السيدة عائشة رضي الله عنها | الصدِّيقة ابنة الصدِّيق وحبيبة رسول الله

نخط سطور هذا المقال عن التي لا توفيها أي أقوال، عن التي حازت قلب سيد المرسلين فلما سئل عن أحب الناس إليه كانت هي الإجابة دوناً عن العالمين، عن التي امتلكت من الصفات أجملها ومن الأخلاق أنبلها فاصطفاها الله لرسوله حليلةً وخليلة وبرأها في كتابه من كل رذيلة، عن التي لم يحمل رحمها أي جنين ومع هذا صارت أماً لكل المؤمنين، عن التي لم تدرس الصحافة لكنها مارستها ببراعة إذ كانت مراستنا في بيت النبوة تأتينا بالأخبار وتنقل لنا صورة حية لحياة النبي المختار، عن الصديقة بنت الصديق السيدة عائشة رضوان الله عليها وعلى أبيها العتيق.

نسب السيدة عائشة ومولدها :

نسب السيدة عائشة رضي الله عنها هو نسبٌ شريف، فهي ابنة ابو بكر الصديق وحفيدة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب، وبهذا يلتقي نسبها مع نسب النبي عليه الصلاة والسلام في مرة بن كعب، كما أنها تنحدر من قبيلة بني تيم التي تعد بطناً من بطون قريش وأشرافها، أما والدتها فهي أم رومان بنت عامر التي تنتمي إلى بني مالك بن كنانة، وقد ولجت الإسلام وهاجرت إلى يثرب.

للسيدة عائشـة عدد من الإخوة والأخوات هم عبد الرحمن وعبد الله ومحمد وأسماء وأم كلثوم، وكلهم قد أسلموا وحسن إسلامهم رضي الله عنهم أجمعين، وقد وضعت أم رومان عائشة في مكة المكرمة بعد بعثة النبي بأربعة أو خمسة أعوام أي أنها تصغر السيدة فاطمة بنحو ثمانية أعوام بحسب ما ذكر في بعض المصادر، وعلى أية حال يوجد اختلاف في مسألة تحديد التاريخ الذي ولدت به أمنا عائشـة وهو ما أفضى إلى خلاف آخر وهو عمرها وقت بناء النبي بها.

نشأة أم المؤمنين عائشة وزواجها من رسول الله :

ترعرعت السيدة عائشة رضي الله عنها في كنف أبوين مسلمين لذا نشأت على الفضائل ومكارم الأخلاق، وقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام عائشة في منامه مرتين فذكر أن ملكاً بشره بزواجه منها فعمد إلى خطبتها من أبيها وهي في عمر السادسة وتزوجها في عمر التاسعة بعد الهجرة إلى المدينة المنورة بعامين فكانت ثالث زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد خديجة بنت خويلد وسودة بنت زمعة رضي الله عنهما.

وقد اختلفت الأقوال في الإجابة على سؤال متى تزوج الرسول عائشة ومتى دخل بها إذ شكك البعض في صحة الرواية السابقة واستندوا إلى عمر أختها أسماء التي كانت تكبرها بما يزيد عن عشرة أعوام، وبالنظر في تاريخ ميلاد ووفاة شقيقتها نجد أن زواج الرسول من عائشة قد تم وعمرها في ذلك الوقت يتراوح ما بين عشرة أعوام وستة عشر عام، وعلى أية حال لم يكن الزواج المبكر حدثاً مستنكراً وقتذاك فقد كانت حرارة الجو في البلاد العربية قديماً تساعد على بلوغ الفتيات في عمرٍ باكر.

صفات عائشة رضي الله عنها الخُلقية والخَلقية :

1) صفات عائشة رضي الله عنها الخُلقية :-

اتصفت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها بالعديد من الخصال الحميدة فقد نشأت في بيت أبيها الصديق ثم في بيت زوجها سيدنا محمد، وكان مما اتصفت به الزهد والورع وكثرة الصيام والقيام والصدقة، إلى جانب اتصافها بالكرم والسخاء والصبر والحياء والتواضع والإيثار واجتناب مواطن الشبهات وغيرتها الشديدة على النبي عليه الصلاة والسلام، كما كان من صفات عائشة رضي الله عنها الشجاعة إذ كانت تزور البقيع ليلاً دون خوف وتداوي الجرحى في المعارك والغزوات وغير ذلك.

