ماذا تعرف عن الكاتب الروائي ميلان كونديرا ؟

ميلان كونديرا

رغم أن الخلود لم يكتب لأحد من البشر إلا أن ثمة أشخاص ظفروا بالخلود حتى لو فنت أجسادهم, قد توافيهم المنية وقد يصيروا إلى ما صار أسلافهم إليه لكن ذكرهم سيظل خالداً في ذاكرة التاريخ ولن يغيب عن ذاكرة الزمن لعظم ما قدموا وبديع ما صنعوا, من هؤلاء الكاتب الروائي الفرنسي الشهير ميلان كونديرا ذو الأصول التشيكية والميول اليسارية, ما قصته؟ تعالوا نسبر أغوار سيرته.

مولد ونشأة ميلان كونديرا :

لطالما أنجب نيسان عظماء استعصى على التاريخ نسيانهم مثل الأبنودي وشكسبير وغسان كنفاني وأحلام مستغانمي – التي قامت بتأليف رواية ذاكرة الجسد – والشعراوي وغيرهم الكثير, وقد شهد الشهر ذاته مولد الروائي القدير ميلان كونديرا وذلك في عام ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين من الميلاد تحت سماء بلدة برنو في دولة تشيكوسلوفاكيا, ونشأ ميلان في كنف عائلة برجوازية إذ كان والده لودفيك كونديرا رئيساً لأكاديمية الموسيقى وعالماً بالفنون الموسيقية وهو ما جعل ابنه يترعرع على حب الموسيقى ويبرع في الصدد ذاته.

صادفت فترة مراهقة كونديرا اندلاع الحرب العالمية الثانية حيث احتل الألمان دولة تشيكوسلوفاكيا فاختُزلت آثار الحرب في وعيه وترك ذلك أثراً عظيماً في نفسه وكان من نتائجه أن انضم كونديرا للحزب الشيوعي إبان نهاية الحرب, غير أن الحزب قد قام بفصله بعد فترة لإبداء ميلان اعتراضه على سياساته وميله إلى النزعة الفردية.

أعقب ذلك غزو الاتحاد السوفيتي فازداد الوضع سوءاً في بلده مما اضطره للنزوح إلى دولة فرنسا, ولم يكتفِ الحزب الشيوعي بذلك بل سعى لتجريده من جنسيته حتى سلبه إياه, لكن فرنسا احتوته ومنحته جنسيتها بعد ذلك بعامين تقريباً.

مسيرة ميلان كونديرا التعليمية والمهنية :

أنهى ميلان كونديرا تعليمه المبكر في مدارس برونو عام ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين ميلادياً ثم انتقل إلى براغ العاصمة التشيكية لمواصلة التعليم الأكاديمي حيث التحق بجامعة تشارلز وتخصص في دراسة الآداب والفنون ثم حول مساره لدراسة الفنون المسرحية مثل الإخراج وكتابة السيناريوهات وكلل مسيرته بالتخرج عام ألف وتسعمائة واثنين وخمسين من الميلاد فعمل في الأكاديمية ذاتها كأستاذ جامعي.

وقد عمد ميلان خلال الأعوام التي قضاها في دراسته إلى نشر ديوان من الشعر لكنه لم يحظَ بالرواج الملحوظ, كما عمل بقسم التحرير في عدة مجلات أدبية ونُشرت له مجموعة من المسرحيات والمقالات الأدبية, ثم ذاع صيته ولمع نجمه بعد أن نشر المجموعة القصصية الأولى التي تحمل عنوان غراميات مضحكة, تلا ذلك كتاب الضحك والنسيان الذي تسبب في سلب الجنسية التشيكوسلوفاكية منه ثم الكتاب الفلسفي كائن لا تحتمل خفته وعدد من المؤلفات الأخرى فصار كاتباً عالمياً له جمهوره.

