لا شك في أن دعوة المظلوم مستجابة، فالعديد منا ذاق ويلات الظلم سواء كان هذا الظلم واقع علينا من اصدقائنا او من اشخاص غرباء عنا كما ان للظلم اشكال والوان متعددة تؤذى نفسية المظلوم وتترك الاثر السلبى على حياته، ولذا فإن الظلم قد حرمته كل الاديان السماوية حيث انه فى الاسلام حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تجنب الظلم حيث قال صلى الله عليه وسلم “اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ”.
دعاء المظلوم سريع الإستجابة:
كما انه هناك العديد من الادعية التى يطلقها او يدعو بها المظلومون عند الاحساس بالقهر، فهذه الادعية تصدر من القلب المكلوم وتكون اصدق ما يكون، ولذا فإن دعوة المظلوم لا ترد بإذن الله، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (اتقوا دعوة المظلوم فانها تصعد الى السماء كالشرارة) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، و هناك حديث قدسي عن الظلم وعزتي وجلالي لانصرنكم ولو بعد حين حيث ان الله لا يمهل أبدا دعوة المظلوم المقهور.
وأفضل دعاء للمظلوم يستطيع ترديده عند الشعور بالظلم والعجز “اللهم انت ربى لا اله الا انت استغيث بك من هم يؤرقنى وغم يحزننى ,اللهم استغيث بك من ظلم بات يقهرنى ,اللهم انت ربى ورب المستضعفين فى الارض اشكو اليك ضعف قوتى وقيلة حيلتى وهوانى على الناس اللهم انى قد ظلمت ظلما كبيرا فعليك بمن ظلمنى اللهم ارنى فيه عجائب قدرتك اللهم زلزله واقتص لى بعدلك وبكرمك يارب العالمين ,اللهم انصرنى على من ظلمنى يارب العالمين ,اللهم ان عزتك وسعت السماوات والارض اللهم انى ضاقت بى الارض بما رحبت ولا املك من امرى شيئا الا الايمان بك فبقدر ايمانى انصرنى على من ظلمنى ,لا اله الا انت ولا حول ولا قوة الا بك يا مجيب المضطر اذا دعاك”.
ومن كان بيده العفو والصفح فأن له مكانه كبرى عند الله سبحانه وتعالى حيث قال الله فى محكم اياته (والعافين عن الناس) صدق الله العظيم، وفيما معناها انك تكون اعلى درجه ويجازيك الله خيرا على صبرك واحتسابك على مل لحق بك من ظلم فى الجنة.
أشهر صور للظلم منتشرة الآن:
- ظلم الشرك حيث ان الانسان يظلم نفسه بشركه بالله سبحانه وتعالى حيث قال الله سبحانه وتعالى (ان الشرك لظلم عظيم) صدق الله العظيم.
- ظلم العبد للناس حيث انه يأخذ اموالهم او بالنميمة عليهم او عن طريق الاعتداء على حرمات الاخرين واعراضهم.
ما هو الظلم، ومن هو المظلوم؟
و لكننا في بعض الحالات لا نستطيع أن ندرك أو نتأكد هل نحن بالفعل مظلومون أم أننا ظالمون، و هذا الأمر يتوقف على تعريف الظلم نفسه و الذي عندما يتعرض له الشخص يجب هنا أن يقول دعوة المظلوم ، و يعرف بعض الأشخاص الظلم على أنه الشئ السئ الذي يحدث للإنسان من شخص أخر بدون أن يرتكب جرما، و هذا الشئ يتسبب له في أذي سواء نفسي أو معنوي أو غير ذلك.
و قد وصف بعض العلماء الشخص المظلوم على أنه هو الشخص الذي وقع في كرب شديد نتيجة أذى وقع عليه من شخص ما و هنا لجأ إلي الله بدعوة لفك هذا الكرب و إزالة الظلم عنه و تفريج قربته، و هنا يكون الشخص في أضعف حالاته و ليس أمامه سوى الله لكي يلجأ إليه فيستجيب الله له، و من هنا جاءت مقولة اتقوا دعوه المظلوم لأنها من الأدعية المستجابة.
آداب يجب إتباعها في دعوة المظلوم على الظالم:
و بالتأكيد عند قيامنا بقراءة دعوة المظلوم يكون في قلبنا الكثير من المشاعر السلبية تجاه الشخص الذي ظلمنا، و لكن يجب علينا هنا بالرغم من حزننا و إستيائنا من الظلم بأن نتبع آداب الدعاء الخاص بهذا الأمر و ذلك حتى لا نتحول من مظلومين إلي ظالمين، و هذه الآداب تتمثل في:
1- لا يجب على الشخص المظلوم بأن يعتدي في الدعاء على الشخص الذي ظلمه و لا أن يطلب من الله أن ينتقم له من هذا الشخص أشد الإنتقام.
2- عدم التعجل في رؤية الإنتقام أو رد الحق الخاص بنا و التحلي بالصبر قدر الإمكان.
