باولو كويلو | رسول السلام والرواية

باولو كويلو

لم يكن النجاح يومًا وليدًا للصدفة أو طريقًا ممهدًا لمن يرغب في السير عليه، بل كان وسيكون دومًا طريقًا مليئًا بالأشواك يمزق أقدام كل من يخطو عليه قبل أن يصل إلى نهايته، وكعادة البشر ينظرون إلى الناجحين على أن حياتهم مثالية ولكنهم لا يعلمون كم المعاناة والألم الذي يتعرضون له، وحياة الكاتب العالمي باولو كويلو لهي خير مثال على هذه النظرة السطحية، فهو على الرغم من النجاح المذهل الذي حققه إلا أن خلفه أحداث مأساوية ظلت تنهش فيه طوال حياته، ولكننا دوما نتناسى أن وراء كل ناجح قصة تتطلب من يميط الستار عنها كما سنفعل نحن الآن مع كاتبنا العالمي في السطور التالية.

باولو كويلو | من هو؟

من الهاوية يأتي العلو، ومن جحيم المعاناة تتدفق الأماني، فالحياة ليست عادلة ولكنها حتمًا تخضع لمن يواجهها بشجاعة، و باولو كويلو واجهها باستماتة، ومر فيها بالعديد من الأزمات حتى وصل إلى ما هو عليه من شهرة في عالم الأدب، وإليك أهم محطات حياته:

 نشأة باولو كويلو:

ولد باولو كويلو في مدينة ريو دي جانيرو بدولة البرازيل لأبوين يعتنقان الديانة المسيحية، وكان أبوه يعمل مهندسًا وهذا ما أثر بالسلب على باولو كويلو إذ إن والده لم يكن يترك له المساحة الكاملة للتخيل، فلم يرد على خاطره أن يصبح ابنه كاتبًا يومًا ما.

وهذا ما ظهر جليا في رد أمه على باولو كويلو حينما أخبرها بأنه يعشق الكتابة ويريد أن يصبح أديبًا كبيرًا فجاء الرد على مسامعه كالصاعقة حيث قالت له “عزيزي؛ والدك مهندس، رجل منطقي، عملي، صاحب رؤية واضحة المعالم جدًا للعالم، هل تعلم حقًا ما هو معنى أن تصبح كاتباً؟”

فلم يحصل على أي تشجيع بشأن ميوله وطموحاته في الكتابة مما أدى إلى التحاقه بكلية الحقوق بناء على رغبة أسرته، ولكنه سرعان ما هرب منها بسبب رغبته القوية في تحقيق حلم طفولته وهو أن يصبح كاتبًا.

باولو كويلو في المصحة النفسية:

لم ينل هروب باولو كويلو من الكلية إعجاب والديه اللذين قررا أن يرسلاه إلى مصحة نفسية بهدف إصلاحه وحتى يعود إلى صوابه ويكمل تعليمه، ولكنه فر من المصحة إلا أنهما كانا يعيدانه مرة ثانية.

وهكذا تكرر أمر الهروب ثلاث مرات حتى تيقن أنه لا محالة من الوجود بهذه المصحة الكئيبة، فظل بها مدة 3 سنوات وخرج منها وعمره 20 عامًا.

 نسيان حلم الكتابة:

بعد أن خرج باولو من المصحة كان تأثيرها واضحًا عليه حيث تغير بشكل جذري وكأن الليالي البيضاء لم تمر عليه أبدًا، وكل ما مر به بداخلها كان الحزن والألم، فبعد أن كان مولعًا بالكتابة نسيها وبحث عن حياة أخرى، وعاش حياته متنقلًا بين عدد من البلدان، فتارة في أمريكا الجنوبية وتارة في المكسيك وأحيانًا يسافر إلى شمال أفريقيا، وظل هكذا لا يعرف طريقه حتى اتجه إلى المخدرات فتعاطاها.

وبعد هذه الرحلة التي ليست لها معالم عاد إلى البرازيل مرة ثانية، وعمل في تأليف الأغاني لعدد من المطربين حتى وصل عدد هذه الأغاني إلى 60 أغنية، ولكنه تعرض للاعتقال في عام 1974 بسبب أن هذه الأغاني كانت ضد الحكم العسكري حينذاك.