ما هي أشهر مؤلفات ميلان كونديرا ؟

انبثق من رحم قلم الروائي الفرنسي ميلان كونديرا العديد من المؤلفات الرائعة التي يصعب تصنيفها ضمن لون أدبي معين, فقد جمعت كتاباته بين الفلسفة والسياسة والسخرية والتهكم والمرح والضحك – مثل كتب احمد خالد توفيق – فلم تتخذ قالباً أو نمطاً محدداً ومن أبرز مؤلفات ميلان كونديرا الشهيرة ما يلي:-

1) كائن لا تحتمل خفته :

تناول ميلان في كتاب كائن لا تحتمل خفته الفكرة الفلسفية التي طرحها نيتشه وشغلت فلاسفة كثر من بعده وهي فكرة العود الأبدي, كما سلط الكتاب الضوء على بعض الوقائع السياسية المؤلمة الحاصلة خلال اجتياح الروس لدولة التشيك أثناء الحرب العالمية الثانية, ويعود تاريخ صدور هذه القصة والرواية إلى عام ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين ميلادياً.

مؤلفات ميلان كونديرا

مؤلفات ميلان كونديرا

2) كتاب الضحك والنسيان :

وهي الرواية الرابعة من روايات ميلان كونديرا وقد تضمنت حكايات متفرقة يجمعها الوجود الإنساني وطبيعة النسيان بأسلوب يمزج بين الجد والهزل والمرح والخفة والفلسفة والذكاء, ومن القصص التي ضمتها الرواية بين دفتيها قصة ماما ورسائل مفقودة والملائكة والحدود وليتوست, وتم نشر الكتاب عام ألف وتسعمائة وتسعة وسبعين من الميلاد فيما يناهز الثلاثمائة صفحة.

3) حفلة التفاهة :

يعد كتاب حفلة التفاهة آخر ما نشره ميلان كونديرا من مؤلفات إذ كان ذلك عام ألفين وثلاثة عشر من الميلاد, وفي سطور هذا الكتاب أشار ميلان إلى أن هذا العالم بائس ومن الصعب تغييره أو الوقوف في وجهه لذا من الأفضل ألا نأخذه على محمل الجد فهذا هو الحل الأوحد, فهذا العالم سلسلة غير منتهية من العبث والفوضى ومن الجيد اللجوء إلى فن اللامبالاة والتفاهة للتحرر من القيود والالتصاق بالأدب.

4) الخلود ميلان كونديرا :

نشر كتاب الخلود ميلان كونديرا عام ألف وتسعمائة وتسعين ميلادياً في حوالي أربعمائة صفحة باللغة الفرنسية, وقد ناقش في سطور هذا الكتاب المعنى الحقيقي للحياة والحب والذات ومفاهيم أخرى مع الالتزام بالحس الفكاهي الذي عرف به, وتناول الكتاب أجزاءً سبعة ربط بينها ميلان ببراعة.

5) الهوية ميلان كونديرا :

أصدر كتاب الهوية ميلان كونديرا في عام ألف وتسعمائة وثمانية وتسعين من الميلاد على شكل رواية تحكي قصة زوجين ليسلط من خلالها الضوء على مفهوم الهوية ويثير بعض التساؤلات الفلسفية بشأن ما إن كان يعرف الإنسان نفسه حقاً ويعرف المحيطين به وهل تتغير الهوية بتغير المواقف اليومية التي يتعرض لها الأفراد وما إلى ذلك.

6) الوصايا المغدورة :

يعتبر كتاب الوصايا المغدورة أحد أبرز كتب ميلان كونديرا فهو يتناول دراسة عميقة تم طرحها في ثوب رواية أدبية مقسمة على تسعة أجزاء يضم كل جزء منها شخوص مختلفة تتلاقى في النهاية, وقد أشار كونديرا في الرواية إلى عدة إشكاليات فلسفية كعادته كمفهوم الأنا وقوة الموت الغامضة والذكريات والحياء وعدم التحفظ.