أضف إلى ما سبق أن الصديقة رضي الله عنها كانت سريعة الفهم شديدة الفطنة والذكاء وهو ما ساعدها على التفقه في علوم الدين وروايتها لعدد كبير من الأحاديث الشريفة فكان لمروياتها عظيم الفضل في وصولنا للسنة النبوية الصحيحة.

2) صفات عائشة رضي الله عنها الخَلقية :-

كانت أمنا عائشـة رضي الله عنها ذات بشرةٍ بيضاء مشربة بالحمرة لذا أطلق عليها لقب الحميراء، كما كانت ذات جسدٍ نحيل لكنه مال للامتلاء مع تقدمها في العمر، وتضمنت صفاتها الخَلقية أيضاً طول القامة واسترسال الشعر وبهاء المنظر.

صفات عائشة رضي الله عنها

حادثة الإفك :

خرجت السيدة عائشة رضي الله عنها برفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحدى الغزوات، وبينما الجيش يستعد للرحيل بعد انتهاء الغزوة ذهبت عائشة لقضاء حاجتها بعيداً عن الأنظار وفي طريق عودتها إلى الراحلة تلمست جيدها فلم تجد قلادتها وهو ما جعلها تعود للبحث عنها، فلما تعثرت الصديقة بقلادتها وعادت إلى مكان الراحلة اكتشفت أن القافلة قد غادرت دون أن تلحظ غيابها.

لم تجد عائشـة حلاً سوى أن تمكث في مكانها ترقب مجيء مَن يبحث عنها حتى غلبها النعاس فاستيقظت على صوت صفوان بن المعطل الذي رآها هذا الحال وتعرف عليها، تخمرت وقامت معه ومشيت إلى جواره دون أن يخاطب أي منهما الآخر، فلما وصلا وقعت عليهما عيني عبد الله بن سلول الذي استغل الفرصة وبدأ يبث الإشاعات ويخوض في عرضهما ويتهمهما بارتكاب الفاحشة.

عندما علمت السيدة عائشـة بما يقال عنها اغتمت وطلبت الذهاب إلى بيت أهلها حتى يحكم الله ورسوله في أمرها ولم تزد عن قول ((.. والله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف حين قال {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}))، فكشف الله الغمة وأنزل على رسوله ايات السكينه التي تبرئ الصديقة مما ألصق بها زوراً، وهذه الآيات هي آيات سورة النور من الآية الحادية عشرة وحتى نهاية الآية العشرين.

ما الذي يميز السيدة عائشة رضي الله عنها ؟

تميزت السيدة عائشة رضي الله عنها بكونها أحب زوجات النبي إليه وابنة أحب الرجال إليه، كما تميزت بأنها البكر الوحيدة التي تزوجها الرسول إذ لم ينكح بكراً سواها، ومن مميزاتها أيضاً أنها شهدت اللحظات الأخيرة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام حيث قبضت روحه الشريفة في دراها وفيها دفن، بالإضافة إلى تبشيرها بالجنة ونزول الوحي من الله عز وجل على رسوله لتبرئتها من التهمة التي ألصقت بشرفها.

علاوةً على ذلك فإن السيدة عائشـة كانت تتميز بامتلاك قدرات ذهنية هائلة مكنتها من الحفظ والتذكر بسهولة حتى أن مروياتها تجاوزت 2200 حديث نبوي، إلى جانب مواقفها الجهادية المتعددة فقد كانت تسعف الجرحى في الغزوات وتحضر المياه للجنود في المعارك وغيرها من المناقب الجليلة.

متى توفيت عائشة رضي الله عنها ؟

يتساءل بعض المسلمين متى توفيت عائشة رضي الله عنها والإجابة هي أن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها توفيت في اليوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك خلال العام الثامن والخمسين من الهجرة في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بعد أن اشتد بها المرض، وكان عمر الصديقة آنذاك يناهز التاسعة والستين ودفنت في مقبرة البقيع التي دفن فيها عثمان بن عفان وعدد كبير من الصحابة والصحابيات وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين.