التنمر الالكترونى | آفة العصر الحديث

التنمر-الالكترونى

زالت التكنولوجيا الحديثة الحواجز والفروقات وقربت العالم من بعضه البعض وجعلته قرية صغيرة، وساعدت في تغيير المفاهيم ودعمت أفكار سيئة مثل التنمر الالكترونى الذي ينافي مبادئ الرحمة والرفق واحترام الآخرين واختلافهم.

ما هو المقصود بـ التنمر الالكترونى ؟

– قيل في تعريف التنمر الإلكتروني؛ هو وجه من أوجه الإساءة والعنف والتجريح في الشخص باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أو أي وسيلة أخرى من وسائل التكنولوجيا، ويعتمد هذا التنمر على إرسال التهديدات وإزعاج الأفراد ومضايقتهم عن طريق نشر المعلومات الخاطئة عنهم.

– يعرف التنمر الالكترونى بأنه عبارة عن سلوك سيئ يقوم به الشخص أو المتنمر بشكل متعمد وعن قصد بهدف أذية فرد أو مجموعة من الأفراد بالكلمات الجارحة والأفعال المخزية، وبالتالي يتسبب ذلك في ترك آثار نفسية داخلهم.

– التعريف القانوني للتنمر الإلكتروني هو تداول المعلومات الشخصية للفرد وبث الخوف في قلبه باستخدام الأجهزة الحاسوبية الحديثة والهواتف المحمولة.

– يشير التنمر الالكترونى إلى السلوكيات العدائية والمتكررة والسيئة التي تهدف إلى إيذاء الأشخاص والتأثير عليهم بالسلب بواسطة استغلال التقنيات الحديثة المتمثلة في الرسائل النصية والتطبيقات وبرامج التواصل الاجتماعي المختلفة.

آثار التنمر الالكترونى على الأطفال:

نقف أمام حالة اجتماعية ونفسية يعيشها أغلب أطفال العالم الآن، فبعد أن كان التنمر في المدارس سلاح بعض الطلاب في إيذاء زملائهم أو التجريح في مشاعرهم بالكلمات والأفعال، جاءنا التنمر الالكترونى ليكشف لنا عن وجوه بعض الأشخاص السيئة وكذلك الوجه الآخر للتكنولوجيا الحديثة وعواقبها المدمرة التي تتغلغل داخل المجتمع بسرعة البرق.

أتاح للكثير من الأطفال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في اللعب والمرح كنوع من أنواع الترفيه والمتعة دون أن نعي خطورة ذلك الأمر عليهم، حيث إنه اليوم يتم ممارسة صورة من صور التنمر وحالة يجب الوقوف عليها ألا وهي التنمر الإلكتروني للأطفال الذي يهدد الفطرة السليمة وينمي في داخلهم المشاعر السيئة والسلوكيات غير المرغوبة.

أبرز أهداف التنمر الإلكتروني :

ما انتجته التكنولوجيا الحديثة وعجلة التقدم من سلبيات ومشاكل يفوق الإيجابيات التي ساعدت على تحقيقها في هذا العالم الكبير، فأصبح اليوم بمقدور الأشخاص المؤذين إلحاق الأذى بالآخرين وتهديدهم من خلف الشاشات ودون أن يتم محاسبتهم، ويرجع ذلك السلوك العدائي إلى عدة أهداف وهي:

1- جذب الانتباه وإثبات الذات

سمحت الانطلاقات التكنولوجية الكبيرة للعديد من الأشخاص بطرح وجهات نظرهم السيئة وإبداء تعليقاتهم المؤذية على شبكات التواصل، وبالتالي الحصول على شعبية كبيرة وجذب الانتباه إليهم، حيث يمارس الكثير من المشاهير اليوم التنمر الالكتروني على بعضهم البعض في سبيل الحصول على شهرة أوسع.