7) كتاب لقاء :

يعد كتاب لقاء أيضاً من أبرز المؤلفات الصادرة للكاتب الفرنسي ميلان كونديرا, وفي هذا الكتاب طُرحت مجموعة من المقالات الأدبية التي تحدث فيها ميلان عن الفن ودافع عنه في ظل ما لاقاه من الإهمال في هذا العصر الذي لا يقدر الحس الفني ولا يعطي للجمال بالاً, وفي السياق أشار الكاتب إلى ثلة من الفنانين والأدباء الذين يحظون بمكانة رفيعة لديه مع ذكر نبذة عن الأعمال الأدبية التي أفرزوها والتي ساعدت البشرية بشكل ما على فهم هذا العالم والتعرف إلى معنى أن يكون الإنسان إنساناً.

وقد صدر هذا الكتاب عام ألفين وتسعة ميلادياً وشملت سطوره مواضيعاً متعددة كالمنفى والنسيان والذاكرة والفن والقصص الشخصية والتأملات ونحو ذلك.

8) كتاب الستارة :

أحد أبرز مؤلفات الكاتب الفرنسي ميلان كونديرا هو كتاب الستارة الذي تم نشره للمرة الأولى عام ألفين وسبعة ميلادياً والذي ضم بين دفتيه سبعة مقالات رئيسية تحدث خلالها عن الرواية وتاريخها وتطورها مع توضيح وجهة نظره الشخصية ومقترحاته بشأنها مبيناً أن نجاح العمل الروائي وقوته يكمن في كشف الستار عن أمور مجهولة لم تكن معروفة من ذي قبل, وفي السياق ذكر ميلان عدداً من الروائيين الذين تأثروا بغيرهم مثل ماركيز الذي بدا تأثره بكافكا وهنري الذي تأثر بسرفانتس وغيرهما.

وللكاتب أعمال أدبية أخرى غير ما تم ذكره مثل البطء والحياة في مكان آخر والجهل وجاك وسيده وفالس الوداع.

ما أشهر أقوال ميلان كونديرا ؟

من أشهر أقوال ميلان كونديرا المأثورة قوله ((تفاهة الوجود هي قدرنا لذلك لا ينبغي أن نعيشها كإعاقة بل ينبغي أن نعرف كيف نلتذ بها)) وأيضاً مقولة ((الحب إن لم يجردك من كل ثقل فهو ثقل إضافي في حياتك لا يعول عليه)).

هل يمكن تحميل رواية كائن لا تحتمل خفته ؟

نعم يمكن تحميل رواية كائن لا تحتمل خفته بكل سهولة على الهاتف وذلك عن طريق كتابة اسم الرواية في محرك البحث وتصفح النتائج حيث أن العديد من المواقع الإلكترونية تعنى بتوفير نسخ من روايات ميلان كونديرا pdf فيتم النقر على روابط التحميل الخاصة بها لتنزيلها بسلاسة.

ما الجوائز التي حصدها ميلان كونديرا ؟

حصد ميلان كونديرا عدداً من الجوائز الأدبية أبرزها جائزة الدولة النمساوية للأدب الأوربي وجائزة هيردر وجائزة سينو ديل دوكا العالمية وجائزة الدولة التشيكية للآداب وجائزة فرانز كافكا التشيكية وجائزة أوفيد وأيضاً جائزة الإندبندنت لأدب الخيال الأجنبي.

هل توفي ميلان كونديرا ؟

لا بل لا يزال الكاتب الفرنسي ميلان كونديرا على قيد الحياة حيث يبلغ عمره حوالي ثلاثة وتسعين عاماً كرسها للكتابة والتأليف.

مواضيع ذات صلة

مصطفى محمودمصطفى محمود | إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

نيلسون مانديلانيلسون مانديلا | أيقونة السلام وقاهر التفرقة العنصرية