شبح الكتابة يراود عقله مرة أخرى:

خرج من السجن بعد أن لقي فيه أشد أنواع العذاب نظرًا لآرائه الصادمة في الحكم العسكري، فتفرغ للصحافة وكتب العديد من المقالات وسرعان ما عاد إليه حبه القديم وعشقه الذي لا يتوقف وهو الكتابة، فألف أول رواياته تحت اسم “أرشيف الجحيم”.

لم تلق هذه الرواية نجاحًا يُذكر على الرغم من اسمها المثير، ولكنه لم ييأس وظل متمسكا بحلمه، فكتب مجموعة من الكتابات إلا أنها لم تنجح هي الأخرى مما أدى إلى رغبته في السفر، فقرر الذهاب إلى إسبانيا.

من رحم الشقاء يولد الهناء:

سافر باولو كويلو إلى غربي إسبانيا وهناك وجد ضالته فقام برحلة الحج إلى “ضريح القديس سانتياجو” وقد سار الكاتب الذي تحمل إحباط أهله ورفض الناس لرواياته الأولى، وحسرته على حلمه في الكتابة لما يزيد عن 500 ميل ومشاعر الأسى والحزن التي مر بها في حياته تمر أمام عينيه.

ولكن صعوبة هذا الطريق كانت بمثابة شعلة الأمل التي تغلغلت إلى قلبه فأيقظته وإلى عقله فبعثت فيه روح الكتابة من جديد، فكتب روايته التي عُنونت باسم “الحج”.

فكانت هذه الرواية فاتحة خير عليه فكتب بعدها رواية الخيميائي التي تعد إعجازًا أدبيًا بكل المقاييس، فرواية الخيميائي لباولو كويلو تعتبر أعظم ما قدمه في حياته الأدبية فهي نقطة التحول الأعظم في تاريخه ومن شهرتها حصل هو على الشهرة، ويذكر أنها تُرجمت بالعربية للمرة الأولى من قبل الروائي بهاء طاهر تحت اسم “ساحر الصحراء”.

أعمال باولو كويلو

أعمال باولو كويلو

لقاء السحاب بين بلزاك مصر وبين باولو كويلو

جاء باولو كويلو إلى مصر عام 2004 وهي الزيارة الثانية له، وكان مقدرًا له في هذه المرة بأن يلتقي بأديب مصر الأول وأبو الرواية العربية نجيب محفوظ الذي كان قامة أدبية منقطعة النظير، فالقاصي والداني يعرف قدره، وفي هذا اللقاء أخبره باولو باستسلامه التام لرواياته وكتبه وأنه لا يستطيع أن ينتقدها، وقد جامله نجيب محفوظ بقوله “وأنت غزوت العالم بأعمالك دون أدني مقاومة”.

وظل النقاش دائرًا بينهما عن الأدب والروايات مدة طويلة تعرف كل منهما على الآخر من خلال هذا النقاش، فلكل منهما رأي وفكر مميز إلا أن المشترك بينهما هو الرغبة في بناء الإنسان فهو هدفهما الأول.

واختتم اللقاء بينهما بعد نقاش مثمر تطرق كل منهما فيه إلى ما يحب وما ينبغي له أن يفعل، وقد أقر باولو كويلو بأن أهرامات مصر كانت ملهمة له في تأليف رواية الخيميائي ورؤية نجيب محفوظ هي الأخرى ملهمة له”.

