هل كان هاروت و ماروت صالحين أم مذنبين؟

هاروت و ماروت

انتشر الجدل حولهما رغم أنهم ملكين كريمين!، قيل أن الله زرع بهم شهوة البشر و أنزلهما إلي الأرض فارتكبوا الفاحشة و أصبحوا معلقين بين الأرض والسماء..!، ولكن ذكر أيضًا أنهما قاما بتنفيذ أوامر الله (سبحانه وتعالى) ولم يعصون الله، ترى ما هي الحقيقة الكاملة وراء هاروت و ماروت ؟ وما حقيقة تعليمهم السحر للناس؟.

ما هي قصة هاروت و ماروت ؟

تُعد قصة هاروت وماروت pdf من أهم قصص القرآن الكريم وأكثرها شهرة، وهذا نظرًا لأنها تتعلق بقضية من أخطر القضايا التي تُهدد البشرية منذ زمن سليمان عليه السلام، كانت حكاية هاروت و ماروت لها نصيب كبير في كتب المؤرخين والفقهاء الإسلامين، كما أنها كانت نقطة جوهرية اختلف حولها المفسرين في عدة نقاط مختلفة.

توضح لنا قصة سيدنا سليمان عليه السلام البداية الحقيقية لـ   قصة هاروت وماروت كاملة ؛حيث أن قصة الملكين بدأت عندما بدأ اليهود يخالفون كتابهم التوراة ونبذه طمعًا في الدنيا و رغبة في الاستمتاع بلذة الحياة، لذا وضع اليهود أيديهم في يد الشياطين الذين كانوا منتشرين في الأرض بكثرة في زمن نبي الله سليمان.

لجأ اليهود إلي السحر والشعوذة وكانت الشياطين تساعدهم وتبلغهم أقدارهم المحفوظة في السماء، وذلك عن طريق صعود الشياطين من الأرض إلي السماء و يسترقون السمع من الملائكة ومن ثم ينقلوها إلي اليهود، ومع توالي تلك الحادثة أصبحت الشياطين تُزعم أنها علي علم بالغيب ويستطيعون أن يخبروا المرء بمستقبله في لمح البصر.

وصف الله سبحانه وتعالى الشياطين بالكفر في كتابه الكريم لما فعلوه من كبيرة من الكبائر، ولعل هذا يتضح لنا في الآية الكريمة التالية:- (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا).

سبب نزول هاروت و ماروت الأرض

 ازداد طغيان كهنة اليهود بشكل كبير وملحوظ عند تعاونهم مع الشياطين؛ حيث ادعوا علم الغيب وقدرتهم علي معرفة مصيرهم المعلق في السماء، ووصل بهم الكفر إلي أنهم قاموا بتدوين تلك المصائر في أوراق يتداولونها فيما بينهم ويعلمونها للناس.

ظن اليهود أن الشياطين والجن علي علم بالمصائر والأقدار وأنهم قادرين علي معرفة المجهول وأنهم بحاجة للشياطين طوال الوقت لمعرفة هذا العلم، لذا أنزل الله هاروت و ماروت ليعلموا الناس السحر وكان نزولهم له حكمة كبيرة عند الله، حيث ذكر المفسرين في كتبهم أن نزول الملكين علي أرض بابل له عدة أسباب أهمها ما يلي:-

1 ) أن يقوم هاروت و ماروت بتعليم الناس السحر حتى لا يكون هذا العلم محتكرًا علي كهنة اليهود فقط.

2 ) ليكون هذا العلم ابتلاء لليهود يتمكنوا عن طريقه من معرفة الخبيث الذي يخضع للشياطين ويقدس قصة ابليس من الطيب الذي يتعبد الله حق عباده.

3 ) حتي يتمكن اليهود من التفرقة بين السحر و المعجزات التي يهبها الله لأنبيائه وعباده الصالحين.

ماذا فعل الملكين في الأرض ؟

قيل في قصة هاروت وماروت الشعراوي كما أوضحها فضيلة الشيخ أن الله وهب لهم علم السحر و مكنهم منه جدًا، فكانت لديهم القدرة علي التفرقة بين الرجل و زوجته بإذن الله، كما كانوا يعلمون الناس ما يضرهم ولا ينفعهم، كان اليهود يستخدمون السحر لإيقاع الضرر علي بعضهم البعض ولكنهم لم يكونوا يستطيعون أن يضروا أحدًا إلا بإذن الله.

كان اليهود حريصين علي تعلم هذا العلم رغبة في السيطرة علي الجن والشياطين وأقبل عددًا كبيرًا منهم علي الملكين ليأخذوا عنهم هذا العلم القيم من وجه نظرهم، ولكن كان الملكين هاروت و ماروت يخبرون الناس قبل تعليمهم إياه أنه فتنة إلا أن الناس لا يهتمون بفتنتهم.

ويتضح هذا في الآية الكريمة :- (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).

وذكر عبد الله بن عباس أن اليهود فضلوا الكفر عن الإيمان؛ حيث أن الملكين أخبروهم أن السحر يجعلهم منشغلين عن كلام الله عز وجل وأن من يأخذ هذا العلم و يضر به غيره لن يشم ريح الجنة و سيموت علي كفر و معصية، ولكن بئس ما اختاروا اليهود.

