لسان الدين بن الخطيب | الطبيب الشاعر

جامع الفضل ومنظم الشعر والبارز في مجال الطب الفيلسوف الشاعر لسان الدين بن الخطيب الذي ورث العلم والجاه من عائلته فنسج طريقه حتى وصل إلى أعلى المناصب الحكومية والأدبية.

لمحة عن ابن الخطيب :

اسمه

هو محمد بن عبد الله حفيد سعيد بن على من نسل أحمد السلماني الخطيب الشهير بـ لسان الدين بن الخطيب ، وأطلق عليه العديد من الألقاب مثل ذي العمرين.

مولده

ولد الفيلسوف الشهير لسان الدين يوم 25 من شهر رجب عام 713 هـ الموافق 1313 م في مدينة لوشة الأندلسية التابعة لبلاد فاس، وبعد مضي فترة على ولادته انتقلت عائلته إلى غرناطة بسبب دخول والده في خدمة السلطان أبي الحجاج يوسف.

نشأته  

ترعرع لسان الدين بن الخطيب في عائلة اشتهرت بالأصالة والوعظ والجاه، حيث كان جده الكبير “سعيد” واحدًا من علماء عصره الأجلاء يجلس للعلم والوعظ فلُقب بالخطيب ثم لحق اللقب بعائلته منذ أن كانت في مدينة لوشة، فنشأ على حب الأدب وحرص على دراسته إلى جانب الفلسفة والطب حتى تخرج من جامعة القرويين بمدينة فاس.

تعلم محمد بن عبد الله الملقب بذي الوزارتين على يد جهابذة العلماء والشيوخ في المدينة التي كان يقيم فيها، فأخذ منهم الطب والتفسير واللغة العربية بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم، فأصبح علامة في الأندلس وصار شاعرًا ومؤرخًا وفيلسوفًا وسياسيًا وطبيبًا.

حياته

اتجهت عائلة لسان الدين إلى مدينة غرناطة التي فيها درس الطب والفلسفة والشريعة وبعض العلوم الأخرى التي اشتهر بهم، وظل يتعلم حتى قُتل والده عام 741 هـ في واقعة طريف وكان حينها يعمل كمترجم للسلطان فحل محله كوزير لأبي الحسن الذي توفي بعدها بفترة قصيرة بمرض الطاعون اللعين.

بعد مقتل أبي الحجاج عام 755 هـ انتقل الحكم بالتوارث إلى ابنه الغني بالله محمد الذي وكل أمر الدولة إلى نفس الحكام في عصر أبيه وكان من بينهم لسان الدين بن الخطيب ، إلا أن حال الحكم اختلف عندما اشتعلت الفتنة في رمضان ووقع الحاجب قتيلًا، لذلك قرر الغني بالله محمد الهرب إلى المغرب برفقة لسان الدين، ثم انتهت الفتنة واستطاع الغني بالله استرداد ملكه وإعادة بن الخطيب إلى منصبه.

تنقل محمد بن عبد الله بين المناصب الحكومية التي ساعدته في التعرف على العديد من الأشخاص وأصحاب المقامات العالية كابن خلدون الذي كان صديقه ومصدر قلق بالنسبة له نظرًا لاستحواذه على اهتمام الملك الغني بالله، وحينها شعر لسان الدين أن أعداءه يكيدون له عند الملك الذي يميل إلى قبول وشاياتهم، فتواصل مع أبي فارس عبد العزيز الذي وعده بالحماية والرعاية الكافية في كنفه.

بعض مؤلفات لسان الدين بن الخطيب :

ترك لسان الدين كنزًا عظيمًا من الكتب والمؤلفات التي بلغ عددهم حوالي 60 مؤلفًا في جميع العلوم التي تعلمها وبرز فيها مثل الأدب والفلسفة والتاريخ والطب والفقه والتفسير، واشتهر بمؤلفاته في علم الجغرافيا والسياسة والموسيقى التي وصلنا منها القليل بعدما حرق الكثير منها في مدينة غرناطة.

أولًا: مؤلفاته في مجال الأدب

– بستان الدول.

– كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة.

– معايير الاختيار في ذكر المعاهد والديار.

– الكتب المخطوطة.

– السحر والشعر.

– ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب.

– روضة التعريف بالحب الشريف.

– اللمحة البدرية في الدولة النصرية.

ثانيًا: مؤلفاته في مجال الطب

– خير في الأغذية.

