6 وسائل فعالة لتعلم وإتقان لغة الاشارة

جُبل الإنسان على التواصل مع الآخرين؛ فقد طبعه الله على ذلك حتى يهيئه لمهمة إعمار الأرض والخلافة فيها، فبدون التواصل يتعذر على الإنسان أن يؤدي هذه المهمة, لذا حباه الله نعمة السمع والبصر والكلام ليكون بحوزته الأدوات التي تعينه على القيام بعملية تواصل ناجحة, غير أن البعض قد ابتلي بتعطيل أداة أو أكثر من هذه الأدوات فتعرقل التواصل لديه مما استلزم إيجاد بديل للاستعاضة عن الأداة المفقودة, من هنا ظهر ما يعرف بـ لغة الاشارة وهي اللغة التي يستخدمها الصم والبكم للتواصل مع الآخرين.

وبصفتي متخصصة في دراسة الاتصال والإعلام أستطيع القول أن الإعاقات السمعية والصوتية والبصرية أيضاً لا تحول دون إجراء عملية تواصل ناجحة إذ بإمكان أصحابها أن يلجئوا لأساليب تواصل أخرى مثل الحروف بلغة الاشارة للصم والبكم وطريقة برايل للمكفوفين وإلخ, لكن هناك إعاقات أكثر فداحة يتعذر معها التواصل رغم أن الأذنين تسمعان والعينين تبصران واللسان يتحدث بطلاقة, إنها الإعاقات النفسية وإعاقات الفكر والسلوك وصدق الذي قال ((فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)).

ماهية لغة الاشارة :

تعرف لغة الاشارة بأنها وسيلة غير صوتية للتواصل بمعنى أنها لا تعتمد على التحدث ولا تحتاج إلى الإصغاء, وتستخدم هذه اللغة من قِبل ذوي الاحتياجات الخاصة المصابين بالصمم والبكم فهي تمكنهم من التواصل مع المحيطين بهم وتجعل بمقدورهم التعبير عن ذواتهم من خلال قول مرحباً أو شكرا بلغة الاشارة أو غيرها من الكلمات عن طريق إجراء حركات أو إيماءات بسيطة للإفصاح عن المشاعر والرغبات والمعاني المختلفة.

كما تستخدم لغة الاشارة العربية أيضاً في بعض الأحيان من قِبل رجال الشرطة والعصابات والغواصين وغيرهم حتى يتمكنوا من التخاطب والتواصل فيما بينهم عن طريق الحركات دون التفوه بالكلمات, وتختلف الممارسات والأساليب التي تتكئ عليها هذه اللغة من بلد إلى آخر.

ما الأساليب المستخدمة في لغة الاشارة ؟

تعتمد لغة الاشارة على عدد من الأساليب المتمثلة فيما يلي:-

1) حركات اليدين حيث تستخدم حركات الأصابع للدلالة على الارقام بلغة الاشارة كما تستخدم للدلالة على الحروف أيضاً.

2) حركات الوجه حيث تستخدم الإيماءات للتعبير عن المشاعر والميول والرغبات وما إلى ذلك, وعادةً ما تقترن تعابير الوجه بحركات اليد لإعطاء معاني متعددة وإيحاءات مفهومة.

3) حركات الشفاه حيث أنها تمكن الأصم من ملاحظة الشفاه بشكل مباشر وقراءة الحروف بلغة الاشارة ومن ثم استيعاب الكلمات المنطوقة, لذا فهي تعد مهارة فائقة وتتطلب درجة عالية من قوة الملاحظة.

4) حركة الجسم حيث تستخدم الحركات الكبرى كالإشارة إلى الرأس أو البطن أو الصدر أو الكتف أو القلب أو نحو ذلك بشكل إيحائي للتعبير عن الذات وتوضيح المعاني.

الحروف بلغة الاشارة

ما أهمية لغة الإشارة ؟

تحظى لغة الاشارة بقدر كبير من الأهمية إذ يكفي أنها تستخدم كأداة أساسية للتواصل من قِبل مَن فقدوا الحاسة التي تمكنهم من التواصل مع العالم, فضلاً عمن يعانون من ضعف السمع أو يواجهون مشكلة في النطق, كما تتجلى أهمية لغة الإشارة في أنها تحافظ على التواصل البصري مع الشخص المتحدث مما يشي بالاهتمام لذا فإن مستخدمي هذه اللغة أكثر قدرة على الاستماع والإصغاء للآخرين على عكس مستخدمي اللغة المنطوقة فإنهم قد يصرفون أنظارهم عن الشخص المتحدث ويستمرون في الاستماع.

أضف إلى ذلك أن لغة الإشارة أكثر بلاغة وتعبيراً من اللغة المنطوقة في بعض الأحيان فهي لا تتعلق بإشارات اليدين فحسب بل إنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بـ لغة الجسد فهي تتعلق أيضاً بحركات الأذرع وإيماءات الجسم وتعبيرات الوجه مما يجعلها أداة فعالة للتعبير عن العاطفة والمشاعر المتباينة كرفع الحاجبين أو خفضهما على سبيل المثال, لذا يراعى التحقق من صحة تعبيرات الجسد فإنها قد تشي بشيء يختلف تماماً عن الشيء المقصود في الحديث.