قصة هاروت وماروت مكتوبة في التراث القديم

هناك العديد من الشائعات المغلوطة التي نقلتها الإسرائيليات والتراجم القديمة حتى أنه تواجد مجموعة من المسلمين اعتقدوا أن هناك ملكين أقاموا الفاحشة وأخذوا يتساءلون علي المواقع الإلكترونية عن قصة الملكين الذين زنوا، لذا سوف نقوم بالغوص في أعماق القصة الموجودة في الإسرائيليات.

لعل القصة المتداولة والمعروفة قديمًا قبل نزول القرآن الكريم توضح حقيقة هاروت و ماروت،  حيث ذكر في القصة أن الإنسان بمجرد نزوله علي الأرض قام بإحداث العديد من الحوادث والمكائد وبدأ يفسد في الأرض ويرتكب الجرائم كما حدث في قصة قابيل وهابيل التي تعد أول جريمة قتل عرفتها البشرية.

فحينما اندهشت الملائكة وتعجبت من صبر الله علي بني أدم علي الرغم من ارتكابهم المعاصي والذنوب؟ كانت الملائكة تجهل طبيعة البشر الشهوانية التي تجعلهم يقترفون المحرمات والموبقات، لذا أراد الله أن يعلم الملائكة درسًا فأنزل هاروت و ماروت إلي الأرض بعدما زرع فيهم شهوة البشر.

هاروت و ماروت

هاروت و ماروت

تابع قصة هاروت وماروت للاطفال

نزل الملكين علي أرض بابل بالعراق وأبليا فيها بلاءً حسنًا يطابق لطبيعتهم النورية التي خلقوا عليها، ولكن اختبرهم الله فأوقع في طريقهم امرأة شديدة الحسن والجمال ولم يستطيعا الملكين مقاومة جمالها وأرادوا أن يزنوا بها.

قيل في الرواية أن تلك المرأة كانت تعبد الأصنام وعندما عرض عليها الملائكة صحبتها رفضت إلا في حالة إيمانهم بالأصنام ولكنهم رفضوا ذلك بشدة، ظلت المرأة تلحقهم وتحاول إقناعهم، ولكن عندما وجدتهم ثابتين علي عدم الكفر لجأت للحيلة والمكيدة.

توجهت المرأة ذات يومًا إلي كوخ الملكين وأخبرتهم أنها تريد منهم إثبات علي حبهم لها وقالت؛ لكم الحرية في أن تقبلوا عبادة الأصنام أو تقتلوا رجلاً أو تقبلون علي شرب الخمر،  قرر الملكين شرب الخمر معتقدين أنه أخف أنواع الآثم.

عندما شربا الملكين الخمر وغابا عن الوعى وجدوا نفسهم يسجدون للصنم وعندما مر عليهم رجلاً ورآهم قاموا بقتله حتي لا يخبر أحدًا، كما قدموا علي الزنا مع تلك المرأة وفي اليوم التالي عندما استفاق هاروت و ماروت من غفلتهم تبين لهم أنهم قاموا بعمل كل الموبقات، لذا نالا عقابهم في الدنيا.

هل القصة التي ذكرت في التراث حقيقية ؟

بالطبع لا؛ تعتبر قصة الملكين المعلقين بين السماء والأرض الواردة في التراث والمتداولة بين اليهود غير صحيحة ولقد أثبت القرآن الكريم بطلانها.

ما الدليل علي أن الملكين لم يفعلا الفواحش ؟

لقد ذكر العديد من الفقهاء والمفسرين علي رأسهم علي بن أبي طالب وعبدالله بن عمر و عبدالله بن عباس وابن كثير وغيرهم، أن الله سبحانه وتعالى يعصم الملائكة والمرسلين من الوقوع في الفواحش والأخطاء، وكان هاروت وماروت من الملائكة لذا عصمهم الله من الخطر.

ما سبب نزول قصة الملكين في القرآن ؟

عند نزول الآيات المتعلقة بسيدنا سليمان عليه السلام أذاع اليهود أن محمدًا يزعم أن بن داود نبيًا وهو في نظرهم ليس كذلك، وإنما رجلاً علي معرفة بالسحر و يتعامل مع الشياطين والجن وما هو إلا ساحر، لذا أنزل الله تلك الآيات الكريمة لتبرئة اسم سيدنا سليمان.

هل كان هاروت وماروت من الملائكة ؟

هناك من يقول أن هاروت وماروت ليسوا من الملائكة وإنما هما عبدين من عباد الله، بينما يقول الجزء الأخر أنهم كانوا ملائكة ثم تحولوا إلي بشر بعد ارتكابهم المعصية، ولكن أوضح القرآن بأنهم ملكين منزلين من عند الله.

مواضيع ذات صلة

بلعام بن باعوراءما هي الدروس المستفادة من قصة بلعام بن باعوراء ؟

قصة طالوت وجالوتقصة طالوت وجالوت | صراع بين الخير والشر