مشوار باولو كويلو الناجح في الأدب

لقد كان مشوار باولو كويلو حافلًا بالنجاح على الرغم من الإخفاقات الكثيرة التي تعرض لها طوال حياته، والمعاناة التي عاشها لكي يتمكن من الكتابة حتى تحولت هذه المعاناة إلى سعادة عارمة وقدرة عظيمة على تأليف عدد من الروايات المعروفة عالميًا، فلقد كانت كتاباته تغوص في معاني الموت والحياة، وكان تأثير حروف كلماته على الروح كالغطاء الذي يحيط بالجسد في ليالي الشتاء القارسة، وقد كتب روايات و كتب خلدها التاريخ الحديث وإليك أهم كتاباته:

أولًا:  رواية إحدى عشرة دقيقة

تعد هذه الرواية من الروايات المتميزة التي ألفها باولو كويلو والذي استطاع فيها أن يكشف عن العالم المبهم الذي يعيش فيه المومسات وتصرفاتهم الغريبة فيه، كما أنه استطاع أن يوجه نظر القارئ إلى التغير الذي سيطرأ على المومس إذا شعرت بالحب.

ثانيًا: رواية فيرونيكا تقرر أن تموت

تم إصدار هذه الرواية في عام 1988، وتدور هذه القصة حول فتاة تمتلك الكثير من ملذات الحياة إلا أنها لا ترى لهذه الحياة أي معنى وهذا ما يدفعها إلى الإقدام على الانتحار، ويذكر أن باولو كويلو  قد استوحى هذه القصة من الحياة التي عاشها في المصحة النفسية والتي أثرت فيها ووضحت له قيمة العواطف والاستمتاع بها.

ثالثًا: رواية الزانية

تعد من روايات باولو كويلو المميزة، والتي يتطرق فيها إلى موضوع الزنا وكيف يقع الإنسان فيه، حيث تدور قصة هذه الرواية حول امرأة تعيش حياة سعيدة مع زوجها وأسرتها أو هكذا يظن الناس، وتعمل في وظيفة متميزة، إلا أنها سئمت من حياتها وادعائها بأنها سعيدة فيها، وهذه المشاعر التي تحملها تحولت كلها إلى مشاعر حب ورغبة عندما رأت حبيبها السابق الذي كان يعمل في وظيفة سياسية مرموقة والذي كان يغمرها بـ اجمل ما قيل في الحب من كلمات، ومن هنا ظهرت الضغوطات عليها والتي رغبت في التخلص منها بأي طريقة.

رابعًا: رواية ساحرة بورتوبيللو

هذه الرواية من الروايات التي تتكلم عن الجريمة والطوائف ونقاشات ضد الكاثوليكية، وهذه الأشياء تتم مناقشتها عبر وجهات النظر التي تتباين فيما بينها حول بطلة الرواية التي تدعى “أثينا” بعد موتها.

وتعد هذه الأعمال من أبرز الأعمال الأدبية التي قدمها باولو كويلو بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الأخرى العظيمة، ويذكر أن كتاب كويلي pdf ينسب له إلا أن هذا الكتاب ليس من تأليفه بل هو من تأليف شاب كويتي.

متى ولد الكاتب باولو كويلو وفي أي دولة؟

ولد في عام 1947 في دولة البرازيل.

ما مصدر إلهام باولو كويلو ؟

لم يكن إلهام باولو كويلو أسرته أو تعليمه أو أي شيء من هذا القبيل الذي اعتاد عليه الناس، ولكن إلهامه الوحيد هو هيامه بالكتابة وعشقه في أن يصبح كاتبًا مشهورًا.

ما هي أهم اقتباسات باولو كويلو ؟

له العديد من العبارات الرنانة والتي تحوي بداخلها معاني رائعة ولعل أشهر اقتباسًا له هو: ((السلطة المُطلقة تعنى عبودية مطلقة، وعندما تصل إلى هذا الحد، لا تعود تريد التخلي عن الأمر، فثمة دومًا جبل جديد يجب تسلقه، ويوجد دومًا منافس يجب إقناعه أو سحقه)).

ما هي نقطة التحول في حياة باولو كويلو الأدبية؟

تعد رحلته إلى ضريح القديس القديس (سانتياجو) هي نقطة التحول الحقيقية له حيث امتلأ صدره بالراحة واليقين مما مكنه من تأليف أول رواية له وبعدها ألف رواية الخيميائي التي جعلته على قمة الأدب العالمي في هذا الوقت.

مواضيع ذات صلة

الحسن البصري | رضيع بيت النبوة

ضرار بن الأزورمناقب ضرار بن الأزور | الشيطان عاري الصدر