2- السيطرة والتحكم بمشاعر الآخرين

أحيانًا يضطر الشخص الذي تعرض لأي شكل من أشكال الإساءة مثل العنصرية أو التنمر  إلى  القيام بردود فعل سلبية ويتجه إلى ارتكاب نفس الفعل مع المحيطين به، وذلك بهدف الانتقام من المجتمع ورد الإساءة وتعويض النقص دون أن يعي خطورة هذا الأمر على نفسه، حيث يلجأ إلى التنمر الالكترونى كطريقة سهلة وبعيدة عن عيون الناس من أجل التفريغ عن غضبه.

3- البحث عن الانتماء

ما يواجهه المجتمع اليوم من تغير في المفاهيم والمبادئ الأساسية وضعه داخل الدوائر المغلقة وعرض أفراده إلى مهازل وكوارث حقيقية، فنحن اليوم نحيا في مجتمع افتراضي يرى التنمر الالكترونى شكل من أشكال التسلية والترفيه عن النفس وإضافة نكهات مميزة على الحياة، حيث يقوم الكثير بهذا الفعل من أجل تعزيز انتمائهم إلى الجماعات المختلفة وإبراز مكانتهم وسط المجموعات.

التنمر-الالكترونى

التنمر-الالكترونى

أهم أسباب التنمر الإلكتروني :

كل الفروق بين الماضي والحاضر ليست بطفرة كبيرة لأنك كما ترى أن التنمر لم ينتهي بإدخال وسائل أخرى للتواصل، إنما أصبح الوضع أكثر تعقيدًا وتطور إلى أشكال أخرى من الإساءة ليتيح المجال للتنمر الإلكتروني والتهديدات السيبرانية حتى تحتل الساحة، ويعود ذلك إلى أسباب التنمر الالكترونى الآتية:

أولًا: أساليب التربية الخاطئة

الأسرة هي البيئة الأولى التي يستمد منها الطفل كل سلوكياته ومبادئه، لذا كان من المهم أن تكون هذه البيئة على درجة كبيرة من التفاهم والحب وتمتلك المقومات والمهارات والقيم السليمة التي ينبغي أن ينشأ عليها الطفل، إلا أن بعض الأهالي اتجهوا إلى الأساليب الخاطئة وغفلوا عن مهارة التعزيز من القيم وتربية الطفل على المحبة والرحمة.

يغفل بعض الآباء والأمهات عن أسلوب الحوار الجيد واستخدام فن الإقناع وإظهار الغرض من الأفعال والتصرفات السليمة عند التعامل مع أبنائهم، ويعتمدون على تنمية جانب الخوف وزيادة الصراع داخلهم وتربيتهم على استخدام القوة كوسيلة للتعبير عن الري وأخذ الحقوق.

ثانيًا: تركيز الإعلام على الأمور السيئة

يسيطر الإعلام على عقول وقلوب الشعوب اليوم، فما يطرحه من أفكار ومواضيع مهمة أو غير مهمة يأخذها الناس على أنها أمر مسلم بها وصحيحة 100%، فمن المؤسف أن تحرك تلك الوسائل المهمة التيار نحو التنمر الالكترونى وتساعد على انتشاره وتضخيمه بدلًا من العمل على إيجاد حلول منطقية لتلك الظاهرة الخطيرة، فيقال: ” أعطني إعلامًا بلا ضمير؛ أعطيك شعبًا بلا وعي”.

ثالثًا: غياب الدور الرقابي

معالجة المشاكل وحالات التنمر التي يتعرض إليها الطلاب في المدارس من قبل المرشدين النفسيين يساعد على الحد من وجودها وتلاشيها مع الوقت وتحسين الوضع النفسي لهم، ولكن الإهمال والتغاضي عن تلك المشكلة أدى إلى ازدياد حالات التنمر على الصعيد الإلكتروني والواقعي في ظل عدم وجود رادع لها.

أنواع التنمر الإلكتروني الشائعة:

أ- القرصنة الإلكترونية

يعتمد هذا النوع من التنمر على سرقة الحسابات الشخصية للأفراد بهدف الوصول إلى المعلومات والبيانات الخاصة بهم واستعمالها بقصد الإساءة والابتزاز، ويشمل أيضًا انتحال الشخصيات والحديث مع الآخرين باستخدام حسابات وهمية من أجل تشويه سمعتهم ونشر الإشاعات عنهم.

