رواية الغريب | التجرد من المشاعر الإنسانية

الغريب

حين يتجرد الإنسان من المشاعر والمبادئ الغريزية التي خلقها الله بداخله منذ أن هبطت قدمه على سطح الأرض سيشعر بأنه الغريب المتمرد على عالم البشر، لا يؤمن بمعتقداتهم ولا يبالي بهم، ولقد استطاع صاحب رواية الغريب “ألبير كامو” تجسيد هذه الحالة الفلسفية العبثية ببراعة في شخصية ميرسولت أو كما لُقب بالوحش الآدمي.

رواية الغريب | خطوة ألبير الأولى نحو نوبل

استهل كاتب رواية الغريب البير كامو مشواره الأدبي في عام 1942 بكتابة رواية الغريب التي لقيت شهرة واسعة بين جمهور القراء والنقاد، ولقد كانت بمثابة المفتاح السحري لبوابة النجاح، لينطلق بعدها كسرعة الصاروخ في مجال التأليف، ويخرج للعالم بروايات و كتب خلدها التاريخ الأدبي، وأشهرها رواية الطاعون والسقطة وكتاب سوء تفاهم، المتبلور في ثناياها المذهب العبثي والفلسفي، وبسبب أسلوبه الإبداعي والمختلف تمامًا عن أولئك الأدباء الذين ينتمون إلى نفس التيار الفكري؛ توج عن كافة أعماله الأدبية بجائز نوبل عام 1957.

شخصيات رواية الغريب

1- ميرسولت: هو بطل الرواية يحمل الجنسية الفرنسية وذات أصول جزائرية، وتم تحليل شخصية مورسو في رواية الغريب على أنه شخص منعزل، يفتقد إلى العواطف والمشاعر الإنسانية التي تتحكم في العلاقات بين البشر، والدليل على ذلك عدم شعوره بالحزن عندما علم بخبر وفاة والدته.

2- ريموند ساينتير: هو صديق ميرسولت ويعيش معه في نفس البناية، وهو من ورطه في مشاكله مع عشيقته العربية.

3- ماري كاردونا: كانت تعمل في كتابة الطوابع، وجمعتها علاقة حميمة بميرسولت.

4- سلامانو: هو أحد جيران البطل، وصل من العمر أرذله ليس لديه في هذه الحياة سوى كلبه، ورغم ذلك إلا أنه يعامله بقسوة شديدة.

5- العرب: هي شخصيات مبهمة لم يطلق عليها “ألبير كامو” أسماء محددة، وأدوارهم في رواية الغريب تتلخص في دور عشيقة ريموند وأخيها وأصدقائها.

صاحب رواية الغريب

صاحب رواية الغريب

ملخص رواية الغريب

تحكي رواية الغريب قصة شاب يعاني من اضطرابات نفسية، تجعله يتصرف بغرابة في كل المواقف التي يمر بها، ولكي تتعرف على فحوى هذه القصة تابع معنا السطور التالية:

موت والدة ميرسولت

عند نسمع خبر وفاة شخص ما ندرك أنه ذهب مع الريح ولم يعد إلى عالمنا مرة أخرى، وهذا الإحساس بحد ذاته كفيل أن يجعلنا نشعر بالحزن والأسى، لكن هذا لم يحدث عندما علم بطل رواية الغريب “ميرسولت” برحيل والدته، ورغم أنه من الطبيعي أن يطلب أهل المتوفى رؤية جثمانه لتوديعه قبل نقله إلى مثواه الأخير، إلا أن ميرسو رفض أن يرى جثة أمه، وحين اضطر إلى الوقوف على جثمانها لم يتحرك بداخله أي شعور بل أحس أن هذا الفعل ليس له معنى.

ممارسة الرذائل بملابس العزاء

بعد إتمام ميرسولت مراسم عزاء والدته عاد مرة أخرى إلى مدينته، وقابل فتاة جميلة تدعى ماري التي كانت تعمل في نفس شركته، وذهب معها إلى حمام السباحة وقضى معها ليلة حميمة، دون أن يهتم بأنه منذ ساعات قليلة دفن أمه في التراب، بل حين سألته ماري عن سبب ارتدائه لملابس سوداء أجابها دون أن يبالي أن اليوم ماتت والدته.

الانتقام من عشيقة ريموند العربية

بعد أن استطاع ريموند إقناع ميرسولت أن عشيقته خانته مع شخصٍ آخر، قرر الأخير أن يساعده للانتقام منها، فاقترح عليه أن يرسل لها دعوة لزيارته في منزله ليقضوا بعض الوقت معًا، ومن ثَّم يُهينها ويحطم مشاعرها، لكنها قابلته بصفعة قوية على وجهه، ليضربها ريموند ضربًا مبرحًا جاءت على أثره قوات الشرطة لتعتقله، واستطاع أن يخرج من السجن مقابل التعهد بعدم التعرض لها ثانيةً.

الجريمة الأولى لبطل رواية الغريب

بعد الأحداث السابقة قرر ريموند أن يصطحب صديقه ميرسولت وماري إلى بيت الشاطئ للاستمتاع ببعض الوقت دون أن يعلم أن أصدقاء عشيقته وأخيها يتربصون له هناك لينتقموا منه، وقد حدث بين الطرفين مشاجرة دامية انتهت بتعرض ريموند لطعنه طائشة، وإطلاق ميرسولت على الأخ العربي أربع رصاصات ليسقط على الأرض المحترقة من أشعة الشمس جثة هامدة، وفي هذا المشهد بالتحديد تعمد “ألبير كامو” أن لا يوضح للقارئ ماهية المشاعر التي كانت تدور بداخل البطل، ليبلغه أن هذا الشخص لا يبالي بأي شيء، ولا يؤنبه ضميره ولا يشعر بالذنب تجاه أحد.

