الذكاء الاجتماعي | كيف يؤثر على حياتك وعلاقاتك

الذكاء الاجتماعى

من المخجل ظن البعض بأن الذكاء يقتصر فقط على قياس قدرة استيعاب ميادين المعرفة والعلم أو ما يطلق عليه “IQ”، لكن في الحقيقة هناك نوعًا آخر من أنواع الذكاء يعد المتحكم الأكبر في سلوكياتنا وهو الذكاء الاجتماعى الذي لا يرتبط بجينات الفرد بل يتم اكتساب مهاراته نتيجة للمواقف الحياتية المتباينة التي يتعرض لها.

تعريفات علماء النفس لـ الذكاء الاجتماعى

ما هو الذكاء الاجتماعي ؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب أن نتعرف على أوائل العلماء الذين اهتموا بتحليل هذا النوع من الذكاء، حيث وضعوا مجموعة من التعريفات لتوضيح خصائصه والمهارات المتعلقة به، كما فرقوا بين أنواع الذكاء الاجتماعي المتعددة.

فكانت البداية مع “إدوارد ثورانديك” الذي وضع أول نظرية لتحليل وتفسير الذكاء الاجتماعي في عام 1920، وعرفه على أنه القدرة على التحكم في السلوكيات البشر بمختلف الفئات العمرية لكي يتم إدارة العلاقات الإنسانية بحكمة.

أما “فيكتور هوجو” فعرفه على أنه قدرة الإنسان على التواصل والانسجام مع التغيرات والمؤثرات التي تحدث في بيئته الاجتماعية، وهناك الكثير من علماء النفس الذين أكدوا على فكرة ارتباط الذكاء الاجتماعى بالعلاقات الإنسانية والمؤثرات المحيطة بالفرد.

تعريف الذكاء الاجتماعي بصفة عامة

مما سبق يمكن تعريف الذكاء الاجتماعى على أنه قدرة الفرد على التفاوض والتفاعل مع العلاقات الاجتماعية بكفاءة عالية والتحكم في سلوكياته للوصول إلى مرحلة الانسجام المثالية مع البيئة المحيطة به.

أنواع الذكاء الاجتماعي

أنواع الذكاء الاجتماعي

مهارات الذكاء الاجتماعي

وضع العلماء خصائص الذكاء الاجتماعي وتم تقسيمها إلى مجموعة من المهارات التي تتعلق بالنشاطات السلوكية التي يمارسها الإنسان في حياته بشكل مستمر، ويمكن تلخيص هذه المهارات فيما يلي:

مهارة التواصل مع الآخرين

تتبلور هذه المهارة في قدرة الإنسان على إدارة الحوارات مع الآخرين، ويتمتع الشخص الذي يمتلك هذه المهارة بملكة انتقاء الألفاظ وحس الفكاهة الذي يجذب الناس إليه، كما يهتم بأدق التفاصيل والمواقف التي قد لا تجذب انتباه الكثير من الناس.

مهارة الإنصات

قد يظن البعض أن هذه المهارة تتناقض مع السابقة لكن في الحقيقة هما مترابطتان ومتكاملتان، حيث يعمل الفرد  الذي يتمتع بـ الذكاء الاجتماعى على الانتباه إلى الأحاديث الدائرة حوله لكي يتمكن من الرد بحكمة، وكما أنه يعمل على الفوز بود المتحدث عندما ينصت لكلامه باهتمام.

مهارة كسب مودة الآخرين

يهدف الشخص الذكي اجتماعيًا دائمًا إلى بناء انطباعات إيجابية في عقول المحيطين به لكي يحصل على احترامهم وتقديرهم، لذا يحاول تجنب السلوكيات التي تترتب عليها تشكيل صورة سلبية عنه، وهذه المهارة قد بلورها العديد من العلماء في صورة قانون الجذب الاجتماعي، وتقوم الفكرة الرئيسة في هذا القانون على رغبة الإنسان في لفت أنظار الآخرين إليه وكسب محبتهم وتقديرهم.

مهارة التحكم في الانفعالات أثناء الجدال

يُصنف الشخص الذي يجادل ويعارض على نحو مستمر على أنه لا يمتلك قدرات التواصل الصحيحة، لأن هذه المعارضة مرتبطة برغبته في الظهور والاستحواذ على انتباه المتحاورين، لكن على النقيض من ذلك يُصنف الفرد قليل الجدال والمعارضة على أنه يمتلك مهارات الذكاء الاجتماعى بسبب تمكنه من الرد بعقلانية في أي حديث ينخرط فيه.

مؤشرات قياس الذكاء الاجتماعي

حرص العلماء على تحديد مكونات الذكاء الاجتماعي لكي يتمكنوا من تحليل وقياس سلوكيات وانفعالات الإنسان بالوسائل النفسية الصحيحة، لذا وضعوا حزمة متشابكة من المؤشرات والتصرفات البشرية المرتبطة بمهارات الذكاء الاجتماعى السابقة، ويمكن بلورتها كالتالي:

الطلاقة في الحديث

يرتبط هذا السلوك بمهارة التواصل مع الآخرين، فلكي يتمكن الفرد من الاندماج في الحوارات يجب عليه أن ينمي من قدراته على انتقاء الكلمات المناسبة والتفكير في موضوع الحديث بطريقة عقلية قبل نطق أي لفظ.

الإشارات الجسدية

يجب على الإنسان أن يعمل على تحقيق التوازن في حركاته الجسدية، بحيث لا تزيد عن الحد الطبيعي وفي نفس الوقت لا يكون الجسد متصلبًا، مع حسن اختيار الإشارات المناسبة لموضوع الحديث حتى لا تفهم بطريقة خاطئة.

القدرة على حل الخلافات

الشخص الذي لا يدرك أهمية العلاقات الاجتماعية قد يسيء التصرف عند الوقوع في أي خلاف أو نزاع، لكن من يتمتع بالمهارات السابقة سيكون لديه القدرة على التحكم في ردود أفعاله وانفعالاته، وهذا ما يمكّنه من تحليل الموقف بعقلانية وحياد ليصل في نهاية المطاف إلى حل هذا النزاع، والأهم من ذلك أن يكون لديه الوعي الكافي لتجنب المواقف التي تستدرجه للوقوع في المشكلات تنفيذًا لوصايا كتاب كبر دماغك الذي كتبه المؤلف السعودي خالد المنيف.

تحديد الأدوار الاجتماعية

قد يرتبط هذا التصرف العقلي بمهارة كسب مودة واحترام الآخرين، حيث يعتمد هذا التصرف على فهم القواعد والعادات الاجتماعية والعواطف والأحاسيس التي يتميز بها الأشخاص المحيطون بالفرد والعمل على احترامها والتعايش معها.

تحديد الدائرة الاجتماعية المقربة

هناك أشكال كثيرة من العلاقات بين البشر، حيث توجد دائرة العلاقات السطحية التي لا تعتمد على الروابط القوية وغالبًا تقل نسبة التفاعل الاجتماعي فيها، أما دائرة العلاقات العميقة مثل الأهل والأصدقاء المقربين فهي على النقيض من النوع السابق، حيث تزيد نسبة التواصل والتفاعل بين الفرد وأفراد هذه الدائرة.

والشخص الذي يمتلك الذكاء الاجتماعى هو الذي يكون لديه المقدرة الكافية لتغيير سلوكياته مع الأفراد حسب نوع العلاقة التي تربط بينهم مع تجنب أي علاقات خطره قد تسبب له أضرارًا نفسية، فمثلاً سلوكياتك مع أبيك تختلف عن تلك التي تمارسها أثناء تواجدك مع أصدقائك المقربين.

الفرق بين الذكاء العاطفي والاجتماعي

أكد عالم النفس الأمريكي “هوارد غاردنر”  في نظريته “الذكاءات المتعددة” أن هناك مجموعة من الفروق تفصل بين الذكاء العاطفي والاجتماعي ، حيث يرتبط الذكاء الاجتماعى بسلوكيات الفرض مع جميع العلاقات الإنسانية المحيطة به، في حين يعرف البعض الذكاء العاطفي على أنه قدرة الفرد على فهم مشاعره الخاصة والتحكم في العواطف السلبية مثل الغضب والكراهية واليأس، ونتيجة لذلك سيتمكن من فهم مشاعر وعواطف الآخرين وتوظيفها بالطريقة المثالية.

كيفية تطبيق الذكاء الاجتماعي على أرض الواقع

ترجع أهمية الذكاء الاجتماعي إلى أنه المسؤول عن إدارة العلاقات البشرية على النحو الذي يحقق السلام والتعاون في المجتمع، فالجميع بمختلف مواقعهم وظروف حياتهم يجب أن يمتلكوا هذا النوع من الذكاء.

