التنمر في المدارس | ظاهرة تأثيرها يصل إلى الانتحار

نادرون جدًا هؤلاء الذين لم تطلهم ظاهرة التنمر في المدارس في الصغر، وأكثر ندرة منهم هؤلاء الذين استطاعوا التعافي من شرورها، فالتنمر هو آفة الجيل التي بإمكانها تدمير محصوله من القيم الأخلاقية إذا لم يجد حلا جذريا لها، ولعل الحل الوحيد حتى نقضي على تلك الآفة التي تبعث القهر والعجز في النفوس هو حث الطلاب على الامتثال إلى تعاليم الدين التي نهت عن تعنيف المسلم لأخيه المسلم بالقول والفعل، وهو ما قاله النبي -ﷺ- في حديثه الشريف: ((المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده)).

ما معنى التنمر في المدارس ؟

يمكننا تعريف التنمر بشكل رئيسي على أنه سلوك عدائي يستخدمه بعض الأشخاص لإيذاء الآخرين نفسيا وجسديا، وقد يكون المتنمر فردا واحدا أو مجموعة من الأشخاص تود فرض سيطرتها على مجموعة أضعف منها بالقوة، ويشمل تعريـف التنمر في المدارس نفس المعنى تقريبا، والاختلاف الوحيد يكمن في تسليط الضوء على ظاهرة التنمر في نطاق المدارس بدلا من التحدث عن تعريفه بشكل عام.

أسبـاب التنمر في المدارس

إن سلوك التنمر لدى طلاب المدارس ليس طبيعيا كغيره من السلوكيات التي قد تظهر على الأطفال في هذا السن، وحتى نقضي نهائيا على هذا السلوك العدواني يجب علينا أن نتعرف على أسباب التنمر المدرسي الرئيسة التي بإمكانها تحويل طفل عادي إلى متنمر يخطئ في حق نفسه والغير، وتتمثل أبرز تلك الأسباب في النقاط الآتية:

1) المشاكل الأسرية:

يعد التفكك الأسري أحد الأسباب الرئيسة التي تدفع الطفل للتنمر على زملائه في الدراسة، فالضغط النفسي الذي يشعر به الطفل بسبب المشـاكل الأسرية يدفعه للقيام بالكثير من الأمور العدوانية، وعلى رأسها التنمر في المدرسة على زملائه.

2) تأثير المتنمرين على غيرهم من الطلاب:

هناك بعض الطلاب الذين ينخرطون في السلوكيات غير الأخلاقية مثل التنمر في المدارس خوفا فقط من تسلط أقرانهم، فضعف شخصية بعض الطلاب يجعلهم يشاركون في التنمر على الآخرين حتى لا يصبحوا هم الفريسة لغيرهم من المتنمرين.

3) التنافس بين الطلاب وحب الجماهيرية:

يتواجد هذا السبب بقوة بين الطلاب المراهقين كما ذكرت بعض كتب التنمر المدرسي pdf لمرحلة الثانوية العامة، فالطلاب خلال هذا العمر يرغبون بشدة في تعزيز حضورهم بين زملائهم، ويظن أغلبهم أن التنمر هو السبيل لكسب شعبية أكثر من أقرانهم، وخصوصا عند الطلاب الذي يفشلون في التفوق الدراسي فيلجئون إلى التنمر لتحقيق الجماهيرية.

ما هي أنواع التنمر المـدرسي؟

إن التنـمر المدرسـي ليس نمطاً واحدا، وقد يكون التسلط على الأقران مباشرا كالتراشق بالألفاظ أو التعدي بالضرب، وقد يكون غير مباشر كترويج الإشاعات عن الغير، وتختلف طريقة التنمر التي يتبعها الطلاب باختلاف أوساطهم، وتتمثل أبرز أنواع التنمر المدرسي فيما يأتي:

1) التنـمر الجسدي:

التنمر الجسدي هو أقسى أنواع التسـلط على الأقران في المدارس وأكثرها شيوعاً، ويعد أسهلها أيضًا بالنسبة للمتنمرين من الطلاب كونه يحدث بشكل مباشر، وهناك طرق مختلفة يُلحق بها المتنمرون الأذى جسديا بأقرانهم مثل (الضرب، الدفع، الركل، الصفع).

2) التنمر النفسي:

هناك أشكال متعددة للتنمر النفسي مثل (السخرية، الترهيب، الإحراج، الإساءة، الاستفزاز)، وغيرها من الطرق التي تُرهِب الضحية نفسياً، وتفقده ثقته في نفسه، ويترتب على التنمر النفسي الكثير من العواقب السيئة كتعرض الضحية لحالة من الرهاب الإجتماعي المزمن، ووقوعه تحت ضغط نفسي شديد قد يدفعه لإيذاء نفسه.