الاستئناس بوحشة السجن

أي إنسان طبيعي سيشعر بالوحدة والوحشة بين جدران وقضبان السجن، لأنه يمنعه من الانطلاق بحرية في هذا العالم، لكن ما ينطبق على البشر لا ينطبق على ميرسولت الذي يشعر وكأنه الغريب الذي آتى إلى هنا بالخطأ، فليس من العجيب أن يشعر بالاستئناس داخل السجن، وهذا ما أثار دهشة أعضاء المحكمة والمحامي الخاص به، فكيف لا يشعر بالذنب حيال جريمته الشنعاء؟ ما هذه المشاعر الباردة التي ترتسم دائمًا على قسمات وجهه؟ لكن لن يتمكن أحد من العثور على إجابات مقنعة لهذه الأسئلة، وهذا هو التجسيد الفعلي للمذهب العبثي في مؤلفات ألبير كامو.

الحكم العادل على ميرسولت

في حضرة القضاة الكل يشعر بالتوتر، الجميع ينتظر الحكم النهائي على أحر من الجمر، إلا شخصًا واحدًا وهو ميرسولت، فرغم أنه المعنيّ بالأمر إلا أنه لم يتخل عن مشاعره الباردة، بل لم يبذل أي جهد ليبرر للحاضرين سبب ارتكابه لهذه الجريمة، بل والأحرى أنه لم يظهر شعوره بالذنب حيال فعلته، ورغم المحاولات المريرة التي قام بها محاميه وأصدقاؤه لإقناع القاضي أنه لم يقتل العربي متعمدًا إلا أنه حكم عليه في النهاية بالإعدام نحرًا على المقصلة.

ضياع الفرصة الأخيرة

قبل تنفيذ حكم الإعدام بميرسولت ذهب إليه قسيس يدعوه إلى طلب المغفرة من الرب، وقال له جدد حياتك العبثية وابعث فيها الروح بالتقرب من الله، لكنه رفض وأخبره أنه لا يؤمن من الأساس بوجود إله، ولا يعرف الهدف من وجودنا كبشر في هذا العالم، وأنه ينتظر مصيره الحتمي بمشاعر باردة غير عابئ ولا مبال لأي شيء.

التحليل النقدي لرواية الغريب

حاول النقاد استنباط المغزى من رواية الغريب وتحليل الأسلوب الفلسفي المتبع فيها، وقد توصلوا إلى أن الأحداث المأسوية والمذابح التي عاصرها ألبير كامو أثناء حقبة الحرب العالمية الثانية كانت لها تأثير واضح في تجسيده لشخصية ميرسولت، وظهر ذلك في:

1- ميرسولت شخص لا يدرك سبب وجوده في هذه الدنيا ولا يؤمن بوجود إله.

2- كان بطل رواية الغريب يتقن فن اللامبالاة ، ويواجه كل المواقف بنفس المشاعر الباردة، ولا يعنيه أي شخص حتى ولو كانت أمه، لهذا لم يبك في عزائها.

3- كان ميرسولت شخصًا ناقمًا على المجتمع لا يؤمن بأفكاره ومعتقداته السائدة، وقد أشار النقاد في ذلك إلى مشهد كرهه لأشعة الشمس التي تشير إلى المجتمع، ورغبته في السير وحيدًا على الشاطئ.

تحميل رواية الغريب

إن كنت شخصًا تفضل قراءة الروايات والكتب التي تناقش القضايا الفلسفية والنفسية المعقدة أنصحك بقراءة الغريب pdf ، ويمكنك تحميل رواية الغريب عن طريق الدخول إلى الرابط التالي:

تحميل رواية الغريب

اقتباسات من رواية الغريب

إليكم الآن أشهر ثلاثة اقتباسات من رواية الغريب التي تداولها القراء منذ نشرها:

1- “ولكن الجميع يعرفون أن الحياة ليست جديرة بأن تعاش، ولم أكن أجهل, في الحقيقة, أن الموت في الثلاثين أو في السبعين سيان”.

2- “إن الإنسان يجد متعة حينما يستمع إلى الناس وهم يتحدثون عنه، حتى إن كان يجلس على مقاعد المتهمين”.

3- “عشت بهذه الطريقة، وكان بالإمكان أن أعيش بطريقة أخرى، قمت بهذا، ولم أقم بذاك، لم أفعل أشياء، في حين فعلت أخرى، وماذا بعد؟ كأني انتظرت طيلة عمري كي أبلغ تلك الدقيقة، ذاك الفجر الذي سأنال فيه جزائي، لا شيء كان ذا أهمية وكنت أعلم جيداً لماذا”.

ما هي جنسية كاتب رواية الغريب؟

حمل ألبير كامو الجنسية الفرنسية، لكنه ولد في مدينة الطارف الواقعة في الأجزاء الشمالية لدولة الجزائر.

ما هي أهم أعمال ألبير كامو؟

كتب رواية الطاعون وسوء تفاهم والإنسان المتمرد والمقصلة، وجميع أعماله الأدبية ركزت على المذهب العبثي والفلسفي.

ما هو تحليل شخصية ميرسولت في الرواية؟

هو شخص ملحد ومتبلد المشاعر يحب الانعزال عن الناس، ولا يتأثر بالمواقف الإنسانية.

متى نشرت هذه الرواية؟

تم نشر رواية الغريب في عام 1942 أي أثناء الحرب العالمية الثانية.

مواضيع ذات صلة

الشعر في العصر الجاهلينشأة الشعر الجاهلي وخصائصه | وأبرز أغراضه وشعرائه

كتاب وصف مصركتاب وصف مصر | رحلة في أعماق التاريخ