الذكاء العاطفي | مهارة تصنع القادة وتنمي الترابط المجتمعي

الذكاء العاطفي

استفحل العالم في وضع تعريفات لـ الذكاء العاطفي الذي يعد من أهم سمات الشخصية الناجحة على المستوى الشخصي والمهني، ولكن يبقى معنى ذلك المصطلح الأبسط هو الأنسب لكل العقليات والمستويات، حيث يمكن تعريف الذكاء العاطفـي على أنه المَلَكه أو الموهبة التي تساعد صاحبها في كسب تأييد الآخرين لرأيه والسيطرة على انفعالاتهم وتصرفاتهم دون اللجوء إلى المنطق، فالذكاء العاطفي يعني قدرة الشخص على بلورة المشاعر وخلق التوازن بين العقل والعاطفة مما يساعده في تحقيق أهدافه المنشودة.

تعريفات الذكاء العاطفي الدقيقة

دُفِنت تعريفات الذكاء العاطفي الدقيقة في باطن العديد من اقوال العباقرة والعظماء الذين تفننوا في دراسة ذلك المصطلح المهم لنجاح الإنسان في حياته عموماً، ومنهم عالم النفس الأمريكي (دانيال جولمـان) الذي كان له دور كبير في شهرة ذلك المصطلح عند نشر كتابه الشهير (الذكـاء العاطفي)، وعرف العالم دانيال جولمان الذكـاء العاطفي The emotional intelligence (EI) بصور متعددة داخل كتابه أهمها هو تقدير الإنسان لعواطفه وعواطف الأشخاص الآخرين بشكل سليم والتفاعل معها بإيجابية.

هناك الكثير من التعريفات المشابهة لـ تعريف الذكاء العاطفي الذي وضعه دانيال جولمان من حيث تحفيز النفس للقيام بالتصرفات الإيجابية واحتضان الغير بالسلوكيات المهذبة والكلمات الراقية، ومن أبرز تلك التعريفات تعريف عالمي النفس والاجتماع (بيتر سالوفي، جون ماير) للذكاء العـاطفي على أنه: (القدرة على إدراك العواطف بدقة لتعزيز القدرة على التفكير وتنظيم المشاعر للذات وللآخرين أيضًا).

تاريخ الذكـاء العاطفي

تطورت مفاهيم الذكاء العاطفي مع تطور الأبحاث والدراسات التي أجراها علماء النفس على مدار السنين، ولكن التأثير العاطفي نفسه على قرارات الأشخاص وقبول الآخرين لتوجهاتهم موجود منذ الأزل وتم ذكره من الناحية الدينية في الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة كالآية الكريمة التي يقول فيها المولى -عز وجل-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).

توالت النظريات التي تؤكد على أهمية الذكـاء الانفعالي أو العاطفي في بقاء الحياة والتآلف بين البشر كنظرية داروين حتى ظهور مصطلح الذكـاء العاطفي لأول مرة عام 1964 في بحث لأستاذ الطب النفسي (Michael Beldoch).

أهميـة الذكـاء العـاطفي في حياة الفرد

للذكـاء العاطفي أهمية كبيرة في حياة الفرد حيث إن الأشخاص الذين يمتلكون تلك المهارة لديهم قدرة كبيرة على حل الخلافات والنزاعات بحنكة شديدة، وإمكانية اتخاذ القرارات الصحيحة في أسرع وقت دون أن تتعارض آراؤهم مع وجهات نظر الآخرين، وتتجلى أهمية الذكاء العاطفي في العديد من النقاط الأخرى كالتالي:

1) الذكـاء العاطفي وحده لا يجعل الإنسان ناجحاً في حياته، ولكنه أحد العوامل التي تجعله مؤثراً في حياة الآخرين وتساعده في السيطرة على زمام أموره كافة بجانب قدراته الفكرية والعملية.

2) يستطيع الشخص المتميز بالذكاء العـاطفي احترام الآخرين والتعامل بعقلية ناضجة معهم، وذلك لأنه يعلم كيف يوازن بين رغباته والتعقيدات المجتمعية، وكيف يتعامل بتحضر مع الغير دون أن يتبرم من وجهات النظر المغايرة.

3) الأشخاص الذين يمتلكون الذكاء العاطفـي في وسعهم بناء علاقات اجتماعية أو مهنية أوطد من الأشخاص الذين يفتقرون لذلك، حيث يعزز الذكـاء العاطفي من مقدرة الأشخاص على تحسين علاقاتهم بالغير، والهيمنة المحكمة على التوتر والخوف من خوض التجارب الوظيفية الجديدة.

4) تنمية الذكاء العاطفي له دور كبير في الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية والعقلية، فمن الناحية النفسية فإن الفشل في تكوين علاقات اجتماعية وعملية ناجحة يثبط إقبال الشخص على التناغم مع الغير ويجعله منعزلاً، ومن الناحية العقلية فإن الشخص القادر على إدارة مشاعره بشكل إيجابي يستطيع الحصول على فرص مميزة أكثر في الحياة العملية، وبالنسبة للصحة الجسدية فالشخص المتوتر الذي يواجه صعوبة في بناء علاقات وطيدة أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية وارتفاع ضغط الدم.