3- عندما ندعو بدعوة المظلوم يجب أن يكون قلبنا ممتلئ باليقين أن الله تعالي سيأتي لنا بحقنا سواء عاجلا أو أجلا بالطريقة التي يراها صحيحة.
4- الأفضل أن تكون دعوة المظلوم حسبي الله ونعم الوكيل فقط فهو دعاء يفوض فيه الإنسان المظلوم أموره كلها لله و يترك له حرية التصرف.
هل دعوة المظلوم مستجابة؟
و السؤال الذي يمكن أن يتردد في ذهن المظلوم كثيرا هل ستكون دعوته في هذه الحالة مستجابة، و بالتأكيد هذا السؤال يستحق الرد عليه حتى يهدئ باله، و أفضل الإجابات التي يمكن أن نرد على هذا السؤال هو الحديث الذي ذكرناه في حديثنا السابق و الذي قاله رسول الله صلى الله عليه و سلم و الذي يقول أن هناك ثلاث دعوات ليس بينها وبين الله حجاب ومن بينهم دعوة المظلوم.
و هذا يعنى أن الدعوة التي ندعوها و نحن نعاني من ويلات ظلم قد وقع عليها هي مستجابة عند الله تعالى بلا شك، فإسم من أسماء الله الحسنى هي العدل أن أنه يعدل بين جميع خلقه و بالتأكيد فهو لا يحب أن يسود الظلم بين عباده، لذا فيستجيب إلى دعوة المظلوم بشكل سريع و يرد له حقه الذي قد سلب منه أو يرفع عنه البلاء الذي وقع عليه بحول من الله و قوة.
متى يشعر المظلوم بإستجابة دعوته؟
و كما إتفقنا في الفقرة السابقة على أن دعوة المظلوم مستجابة بلا شك، و لكن ما هو الوقت الذي يشعر فيه الشخص المظلوم بأن دعوته قد إستجابت و هل سيرى تحقيق هذه الدعوة أمام عينيه أم أن الجزاء سيكون في الدار الآخرة، كل هذه الأسئلة يستحق الإجابة عليها، و لكن دعنا عزيزي القارئ نؤكد لك أن الله تعالى سيجعل الظالم يأخذ جزاءه في الدنيا و الآخرة، و المظلوم يرى حقه يرد له أمام عينه في حياته.
فاللذي قتل شخص ظلم و هو متعمد لا بد أن يأتي يوما و ينال هذا القاتل جزاءه، و هنا تشعر عائلة الشخص المقتول أو الواقع عليه الظلم بإستجابة دعوتهم، و كذلك الشخص الذي يحصل على رشوة و الذي يشهد الزور و الذي يسرق حقوق الأشخاص الضعفاء و غير ذلك من الأشخاص الذين يطلق عليهم لفظ الظالمين، كما أن دعوة المظلوم تحفظ في السماء حتى يوم القيامة حتى يجتمع الخصمان أمام الله و يقتص من الظالم.
كيف يتخلص الظالم من دعوة المظلوم؟
و قد يأتي يوم على الظالم و يعرف فيه مدى الخطأ الذي إرتكبه في حق نفسه أولا و في حق الأخرين، و يدرك بالتأكيد أن دعوه المظلوم على الظالم لا ترد، فيريد أن يكفر عن هذا الخطأ و يتجنب شر دعوة المظلوم فلا بد له أن يقوم في البداية بالتوبة إلي الله بشكل جدي و يندم على كل ما فعله فيما مضي و يعد الله سبحانه و تعالى أنه لن يعود إلى فعل هذا الأمر مجددا.
و بعد ذلك يجب عليه أن يرد تلك المظلمة إلي أهلها، فإذا كان قد أخد مالا بالباطل من شخص يقوم على الفور بإرجاع هذا المال بالكامل إلي صاحبه، و إذا كان قد تلفظ بشئ سيئ في حق أحد يذهب إليه و يحاول طلب سماحه و تحسين صورته أمامه، و يتأكد بعدها أن الشخص المظلوم ليس في قلبه أي إحساس بالظلم تجاهه، و أخيرا يجب على هذا الشخص أن يكثر من الإستغفار حتى يسامحه الله و يعفو عنه و يتجنب تبعات دعوة المظلوم التي تلفظ بها في أوقات حزنه.
قصص وتجارب عن دعوة المظلوم:
و جميعنا بالتأكيد سمع مجموعة من قصص دعوة المظلوم وتجارب عديدة أوضحت لنا مدى فاعلية هذه الدعوة، فالكثير من القصص قد روت عن بعض الأشخاص الذين تعرضوا لظلم شديد في حياته و لكنهم لم يفقدوا الأمل بالرغم من طول مدة الإنتظار و إستمرار الظالم في ظلمه، لذلك فقد كافئهم الله تعالى على هذا الصبر و إقتص لهم من الظالم و أتى لهم بحقهم الذي إستولى عليه هذا الظالم.
و لعل هذه القصص هي التي تنبهنا و تعلمنا بمدى خطورة الظلم و تعطينا دروسا تساعدنا على تجنب ظلم الأخرين قدر الإمكان، و من الممكن أن يستخدم الآباء و الأمهات القصص التي تتضمن دعوة المظلوم ويقوموا بإخبارها لأولادهم و ذلك حتى يدركوا منذ صغرهم بأن الظلم من الأمور التي حرمها الله عز و جل و نهانا عنها، وأن دائما ما ينصر الله الشخص الضعيف الذي تعرض للظلم مهما طال الأمد.
جزاء الصبر على التعرض للظلم:
و كما أن في يد الشخص أن يقول اقوى دعوة للمظلوم و يدعو بها إلي الله ليأتي له بحقه، فهو أيضا في يده أن يعفو و يصفح عن من ظلمه، و ذلك إذا كان الموقف يستدعي هذا الأمر و أن قلبه و نفسيته لن يكونا منزعجان لهذا، و بالتأكيد سيكون للشخص الذي يعفو مكانه عظيمة عند الله و أجر كبير على هذا العفو، و ذلك لأنه إستطاع أن يطبق آية الله تعالى التي وردت في أحد سور القرآن الكريم و التي تقول ” ومن عفى وأصفح فأجره على الله”.
و هنا يوضح لنا الله أن من لديه إمكانية العفو عن الظالم و يتجنب دعوة المظلوم وفعل هذا فجزاءه خير عند الله تعالي، و لكن هذا لا يعني أن الله تعالى لن يأتي له بحقه، فالعفو هذا قد يكون بالنسبة له لكن الله عز و جل له حق على الشخص الذي يظلم و يأكل حقوق الناس بالباطل و لا شك أنه سينال جزاءه في الأخرة.
واجب المجتمع تجاه الشخص المظلوم:
و لأن الله دائما ما يذكرنا بمدى خطورة دعوة المظلوم ورسولنا الكريم كان أيضا يوضح لنا هذا، و كثير من الأحاديث قد ورد فيها عبارة اتق دعوة المظلوم، فيجب علينا نحن المجتمع أن نحاول ألا نترك المساحة للأشخاص الظالمين بأن يمارسوا ظلمهم هذا، و أن نحاول إستيعاب الشخص المظلوم و نقف بجانبه و نعاونه حتى يأخذ حقه بالطرق القانونية و ذلك حتى نتجنب تفشي الظلم في المجتمع.
فعندما يضع كل شخص منا مكان المظلوم بالتأكيد سيشعر أنه يحتاج إلي المعاون و المساعد له لكي يأخذ حقه، لذلك فدائما ما كان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم يرشد و يعلم صحابته و أتباعه الكرام و يحثهم على ضرورة أن يقف كل شخص منهم مع أخيه المسلم خصوصا إذا تعرض للظلم، لأن هذا له ثواب و أجر كبير عند الله لأنه ساهم في نصرة شخص مسلم ضعيف.
ما رد فعل المجتمع مع الشخص الظالم؟
و بالطبع هناك دور للمجتمع في ردع الظالم و إيقافه عن التمادي في ظلمه، فقد ورد عن رسولنا الكريم حديث يقول ” انصر أخاك ظالما أو مظلوما” و هنا قال شخص كيف أنصره ظالما يا رسول الله، فأوضح له النبي محمد أن نصرة الظالم لا تعني مساعدته في هذا الأمر و لكنها تعني دفعه عن هذا الظلم و إبعاده عنه، و ذلك عن طريق عدة أمور من بينها:
أن نوضح له مدى سوء الأمر الذي يفعله و ما هو جزاءه عند الله، و ننبه أيضا إلي مدى خطورة دعوة المظلوم و أن الله يستجيب لها بشكل سريع بصفتها دعوة لا ترد، كما يجب على المجتمع أيضا أن يحاول أن يساعد الشخص الظالم في إرجاع المظلمة إلي أهلها و محاولة الصلح بين الطرفين، و كذلك مساعدته في عدم الرجوع لهذا الأمر مجددا، و ذلك حتى يسود الود و المحبة و الرخاء في المجتمع بأسره.
بلا شك فكما وعدنا الله تعالى أن الشخص الظالم لا بد أن يتلقى جزاءه في الدنيا ليراه المظلوم و في الأخرة أيضا.
ليس لهذه الدعوة وقت محدد لأن دعوة المظلوم مستجابة في كل وقت إذا كانت في الصلاة أو في جوف الليل أو حتى في وضح النهار.
إذا كان هذا الحق يمكن أن يتم أخذه بالطرق القانونية فلا مانع من ذلك، و إذا لم يتوفر فدعوة المظلوم كافية عند الله.
التقرب إلي الله و معرفة تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف هي أفضل طريقة تساعدنا في تجنب ظلم الأشخاص الأخرين. هل يري الشخص المظلوم إستجابه دعوته رؤية العين؟
ما هو الوقت المناسب لذكر دعوة المظلوم؟
هل يفضل أن يدعو المظلوم على الظالم أم يأخذ حقه؟
كيف يمكننا أن نتجنب الظلم قدر الإمكان؟