كيف بشر ورقة بن نوفل الرسول بالنبوة؟

هناك الكثير من الشخصيات العظيمة التي لم يخبرنا عنها التاريخ إلا نبذة بسيطة لا تكفي لنستلهم ونستفيد من حكمة وشجاعة تلك الشخصيات، لذا جئنا إليك اليوم بقصة ورقة بن نوفل الذي أيقن في قرارة نفسه أن عبادة الأصنام لن تسمن ولن تغني من جوع، فلم يمشي وراء قطيع الجهل، بل صمد وانتظر الدين الصحيح الذي أخرج الأمة من الظلمات إلى النور.

ومن الرائع أن تطلع على قصة انس بن مالك الصحابي الجليل الذي نال شرف خدمة خاتم الأنبياء والمرسلين الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

من هو ورقة بن نوفل ؟

هو ورقة بن نوفل بن أسد ابن عبد العزى، وهو أحد أقرباء السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها، فكان ابن عمها.

وهناك اختلاف وقع بين العلماء حول كَون ورقة صحابيًا أم لا، فهناك من يقول أنه صحابي لأنه التقى بالرسول صلى الله عليه وسلم وآمن به وبدعوته، أما الفريق الآخر فيقول أنه ليس صحابيًا على الرغم من أنه كان من أوائل المصدقين بالرسول والمؤمنين به، ولكنه مات قبل الرسالة والدعوة.

حياة ورقة قبل نزول الوحي

في يوم من الأيام كانت قبيلة قريش تحتفل بأحد الأصنام التي لا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرَا لأنها من صنع البشر فكيف لها أن تنفعهم؟ وكان هناك 4 رجال على يقين تام بهذا الأمر، حيث يمتلكون من الحكمة ما يؤهلهم إلى معرفة طبيعة الأصنام وكونها ليست آلهة كما يزعم الكفار والمشركين.

فقرر هؤلاء الرجال وهم: عُبيد الله بن جحش، وزيد بن عمرو، ورقة بن نوفل ، عثمان بن الحويرث أن يبحثوا عن الدين الحق الذي ينفعهم في الدنيا والآخرة، فتوجه بعضهم إلى دين إبراهيم عليه السلام.

ولكن ورقة استمر في البحث عن بعض الكتب والدلائل التي أخذت بيده إلى الديانة النصرانية الصحيحة، فاتبع ورقة ذلك الدين حتى أنه صار من أهم العلماء والكبار فيه.

وتشير بعض الأقاويل إلى أن ورقة  لم يتبع النصرانية وإنما ظل على دين إبراهيم الحنيف، والدليل الموجود على ذلك أنه قال لأصحابه الذين أصروا على ظلم أنفسهم بعبادة الأصنام بأنهم تركوا الدين الصحيح وهو دين إبراهيم عليه السلام.

شهادة ورقة بن نوفل بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم

لعلك تتساءل أيها القارئ العزيز ما هي نوعية أو طبيعة العلاقة بين القس ورقة والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما سنسلط عليه الضوء من خلال طرح قصة ورقة بن نوفل مع أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام عندما نزل الوحي عليه للمرة الأولى وهو يتعبد في غار حراء.

القس ورقة بن نوفل وعلاقته بنبوة محمد

موقف ورقة مع النبي عند نزول الوحي

في يوم من الأيام بينما كان النبي الكريم يتعبد في غار حراء نزل جبريل عليه السلام بالوحي وقال له ( اقرأ) ثم كررها على مسامعه 3 مرات، وفي كل مرة كان جبريل عليه السلام يضم الرسول الكريم بقوة حتى شعر بالجهد والتعب، فتركه جبريل عليه السلام دون أن يفهم النبي الكريم حقيقة ما حدث.