ب- تنمر المؤثرون على مواقع التواصل

بدلًا من قيام المؤثرين بالأفعال الإيجابية والسلوكيات الحسنة اتجهوا إلى التعامل غير الأخلاقي مع الآخرين، وذلك عن طريق قيامهم باستغلال حساباتهم الإلكترونية في العبث بحياتهم وتشويه صورتهم العامة، مما يؤدي إلى انتشار الكراهية والتفرقة بين الأفراد.

جـ- التنمر اللفظي عبر المنصات

اعتادنا على السماع عن المناوشات التي تحدث في الشارع والعواقب الوخيمة التي تطرأ عليها وآثارها السلبية على نفوس الأفراد، ولكن الحال تغير اليوم وأصبحنا نسمع عن التجاوزات والتهديدات السيبرانية والتنمر الالكتروني الذي يتعرض له مجموعة كبيرة من الأشخاص عبر المواقع الإلكترونية بصفة مستمرة.

د- نشر المعلومات الشخصية لبعض الأفراد إلكترونيًا

يدخل هذا النوع ضمن أنواع التنمر الإلكتروني المعروفة التي تتمثل في نشر الصور والوثائق والبيانات الشخصية والمعلومات المالية عبر المنصات بغير وجه حق، مما يتسبب ذلك في أذية الشخص من جميع النواحي (العملية- المالية- الوظيفية)، لذلك يلجأ أغلب الأفراد والمنظمات إلى تفعيل نظام الأمن السيبراني كوسيلة تحميهم من الهجمات الرقمية.

نظريات التنمر الإلكتروني :

تخضع ظاهرة التنمر الالكترونى إلى الدراسة والفحص ويتناولها الكثير من الباحثين النفسيين بعمل اختبارات واحصائيات تؤكد ازديادها أو انحدارها، نظرًا لما تشكله هذه الظاهرة من أهمية وما ينتج عنها من عواقب خطيرة على الصحة النفسية، لذا تم تفسيرها وفقًا لـ نظريات التنمر الإلكتروني التالية:

1) نظرية التحليل النفسي

تنص هذه النظرية على أن المتنمر يظهر ما يكنه من الإحباطات والسلوكيات غير السوية التي يتعرض لها داخل الأسرة على الضحية، وذلك في سبيل إشباع رغباته الداخلية في تعويض النقص الذي بداخله.

2) النظرية السلوكية

يرغب بعض الأفراد في الاستحواذ على قاعدة جماهيرية كبيرة والتربع على عرش النجومية في بيئته المحيطة، حيث يرى أصحاب النظرية السلوكية أن الأشخاص الذين يرغبون في الاختلاف والتميز يتجهون إلى التنمر الالكترونى عبر حساباتهم الشخصية من أجل تعزيز ذاتهم.

3) نظرية التعلم الاجتماعي

أظهرت بعض الأفلام السينمائية صور كثيرة من التنمر على الأفراد وبينت الكوميديا السوداء بمظهر لائق جعلنا نضحك بصدر رحب، إلا أن هذا السلوك المهين تغلغل في نفوس الكثير وأصبح عادة يقومون بها دائمًا، مما شجع آخرون على التقليد والممارسة لإشباع الرغبات المختلفة.

4) نظرية الإحباط

ذكرنا في السطور السابقة أن قيام المتنمر بالسلوكيات المسيئة والتجريح في الآخرين ما هو إلا فعل ناتج من داخله، ولكن هذه النظرية الإحباطية جاءت لتبين أن الأمر قد يكون له أبعاد أخرى، فأحيانًا تدفعنا البيئة المحيطة وجماعة الأقران إلى ممارسة التنمر الالكترونى على الآخرين بهدف تحقيق مقاصد معينة، حيث يقال “إن كل سلوك تنمري يسبقه موقف إحباطي”.

