموعة من الصنم التي لا تعقل.

رفض الشباب أن يقدموا الأضحية للصنم وقاموا بأن لهم أله يمجدوه في السموات والأرض مما أثار ذلك حقد الامبراطور عليهم، قام الامبراطور بتهديد الفتية وأمرهم أن ينصرفوا من أمامه وأعطاهم مدة للتفكير في الأمر و من ثم يعودوا إلي الملك إما مؤمنين بالأوثان أو يقتلهم، وهنا وقعت العجزة المعروفة بـ قصة أصحاب الكهف  وناموا في كهف صغير قرابة المائتي عام حتي استيقظوا في قرية مؤمنة.

ما هو تاريخ قصة أهل الكهف ؟

لقد تحدث البعض عن تاريخ وقوع قصة أصحاب الكهف أن الفتية قاموا بالهروب من المدينة و ذهبوا إلي الكهف لينجوا بأنفسهم من الفساد والظلم في عهد الإمبراطور الظالم ثيودوسيوس الثاني عام 408-450 م، ولعل هذا في معتقدات المسيحيين بينما يرى أهل السنة والجماعة وفقهاء الإسلام بأن زمن وقوع القصة غير معلوم لنا ولا يعلمه إلا الله وحده.