تابع أهمية لغة الإشارة :

إلى جانب ما سلف ذكره تمكن لغة الاشارة مستخدميها من إجراء المحادثات الخاصة في الأماكن العامة دون أن علم أي شخص بمجرى الحديث إلا إن كان هناك مَن هو على دراية بهذه اللغة, وقد تنطق لغة الإشارة كلمات يستحيل النطق بها في بعض الظروف كالتواجد تحت الماء أو في حفلة صاخبة أو خلف الزجاج أو من مسافة بعيدة أو غيرها من الظروف التي تعيق التحدث بصورة منطوقة.

علاوةً على ذلك فإن الأطفال المصابين بـ اعراض التوحد قادرين على التواصل مع الآخرين باستخدام لغة الإشارة بشكل أكثر فعالية وكفاءة من تواصلهم باستخدام اللغة المنطوقة وهو ما أظهرته تجارب عديدة, ناهيك عن أن تعلم هذه اللغة يساهم في إثراء الجانب المعرفي والثقافي والاجتماعي لدى الأفراد.

ما هي وسائل تعلم لغة الاشارة للصم والبكم للمبتدئين ؟

يسهل تعلم لغة الاشارة للصم والبكم للمبتدئين من خلال الاستعانة بأي من الوسائل التالية:-

1) المواقع الإلكترونية المخصصة لتعليم لغة الاشارة عن طريق توضيح معاني لغة الإشارة بالصور والمقاطع المرئية.

2) تطبيقات الهاتف المحمول المصممة خصيصاً لتعليم لغة الاشارة للصم والبكم من خلال تقديم مقاطع مرئية وقواميس وإرشادات ونحو ذلك سواء بشكل مجاني أو نظير مبلغ محدد من المال.

3) تطبيق الترجمان المصمم من أجل ترجمة أي جمل مكتوبة أو منطوقة إلى لغة إشارة عن طريق شخصيات ثلاثية الأبعاد, ويضم التطبيق أكثر من أربعة آلاف كلمة وإشارة ويزيد مخزونه دورياً.

4) القواميس التي تحرص دور الكتب والمكتبات على توفيرها والتي تهدف إلى تعلم لغة الاشارة إذ من خلالها يمكن البحث عن معاني الحركات وفهمها عن طريق ملاحظة الرسوم التوضيحية, كما توجد من هذه القواميس نسخ إلكترونية مدعومة بالمقاطع التعليمية المرئية.

5) الدروس والدورات التعليمية التي يتم عقدها تحت أسقف العديد من المدارس والجامعات والمكتبات والمراكز بهدف تعليم لغة الإشارة, وتتميز هذه الدروس والدورات بكونها تمنح الدراسين فرصة الممارسة مع تلقي النصائح والملاحظات من أجل أداء أفضل.

6) التواصل مع الأشخاص المصابين بالصمم أو البكم فهذا من شأنه أن يتيح فرصة التطبيق والممارسة وتطوير المهارات واكتساب خبرات جديدة عن طريق إجراء المحادثات المختلفة.

ما هي أساسيات تعلم لغة الاشارة ؟

يمكن تلخيص الأساسيات اللازمة لتعلم لغة الاشارة في الإحاطة بالحروف الخاصة بها والتي يتم التعبير عنها بطريقتين إحداهما استخدام الإشارات الدالة على الحروف الأبجدية أو التهجئة باستخدام أصابع اليدين لصياغة كلمة أو عبارة ما, وتتضمن أساسيات تعلم لغة الإشارة أيضاً معرفة الاتجاهات التي توضع فيها اليد فبعض الكلمات قد تتشابه في حركاتها وتختلف في مكان وضع اليد فقط لذا ينبغي التنبه إلى هذه النقطة والتركيز عند تحديد المكان الصحيح للإشارة المطلوبة.

كما تشمل أساسيات تعلم لغة الإشارة معرفة الأشكال الرئيسية التي تتخذها اليد عن استعمال هذه اللغة كاليد المنقبضة المتجهة إلى الأعلى والمنبسطة المتجهة إلى الأعلى والمنبسطة المتجهة إلى الأعلى مع تباعد الأصابع ونحو ذلك, إلى جانب هذا يراعى التعرف على أكبر عدد ممكن من مرادفات هذه اللغة لتكوين قاعدة معرفية ضخمة بشأن معاني الأرقام والأيام والأوقات وغير ذلك, فضلاً عن ضرورة إتقان قراءة تعابير الوجه.

وقد عُنيت الآن بعض المدارس في دولة المملكة العربية السعودية وغيرها بتضمين المناهج الدراسية للمرحلة الابتدائية مادة خاصة بتعليم لغة الإشارة للطلاب الأسوياء.