– كتاب في علاج السموم والأجوزة المعلومة.

– أرجوزة في الطب.

– الوصول لحفظ الصحة من الفضول.

– كتاب عمل في طب لمن يجبّ.

لسان-الدين-بن-الخطيب

خصائص شعر محمد بن الخطيب:

نسج ابن الخطيب على منوال أبيه الكثير من الصور الأدبية التي جسدها في موشحات لسان الدين بن الخطيب الرائعة ذات الإيقاع الموسيقي العذب، فذكر في حقه ابن خلدون صاحب مؤلفات ابن خلدون أنه قرأ وتأدب على يد علماء وشيوخ غرناطة، وتمكن من تعلم العلوم الفلسفية على يد الحكيم يحيى بن هذيل وامتهن الطب، وقيل من نظمه ونثره في بلاط السلطان، وإليك بعض خصائص شعر لسان الدين بن الخطيب في النقاط الآتية:

1- تمتع شعره بالبديهة والإرجال عن طريق تشكيله صورة عصرية حية.

2- يتسم ديوان لسان الدين بن الخطيب بأنه طويل النفس ويحتوي على طاقة غنائية وصور خيالية.

3- يضم شعر ابن الخطيب صور أدبية متعددة مثل الوصف والتأمل والغزل والمدح.

4- انتقاء الكلمات والألفاظ بأسلوب متكلف للحصول على معنى دقيق للموقف.

كيف مات لسان الدين بن الخطيب ؟

يعد الطبيب لسان الدين من الشخصيات البارزة في التاريخ التي استطاعت الاستحواذ على شعبية كبيرة في الأدب والسياسة، مما جعل له أعداء أكثر من أحبة كيف وهو لسان الدين الجامع بين الكتابة والوزارة، وتميز لسان الدين بن الخطيب شعر بالبديهة والتخيل الذي يكون في النهاية مقطوعة موسيقية رائعة، وكان لكل هذا الإبداع والتميز مؤامرة تجهز وعداوة أدت إلى موته مقتولًا في السجن.

وجه النباهي قاضي قضاة غرناطة مجموعة من الاتهامات في حق لسان الدين الذي يكن له كره شديد وعداوة حقيقية، فاتهمه بالزندقة في الدين والكفر مستندًا على ما كتب في كتابيه “محبة الله” و”روضة التعريف بالحب الشريف” بالإضافة إلى توجيه تهمة المس بالجناب النبوي الشريف وإنكاره مقررات للسنة النبوية والشريعة والعقيدة.

تم التفتيش عن مصادر ثروته وماله وهذا ما وضعه في دائرة الشك، وذلك بسبب استكثاره من بناء المساكن وشراء البيوت والحدائق في الأندلس والمغرب، إلى جانب اتهامه بالفرار إلى بلاد المغرب بالأموال والأثقال وكذلك الظلم والفساد في الأرض، وكان الهدف من كل هذه الاتهامات هو الوصول به إلى حكم الإعدام، حيث كان هذا من السهل في ذلك الوقت نظرًا لسيطرة الدين وعلو شأنه.

تابع قصة موت لسان الدين:

تآمر العديد من الأشخاص على ابن الخطيب، فعقدوا المجالس القضائية في غيابه وأصدروا حكم بحرق كتبه في ساحة غرناطة وتم الاستيلاء على مصادر أملاكه، وظل محمد بن عبد الله في حماية سلطان المغرب الذي كان يحميه من شرور أعدائه التي لا تنتهي، ولما توفي السلطان عام 774 هـ تمكن ابن الأحمر من الانتقام منه عن طريق إرسال تلميذه أبي عبد الله بن زمرك ليتأكد من تعاونه مع حكومة فاس.

اجتمعت الأقوال والاتهامات حول لسان الدين بن الخطيب فتم دفعه إلى السجن، ولكنه حاول جاهدًا الخروج منه والإبقاء على حياته ولكن بلا جدوى، ” اتقي شر من أحسنت إليه ” فبعد أن استمر ابن الخطيب في خدمة الغني بالله أعوامً كثيرة، سولت له نفسه دفع وزيره سلمان بن داوود لقتل لسان الدين والذي بدوره بعث أعوانه إلى السجن ليلًا فخنقوه حتى فارق الحياة ثم دفنوه، وورد أنهم أخرجوه من القبر وحرقوا جثته ثم عادوا ودفنوه مرة أخرى في عام 776 هـ.