أهم مهارات الذكـاء الانفعـالي وفقاً لرؤية دانيال جولمان

حاول الكثير من علماء النفس وضع نماذج علمية متطورة للذكاء الانفعالي يمكن للبشر الاستناد إليها في تطوير مستواه لديهم، والاستفادة منه في تحفيز أنفسهم والآخرين على النجاح وتحقيق الأهداف المنشودة، وعلى رأس تلك النماذج النموذج المختلط الذي وضعه عالم النفس (دانيال جولمان)، وأكد فيه أن مهارات الذكاء الانفعالي تنقسم إلى 5 مهارات كالآتي:

1) الوعي والتوجيه الذاتي

2) المحفزات والدوافع

3) التنظيم الذاتي

4) المهارات الاجتماعية

5) التعاطف مع الآخرين

نوعية العلاقة بين الذكـاء الاجتماعي والعاطفي

الذكـاء العاطفي هو قدرة الشخص على التحكم في مشاعره ذاتياً وفقاً لتجارب عاطفية مؤثرة قد مر بها من قبل أما الذكاء الاجتماعى فيكتسبه الشخص من التفاعل مع العلاقات الاجتماعية، وعلى الرغم من وجود تباين في العقل الذي يعتمد عليه الذكـاء الاجتماعي والانفعالات الشعورية المحفزة للذكاء العاطفي إلا أن العلاقة بين الذكاء العاطفي والاجتماعي ليست عكسية بل تكاملية، ويظهر ذلك في فوائد تطوير مهارات الذكـاء الاجتماعي والانفعالي المتمثلة في الآتي:

1) امتلاك الفرد للذكاء الاجـتماعي والعاطفـي معاً يجعل سلوكياته سليمة وخلاقة بسبب موازنة الذكـاء العاطفي للمشاعر والانفعالات التي قد تتسبب في خروج المرء عن السيطرة حين اتخاذ القرارات الحاسمة.

2) يسرج الذكاء العاطفي قناديل العلاقات الإنسانية السمحة مما يسمح للعقول بأن تستنير هي الأخرى بالمشاركة الفعالة المتسمة بالإيجابية مع الآخرين.

أهمية الذكاء العاطفي

أهمية الذكاء العاطفي

جَسامة الذكاء العاطفي في علم النـفس

الذكاء العاطفي في علم النفس جزءاً أساسياً يتم الاعتماد عليه في تقييم نجاح الفرد في حياته وداخل المجتمع الذي يعيش فيه، فلا يتخيل علماء النفس قوامة المرء دون وجود مشاعر تسيطر على جموح أفكاره وتُبرز الانفعالات التي يجب أن يمر بها في المواقف الأليمة والمعقدة، فالعاطفة تعد عنصراً رئيساً في ذات المرء كونها المسؤولة عن إدارة النقاشات الإنسانية والاجتماعية بصورة تعزز من الذكاء المعرفي لديه وتعينه على معايشة الأحداث كافة.

نصائح لتنمية الذكاء العاطفي

إذا أراد المرء أن يعيش حياة خالية من العثرات والمشاكل بنسبة كبيرة وأن ينمي من أدائه الوظيفي للدرجة التي تجعله مؤثراً بين رؤسائه وزملائه عليه أن يتعلم كيفية تطوير الذكاء العاطفي لديه، وذلك لأن الذكـاء العاطفي من الأمور التي تهندم شخصية الإنسان وتزيد من فرص تعلمه للأشياء الجديدة النافعة، وفيما يلي نصائح مهمة لتطوير الذكـاء الانفعالي والاستفادة منه في الحياة العملية والشخصية:

1) مراقبة النفس والتعبير عنها بوضوح: مراقبة الإنسان لانفعالاته وعواطفه تساعده على تنمية الذكـاء العاطفي لديه كونه في تلك الحالة يصبح شفافاً مع نفسه ويصارح نفسه دوماً بأفعاله الخاطئة، ويتمكن من التعبير عن ذاته أمام الغير بمنتهى الثقة والوضوح.

2) التواصل مع الآخرين وتقدير عواطفهم: من الأمور التي تعزز الذكاء العاطفي لدى الأشخاص بقوة، حيث إن المواقف الانفعالية التي تؤثر في ذواتهم تساعدهم في تخطي الانفعالات الحادة على الأمور السطحية، وتمنعهم بدرجة كبيرة من التركيز مع البشر السلبيين.

3) وضع جدول زمني والاستفادة من المهارات الشخصية: تنظيم الوقت وتقنين المدة المحددة لإنهاء أي عمل مهني أو دراسي مفيد جدًا لتطوير الذكاء الانفعالي، وتحقيق أقصى استفادة من المهارات الشخصية له دور أيضًا في تطوير مستوى الذكاء لدى الأفراد.

تمارين لزيادة مهارة الذكـاء العـاطفي

قد يكون الذكاء العـاطفي نابعاً عن بعض المواقف الشخصية التي أثرت في مشاعر وانفعالات الأشخاص، ولكنه رغم ذلك يمكن تعزيزه بأداء بعض التمارين المحفزة، وتتمثل أهم تمارين الذكاء العاطفي فيما يلي:

1) إعادة النظر في المشاعر والانفعالات اليومية

تنمية مستوى الذكاء العاطفـي لدى الأشخاص يحتاج منهم إلى إعادة النظر في الانفعالات والمشاعر التي مروا بها في يومهم، وذلك لتقييم طريقة التعامل مع أحداث اليوم وإلى أي مدى تم ضبط العواطف والسيطرة على الانفعالات، وعند ملاحظة التغيير في السلوكيات هنا يمكن القول بأن مستوى الذكـاء الانفعالي في تطور.

2) التأمل والإنصات إلى رسائل الجسد وأفكار اللاوعي

يعد التأمل من الأمور المفيدة جدًا لتحسين مهارة الذكاء العاطفي لدى الأفراد، وذلك لأنه يخلق الهدوء في ذات الفرد ويعطيه الفرصة للتفكير ملياً في عواطفه وسلوكياته تجاه نفسه والآخرين، ولعل التأمل يساعد الناس على أداء تمارين أخرى لتعزيز الذكـاء العـاطفي مثل الإنصات إلى رسائل الجسد وأفكار اللاوعي، ويعاون ذلك التمرين الأشخاص على معالجة السلوكيات الخاطئة والتفاعل مع الأفكار الخلاقة.

أشهر الكتب عن الذكـاء العاطفي

بعد أن أثبتت الأبحاث النفسية والاجتماعية في العقود الأخيرة دور الذكـاء العـاطفي في تطوير مهارات الأشخاص بدأ متخصصو علم النفس وعلم الاجتماع في تأليف كتب عن الذكاء العاطفي يمكن استخدامها كمراجع أساسية في تعزيزه لدى الأفراد، ومن أشهر تلك الكتب ما يلي:

1) كتاب الذكاء العاطفي لدانيال جولمان.

2) كتاب كيف تؤثر على الاخرين وتكتسب الاصدقاء لديل كارنيجي.

3) كتاب قائد بالفطرة لدانيال جولمان- آني ماكي- ريتشارد بوياتزيس.

4) كتاب العادات السبع للناس الاكثر فعالية لستيفن ار كوفي.

5) كتاب علم التحكم الآلي النفسي لماكسويل مالتز.

تمارين الذكاء العاطفي

تمارين الذكاء العاطفي

كيفية الاستفادة من الذكاء العاطفي في القيادة

هناك تطابق تام بين مواصفات القائد الناجح وبين مواصفات الشخص الذي يمتلك الذكاء العاطـفي بدرجة كبيرة، وذلك لأن الصفات الخاصة بالقائد الذكي لا يتم توارثها من الأهل ولكنها تُكتسب بفعل الخبرة والتدريب على تهذيب الانفعالات والأفكار الجامحة، ومن أهم الأشياء التي تربط أيضًا بين مهارتي القيادة والذكاء العاطفي هي أن الفرد المالك لهما يستطيع توجيه ذاته لسبل النجاح وتحفيز الآخرين لتحقيق أهدافهم والمضي قدماً نحو الأفضل.

تم إجراء العديد من التجارب على مسؤولي الموارد البشرية والمديرين حول العالم للتحقق من تأثير الذكـاء العاطفي على شخصيتهم وتفوقهم المهني، وأكدت كل تلك التجارب على أنه كلما امتلك الموظف نسبة أكبر من الذكاء العاطفـي كلما كان قدوة أفضل للعاملين في مؤسسته بفضل مراقبته الجيدة لذاته وسيطرته القوية على انفعالاته، وذلك بالإضافة إلى توجيهه للموظفين إلى أهدافهم العملية وتعزيز نقاط قوتهم.

هل للذكاء العاطفي منافع سلوكية؟

للذكاء العاطفي منافع سلوكية عديدة حيث أثبتت التجارب أن وجود الذكاء العـاطفي لدى الشخص يمحي الأفكار المدمرة مثل الانحراف والإدمان من عقله.

ما هو تأثير الذكاء الانفعالي على الأطفال؟

يساهم الذكاء الانفعالي في تطوير شخصية الطفل ويمكنه من البوح بمشاعره بصدق، ويساعده في تحقيق النجاح في العمل والدراسة وإدارة العلاقات الاجتماعية عند النضوج.

ما هي أشهر اختبارات الذكـاء العاطفي؟

هناك عدة اختبارات يمكن قياس مستوى الذكـاء العاطفي بها مثل اختبار الذكـاء الانفعالي العاطفي الشامل (EQ).

كيف ينمي المديرون الذكاء العـاطفي لدى موظفيهم؟

يمكن للمديرين تنمية الذكـاء العاطفي لدى موظفيهم بتهيئة بيئة عمل خالية من الضغوطات والتحيزات، مدح الصفات الإيجابية الموجودة لديهم والإشادة بإنجازاتهم المهنية.

مواضيع ذات صلة

التفكير الزائدالتفكير الزائد | وحش يمزق روحك وعقلك

تفسير حلم السفر في المنامتفسير حلم السفر في المنام