فذهب الرسول بسرعة إلى البيت وقد تمكن منه الخوف وظهرت على ملامحه علامات القلق، فلما رأته زوجته خديجة رضي عنها بتلك الحالة هدأت من روعه وطمأنت قلبه الشريف وأخبرته أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع أعمال الخير التي يفعلها ويساعد بها غيره، ثم توجهت فورًا إلى ابن عمها ورقة بن نوفل  وحكت له كل ما حدث  مع الرسول في الغار، فلما سمع ورقة ذلك قال لها: ( قُدوس قُدوس، والذي نفسي بيده إن كنت صدقتني يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي لموسى عليه السلام، وإنه لنبي هذه الأمة، فقولي له: فليثبت).

فرجعت خديجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بكل ما قاله  لها ورقة بالتفصيل، فخرج الرسول لكي يطوف بالكعبة المشرفة، وفي ذلك الوقت التقى بورقة الذي طلب منه أن يخبره بما حدث معه مرة أخرى.

وبالفعل قص عليه الرسول الكريم كل ما حدث معه في الغار، فأكد ورقة على كلامه الأول، وأخبره بأن ما أتاه هو الناموس الأكبر الذي جاء إلى موسى عليه السلام من قبله، وأكمل كلامه مخبرًا النبي الكريم بأنه سوف يتعرض للابتلاء والأذى، كما أن قومه سوف يخرجونه من مكة المكرمة، ولكن طمأنه بأنه سينصره ويؤمن برسالته.

وتجدر الإشارة إلى أهمية شكر نعمة الله سبحانه وتعالى واستغلالها في الوصول إلى الحق والابتعاد عن الباطل كما فعل ورقة بن نوفل، على عكس بلعام بن باعوراء الذي حاز على نصيب وافر من العلم والحكمة والفطنة ولكنه استغل ذلك فيما يغضب الله سبحانه وتعالى، حتى شُبه في آيات القرآن الكريم بالكلب الذي يلهث.

صفات ورقة الذي بشر الرسول بالنبوة

استدل العلماء على بعض صفات ورقة بن نوفل بناءً على موقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومن هذه الصفات ما يلي:

1 – إن ورقة يمتلك رغبة كبيرة وهمة عظيمة في البحث عن الحقيقة التي تأخذ بيده إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، وقد تبين ذلك عندما ابتعد عن عبادة الأصنام وأنكر ذلك الفعل على قومه، وكثف مجهوداته للبحث عن الطريق الصحيح.

2 – كان ورقة محب للعلم والمعرفة والاطلاع، فكان يوسع مداركه ويُضاعف معلوماته بالقراءة، فقد حاز على كثيرٍ من المعلومات الدينية والدنيوية، ولذلك السبب عندما أخبره الرسول بما حدث معه أدرك حقيقة الأمر وفهم أن الذي نزل عليه هو الناموس الأكبر وهو (جبريل عليه السلام).

3 – من صفات ورقة أنه محب للخير ويقوم بإسداء النصائح إلى غيره، فقام بنصح الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يثبت على رسالته وأن لا يتزحزح عن موقفه عندما يعاديه قومه ويُخرجونه من البلد الأحب لقلبه.

4 – يمتلك ورقة رغبة عارمة في نصرة الحق، حيث تمنى لو كان ما زال شابًا شجاعًا وقويًا ليتسنى له نصرة النبي صلى الله عليه وسلم في وقت تبليغ الرسالة.

ومن الرائع أن تتعرف من خلال موقع ملحوظة المتألق على صفات وفضائل ابو عبيدة بن الجراح أحد  العشرة المبشرين بالجنة.

موت ورقة بن نوفل

تُوفي ورقة بن نوفل بعد تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم بنبوته بفترة قصيرة جدًا، ويُقال في بعض الروايات أنه مات بعد نزول الوحي على الرسول بيومين.

وبعد الاطلاع على قصة ورقة بن نوفل الذي بشر النبي صلى الله عليه وسلم برسالته ونبوته، من الرائع أن تتعرف على قصة حذيفة بن اليمان صاحب سر الرسول صلى الله عليه وسلم، يا له من شرف عظيم!