وقد ضرب الكاتب الأمريكي “مارك توين” مثالًا على أهمية تطبيق الذكاء الاجتماعى في بيئة العمل عن طريق سرد قصة مديره الذي كان حاد الطباع وقاسي القلب عند التعامل مع المرؤوسين ظنًا منه أنهم بذلك سيحترمونه ويقومون بأعمالهم على أكمل وجه، وهذا يدل على ضعف نسبة الوعي الاجتماعي لديه، وهنا يشكل الخوف والحذر أساس العلاقة التي تربط بينه وبين المرؤوسين.

لكن إذا أدرك هذا المدير أن الوسيلة الأنسب للوصول إلى غايته “الاحترام وتنفيذ الأوامر” أن يتعامل معهم بأسلوب أبوي يتسم باللين والنصح سيزيد ذلك من رغبتهم في إتقان العمل.

أمثلة حياتية تعبر عن ضعف الوعي الاجتماعي

ويمكننا أن نضرب مثالًا آخر عن الطبيب الذي يتعالى على المرضى أو الأب الذي يتعامل مع أطفاله بقسوة أو المعلم الذي يُحقر دائمًا من قدر الطالب، فجميع هؤلاء ليس لديهم القدرة على إدارة علاقاتهم الاجتماعية على الوجه الأمثل، بل ينبغي لهم أن يدركوا قواعد وأسس التعامل مع الآخرين.

وسائل تنمية المهارات الاجتماعية

اهتمت المؤسسات التعليمية في الفترات الأخيرة بوضع مقررات دراسية تهدف إلى تنمية الذكاء الاجتماعي عند الطلاب، لكي يتم تخريج أجيال سوية وقادرة على التعايش مع المتغيرات والمؤثرات التي تحدث في بيئتهم الاجتماعية، وأهم القواعد والأسس التي تم ذكرها في هذه المقررات ما يلي:

القيام بنشاطات جماعية لتنمية الوعي الاجتماعي لدى الطلاب

1- تحفيز الطلاب على العمل الجماعي وممارسة الرياضات التي تحثهم على التعاون والمشاركة.

2- تدريب الأطفال على أدوار القيادة، فمثلًا إعطائهم فرصة اتخاذ القرارات والتخطيط في المواقف المختلفة.

3- تنمية الجانب الشعوري عندهم لكي يكون لديهم القدرة على التعبير عن مشاعرهم والتعاطف مع الآخرين.

الاهتمام بالجانب المعرفي والثقافي للطلاب

1- تشجيع الطلاب على القراءة في كتب علم النفس والاجتماع الحديثة التي تزيد من حصيلتهم المعرفية، مثل كتاب فن الكلام الذي يتناول الأسس الصحيحة لإدارة الحوارات وانتقاء الألفاظ.

2- تعليمهم مهارات التفكير الناقد ليكون لديهم القدرة على تحليل المواقف والنزاعات للتعامل معها بشكل صحيح.

3- إشراك الطلاب في الأعمال التطوعية التي تنمي الشعور الإنساني لديهم.

ما هو المقصود بالذكاء الاجتماعي؟

تنصب معظم تعريفاته على أنه استطاعة الفرد على تكوين علاقات اجتماعية والتعايش مع المؤثرات الخارجية عن طريق التحكم في سلوكياته.

ما هو الفرق الجوهري بين الذكاء الاجتماعي والعاطفي؟

يتمثل هذا الفرق في أن الأول يرتبط بالعلاقات الإنسانية والسلوكيات المترتبة عليها، أما الأخير فيعتمد على قدرة الإنسان على فهم مشاعره الخاصة ومشاعر الآخرين.

ما هي أهم المهارات الاجتماعية التي يجب أن يتمتع بها الفرد؟

تتلخص في قدرته على الاستماع للآخرين وإدارة الحوارات وحل النزاعات وتحديد أنواع العلاقات الاجتماعية.

هل الذكاء الاجتماعي موروث أم مكتسب؟

يكتسب الإنسان المهارات الاجتماعية نتيجة لتجاربه الخاصة، وهو بذلك يختلف عن الذكاء المعرفي والعلمي الذي من الممكن أن يرتبط بالجينات الموروثة.

مواضيع ذات صلة

إعادة التدويرما هي عيوب و مميزات إعادة التدوير ؟

اليوم العالمي الي الاغذيةاليوم العالمي الي الاغذية