3) التنمر في المدارس لفظياً:

يشمل التنمر اللفظـي كل الكلمات غير اللائقة التي يوجهها الطالب المتنمر إلى الضحية بهدف السخرية منه، وتوجيه الإساءة المباشرة إليه، وتتنوع أشكال التنمر في المدارس لفظياً بين إطلاق الألقاب البذيئة، تهديد الضحية، الاستهزاء، ومضايقة الضحية بتعليقات وشتائم غير مناسبة تربوياً ولا أخلاقيا.

4) التنمر الإلكتروني غير المباشر:

يعد التـنمر الإلكتروني أحدث أشكال التسلط علـى الأقران، ويتم بشكل غير مباشر من وراء شاشات الكمبيوترات والهواتف الخلوية، ولا يمكن اكتشاف ذلك النوع من أنواع التـنمر المدرسـي بسهولة كون أن نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة عن الطلاب، ونشر صور وفيديوهات هدفها تشويه سمعتهم والسخرية منهم يمكن أن يتم بواسطة حسابات إلكترونية مجهولة.

كيفية القضـاء على ظاهرة التنمر في المدارس

يجب أن يتحد الأهل والمؤسسات التربوية معاً من أجل القضاء على ظاهرة التنمر في المدارس المنتشرة حاليا، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بعد أن يتعرف كل فريق على دوره في منع التنمر ويشرع في تنفيذه، وتنقسم تلك الأدوار إلى ما يأتي:

1) دور الأهل:

تبدأ مشكلة التنمر في المدارس من المنازل، حيث إن للأهل تأثيرا ملموسا في زيادة انتشارها أو الحد منها، فعدم تواصل الأهل بصورة كافية مع أطفالهم، والاستماع للمشاكل التي يعانون منها في المدارس يعرضهم أكثر لتسلط أقرانهم من المتنمرين عليهم، لذا يجب على الأهل الاستماع إلى مخاوف الأطفال دوما لمساعدتهم في التغلب عليها.

2) دور المؤسسة التعليمية:

للمؤسسات التعليمية دور كبير في علاج التنمر المدرسي الذي يؤثر سلبا على مهارات الطلاب ومستواهم التربوي والدراسي، فيجب على تلك المؤسسات أن تسن قوانين رادعة للطلبة المتسلطين على زملائهم ومدرسيهم، وتوعية الطلاب لمخاطر التنمر على الآخرين وفقا لإحدى السبل التربوية الآتية:

أ- عمل ندوات تثقيفية لطلاب المدارس، وجعل محتوى الندوة عن التنمر وتأثيره السلبي على المجتمع.

ب- حث المدرسون على عقد مناقشات مع التلامذة حول التنمر للتعرف على وجهة نظرهم في هذا الموضوع، وتعليمهم كيفية التعامل مع المتنمرين.

كيفية تأهيل المتنمر والضحية نفسيا

يظن البعض أن علاج التنمر نفسياً يوجه فقط للطلبة الضحايا، ويجهلون أن علاج أي مشكلة يكمن في القضاء على أسبابها الجذرية، فإذا أردنا تأهيل ضحايا التنمر نفسيا علينا أولا أن نقوم سلوك المتسلطين، ونمنعهم من مواصلة التنمر على أقرانهم بأساليب تربوية سليمة، ويتم تأهيل المتنمر والضحية نفسيا وفقا للنصائح التالية:

أولاً| تأهيل الضحية:

على الأهل أو المعلمين أن يساعدوا ضحايا التنمر في التغلب على تأثيره السلبي فور علمهم بهذا الأمر، وذلك بتدريب الأطفال على الثقة بالنفس في مواجهة المتنمرين، وتجاهل كلماتهم وتصرفاتهم للحفاظ على سلامهم النفسي، كما أنه يجب على الأهل تعليم صغارهم فنون الدفاع عن النفس لصد الأذى الجسدي من المتسلطين.

ثانياً| تأهيل المتنمر:

يجب على المعلم أن يُبلغ أهل الطفل عندما يلاحظ أيا من علامات التنمر على شخصيته، وذلك حتى يعالج الأهل الأسباب التي دفعت ابنهم لهذا السلوك، أو يوجهه إلى المشرف النفسي في المدرسة ليبدأ في تعديل سلوكياته بتعليمه كيفية التعامل السليم مع زملائه، وشرح عواقب التنمر في المدارس السيئة له.

علاج التنمر نفسياً