التنمر -الالكترونى

التنمر -الالكترونى

الآثار المترتبة على ظاهرة التنمر الإلكتروني :

قد يرى الكثير أن التنمر الإلكتروني أقل صعوبة من التنمر العادي أو المباشر، فالأول لا يحتاج إلى المواجهة المباشرة أو التوتر أو الانسحاب بينما الآخر يحتاج إلى المواجهة والتعامل الصحيح مع الأمر وعدم التأثر بالكلمات والأفعال التي يقوم بها الشخص المتنمر، وعلى الرغم من ذلك يعد التنمر الالكترونى آفة حقيقية يجب القضاء عليها والتعامل معها بحزم، نظرًا لصعوبة اكتشاف المتنمر والوصول إليه.

عند النظر في آثار التنمر الإلكتروني نجدها تلاحق الفرد والمجتمع وتؤثر على طبيعة الحياة الواقعية والافتراضية، حيث تساهم في تدني مستويات الثقة بالنفس لدى الأفراد وتقلل من احترامهم لذاتهم بالإضافة إلى زيادة شعورهم بالحزن والوحدة، وقد يتطور الوضع إلى إصابة المتنمر عليه ببعض الأمراض العضوية، أما عن التأثير السلبي الذي يلحق بالمجتمع ككل يتمثل في انخفاض المستوى الاكاديمي والاجتماعي للأشخاص وما إلى ذلك.

حلول مضمونة للحد من التنمر الإلكتروني :

مواجهة المشاكل التي يعاني منها أفراد المجتمع والحد من تأثيرها السلبي بداية جيدة وصحيحة لتطوير المجتمع والرفع من شأنه، لذا كان من المهم الوقوف على حلول مضمونة أو إيجاد علاج التنمر الإلكتروني بحيث نحسن من سلوكيات الأشخاص ونستخدم التكنولوجيا الحديثة بطريقة صحيحة، ويمكن تلخيص الحلول الموضوعة للحد من آثار التنمر الإلكتروني في النقاط الآتية:

– الرد على الرسائل والتعليقات المسيئة ومواجهتها ليس هو الحل المناسب للحد من التنمر الذي تتعرض له، فأحيانًا التجاهل هو بداية حل المشكلة وردع المتنمر عن زيادة جرعة الإساءة والتجريح.

– احرص على عمل حظر حساب الشخص المتنمر على الفور أو الإبلاغ عن التهديد السيبراني، فتلك من أفضل الوسائل وأسرع الطرق للحد من ظاهرة التنمر الالكترونى .

– لا  تحمل نفسك أكثر مما تطيق وحاول أن تمارس الأنشطة التي تساعد على التحسن والتخلص من القلق والتوتر.

– ابتعد عن مواقع التواصل الاجتماعي لمدة معينة، من أجل أن تحاول فيها استعادة قوتك، واحرص على أن لا تكون من المتنمرين بسبب ما تتعرض له.

ما هي الركائز التي يستند إليها المتنمر؟

يعتمد الشخص المتنمر عند ممارسة التنمر الإلكتروني على الأفراد؛ النفوذ الاجتماعية والمعلومات التي يعرفها عن الضحية والتجمعات الافتراضية وغيرهم.

ما هي أهم الفروق بين التنمر العادي والإلكتروني؟

يختلف التنمر العادي عن الإلكتروني في مكان الحدوث وأدوات التنمر وهوية الجاني والتكرار والتخطيط لممارسة التنمر.

من هم الفئات الأكثر عرضة للتنمر الإلكتروني؟

أوضحت الدراسات أن النساء والأطفال من عمر 13-15 سنة هما أكثر الفئات عرضة للتنمر الإلكتروني.

ما هي أدوات التنمر الإلكتروني؟

يستخدم الشخص المتنمر إلكترونيًا بعض المكالمات الهاتفية والرسائل النصية والتعليقات على مواقع التواصل المختلفة ونشر الصور ومقاطع الفيديو الشخصية بدون أذن.

مواضيع ذات صلة

الحياة الزوجيةمفاتيح الحياة الزوجية السعيدة بين يديك الان

طريقة تلميع الفضةطريقة تلميع الفضة من السواد بالخل والكربونات في المنزل